الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة البقرة
قوله: (وسائر الألفاظ التي يتهجا بها)
في " الأساس ": هو يهجو الحروف ويتهجاها، يعددها، ومن المجاز فلان يهجو فلانا هجاء، يعدد معايبه (1).
الشريف: التهجي تعديد الحروف بأسمائها (2).
الشيخ أكمل الدين: قالوا: التهجي تعديد الحروف، فإنك إذا قلت:" ضرب " مركب من ض رب فقد عددت الحروف البسيطة التي هي مادة الكلمة قبل أن تجعل له صيغة (3).
قوله: (لدخولها في حد الاسم)
قال الإمام فخر الدين: لأن الضاد مثلا لفظة مفردة دالة بالتواطئ على معنى مستقل بنفسه، من غير دلالة على الزمان المعين لذلك المعنى، وذلك المعنى هو الحرف الأول من " ضرب (4) ".
قوله: (واعتوار ما يختص به) أي تداوله
قوله: (من التعريف والتنكير والجمع والتصغير ونحو ذلك)
قال في " الكشاف ": " كالإمالة والتفخييم والوصف والإسناد والإضافة، وجميع ما للأسماء المتصرفة (5) "
قال الشيخ سعد الدين: كالتثنية والنسبة والنداء (6)
قوله: (وبه صرح الخليل وأبو عليًّ)
في " الكشاف ": " قال سيبويه: قال الخليل يوما - وسأل أصحابه -: كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في " ذلك " والباء التي في " ضرب "، فقيل: نقول: با، كافْ، فقال: إنما جئتم بالاسم، ولم تلفظوا بالحرف، وقال: أقول: " كه "، " به "
وذكر أبو علي في كتاب " الحجة " في " يس " وإمالة " يا ": أنهم قالوا: يا زيد
في النداء، فأمالوا وإن كان حرفا، قال: فإذا كانوا قد أمالوا ما لا يمال من الحروف
من أجل الياء فلأن يميلوا الاسم الذي هو " يس " أجدر، ألا ترى أن هذه الحروف
أسماء لما يلفظ بها (1).
قوله: (وما روي عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف (2) ").
أخرجه الترمذي، وقال: صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة غيره، ولا هو في مسند الإمام أحمد على كبره.
نعم أخرجه البخاري في " تاريخه "، وابن الضريس (1) في " فضائل القرآن " وأبو بكر ابن الأنباري في " كتاب المصاحف " والحاكم في " المستدرك "، وصححه، وأبو ذر الهروي (2) في " فضائل القرآن "، والبيهقي في " شعب الإيمان ".
وأخرجه سعيد بن منصور في " سننه "، وابن أبي شيبة، والدارمي عن ابن مسعود موقوفا.
قوله: (فالمراد به غير المعنى الذي اصطلح عليه، فإن تخصيصه به عرف مجدد، بل المعنى اللغوي، ولعله سماه باسم مدلوله)
عبارة الإمام: سماه حرفا مجازا لكونه اسم الحرف، وإطلاق اسم أحد المتلازمين على الآخر مجاز مشهور (3).
قوله: (وحدانا) جمع واحد، كركبان جمع راكب
قوله: (واستعيرت الهمزة مكان الألف)
قال الطيبي: ذكر ابن جني في " سر الصناعة " إن الألف في الأصل اسم الهمزة، واستعمالهم إياها في غيرها توسع، وذلك أن الهمزة تصير هذه المدة إذا أتى في آخر الاسم، ثم لما غلب استعمال الألف في هذه المدة أهمل ما وضع عليها (4).
قوله: (وهي ما لم تلها العوامل)
قال الشريف: أي تقترن بها وتتعلق بها، سواء تقدمت عليها أو تأخرت عنها (5).
