الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نواشر في الضّحى من فرعها غسقا،
…
وفي ظلام الدّجى من وجهها فلقا.
أعرن غيد ظباء روّعت غيدا،
…
والورد توريد خدّ، والمها حدقا.
وقال ابن دريد الأزدىّ:
غرّاء لو جلت الخدود شعاعها
…
للشّمس عند طلوعها، لم تشرق.
غصن على دعص تألّق فوقه
…
قمر تألّق تحت ليل مطبق.
لو قيل للحسن: احتكم لم يعدها.
…
أو قيل: خاطب غيرها! لم ينطق.
فكأنّنا من فرعها في مغرب،
…
وكأنّنا من وجهها في مشرق.
وقال آخر:
جعودة شعرها تحكى غديرا
…
يصفّقه الجنوب مع الشّمال.
ذكر ما قيل في الشيب والخضاب من المدح والذم
فأما مدح الشيب، فقد
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة» .
وقال ابن أبى شيبة: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب وقال: هو نور المؤمن» .
وفي الحديث عن النبىّ صلى الله عليه وسلم: «ان أوّل من رأى الشيب إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: يا ربّ ما هذا؟ فقال له: الوقار، فقال: رب زدنى وقارا» .
وتأمل حكيم شيبه فقال: مرحبا بزهرة الحنكة ويمن الهدى ومقدّمة العفّة ولباس التقوى.
وقيل: دخل أبو دلف على المأمون وعنده جارية له، وكان أبو دلف قد ترك الخضاب، فأشار المأمون إلى الجارية فقالت له: شبت يا أبا دلف، إنا لله وإنا اليه راجعون. فسكت عنها أبو دلف، فقال له المأمون: أجبها، فقال:
تهزّأت إذ رأت شيبى فقلت لها:
…
لا تهزئى من يطل عمر به يشب!
شيب الرجال لهم زين ومكرمة،
…
وشيبكن لكنّ الويل فاكتئبى!
فينا لكنّ- وإن شيب بدا- أرب،
…
وليس فيكنّ بعد الشّيب من أرب!
وقال آخر:
أهلا وسهلا بالمشيب ومرحبا،
…
أهلا به من وافد ونزيل!
أهدى الوقار وذاد كلّ جهالة
…
كانت، وساق إلى كلّ جميل.
فصحبت في أهل التقى أهل النهى
…
ولقيت بالتعظيم والتبجيل.
ورأى لى الشّبّان فضل جلالة
…
لما اكتهلت، وكنت غير جليل.
فإذا رأونى مقبلا، نهضوا معا:
…
فعل المقرّ لهيبة التفضيل.
إن قلت، كنت مصدّقا في منطقى،
…
ماضى المقالة حاضر التعديل.
وقال مسلم بن الوليد:
الشّيب كره، وكره أن يفارقنى
…
اعجب لشىء على البغضاء مودود.
وقال علىّ بن محمد الكوفىّ:
بكى للشّيب، ثم بكى عليه
…
وكان أعزّ من فقد الشّباب.
فقل للشّيب: لا تبرح حميدا
…
إذا نادى شبابك بالذّهاب.
وقال العسكرىّ:
يودّ أنّ شيبه
…
إذ جاء لا ينصرف.
يخلف ريعان الصّبا
…
والموت منه خلف.
وقال ابن المعتزّ:
قد يشيب الفتى، وليس عجيبا
…
أن يرى النّور في القضيب الرّطيب.
وقال أبو تمام:
ولا يؤرّقك إيماض القتير به
…
فإنّ ذاك ابتسام الرأى والأدب.
وقال أبو الفتح البستى:
يا شيبتى دومى ولا تترحّلى
…
وتيقّنى أنّى بوصلك مولع!
قد كنت أجزع من حلولك مرة،
…
فالآن من خوف ارتحالك أجزع!
وقال آخر:
فأمّا المشيب فصبح بدا
…
وأما الشّباب فليل أفل.
سقى الله هذا وهذا معا
…
فنعم المولّى ونعم البدل!.
