المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قوله: (ومعنى الاستعلاء في (على هدى) - نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي - جـ ١

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌قوله: (ومعنى الاستعلاء في (على هدى)

‌قوله: (ومعنى الاستعلاء في (على هدى)

تمثيل تمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه بحال من اعتلى الشيء وركبه).

قال الطيبي: أي هو استعارة تمثيلية، واقعة على سبيل التبعية، وتقريره أن يقال: شبهت حالهم - وهي تمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه، وتمسكهم به - بحال من اعتلى الشيء وركبه، ثم استعير للحالة التي هي المشبه المتروك كلمة الاستعلاء المستعملة في المشبه به.

قال: ويدلك على أن الاستعارة التبعية تمثيلية الاستقراء، وبه يشعر قول صاحب " المفتاح " في استعارة " لعلّ " فتشبه حالُ المكلف - وكيت، وكيت - بحال المرتجي المخير. إلى آخره (1).

وقال الشيخ أكمل الدين: يعني أنه استعارة تمثيلية، فإن الاستعارة من فروع التشبيه، والتشبيه إما أن يكون وجهه منزعا من عدة أمور، أولا، والأوّل هو التمثيل، والثاني غيره.

ووجه ذلك ما ذكره بقوله: " شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه " فكما أن حال الراكب هي تمكنه من المركوب، واستقراره عليه، كذلك حال أولئك مع الهدى، فاستعير للمشبه كلمة " على " المستعملة للمشبه به، فليس معنى " على " هاهنا الاستعلاء، بل حالهم يشابه الاستعلاء.

وإنما قال: " معنى الاستعلاء "؛ لأنه من الاستعارة التبعية، فلا بد من تقدير الاستعارة في معنى الاستعلاء؛ ليسري إلى الحرف (2).

وقال الشريف: يريد أن كلمة " على " هذه استعارة تبعية، شبه تمسك المتقين بالهدى باستعلاء الراكب على مركوبه في التمكن والاستقرار، فاستعير له الحرف الموضوع للاستعلاء، كما شبه استعلاء المصلوب على الجذع باستقرار المظروف في الظرف بجامع الثبات، فاستعير له الحرف الموضوع للظرفية.

وإنما قال: " معنى الاستعلاء " دون معنى " على "؛ لأن الاستعارة في الحرف تقع أولاً في متعلق معناه كالاستعلاء والظرفية والابتداء مثلا، ثم تسري إليه بتبعية.

ص: 323

وقوله: " تمثيل "(1) أي تصوير فإن المقصود من الاستعارة تصوير المشبه بصورة المشبه به إبرازا لوجه الشبه فيه بصورته في المشبه به، فإذا قلت: رأيت أسدا يرمي فقد صورته في

شجاعته بصورة الأسد وجراءته.

ومن الناس من زعم أن الاستعارة في " على " تبعية تمثيلية.

قال: أما كونها تبعية فلجريانها أولا في متعلق معنى الحرف، وتبعيتها في الحرف.

وأما كونها تمثيلية فلكون كل من طرفي التشبيه حالة منتزعة من عدة أمور.

فورد عليه أن انتزاع كل من طرفيه من أمور عدة يستلزم تركبه من معان متعدة، ومن البيّن أن متعلق معنى كلمة " على " وهو الاستعلاء معنى مفرد، كالضرب ونظائره، فلا يكون مشبها به في تشبيه تزكب طرفاه، وإن ضم إليه معنى آخر، وجعل المجموع مشبها به لم يكن معنى الاستعلاء مشبها به في هذا التشبيه، فكيف يسري التشبيه والاستعارة منه إلى معنى الحرف!

والحاصل أن كون " على " استعارة تبعية يستلزم كون الاستعلاء مشبها به، وأن تركب الطرفين يستلزم أن لا يكون مشبها به، فلا يجتمعان.