قوله: (موقوفة خالية عن الإعراب)
قال الطيبي: يعني أن سكونها ليس للبناء؛ لأن الأسماء المبنية إما مبنية على الحركة كأين، وكيف، وهؤلاء، أو على السكون على وجه لا يلزم منه التقاء الساكنين كمتى، وحتى، وهذه ليست كذلك؛ لأنها لو بنيت لقيل صادَ، وقافَ بالفتح كالمبنيات، ولم يقل: صاد وقاف، بهزيد وعمرو جمعا بين الساكنين.
قال: والوقف قطع الكلمة عما بعدها، وهذه الفواتح وإن وصلت بما بعدها لفظا لكنها موقوفة نية (1).
قوله: (لفقد موجبه ومقتضيه)
قال الطيبي: وهو التركيب (2)
الشيخ أكمل الدين: قد اختلف النحويون في أن هذه الألفاظ قبل التركيب معربة أو مبنية، فمنهم من ذهب إلى أنها مبنية، وعَرَّفَ المبني بما ناسب مبني الأصل، أو وقع غير مركب، وعرّف المعرب بالمركب الذي لم يشبه مبني الأصل، واختار المصنف أنها معربة، وقال: المعرب هو ما لو اختلف العوامل في أوله لاختلف آخره، وهذه الأسماء بهذه المثابة، فإنك تقول: هذه ألف، وكتبت ألفا، ونظرت إلى ألف (3).
وعلى هذا لا فرق بين هذه الأسماء، وبين زيد وعمرو قبل التركيب، فمن جعلها مبنية جعلها كذلك، ومن جعلها معربة جعلها كذلك.
لكن اعترض على المصنف بأن كلامه متناقض، فإن القول بأنها معربة ينافي القول بأن لا يمسها الإعراب، لفقد موجبه، وإذا فقد مقتضى الإعراب وجب البناء؛ إذ لا متوسط.
قال: وأقول: لا تناقض في كلامه؛ لأن المعرب يطلق على الاسم الذي هو معروض الإعراب، مع عارضه، وعلى المعروض فقط بالاشتراك اللفظي، فالمراد بالمعرب في قوله:" أسماء معربة " المعروض فقط، وبقوله:" لا يمسها إعراب (4) " نفي المعرب بالمعنى الأول (5). انتهى.
وكذا قال الشيخ سعد الدين، فرق بين المعرب بالمعنى المقابل للمبني، والمعرب بالمعنى الذي مسه وأدركه الإعراب، والقصد هاهنا إلى بيان الأول (1).
قلت: هذا التناقض إنما يأتي على كلام " الكشاف "؛ لأنه صرح بأنها معربة، وبأنها خالية عن الإعراب، لفقد مقتضيه وموجبه (3).
والمصنف لم يصرح بأنها معربة، بل اقتصر على كونها خالية من الإعراب، ثم قال:(لكنها قابلة إياه، معرضة له؛ إذ لم تناسب مبني الأصل) فكأنَّه أراد بذلك بيان معنى قول " الكشاف ": " إنها معربة "() 3 أي أنها قابلة للإعراب، معرضة له، غير مبنية؛ لفقد سبب البناء.
وهذا حوم حول المذهب الثالث فيها: أنها واسطة بين المعرب والمبني، وقول المعترض السابق: إذ لا متوسط، ناشئ عن عدم الإطلاع؛ إذ القول بذلك هنا ثابت مشهور.
قال أبو حيان: في " إعرابه ": (ألم) أسماء، مدلولها حروف المعجم، ولذلك نطق بها نطق حروف المعجم، ؤهي موقوفة الآخر لا يقال: إنها معربة؛ لأنها لم يدخل عليها عامل فتعرب، ولا يقال: إنها مبنية، لعدم سبب البناء، لكن أسماء حروف قابلة لتركيب العوامل عليها فتعرب، تقول: هذه ألف حسنة، ونظير سرد هذه الأسماء موقوفة أسماء العدد إذا عدوا، يقولون: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة (4).
وقال ابن فاسم في (5)" شرح الألفية ": وذهب قوم إلى أن الأسماء قبل التركيب موقوفة، لا معربة ولا مبنية، واختاره ابن عصفور (6).