وقال أبو الفتح كشاجم:
تفكّرت في شيب الفتى وشبابه
…
فأيقنت أن الحقّ للشّيب واجب.
يصاحبنى شرخ الشباب فينقضى،
…
وشيبى لى حتّى الممات مصاحب.
وقال أبو العلاء السروىّ، شاعر اليتيمة:
حىّ شيبا أتى لغير رحيل،
…
وشبابا مضى لغير إياب!
أىّ شىء يكون أحسن من عا
…
ج مشيب في آبنوس شباب؟
وقال أبو عوانة الكاتب:
هزئت إذرأت مشيبى، وهل غي
…
ر المصابيح زينة للسماء؟
وتولّت فقلت قولا بإفصا
…
ح لها، لا بالرّمز والإيماء:
إنما الشيب في المفارق كالنّو
…
ر بدا والسّواد كالظلماء.
لا محيص عن المشيب أو المو
…
ت، فكن للحوباء أو للنّماء!
إن عمرا عوّضت فيه عن المو
…
ت بشيب من أعظم النّعماء!
وقال ابن عبد ربه:
كأنّ سواد لمته ظلام
…
يطلّ من المشيب عليه نور.
وقال أبو عبد الله الاسباطى:
لا يرعك المشيب، يا ابنة عبد ال
…
لّه، فالشيب زينة ووقار!
إنما تحسن الرّياض إذا ما
…
ضحكت في ظلالها الأنوار.
وأما ما ورد في ذم الشيب، قال قيس بن عاصم رحمة الله عليه: الشيب خطام المنيّة.
وقال غيره: الشيب نذير الموت.
وقد ورد في بعض التفاسير في قوله تبارك وتعالى (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ)
. قيل: هو الشيب.
وقال أعرابىّ: كنت أنكر البيضاء، فصرت أنكر السوداء؛ فيا خير مبدول ويا شرّ بدل.
وقيل للنبىّ صلى الله عليه وسلم: عجّل عليك الشيب يا رسول الله، قال:«شيّبتني هود وأخواتها»
. قيل: هى عبس، والمرسلات، والنازعات.
وقيل لعبد الملك بن مروان: عجّل عليك الشيب يا أمير المؤمنين، قال: شيبنى ارتقاء المنابر وتوقّع اللحن.
وقال بعضهم: خرجت إلى ناحية الطّفاوة، فإذا أنا بامرأة لم أر أجمل منها، فقلت:
أيتها المرأة، إن كان لك زوج فبارك الله له فيك، وإلا فأعلمينى. قال فقالت:
وما تصنع بى؟ وفيّ شىء لا أراك ترتضيه. قلت: وما هو؟ قالت: شيب في رأسى.
قال: فثنيت عنان دابتى راجعا، فصاحت بى: على رسلك، أخبرك بشىء، فوقفت وقلت: وما هو، يرحمك الله؟ قالت: والله ما بلغت العشرين بعد، وهذا رأسى فكشفت عن عناقيد كالحمم، وقالت: والله ما رأيت برأسى بياضا قطّ، ولكن أحببت أن تعلم أنّا نكره منك ما تكره منا، وأنشدت:
أرى شيب الرّجال من الغوانى
…
بموضع شيبهنّ من الرجال!
قال: فرجعت خجلا، كاسف البال.
قال أبو تمام:
غدا الشيب مختطا بفودىّ خطّة
…
سبيل الرّدى منها إلى النفس مهيع.
هو الزّور يجفى، والمعاشر يجتوى،
…
وذو الإلف يقلى، والجديد يرقّع.
له منظر في العين أبيض ناصع،
…
ولكنه في القلب أسود أسفع.
وقال آخر:
تقول لمّا رأت مشيبى
…
بدا، وعندى له انقباض:
لا ترج عطفا عليك منّى،
…
سوّد ما بيننا البياض!
وقال آخر:
وقالوا: مشيب المرء فيه وقاره،
…
وما علموا أن المشيب هو العيب.
وأىّ وقار لامرئ عرّى الصّبا،
…
ومن خلفه شيب وقدّامه شيب؟
وقال آخر:
من شاب، قد مات وهو حىّ،
…
يمشى على الأرض مشى هالك!