وأجيب عنه بأن انتزاع كل من طرفيه من عدة أمور لا يوجب تركبه، بل يقتضي تعددا في مأخذه، وهو مردود بأن المشبه مثلا إذا كان منتزعا من أشياء متعددة فإما أن ينتزع بتمامه من كل واحد منها، وهو باطل، فإذا أخذ كذلك من واحد منها كان أخذه مرة ثانية من واحد آخر لغوا، بل تحصيلا للحاصل.

وإما أن ينتزع من كل واحد منها بعض منه، فيكون مركبا بالضرورة.

وإما أن لا يكون هناك لا هذا ولا ذاك، وهو أيضاً باطل، إذ لا معنى لانتزاعه حينئذ من تلك الأمور المتعددة.

على أن هذا الزاعم قد صرّح في تفسير قوله تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) بأنه لا معنى لتشبيه المركب بالمركب إلا أن تنتزع كيفية من أمور عدة، فتشبه بكيفية أخرى مثلها، فيقع في كل واحد من الطرفين أمور متعددة، وأنت خبير بأن أمثال ذلك مما لا يشتبه على ذي مسكة، إلا أن جماعة قد غفلوا في هذا المقام

ص: 324

عن رعاية القواعد، فزلت بهم أقدامهم.

وإن شئت مزيد تحقيق فاعلم أن قوله (على هدى) يحتمل وجوها ثلاثة:

الأول: ما مر من تشبيه تمسكهم بالهدى باعتلاء الراكب.

الثاني: أن تشبيه هيئة منتزعة من المتقي والهدى وتمسكه به بالهيئة المنتزعة من الراكب والمركوب، واعتلائه عليه، فيكون هناك استعارة تمثيلية، تركب كل من طرفيها، لكنه لم يصرح من الألفاظ التي هي بإزاء المشبه به إلا بكلمة " على " فإن مدلولها هو العمدة في تلك الهيئة، وما عداه تبع له، يلاحظ معه في ضمن ألفاظ منوية، وإن لم تكن مقدرة في نظم الكلام، وستعرف الفرق بينهما، فلا يكون في " على " استعارة أصلا، بل هي على حالها قبل الاستعارة، كما إذا صرّح بتلك الألفاظ كلها.

الثالث: أن يشبه الهدى بالمركوب على طريقة الاستعارة بالكناية، وتجعل كلمة " على " قرينة لها، على عكس الوجه الأول، فمن اعتبر هنا تلك الهيئة، وحكم بأن الاستعارة تبعية فقد اشتبه عليه الفرق بين الوجه الأول والثاني.

وما يتوهم من أن عبارة " المفتاح " في استعارة " لعلّ " بينة في اجتماع التبعية والتمثيلية، فهو مضمحل بما لخصناه في شرحه عليه، على وجه لا مزيد عليه (1). انتهى

قوله: (وقل صرحوا به)

قال الطيبي: أي بإرادتهم معنى الاستعلاء والركوب فيما يشبه الآية (2).

قوله: (في قولهم: امتطى الجهل)

قال الطيبي: أي اتخذ الجهل مطية، وهو تشبيه (3).

قال الشيخ أكمل الدين: يعني كالمطية (4)

وقال الشريف: إن جعل بمنزلة قولك: ركب مَطَى الجهل كان استعارة بالكناية، وإن جعل في قوة قولك: اتخذ الجهل مطية كان تشبيها، وأيّاً ما كان فتشبيه الجهل بالمطية مقصود منه، وهو المراد بكونه مصرحا به.

ص: 325

وقيل: امتطى استعارة تبعية، شبه اتصافه بالجهل واستقراره عليه بامتطاء المطية، واستعير لفظ المشبه به للمشبه، وسرت الاستعارة إلى الفعل، وذكر المفعول قرينة لها.