ومما يناسب التقرير (1) الأول قال ابن يعيش في " شرح المفصل ": المراد بالمعرب ما كان فيه إعراب، أو كان قابلا للإعراب، وليس المراد منه أن يكون فيه إعراب لا محالة، ألا ترى أنك تقول في زيد ورجل: إنهما معربان وإن لم يكن فيهما في الحال إعراب؛ لأن الاسم إذا كان وحده مفردا من غير ضميمة إليه لم يستحق الإعراب؛ لأن الإعراب إنفا يؤتى به للفرق بين المعاني، فإذا كان وحده كان كصوت تصوت به، فإن ركبته مع غيره تركيبا تحصل به الفائدة، فحينئذٍ يستحق الإعراب (2).
قوله: (عنصر الكلام وبسائطه)
في " الصحاح ": العُنْصُرُ والعُنْصَرُ الأصل (3). والبسائط جمع بسيطة، بمعنى مبسوطة، وهي المنشورة.
قوله: (افتتحت السورة بطائفة منها إيقاظا لمن تحدي بالقرآن، وتنبيها على أن المتلوَّ عليهم كلام منظوم مما ينظمون منه كلامهم)
اختار المصنف هذا القول تبعا لصاحب " الكشاف "(4)، وهو رأي لبعضهم، ولم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين ولا أتباعهم.
قوله: (لما عجزوا عن آخرهم)
قال الطيبي: أي عجزا صادرا عن آخرهم، فإذا صدر العجز عن آخرهم فيكون قد صدر عن جميعهم متجاوزا عن آخرهم (5).
وقال الشيخ أكمل الدين: تقديره: عن أولهم إلى آخرهم، فحذف متعلق " عن "، ومتعلق " آخرهم "(6).
قوله: (حروف المعجم)
قال في " الصحاح ": العجم النقط بالسواد وغيره، مثل: على التاء نقطتان، يقال: أعجمت الحروف، ومثله التعجيم، ولا تقل: عجمت، ومنه حروف المعجم، وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط من بين سائر حروف الأمم، ومعناه حروف الخط المعجم، كمسجد الجامع، أي مسجد اليوم الجامع، وناس يجعلون المعجم بمعنى الإعجام مصدراً، مثل المدخل والمخرج، أي من شأن هذه الحروف أن تعجم (1). انتهى.
قال الشيخ سعد الدين: وقد يقال: معناه حروف الإعجام، أي إزالة العجمة، وذلك بالنقط (2).
وقال الشيخ أكمل الدين: روى الأزهري عن الليث قال: المعجم الحروف المقطعة، سميت معجمة لأنها أعجمية، أي لا بيان لها، وإن كانت أصلا للكلام كله (3).
قوله: (المجهورة) هي ما ينحصر جري النفس مع تحركه، وحروفها: ظل قو ربض إذا غزا جند مطيع.
ْقوله: (ومن الشديدة) هي ما ينحصر جري الضوت عند إسكانه في مخرجه، فلا يجري، والرخوة ضدها
قوله: (ومن المطبقة) هي ما ينطبق ما يحاذي اللسان من الحنك عليه عند خروجها، والمنفتحة ضدها.
قوله: (ومن القلقة) هي ما ينضم إلى الشدة فيها ضغط في الوقف.
قوله: (اللام في " أصيلال ") أي فإنها بدل من النون.
قال في " الصحاح ": الأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب، وجمعه أُصُلٌ، وآصال، وأصائل، ويجمع أيضاً على أُصْلان مثل بعير وبُعران، ثم صغروا الجمع، فقالوا: أُصَيْلان، ثم أبدلوا من النون لاما فقالوا: أصيلال (4).
وفي " تذكرة " أبي عليّ الفارسي: إن قيل في " أصيلال ": كيف زعمتم أن اللام بدل من النون في " أصيلان "، وهلا قلتم: إن اللام لام كررت، والنون في "
أصيلان " بدل منها؟
قيل: هذا لا يجوز؛ لأن اللام لو كانت أصلا لم تثبت في التحقير الألف قبل اللام، ولانقلبت ياء، ألا ترى أنه لا يجوز في " شُمْلال " إلا شُمَيْلِيْل، فلو كانت اللام الأصل لكانت مثل شميليل في التحقير، ولا يكون أُصَيْلال جمعًا؛ لأن هذا الضرب من الجمع لا يحقر، ولكنه اسم اختص به التحقير، كسائر الأسماء التي لم تستعمل في غير التحقير.