لو كان عمر الفتى حسابا
…
كان له شيبه فذلك [1] .
وقال محمود الورّاق:
بكيت لقرب الأجل،
…
وبعد فوات الأمل!
ووافق شيب طرا
…
بعقب شباب رحل.
شباب كأن لم يكن
…
وشيب كأن لم يزل.
طوى صاحب صاحبا
…
كذاك اختلاف الدّول!
وقال عبيد بن الأبرص:
والشيب شين لمن أمسى بساحته!
…
لله درّ شباب اللّمة الخالى.
وقال البحترىّ:
وددت بياض السيف يوم لقيننى
…
مكان بياض الشيب حلّ بمفرقى.
وقال أبو العتاهية:
عريت عن الشباب، وكان غضّا،
…
كما يعرى من الورق القضيب.
ألا ليت الشباب يعود يوما
…
فأخبره بما فعل المشيب!
[1] الفذالك جمع الفذلكة أى نتائج الحساب التى يقال عندها: فذلك يكون كذا. (أنظر: شفاء الغليل للخفاجى) .
وقال آخر:
يا حسرتا أين الشباب الذى
…
على تعدّيه المشيب اعتدى؟
شبت، فما أنفكّ من حسرة
…
والشيب في الرأس رسول الرّدى!
إنّ مدى العمر قريب فما
…
بقاء نفسى بعد قرب المدى؟
وقال آخر:
هذا عذارك بالمشيب مطرّز
…
فقبول عذرك في التصابى معوز!
ولقد علمت- وما علمت توهّما-
…
أن المشيب لهدم عمرك يرمز.
وقال أيضا:
ألست ترى نجوم الشّيب لاحت
…
وشيب المرء عنوان الفساد!
وقال أيضا:
أبلى جديدى هذان الجديدان
…
والشأن في أن هذا الشّيب ينعانى!
كأنما اعتمّ رأسى منه بالجبل الر
…
اسى، فأوهنى ثقلا وأوهانى.
وقال آخر:
لما رأت وضح المشيب بعارضى
…
صدّت صدود مجانب متحمّل.
فجعلت أطلب وصلها بتلطّف،
…
والشيب يغمزها بأن لا تفعلى!
وقال كشاجم:
ضحكت! من شيبة ضحكت
…
لسواد اللّمّة الرجله
ثم قالت وهى هازئة:
…
جاء هذا الشيب بالعجله!
قلت: من حبّيك، لا كبر،
…
شاب رأسى فانثنت خجله.
وثنت جفنا على كحل
…
هى منه الدّهر مكتحله.
أكثرت منه تعجّبها!
…
فهى تجنيه وتعجب له.
وقال أبو تمام:
دقة في الحياة تدعى جلالا،
…
مثل ما سمّى اللّديغ سليما.
غرّة مرّة ألا إنّما كن
…
ت أغرّا أيام كنت بهيما.
وقال ابن المعتز:
لقد أبغضت نفسى في مشيبى
…
فكيف تحبّنى الخود الكعاب؟
وقال أبو هلال العسكرىّ:
فلا تعجبا أن يعبن المشيبا
…
فما عبن من ذاك إلا معيبا!
إذا كان شيبى بغيضا إلىّ
…
فكيف يكون إليها حبيبا؟
وقال محمد بن أميّة:
رأين الغوانى الشيب لاح بعارضى،
…
فأعرضن عنّى بالخدود النّواضر.
وكنّ إذا أبصرننى أو سمعن بى،
…
دنون فرقّعن اللّوى بالمحاجر.
وقال آخر:
قالت، وقد راعها مشيبى:
…
كنت ابن عمّ فصرت عمّا.
واستهزأت بى، فقلت أيضا:
…
قد كنت بنتا فصرت أمّا.
وقال آخر:
تضاحكت لمّا رأت
…
شيبا تلالا غرره.
قلت لها: لا تعجبى
…
أنبيك، عندى خبره.
هذا غمام للردّى،
…
ودمع عينى مطره.
ومما قيل في الخضاب من المدح، ما
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «غيّروا هذا الشيب، وجنّبوه السواد» .