وفيه بحث؛ إذ لا فرق حنيئذ بينه وبين قوله (على هدى) في أن تشبيه الهدى والجهل

بالمركب ليس مقصودا فيهما، فكيف يجعل مصرحا به في أحدهما دون الآخر (1). انتهى.

قوله: (واقتعد غارب الهوى).

قال الطيبي: هو استعارة، إما تحقيقية، أو تخييلية، " واقتعد " ترشيح لها، نحو قوله:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وعُرِّيَ أَفْرَاسُ الصّبَا وَرَوَاحِلُهْ (2).

وقال الشيخ أكمل الدين: في " الهوى " استعارة مكنية، وفي " غارب " استعارة تخييلية (3).

وقال الشريف: شبه الهوى بالمطية على طريقة الاستعارة المكنية، وخيل بإثبات الغارب، ورشح بذكر الاقتعاد (4).

قوله: (ونكر (هدى) للتعظيم).

قال أبو حيان: وقد يكون ثم صفة محذوفة، أي على هدى، أيّ هدى.

قال: وحذف الصفة لفهم المعنى جائز (5).

قوله: (لا يبلغ كنهه)

قال: الشريف: أي نهايته.

وفي الأساس: سله عن كنه الأمر، أي حقيقته وكيفيته، واكتنه الأمر بلغ كنهه

ص: 326

وغايته (1).

قوله: (ولا يقادر قدره).

الأساس: قدرت الشيء أقدره، وهذا شيء لا يقادر قدره، وفلان يقادرني، أي يطلب مساواتي، وتقادر الرجلان طلب كل واحد مساواة الآخر (2).

قوله: (ومثله (3) قول الهذلي:

فلا وَأَبِي الطَّيرِ المُرِبَّةِ بِالضُّحَى. . . على خَالدٍ لقد وقعتَ على لَحْمٍ).

هو لأبي خراش خويلد بن مرة الهذلي، يرثي خالد بن زهير.

وقال الطيبي: كان الزمخشري يقول: ما أفصحك يا بيت!

والمربة اللازمة، من أَرَبَّ بالمكان إذا أقام به.

ولقد كان خالد هذا رفيع الشأن، علِيَّ القدر، فاستعظم لحمه حيث نكره، وبسبب تعظيمه اللحم استعظم الطير الواقعة عليه، حيث أقسم بأبيها، والإقسام بالشيء دليل تعظيمه، وكذلك الكنى تدل على التعظيم.

ثم إن جعلت " لا " زائدة كان جواب القسم " لقد وقعت " وفيه إشعار من حيث الالتفات بالتعظيم، ومن حيث أن سبب الإقسام بها كونها واقعة على ذلك اللحم فيه تعظيم الشيء بنفسه، وإن لم تجعل " لا " زائدة، بل ردا لكلام سابق، أي ليس الأمر كما زعمت وحق أبي الطير، يكون جواب القسم ما دلت عليه " لا " ثم ابتدأ بإنشاء قسم آخر، أي والله لقد وقعت على لحم، كقوله تعالى (لا أقسم بيوم القيامة) فيكون صفة للطير على تأويل الطير المقول في حقه ذلك (4).

وقال الشيخ أكمل الدين: الاستشهاد بقوله " على لحم " أي أَيِّ لحم، وأبو الطير إما أن يريد به خالدا، وهو الأظهر، لوقوعها عليه، كما يقال: أبو التراب، وإما أن يريد أبا ذلك النوع من الطير؛ لأنه لما استعظمها بوقوعها عليه استعظم أباها؛ لأنه أصلها وأقسم به، أو الطير نفسها، والأب مقحم، وصدر القسم ب " لا " كما في (لا أقسم) ويجوز أن يكون بأبي الشاعر، ومعناه وحق أبي، وحق الطير، فيكون الطير

ص: 327

مجروراً بحذف حرف القسم، كما في قولهم: اللهِ لأفعلنّ (1).