قوله: (والفاء في " جدف " والثاء في " ثروغ " الدلو)
يريد بذلك إبدال الثاء فاء، وإبدال الفاء ثاء.
قال ابن السكيت في كتاب " الإبدال ": باب الفاء والثاء، يقال: جدف، وجدث للقبر. . . إلى أن قال: ويقال: هو فروغ الدلو، وثروغها (1). والفرغ مخرج الماء من الدلو من بين العراقي.
قوله: (والعين في " أعن ")
يشير إلى إبدال الهمزة عينا في لغة تميم، يقولون في نحو: أعجبني أن تفعل: عن تفعل، قال ذو الرمة:
أَعَنْ تَوَسَّمْتَ (2) مِنْ خَرْقَاءَ مَنْزِلَةً. . . مَاءُ الصَّبَابَةِ مِنْ عَيْنَيْكَ مَسْجُوْمُ (3)
أي أَأَنْ، وكذا يفعلون في " أَنَّ " المشددة، فيقولون: أشهد عنَّ محمدا رسول الله، وتسمى عنعنة تميم.
قوله: (والباء في با اسمك) يشير إلى إبدال الميم باء في لغة مازن.
قال المازني: فى خلت على الخليفة الواثق (4) فقال لي: ممن الرجل؟ فقلت: من بني مازن، فقال: با اسمك؟ يريد ما اسمك، وهي لغة قومي، يبدلون الميم باء، ثم قال لي: اجلس فاطبئن، يريد فاطمئن، وذلك لما أحضره ليسأله عن قول
الشاعر:
أَظَلُوْمُ إِنَّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً (1). . . . . . البيت
وقال ابن جني في " سر الصناعة ": أخبرنا أبو علي بإسناده إلى الأصمعي قال: كان أبو سوار الغنوي: يقول: با اسمك؟. يريد ما اسمك؟ فهذه الباء بدل من الميم.
وقالوا: بُعْكُوْكَةٌ، وأصلها مُعْكُوْكَةٌ، فالباء بدل من الميم (3). انتهى.
قوله: (بذلق اللسان) أي طرفه
قوله: (مكثورة بالمذكورة) أي مغلوبة بالكثرة، أي المذكورة (4) غالبة على غير المذكورة، ومنه كاثره، أي غالبه بالكثرة.
قوله: (وذكر ثلاث مفردات) هي ص، ق، ن (وأربع ثنائيات) هي طه، طس، يس، حم.
قوله: (في تسع سور) أي بإسقاط سورة الشووى
قوله: (وثلاث ثلاثيات) هي الم، الر، طسم (ورباعيتين) هما المص، المر، (وخماسيتين) هما كهيعص، حم عسق
قوله: (وقيل: هي أسماء السور، وعليه إطباق الأكثر)
عبارة الإمام: وهو قول أكثر المتكلمين، واختيار الخليل، وسيبويه (5). ونعما هي، فإن الأكثر مطلقا لم يذهبوا إليه.
وقد نقض هذا القول بأمور ذكرها المصنف بعد ذلك مع الجواب عنها.
وأحسن ما ينقض به - ولم يذكره - أن أسماء السور توقيفية، ولم يرو مرفوعا ولا موقوفا عن أحد من الصحابة ولا التابعين أن هذه أسماء للسور، فوجب إلغاء القول بذلك.
ونقضه الإمام بأنها لو كانت أسماء لها لوجب اشتهارها بها، وقد اشتهرت
بغيرها، كسورة البقرة، وآل عمران (1).