وكان أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه يخضب بالحناء وبالكتم.
وقد مدح الشعراء الخضاب.
فمن ذلك قول عبد الله بن المعتزّ:
وقالوا: النّصول مشيب جديد!
…
فقلت: الخضاب شباب جديد!
إساءة هذا بإحسان ذا
…
فإن عاد هذا فهذا يعود.
وقال أبو الطيب المتنبى:
وما خضب الناس البياض لأنّه
…
قبيح، ولكن أحسن الشّعر فاحمه.
وقال محمود الورّاق:
للضّيف أن يقرى ويعرف حقّه!
…
والشيب ضيفك، فاقره بخضاب.
وقال عبدان الأصبهانىّ:
فى مشيبى شماتة لعداتى،
…
وهو ناع منغّض لحياتى.
ويعيب الخضاب قوم، وفيه
…
أىّ أنس إلى حضور وفاتى.
لا ومن يعلم السرائر منّى
…
ما به رمت خلّة الغانيات.
إنما رمت أن يغيّب عنى
…
ما ترينيه كلّ يوم مراتى.
وهو ناع إلىّ نفسى، ومن ذا
…
سرّه أن يرى وجوه النّعات؟
وقال ابن الرومىّ:
يا بياض المشيب سوّدت وجهى،
…
عند بيض الوجوه سود القرون!
فلعمرى، لأخفينّك جهدى
…
عن عيانى وعن عيان العيون!
ولعمرى، لأمنعنّك أن تض
…
حك في رأس آسف محزون!
بخضاب فيه ابيضاض لوجهى
…
وسواد لوجهك الملعون!
وقال آخر:
نهى الشيب الغوانى عن وصالى
…
وأوقع بين أحبابى وبينى.
فلست بتارك تدبير ذقنى
…
إلى أن ينقضى أمدى لحينى.
أدبّر لحيتى ما دمت حيّا
…
وأعتقها ولكن بعد عينى.
وقال آخر:
قالوا: فلان لم يشب،
…
وأرى المشيب عليه أبطا.
فأجبتهم: لولا حدي
…
ث الصّبغ لانكشف المغطّى.
ومما قيل في ذم الخضاب: قال محمود الورّاق، رحمه الله:
يا خاضب الشيب الّذى
…
فى كلّ ثالثة يعود.
إن النّصول إذا بدا
…
فكأنه شيب جديد.
وله بديهة روعة
…
مكروهها أبدا عتيد.
فدع المشيب لما أرا
…
د فلن يعود لما تريد.
وقال آخر:
تستّر بالخضاب، وأىّ شىء.
…
أدلّ على المشيب من الخضاب؟
وقال ابن الرومىّ:
قل للمسوّد حين سوّد: هكذا
…
غشّ الغوانى في الهوى إياكا!
كذب الغوانى في سواد عذاره،
…
فكذبنه في ودّهنّ كذاكا!
وقال المتنبى:
ومن هوى كلّ من ليست مموّهة
…
تركت لون مشيبى غير مخضوب.
ومن هوى الصدق في قولى وعادته
…
رغبت عن شعر في الوجه مكذوب.
وقال الأمير شهاب الدين بن يغمور عفا الله عنه:
يا صابغ الشّيب، والأيام تظهره:
…
هذا الشباب، وحقّ الله مصنوع!
إن الجديد إذا ما كان في خلق
…
يبين للناس أن الثوب مرقوع.
وأما ما وصف به الوجه، فمن ذلك ما قيل في المذكر قال الوجيهىّ:
مستقبل بالذى يهوى، وإن كثرت
…
منه الإساءة، معذور بما صنعا.
فى وجهه شافع يمحو إساءته
…
من القلوب، وجيها حيثما شفعا.
وقال الآخر:
رأيت الهلال على وجهه
…
فلم أدر أيّهما أنور؟
سوى أنّ ذاك قريب المزار
…
وهذا بعيد لمن ينظر.
وذاك يغيب وذا حاضر
…
فما من يغيب كمن يحضر.
ونفع الهلال كثير لنا
…
ونفع الحبيب لنا أكثر.