وقال الشيخ سعد الدين الشعر في " ديوان الهذليين " هكذا:

لَعَمْرُ أبي الطير المربّة غدوة. . . على خالد لقد علقنَ على لحم

فلا وأبي لا تأكلُ الطيرُ مثلَهُ. . . عَشِيَّةَ أمسى لا يَبِيْنُ مِن السِّلْمِ

برفع " الطير المربة " على أنه فاعل فعل يفسره " لقد علقن " أي لقد علقت الطير (2). انتهى.

قلت: والذي رأيته أنا في " ديوان هذيل " ثلاثة أبيات لا رابع لها، وهي:

لعمر أبي الطير الموبة غدوة (3). . . على خالد لقد وقعت على لحم

وإئكِ (4) لو أبصرتِ مَصْرَعَ خالدٍ. . . بِجَنْبِ السِّتَارِ بَيْنَ أَبرقَ فالحَزْمِ

لأَيْقَنْتَ أَنَّ البكرَ غيرُ رَزِيَّةٍ. . . ولا النَّابَ، لا ضَمَّتْ () 5 يداكِ على غُنْمِ (6)

قال ابن عبد البر في " الاستيعاب ": أبو خراس كان من فرسان العرب، وكان يعدو على قدميه فيسبق الخيل، فحسن إسلامه، ومات في زمن عمر بن الخطاب من نهش حية (7).

قوله: (وقد أدغمت النون في الراء بغنة، وبغير غنة)

قال الشيخ سعد الدين: هذا بحسب العربية، وأما بحسب الرواية عن القراء فالأكثر أنه لا غنة مع الراء واللام (8).

وقال الشريف: المشهور عند القراء أن لا غنة مع الراء واللام، وقد وردت عنهم في بعض الراويات الغنة معهما، ولا نزاع في جوازها بحسب العربية (9).

قوله: (كرر فيه اسم الإشارة) إلى آخره

ص: 328

قال الشريف: محصول ما ذكره أن تكرير (أولئك) أفاد اختصاصهم بكل واحد منهما على حدة، فيكون كل منهما مميزا لهم عمن عداهم، ولولاه لربما فهم اختصاصهم بالمجموع، فيكون هو المميز، لا كل واحد (1).

قوله: (من الأثرتين) بفتح الهمزة والمثلثة، أي الاختصاصين.

قوله: (ووسط العاطف لاختلاف مفهوم الجملتين) إلى آخره.

قال الشريف: يعني أن (على هدى) و (المفلحون) مع كونهما متناسبتين معنيان مختلفان مفهوما ووجودا؛ فإن الهدى في الدنيا، والفلاح في العقبى، وإثبات كل منهما أمر مقصود في نفسه، والجملتان المشتملتان عليهما المتحدتان في المخبر عنه واقعتان بين كمالي الاتصال، والانفصال، فلذلك أدخل العاطف بينهما.

وأما (كالأنعام) و (الغافلون) فهما وإن اختلفا مفهوما فقد اتحدا مقصودا؛ إذ لا معنى للتشبيه بالأنعام إلا المبالغة في الغفلة، فالجملة الثانية هاهنا (2) المشاركة للأولى في المحكوم عليه مؤكدة لها، فلا مجال للعاطف بينهما (3).

قوله: (و (هم) فصل يفصل الخبر عن الصفة، ويؤكد النسبة)

قال بعض أرباب الحواشي: الأول: مذهب البصريين، وهو تفصيل لكونه فصلا؛ لأنه فصل بين كونه خبرا أو صفة.

والثاني: مذهب الكوفيين، وعبروا عنه بكونه عمادا؛ لأن الخبر اعتمد على المبتدإ،

وعلى كل واحد من المذهبين إشكال.

أما الأول فقد جاء الفصل حيث استحالت الصفة في نحو (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ)[سورة المائدة 117] و (كانوا هم الظالمين)[سورة الزخرف 76](تجدوه عند الله هو خيرا)[سورة المزمل 20] والضمير لا يوصف.