قوله: (مقدرتهم) بالضم، أي قدرتهم
قوله: (قلت لها: قفي فقالت: قَافْ لا تَحْسَبِنْ أَنَّا نَسِيْنَا الإيْجَافْ)(2)
كذا. في النسخ، وصدره محرف، وغير موزون كما ترى، والصواب كما أورده ابن جني في " الخصائص "
قلنا لها: قفي لنا قالت: قاف (3). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في " الأغاني " عن أبي بكر الباهلي (5)، عن بعض من حدثه قال: لما شُهِدَ على الوليد (6) عند عثمان بشرب الخمر كتب إليه يأمره بالشخوص، فخرج وخرج معه قوم، فيهم عدي بن حاتم (7)، فنزل الوليد يوما يسوق بهم، فقال يرتجز:
لا تَحْسَبِنُّا قد نَسِيْنَا الإِيْجَافَ. . . والنُّشَوَاتِ مِنْ مُعَتَّقٍ صافْ (8)
وعَزْفَ قَيْنَاتٍ عَلَيْنَا عُزَّافْ
فقال عدي: فأين تذهب بنا؟ إذن أقيم (9).
قوله: (روي عن ابن عباس أنه قال: الألف آلاء الله، واللام لطفه، والميم ملكه)
قلت: هذا إنما روي عن أبي العالية (1).
كذا أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم (2).
قوله: (وعنه أن الر، وحم، ونون مجموعها الرحمن) أخرجه ابن أبي حاتم (3)
قوله: (وعنه أن الم معناه: أنا الله أعلم)
أخرجه عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر (4)، وابن أبي حاتم من طرق عنه (5)
قوله: (وعنه أن الألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد)
هذا لا يعرف عن ابن عباس، ولا غيره من السلف
قوله: (أو إلى مدد أقوام وآجال بحساب الجُمَّلِ، كما قاله أبو العالية)
أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم (6).
قوله: (متمسكا بما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه اليهود) الحديث.
أخرجه البخاري في تاريخه، وابن جرير، من طريق ابن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله بن رئاب (7). وسنده ضعيف.
وجابر (1) المذكور صحابي آخر غير جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري المشهور.
قال ابن عبد البر في " الاستيعاب ": شهد بدرا وسائر المشاهد، وهو أول من أسلم من الأنصار قبل العقبة الأولى.
وذكر الحافظ ابن حجر في " الإصابة " أن روايته قليلة جدا (2).
قوله: (هذه الألفاظ لم تعهد مزيدة للتنبيه)
جوابه ما قاله الخويي: إن القرآن كلام لا يشبه الكلام، فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد؛ لتكون أبلغ في قرع الأسماع.
قوله: (وناهيك)
قال في " الصحاح ": يقال: هذا رجل ناهيك من رجل، وتأويله أنه بجده وغنائه ينهاك عن تطلب غيره، وهذه امرأة ناهيتك من امرأة، تذكر وتؤنث، وتثنى وتجمع؛ لأنه اسم فاعل، فإذا قلت: نَهْيُكَ من رجل، كما تقول: حسبك من رجل لم تثن ولم تجمع؛ لأنه مصدر (3).
وقال أبو بكر ابن الأنباري في كتاب " الزاهر ": قولهم: ناهيك بفلان معناه كافيك به، من قولهم: فد نَهِيَ الرجلُ من اللحم، وأنهى إذا اكتفى منه وشبع (4).
وقال في " القاموس ": نهيك من رجل، وناهيك منه، ونهاك بمعنى حسب (5).
قوله: (بتسوية سيبويه بين التسمية بالجملة والبيت من الشعر (6)).
قال الطيبي: ومنه قوله في باب الترخيم: ولو رخمت تأبط شرا من الأسماء لرخمت رجلا مسمى (7) بقول عنترة:
يا دارَ عَبْلَةَ بالجِوَاءِ تَكَلَّمِيْ (1). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
قوله: (والوجه الأول أقرب) إلى آخره.
ما ذكره من ترجيحه ممنوع؛ لأنه قول لا دليل عليه، ولا قاله أحد من السلف، بل هو رأي محض في كتاب الله لم يعضده مستند، ولا يخفى ما فيه من التكلف والتمحل.
