المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذم الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللواط، وعقوبة اللائط - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌الفن الثانى فى الإنسان وما يتعلق به

- ‌القسم الأوّل فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، ووصفه، وتشبيهه

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، وما يتصل بذلك)

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ترتيب أحواله وتنقل السنّ به إلى أن يتناهى:

- ‌فصل فى ظهور الشيب وعمومه

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى وصف أعضاء الإنسان وتشبيهها)

- ‌فصل فى تفصيل أوصافه

- ‌ذكر ما قيل في الشيب والخضاب من المدح والذم

- ‌ومما وصف به صفاء الوجه ورقّة البشرة، فمن ذلك ما قيل مذكرا

- ‌فصل فى عوارض العين

- ‌فصل فى كيفية النظر وهيئته

- ‌فصل فى ترتيب البكاء

- ‌فصل فيما قيل في الأنف

- ‌فصل فى تقسيم ماء الفم

- ‌فصل فى ترتيب الضحك [1]

- ‌فصل فى مقابحها

- ‌فصل فى ترتيب الأسنان

- ‌فصل فى عيوبه

- ‌فصل فى ترتيب العىّ

- ‌فصل فى ترتيب الصّمم

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأنف

- ‌ما يتمثل به من ذكر الفم، واللسان، والأسنان

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأذن

- ‌ما يتمثل به من ذكر العنق

- ‌ما يتمثل به من ذكر اليد

- ‌ما يتمثل به من ذكر الصدر والقلب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الظهر والبطن والجنب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الكبد والدّم والعروق

- ‌ما يتمثل به من ذكر الساق والقدم، يقال:

- ‌من ضرب به المثل من الرجال على لفظ أفعل للتفضيل

- ‌وأمّا من ضرب بها المثل من النساء

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى الغزل، والنّسيب، والهوى، والمحبة، والعشق)

- ‌فأما كلام الحكماء والفلاسفة

- ‌وأما كلام الإسلاميين وما قالوه فيه

- ‌ذكر مراتب العشق وضروبه

- ‌ذكر ما قيل في الفرق بين المحبة والعشق

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر شىء من الشعر المقول في ذمّ العشق والحب

- ‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذمّ الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللّواط، وعقوبة اللّائط

- ‌ذكر نبذة مما قيل في الغزل والنسيب

- ‌فمما قيل في المذكر

- ‌ومما قيل في المطلق والمشترك

- ‌ومما قيل في طيف الخيال

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الثانى في الأنساب

- ‌الطبقة الأولى الجذم

- ‌والطبقة الثانية الجماهير، والتجمهر:

- ‌والطبقة الثالثة الشعوب

- ‌والطبقة الرابعة القبيلة

- ‌والطبقة السادسة البطون

- ‌والطبقة السابعة الأفخاذ

- ‌والطبقة الثامنة العشائر

- ‌والطبقة التاسعة الفصائل

- ‌والطبقة العاشرة الرهط

- ‌أصل النسب

- ‌(أبو البشر آدم عليه السلام

- ‌إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر نسب قيس وبطونها

- ‌الياس بن مضر بن نزار

- ‌مدركة بن الياس بن مضر

- ‌كعب بن لؤىّ بن غالب

- ‌مرّة بن كعب

- ‌كلاب بن مرة بن كعب

- ‌عبد مناف بن قصىّ

- ‌عبد المطّلب بن هاشم

الفصل: ‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذم الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللواط، وعقوبة اللائط

‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذمّ الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللّواط، وعقوبة اللّائط

أما ما ورد من التحذير من فتنة النساء، فقد

روى عن أبى أمامة بن يزيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما تركت في الناس بعدى فتنة أضرّ على الرجال من النّساء» .

وعن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه، عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنّ الدّنيا حلوة خضرة، وإن الله عز وجل مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون، فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النساء؛ فإن أوّل فتنة بنى إسرائيل كانت في النّساء» .

وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أخوف ما أخاف على أمّتى النساء واخمرة» .

وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: لم يكن كفر من مضى إلّا من قبل النساء، وهو كائن، كفر من بقى من قبل النساء.

وعن حسان بن عطية، قال: ما أتيت أمّة قطّ إلا من قبل نسائهم.

وعن سعيد بن المسيب، قال: ما يئس الشيطان من ابن آدم قطّ، إلا أتاه من قبل النّساء.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال إبليس لربه عز وجل: يا ربّ قد أهبط آدم، وقد علمت أن سيكون لهم كتاب

ص: 198

ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال الله عز وجل: رسلهم الملائكة والنّبيّون منهم، وكتبهم التوراة والإنجيل والزّبور والفرقان، قال: فما كتابى؟ قال: كتابك الوشم، وقرآنك الشّعر، ورسلك الكهنة، وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه، وشرابك من كل مسكر. وصدقك الكذب، وبيتك الحمّام، ومصايدك النساء، ومؤذّنك المزمار، ومسجدك الأسواق» .