وقال ابن لنكك:
البدر والشمس المني
…
رة والدّمى والكوكب:
أضحت ضرائر وجهه
…
من حيث يطلع تغرب.
وكأنّ جمر جوانحى
…
فى خدّه يتلّهب.
وكأنّ غصن قوامه
…
من ماء دمعى يشرب.
وصوالج في صدغه
…
بسواد قلبى تلعب.
وقال ابن المعدّل:
نظرت إلى من زيّن الله وجهه،
…
فيا نظرة كادت على عاشق تقضى!
وكبّرت عشرا، ثم قلت لصاحبى:
…
متى نزل البدر المنير إلى الأرض؟
وقال الخبز أرزّى:
رأيت الهلال ووجه الحبيب
…
فكانا هلالين عند النّظر
فلم أدر من حيرتى فيهما
…
هلال الدّجى من هلال البشر!
فلولا التورّد في الوجنتين
…
وما راعنى من سواد الشّعر،
لكنت أظنّ الهلال الحبيب
…
وكنت أظنّ الحبيب القمر!
وقال أبو الشيص:
تخشع شمس النهار طالعة
…
حين تراه، ويخشع القمر.
تعرفه أنه يفوقهما
…
بالحسن، فى عين من له بصر.
وقال أبو هلال العسكرىّ:
ووجه نشرّب ماء النعيم،
…
فلو عصر الحسن منه العصر.
وقال آخر:
ليس فيها أن يقال لها:
…
كملت، لو أن ذا كملا.
كلّ جزء من محاسنها
…
صائر من حسنها مثلا.
وقال عمر بن أبى ربيعة:
وفتاة إن يغب بدر الدّجى،
…
فلنا في وجهها عنه خلف.
أجمع الناس على تفضيلها،
…
وهواهم في سواها مختلف.
وقال الجمانىّ من أبيات:
نرى الشمس والبدر معناهما
…
بها واحدا، وهما معنيان.
إذا طلعت وجهها، أشرقا
…
بطلعتها، وهما آفلان.
ومما وصف به صفاء الوجه ورقّة البشرة، فمن ذلك ما قيل مذكرا.
قال أبو نواس:
نظرت إلى وجهه نظرة
…
فأبصرت وجهى في وجهه.
وقال آخر.
أعد نظرا! فما في الخدّ نبت،
…
حماه الله من ريب المنون!
ولكن رقّ ماء الوجه حتّى
…
أراك مثال أهداب الجفون!
ومثله قول الآخر:
ولما استدارت أعين الناس حوله
…
تلاحظه كيف استقلّ وسارا،
تمثّلت الأهداب في ماء وجهه،
…
فظنّوا خيال الشّعر فيه عذارا.
وقال الأرّجانىّ
ما أنس، لا أنسى له موقفا،
…
والعيس قد ثوّرهنّ الحداه.
لمّا تجلّى وجهه طالعا،
…
وقد ترامت نظرات الوشاه.
قابلنى حين بدت أدمعى
…
فى خدّه المصقول مثل المراه.
يوهم صحبى أنه مسعدى
…
بأدمع لم تذرها مقلتاه.
وإنما قلّدنى منّة
…
بدمع عين من جفونى امتراه.
ولم تقع في خدّه قطرة
…
إلا خيالات دموع البكاه.
وقال أيضا:
وأغيد رقّ ماء الوجه منه،
…
فلو أرخى لثاما عنه، سالا.
تبين سوادها الأبصار فيه،
…
فحيث لحظت منه، حسبت خالا.
ومن ذلك ما قيل في المؤنث، قال بشار
وما ظفرت عينى غداة لقيتها
…
شىء، سوى أطرافها والمحاجر.
بحوراء من حور الجنان عزيزة،
…
يرى وجهه في وجهها كلّ ناظر.
وقال السرىّ الرفاء
بيضاء تنظر من طرف تقلّبه
…
مفرّق بين أجساد وأرواح.
ماء النعيم على ديباج وحنبها
…
يجول بين حتى ورد وتفّاح.
رقّت فلو مرج الماء القراح بها
…
والراح، لامترجت بالماء والراح