قوله: (وقيل: إنها أسماء القرآن)
أخرجه ابن جرير، عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن قتادة (3).
قوله: (وقيل: إنها أسماء الله)
أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في " الأسماء والصفات " عن ابن عباس، وسنده صحيح (4).
قوله: (ويدل عليه أن عليا رضي الله عنه كان يقول: يا كهيعص، يا حم عسق)
أخرج ابن ماجه في تفسيره من طريق نافع بن أبي نعيم القارئ، عن فاطمة بنت علي ابن أبي طالب (5) أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول: يا كهيعص اغفرلي (6).
قوله: (ولعله أراد يا منزلهما)
يرده ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله (كهيعص): إن معناه: يا من يجير ولا يجار عليه.
ومثله ما أخرجه عن أشهب (7) قال سألت مالكا أينبغي لأحد أن يتسمى
بـ " يس " قال: لا، يقول الله (يس والقرآن الحكيم) يقول: هذا اسمي، تسميت (1) به.
وكذا حديث " إن بيتم الليلة فقولوا: حم لا ينصرون "(2)
قوله: (وقيل: إنها سر استأثر الله بعلمه)
أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ابن حيان في التفسير عن داود بن أبي هند (3) قال: كنت أسال الشعبي (4) عن فواتح السور، فقال: يا داود إن لكل كتاب سرا، وإن سر هذا القرآن فواتح السور، فدعها، وسل عما بدا لك.
وحكاه الثعلبي وغيره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكثير.
وحكاه السمرقندي (5) عن عمر، وعثمان، وابن مسعود رضي الله تعالى
عنهم (1).
وحكاه القرطبي عن سفيان الثوري، والربيع بن خثيم (2)، وأبي بكر ابن الأنباري، وأبي حاتم (3)، وجماعة من المحدثين، واختاره (4).
وحكاه الإمام فخر الدين عن ابن عباس، والحسين بن الفضل (5)، ومال إليه (6).
وقال السجاوندي (7): المروي عن الصدر الأول في التهجي أنها أسرار بين الله تعالى
وبين نبيه صلوات الله وسلامه عليه، وقد تجري بين المحرمين (8) كلمات مُعَمَّاة تشير إلى سِرّ بينهما، وتفيد تحريض الحاضرين على استماع ما بعد ذلك،
وهذا معنى قول السلف: حروف التهجي ابتلاء لتصديق المؤمن، وتكذيب الكافر.
هذا وهي أعلام توقظ من رقدة (1) الغفلة بنصح التعليم، وتنشط في إلقاء السمع على شهود القلب للتعظيم، كمن أراد الإخبار بمهم حرّك الحاضر بيديه، أو صاح به غيره؛ ليقبل بكله عليه.
ومصداق ذلك أن معظمها معقبة بذكر الكتاب.
وقد قلبت الرأي ظهرا لبطن في تأويل معاني هذه الحروف سنين، ونَيَّفَتِ الأقاويلُ المختارة على ستين، ولم أتحصل على ثلج اليقين، ولا ظفر الجهد على المراد قادر اليمين حتى استروحت إلى هذا الوجه من التحري. انتهى.
قوله: (فإن جعلتها أسماء الله تعالى، أو القرآن، أو السور كان لها حظ من الإعراب، إما الرفع) إلى آخره.
اعلم أن للرفع وجهين، وللنصب وجهين، وللجر وجها واحدا، فوجها الرفع إما أن يكون مبتدأ، و (ذلك الكتاب) خبره، وإما أن يكون خبر مبتدإ محذوف، أي هذه (الم).
وأما وجها النصب فإما المفعولية، تقديره أقرأ، أو أتلو (الم) وإما بحذف حرف القسم على رأي من ينصب به.
وأما الجرّ فبتقدير حذف حرف القسم، والجر به.