ومن فتنة النساء، ما روى عن وهب بن منبّه أن عابدا كان في بنى إسرائيل، وكان من أعبد أهل زمانه. وكان في زمانه ثلاثة إخوة لهم أخت، وكانت بكرا. فخرج البعث عليهم فلم يدروا عند من يخلّفون أختهم، ولا من يأمنون عليها، فأجمعوا رأيهم على أن يخلّفوها عند العابد. فأتوه وسألوه أن يخلّفوها عنده. فأبى ذلك. فلم يزالوا به حتّى قال: أنزلوها في بيت جوار صومعتى، فأنزلوها في ذلك البيت، ثم انطلقوا وتركوها. فمكثت في جوار العابد زمانا ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة، ثم يغلق بابه ويصعد صومعته، ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام. قال: فتلطف له النبطان. فلم يزل يرغّبه في الخير ويعظّم عنده خروج الجارية من بيتها نهارا، ويخوّفه ان يراها أحد فيعلقها. فلم يزل به حتّى مشى بطعامها ووضعه عند باب بيتها، ولا يكلّمها. فلبث بذلك زمانا. ثم جاءه إبليس فرغّبه فى الخير والأجر، وقال له: لو كنت تمشى إليها بطعامها حتّى تضعه في بيتها. كان أعظم لأجرك. فلم يزل به حتّى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها. فلبث بذلك زمانا. ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير وحضّه عليه، وقال له: لو كنت تكلمها وتحدّثها، فتأنس بحديثك، فإنها قد استوحشت وحشة شديدة، فلم يزل به حتّى حدّثها

ص: 199

زمانا، يطلع إليها من فوق صومعته. ثم أتاه إبليس بعد ذلك، فقال له: لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدّثها، وتقعد على باب بيتها فتحدّثك، كان آنس لها.

فلم يزل به حتّى أنزله فأجلسه على باب صومعته يحدّثها، وتخرج الجارية من بيتها حتّى تقعد على بابها. فلبثا زمانا يتحدّثان. ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير، فقال: لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريبا من بيتها فحدّثتها، كان آنس لها. فلم يزل به حتّى فعل. فلبثا بذلك زمانا. ثم جاءه إبليس فقال: لو دنوت من باب بيتها، ثم قال:

لو دخلت البيت فحدّثتها ولم تتركها تبرز وجهها لأحد، كان أحسن، فلم يزل به حتّى دخل البيت فجعل يحدّثها نهاره كله. فإذا أمسى صعد في صومعته. قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك، فلم يزل يزيّنها له حتّى ضرب العابد بيده على فخذها وقبّلها. ثم لم يزل يحسنها في عينه ويسوّل له حتّى وقع عليها فأحبلها، فولدت غلاما. فجاء إبليس، فقال له: أرأيت إن جاء إخوتها، وقد ولدت منك كيف تصنع؟ فاعمد إلى ابنها فاذبحه وادفنه، فإنها ستكتم ذلك عليك مخافة إخوتها، فقتله. ثم جاءه، فقال:

أتراها تكتم ما صنعت بها؟ خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها، فذبحها وألقاها في الحفرة.

فمكث ما شاء الله حتّى قفل إخوتها من الغزو. فجاءوه فسألوه عن أختهم فنعاها لهم وترحّم عليها وبكاها، وقال: كانت خير امراة، وهذا قبرها. فأتى إخوتها القبر فبكوها وترحّموا عليها، وأقاموا على قبرها أياما ثم انصرفوا إلى أهاليهم. قال: فلما جنّهم الليل وأخذوا مضاجعهم، أتاهم الشيطان في النوم فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم. فأخبره بقول العابد وبموتها. فكذّبه الشيطان، وقال: لم يصدقكم أمر أختكم. إنه أحبلها وولدت منه غلاما فذبحه وذبحها معه فرقا منكم، وألقاهما في الحفرة خلف باب البيت. وأتى الأوسط في منامه، فقال له مثل ذلك؛ ثم أتى أصغرهم، فقال له مثل

ص: 200

ذلك. فلما استيقظ القوم، استيقظوا متعجبين لما رآه كلّ واحد منهم. فأقبل بعضهم على بعض يقول: لقد رأيت عجبا! وأخبر بعضهم بعضا بما رأى، فقال كبيرهم: هذا حلم، ليس هذا بشىء، فامضوا بنا ودعوا هذا، فقال أصغرهم:

لا أمضى حتّى آتى ذلك لمكان فأنظر فيه، فانطلقوا فبحثوا الموضع، فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين. فسألوا عنها العابد، فصدّق قول إبليس فيما صنع بهما. فاستعدوا عليه ملكهم فأنزل من صومعته وقدّموه ليصلبوه. فلما أوثقوه على الخشبة، أتاه الشيطان، فقال له: قد علمت أنى صاحبك الذى فتنتك في المرأة حتّى أحبلتها وذبحتها وابنها، فإن أنت أطعتنى اليوم وكفرت بالله الذى خلقك، خلّصتك مما أنت فيه، فكفر العابد بالله. فلما كفر، خلّى الشيطان بينه وبين أصحابه فصلبوه.

قال وهب: ففيه نزلت هذه الآية: (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) .

نسأل الله العافية من فتنتهن، ونعوذ به من الشيطان الرجيم.

وأما ما جاء في ذم الزنا. فكفى به ذمّا قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا) .

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزنى الزّانى حين يزنى وهو مؤمن»

الحديث

وعن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أمّة محمد، ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزنى» .

ص: 201

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اشتدّ غضب الله تعالى على الزّناة» .

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء. فإذا زنى العبد، نزع منه سربال الإيمان.

فاذا تاب ردّ عليه» .

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من ذنب بعد الشّرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحلّ له» .

وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيّاكم والزّنا، فإنّ في الزنا ستّ خصال، ثلاث في الدنيا، وثلاث في الآخرة: فأما اللواتى فى الدنيا، فذهاب نور الوجه، وانقطاع الرّزق، وسرعة الفناء؛ وأما اللّواتى في الآخرة، فغضب الربّ، وسوء الحساب، والخلود في النار، إلا أن يشاء الله تعالى» .

وعن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله أىّ الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندّا، وهو خلقك!» قلت: ثم أىّ؟ قال: «أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك» . قلت: ثم أىّ؟ قال: «أن تزنى بحليلة جارك» .

والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة.

وأما ما جاء في النهى عن النظر إلى المردان ومجالستهم. روى عن أبى السائب انه قال: لأنا على القارئ من الغلام الأمرد أخوف منّى عليه من سبعين عذراء.

وفي لفظ عنه: لأنا أخوف على عابد من غلام أمرد من سبعين عذراء.

ص: 202

وعن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا رأيتم الرجل يلحّ النظر إلى غلام أمرد، فاتّهموه.

وكان سفيان الثورىّ رضى الله عنه لا يدع أمرد يجالسه.

وعن يعقوب بن سوال قال: كنا عند أبى نصر بشر بن الحارث. فوقفت عليه جارية ما رأينا أحسن منها، فقالت يا شيخ: أين مكان باب حرب؟ فقال لها:

هذا الباب الذى يقال له باب حرب. ثم جاء بعدها غلام فسأله، فقال له يا شيخ:

أين مكان باب حرب؟ فأطرق بشر. فردّ عليه الغلام السؤال فغمّض عينيه. فقلنا للغلام: أىّ شىء تريد فقال: باب حرب. فقلنا: بين يديك. فلما غاب، قلنا يا أبا نصر، جاءتك جارية فأجبتها وكلمتها، وجاءك غلام فلم تكلمه؟ فقال: نعم، يروى عن سفيان الثورىّ أنه قال: مع الجارية شيطان، ومع الغلام شيطانان، فخشيت على نفسى من شيطانيه.

وعن أبى سعيد الخراز، قال: رأيت إبليس في النوم، وهو يمرّ عنّى ناحية، فقلت:

تعال، فقال: أىّ شىء أعمل بكم؟ أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس، قلت ما هو؟ قال: الدنيا، فلما ولّى. التفت إلىّ فقال: غير أن لى فيكم لطيفة، قلت: ما هى؟ قال: صحبة الأحداث.

وعن مظفر القرميسينىّ، قال: من صحب الأحداث على شرط السلامة والنصيحة، أدّاه ذلك إلى البلاء؛ فكيف من صحبهم على غير وجه السّلامة؟

وقد ذكر أبو الفرج في كتابه المترجم «بذم الهوى» من افتتن بالأحداث، وصرح بأسمائهم. فلم نؤثر التعرّض لذلك، لما فيه من التشنيع عليهم والإذاعة لمساويهم.

ص: 203

وأما ما جاء في التحذير من اللواط وما ورد في سحاق النساء،

روى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملعون ملعون من عمل بعمل قوم لوط»

. وعنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» .