قوله: (والجر على إضمار حرف القسم)
قال ابن هشام في " المغني ": من الوهم قول كثير من المعربين والمفسرين في فواتح السور: إنه يجوز كونها في موضع جر بإسقاط حرف القسم، وهذا مردود بأن ذلك مختص عند البصريين باسم الله سبحانه، وبأنه لا أجوبة للقسم في سورة البقرة، وآل عمران، ويونس، وهود، ونحوهن.
ولا يصح أن يقال: قدر (ذلك الكتاب) في البقرة، و (الله لا إله إلا هو) في آل عمران جوابا، وحذفت اللام من الجملة الاسمية كحذفها في قوله:
وَرَبِّ السَّموات العُلا وبُرُوْجِهَا. . . والأرضِ وما فيها: المُقَدَّرُ كَائِنُ (2)
لأن ذلك على قلته مخصوص باستطالة القسم (2). انتهى.
قوله: (ويتأتى الإعراب لفظا والحكاية فيما كانت مفردة، أو موازنة لمفرد كـ (حم)
الشيخ سعد الدين: قيل ينبغي أن يتعين الإعراب، ولا تسوغ الحكاية كسائر الأعلام المنقولة من المفردات، أو المركبات من كلمتين ليست بينهما نسبة، وإنما الحكاية فيما وقع علما لنفس ذلك اللفظ مثل " ضرب " فعل ماض، و " من " حرف جر، إشعاراً بأنه لم ينقل عن الأصل بالكلية، أو كانت جملة.
وأما إذا جعل مثل " ضرب " بدون اعتبار الضمير اسم رجل فلا وجه للحكاية.
وأجيب بأن ذلك في هذه الألفاظ خاصة إذا جعلت أعلاما للسور خاصة، أما إذا جعل صاد مثلا علما لرجل، والفاتحة علما للسورة، فلا حكاية، وذلك لأنها قد اشتهرت ساكنة الأعجاز وكثر استعمالها كذلك، فكأنها نقلت على تلك الهيئة، سيما وفيها شمة من ملاحظة الأصل، من جهة أن مسمياتها مركبة من الحروف المبسوطة، فعليها مسحة من قولك:" ضرب " فعل ماض، و " من " حرف جر (1).
قوله: (وإن جعلتها مقسما بها)
قال الإمام: أقسم الله بها لشرفها؛ لأنها مباني كتبه المنزلة، وأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، وأصول كلام الأمم (2).
* * *
فائدة: قال أبو بكر ابن الأنباري في كتاب " الوقف والابتداء " إن قال قائل: كيف كتب فى المصحف (الم) و (الر) و (المر) موصولا، والهجاء مقطع، لا ينبغي أن يتصّل بعضه ببعض؛ لأنك لو قال قائل: ما هجاء زيد؟ كنت تقول: زاي، يا، دال، وتكتبه مقطعا؛ لتفرق بين الهجاء والحروف (3)، وبين قراءته؟
فيقال له: إنما كتبوا (الم) وما أشبهها موصولا؛ لأنه ليس بهجاء لاسم معروف، إنما هو حروف اجتمعت، يراد بكل حرف منها معنى، ولو قطعت إذ (4) جزمت لكان صوابا. انتهى (5).
قوله: (" ذلك " إشارة إلى (الم) إلى آخره
حاصله أنه ردد بين كونه إشارة إلى (الم) أو إلى الكتاب الموعود به، فتكون اللام في الكتاب للعهد الذهني.
والتحقيق أنه إشارة إلى الكتاب الحاضر، واللام للعهد الحضوري (1) قال ابن عصفور: كل لام واقعة بعد اسم الإشارة، أو أيِّ في النداء، أو إذا الفجائية فهي للعهد الحضوري.