وعن جابر بن عبد الله، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّ أخوف ما أخاف على أمّتى عمل قوم لوط» .

وفي لفظ آخر

عنه صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف على أمّتى من بعدى عمل قوم لوط، ألا فلتترقّب أمتى العذاب إذا كان الرجال بالرجال والنساء بالنساء» .

وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها» .

وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يعل فحل فحلا حتّى كان قوم لوط، فإذا علا الفحل الفحل، ارتجّ أو اهتزّ عرش الرحمن عز وجل، فاطّلعت الملائكة تعظيما لفعلهما، فقالوا: يا ربّ، ألا تأمر الأرض أن تغور بهما، وتأمر السماء أن تحصبهما، فيقول الله تعالى: إنّى حليم لا يفوتنى شىء» .

وعن سماك بن حرب، عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال: إن الرجل ليأتى الرجل فتضجّ الأرض من تحتهما، والسماء من فوقهما، والبيت والسقف، كلهم يقولون: أى ربّ، ائذن لنا بنطبق بعضنا على بعض فنجعلهم نكالا ومعتبرا، فيقول الله عز وجل: إنهم وسعهم حلمى ولن يفوتونى.

ص: 204

وكان سفيان الثورىّ رحمه الله يقول: لو أنّ رجلا عبث بغلام بين إصبعين من أصابع رجليه يريد الشهوة، لكان لواطا.

وروى عن مكحول عن واثلة بن الأسقع أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سحاق النساء زنّى بينهن» .

وأما ما ورد في عقوبة اللائط والملوط به في الدنيا والآخرة:

أما عقوبة الدنيا، فقد جاء بها نصّ القرآن في قصة قوم لوط، وشرح أفعالهم، وما عذبوا به في آى كثيرة.

وجاء في الأحاديث النبوية، على قائلها أفضل الصلاة والسلام، فى عقوبة اللائط والملوط به ما يدل على التغليظ والتشديد.

فمن ذلك

ما روى عن عكرمة عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيمن عمل عمل قوم لوط: يقتل الفاعل والمفعول به،

وفي لفظ آخر

عن ابن عباس عن النبىّ صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الفاعل والمفعول به، فى عمل قوم لوط.

وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عمل بعمل قوم لوط فاقتلوه» .

وعن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فارجموا الأعلى والأسفل» .

ص: 205

وعن محمد بن المنكدر أن خالد بن الوليد كتب إلى أبى بكر الصدّيق رضى الله عنه، أنه وجد رجلا في بعض الأضاحى ينكح رجلا كما تنكح المرأة. فجمع أبو بكر رضى الله عنه لذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم، فيهم علىّ بن أبى طالب، وقال: إن هذا ذنب لم تعمل به أمّة إلا أمّة واحدة. ففعل الله بهم ما قد علمتم. أرى أن نحرّقه بالنار، فاجتمع رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحرّق بالنار. فأمر به أبو بكر رضى الله عنه أن يحرّق بالنار.

وقد حرّقهم عبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك.

- وعن يزيد بن قيس أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه رجم لوطيّا.

- وعن سعيد بن زيد قال: سئل عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، ما حدّ اللوطىّ؟ قال: ينظر أعلى بيت في القرية فيرمى منكّسا ثم يتبع بالحجارة.

وللتابعين ولأئمة العلماء في ذلك أقوال:

فمنهم من رأى أن حدّه كحدّ الزنا، وفرّق بين المحصن وغير المحصن.

ومنهم من رأى أن حدّه القتل أحصنا، أو لم يحصنا.

روى سفيان عن جابر عن الشعبىّ أنه قال: اللّوطىّ يرجم، أحصن أو لم يحصن.

وعن ابن أبى نجيح عن عطاء قال: حدّ اللوطىّ حدّ الزانى؛ وإن أحصن رجم، وإلا جلد. وبه قال الهيثم.

وعن قتادة عن الحسن أنه قال في الرجل يخالط الرجل: إن كان أحصن، جلد ورجم؛ وإن كان لم يحصن، جلد ونفى.

وعن مالك بن أنس عن الزهرى قال: يرجم، أحصن أو لم يحصن.

ص: 206

وعن الطيالسىّ قال: حدّثنا إسحاق الكوسخ، قال: قلت لأحمد بن حنبل:

أيرجم اللوطى، أحصن أو لم يحصن؟ قال: يرجم، أحصن أو لم يحصن.

وقد روى عن أحمد بن حنبل أن حدّ اللوطىّ كحدّ الزانى، يختلف بالثّيوبة والبكارة.

وهو قول محمد عن الشافعىّ.