* * *
تنبيه: عبارة " الكشاف ": " وقعت الإشارة إلى (الم) (2) "
قال الشيخ أكمل الدين: وفيه بحث؛ لأن المراد بالكتاب هو القرآن، وحينئذ، على كل حال لا تصح الإشارة إلى (الم) وإن فسر بالسورة؛ لأنه جزء من القرآن، والجزء لا يكون الكل، ولا مجازا عنه؛ لأنه ليس ملزوما للكل، والمجاز ذكر الملزوم وإرادة اللازم، واذا كان المشار إليه هو الموعود في الكتب المتقدمة لا يجوز أن يقع (ذلك الكتاب) خبرا عن (الم) لأن الموعود هو القرآن كله، لا (الم)
وأما إذا كان الموعود هو النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز أن يكون المراد بقوله (قَوْلًا ثَقِيلًا) ويكون الكتاب عبارة عن هذه السورة. كذا قيل.
قال: ويمكن أن يقال: الكتاب مفهوم بسيط يشترك جزؤه وكله في الاسم والرسم كالماء، والدليل على ذلك إجماع العلماء على إطلاق الكتاب على آية يثبت بها حكم شرعي، كقولهم: فرض الوضوء ثابت بالكتاب، وهو قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ)[سورة المائدة 7] وإنما هي آية، وحينئذٍ يكون (ذلك) إشارة إلى (الم) على أنه الكتاب، لا على أنه جزؤه (3). انتهى.
قوله: (فإنه لما تكلم به وانقضى، أو وصل من المرسل إلى المرسل إليه أشير إليه بما يشار به إلى البعيد)
عبارة " الكشاف ": " وقعت الإشارة إلى (الم) بعد ما سبق التكلم به وانقضى (4)، والمنقضي في حكم المتباعد، وهذا في كل كلام، يحدث الرجل بحديث، ثم يقول: ذلك مما لاشك فيه، ويحسب الحاسب، ثم يقول: فذلك كذا وكذا، قال
الله تعالى (لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ)[سورة البقرة 69] وقال (ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي)[سورة يوسف 38] ولأنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه وقع في حد البعد، كما تقول لصاحبك - وقد أعطيته شيئا -: احتفظ بذلك، وقيل: معناه ذلك الكتاب الذي وعدوا به " (1).
قال الطيبي: وأحسن ما قيل في توجيه الإشارة إليه بصيغة البعد = ما ذكره صاحب " المفتاح " قال: (ذلك الكتاب) ذهابا إلى بعده درجة (2).
وقال الإمام: إن القرآن لما اشتمل على حكم عظيمة، وعلوم كثيرة يتعسر اطلاع القوة البشرية عليها بأسرها، فهو - وإن كان حاضرا نظرا إلى صورته - غائب نظرا إلى أسراره وحقائقه، فجاز أن يشار إليه كما يشار إلى البعيد الغائب.
قوله: (وتذكيره متى أريد بـ (الم) السورة، لتذكير (الكتاب) فإنه خبره)
جواب سؤال مقدر، تقديره كما أفصح به في " الكشاف ":" لم ذَكَّرَ اسم الإشارة، والمشار إليه مؤنث، وهو السورة "(3)؟
وحاصل الجواب تخريجه على القاعدة المعروفة إذا توسط الضمير، أو الإشارة بين مبتدإ وخبر، أحدهما مذكر، والآخر مؤنث جاز في الضمير، والإشارة التذكير والتأنيث مراعاة لهذا ولهذا.
وفي هذا تسليم السؤال، والإمام منعه من أصله، فقال: لا نسلم أن المشار إليه مؤنث؛ لأن المؤنث إما المسمى، أو الاسم، والأول باطل؛ لأن المسمى هو ذلك البعض من القرآن، وهو ليس بمؤنث، وأما الاسم فهو (الم) وليس بمؤنث (4).
نعم ذلك المسمى له اسم آخر، وهو السورة، وهو مؤنث، وليست الإشارة إليه، بل إلى الاسم الآخر، وهو (الم) الذي ليس بمؤنث.
وقال الشيخ أكمل الدين: قوله: " إن المشار إليه مؤنث " فيه نظر؛ لأن المشار إليه (الم) وهو اسم للسورة، أو هو الموعود للأمم السالفة، ولا شيء منهما بمؤنث (5) قوله:(ثم أطلق على المنظوم عبارة قبل أن يكتب لأنه مما يكتب)