وقال الحكم: يضرب اللوطىّ دون الحدّ. قال ابن الجوزىّ: وإلى هذا مال أبو حنيفة.

وأما مذهب ابن حزم الظاهرىّ فإنه لا يضرب في اللّواط فوق عشرة أسواط.

وقال النخعىّ: لو كان أحد ينبغى أن يرجم مرتين، لكان ينبغى أن يرجم اللوطىّ مرتين.

وحكى أبو الفرج بن الجوزىّ، قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد، قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علىّ، قال: أخبرنا علىّ بن جعفر الصوفى، قال: سمعت الموازينى يقول: قال لى رجل من الحاج: مررت بدار قوم لوط، وأخذت حجرا مما رجموا به، فطرحته في مخلاة، ودخلت مصر. فنزلت في بعض الدور في الطبقة الوسطى. وكان في سفل الدار حدث، فأخرجت الحجر من خرجى، ووضعته في روزنة في البيت. فدعا الحدث الذى كان في البيت صبيا إلى عنده واجتمع معه، فسقط الحجر على الحدث من الروزنة، فقتله.

وقال أيضا: أخبرتنا شهدة، قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن مكىّ، قال: أخبرنى جدّى أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشا المقرى، قال: سمعت أبا عبد الله

ص: 207

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: خرجت حاجّا إلى مكة. فلما كانت ليلة عرفات، رأى الإمام الذى حجّ بنا تلك الليلة مناما.

فلما صرنا إلى مكة بعد انقضاء الحج، سمعنا مناديا ينادى فوق الحجر: أنصتوا يا معشر الحجيج، فأنصت الخلق، فقال: يا معشر الحجيج، إن إمامكم رأى أن الله عز وجل قد غفر لكل من وافى البيت العام إلا رجلا واحدا فإنه فسق بغلام.

وأما عقوبته في الآخرة، فقد

روى عن أبى سلمة عن أبى هريرة وعبد الله ابن عباس رضى الله عنهم، قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فى خطبته: «من نكح امرأة في دبرها أو غلاما أو رجلا، حشر يوم القيامة أنتن من الجيفة، يتأذّى به الناس حتّى يدخله الله نار جهنم. ويحبط الله عمله، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا. ويجعل في تابوت من نار، ويسمّر عليه بمسامير من حديد من نار، فتشتبك تلك المسامير في وجهه وفي جسده»

. قال أبو هريرة: وهذا لمن لم يتب.

وعن انس بن مالك رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولا يجمعهم مع العالمين، يدخلون النار أوّل الداخلين إلا أن يتوبوا؛ فمن تاب، تاب الله تعالى عليه: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن خمر، والضارب أبويه حتّى يستغيثا، والمؤذى جيرانه حتّى يلعنوه، والناكح حليلة جاره» .

وعن إبراهيم بن علقمة عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللّوطيّان لو اغتسلا بماء البحر، لم يجزهما إلا أن يتوبا» .

ص: 208

وعن أنس رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات من أمّتى يعمل عمل قوم لوط، نقله الله إليهم حتّى يحشر معهم» .

قلت: وقد بلغنى من كثير من الناس أن رجلين مشيا على جانب البركة المعروفة ببركة قوم لوط، وهى في غور الكرك على جانبها ضياع، منها الصافية واللاخية وسويمة وغيرها، وتعرف هذه البركة أيضا بالمنتنة، ويقال إنها إحدى المدائن التى خسف بها (من مدائن قوم لوط) . فجعلا يتباسطان. فكان من جملة ما قالاه أو قاله أحدهما للآخر فلم ينكره: هذه بركة أصحابنا، فطلعت من البركة موجة اختطفتهما معا، وألقتهما في البركة. فكان آخر العهد بهما.

وهذه الحكاية يتداولها أهل تلك البلاد. لا ينكرها سامع منهم على قائل. ولا يبعد أن يعاقب من تجاهر بمعاصى الله وانتسب لمن كفر بالله وعصاه وكذّب رسوله أن يعاقبه الله بما عاقبهم به ويلحقه بهم. وفي بعض هذا عبرة لمن اعتبر.

ولنرجع إلى سياق ما جاء في ذلك من الأحاديث والأخبار.

روى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزىّ بسنده إلى أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قبّل غلاما بشهوة، عذّبه الله في النار ألف سنة؛ ومن جامعه لم يجد رائحة الجنة، وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام، إلا أن يتوب» .

وعن خالد عن إسمعيل بن كثير عن مجاهد، قال: لو أن الذى يعمل ذلك العمل (يعنى عمل قوم لوط) اغتسل بكل قطرة في السماء وكلّ قطرة في الأرض، لم يزل نجسا.

ص: 209