وأما الثاني: فلأنه مبني على أنه لا يجوز أن يقال: زيد هو العالم أبوه، وهو ممنوع لا يثبت بمجرد الدعوى. انتهى.

وقال الشيخ علم الدين السخاوي في " شرح الأحاجي ": إن كان الفصل إنما

ص: 329

سمي فصلا لأنه يفصل بين الخبر والصفة فليس هو في نحو: كان زيد هو خيرا منك فصلا؛ لأنه لا ريبة في أن ما بعده لا يكون صفة.

والذي يقال في هذا: أن هذا الضمير المتوسط بين المبتدإ والخبر دخل لأمرين:

أحدهما: الفصل بين ما يكون صفة أو خبرا.

والثاني: التأكيد

قال الشيخ أبو العلاء (1): ولو قيل: دخل ليعلم أن الذي بعده يصلح أن يكون نعتا لكان وجها حسنا (2).

قوله: (أو مبتدأ)

قال الشريف: قسيم لقوله: " فصل "(3)

قو له: (و (المفلحون) خبره)

قال الطيبي: فعلى هذا تكون الجملة من باب تقوي الحكم، أو من التخصيص على نحو هو عارف (4).

قوله: (و (المفلحون) بالحاء والجيم الفائزون (5) بالمطلوب)

مراده تفسير اللفظ من حيث اللغة، وإلا فالقراءة بالحاء، لا غير، ولم ترد قراءة شاذة بالجيم.

قال في " الصحاح " في باب الجيم: الفلج الظفر والفوز، وقد فلج الرجل على خصمه يفلج فلجاً (6).

وقال في باب الحاء: الفلاح الفوز والبقاء والنجاة (7).

ص: 330

قوله: (نحو فلق) أي شق (وفلذ) أي. قطع (وفلا) يقال: فلوته بالسيف، أي ضربته به.

قوله (وتعريف المفلحين للدلالة على أن المتقين هم الناس الذين بلغك أنهم المفلحون في الآخرة، أو الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من حقيقة. المفلحين وخصوصياتهم)

قال الطيبي: فالتعريف على الأول للعهد، وعلى الثاني للجنس، فعلى الأول هو قصر المسند على المسند إليه، فالفلاح لا يتعدى إلى غيرهم، وعلى الثاني عكسه، فلا يتعدون من الفلاح إلى صفة أخرى (1).

وقال الشريف: اللام على الأول لتعريف العهد الخارجي، ولا حاجة إلى اعتبار قصر، كما إذا قلت: الزيدون هم المنطلقون، إشارة إلى المعهودين بالانطلاق، ولك أن تعتبر كلمة (هم) فصلا، وتقصد قصر المسند على المسند إليه إفرادا، نفيا لما عسى أن يتوهم من أن المعهودين بالفلاح في الآخرة يندرج فيهم غير المتقين أيضاً.

وعلى الثاني: لتعريف الجنس المسمى بتعيين (2) الحقيقة.

ثم إن المعرّف بلام الجنس قد يقصد به تارة حصره في المبتدإ إما حقيقة، أو ادعاء، نحو زيد الأمير، إذا انحصرت الإمارة فيه، أو كان كاملا فيها، كأنه قيل: زيد كل الأمير، وقد يقصد به أخرى أن المبتدأ هو عين ذلك الجنس ومتحد به، لا أن ذلك الجنس مفهوم مغاير للمبتدإ منحصر فيه على أحد الوجهين، فهذا معنى آخر للخبر المعرّف بلام الجنس غير الحصر (3).

قوله: (ورد بأن المراد بالمفلحين) إلى آخره

قال الطيبي: الأحسن في الجواب أن المراد بالمتقين المجتنبون للشرك، فيدخل العاصي في هذا الحكم العام.

قال: فإن قلت: كيف جاز أن يكون العاصي مفلحا؟

قلت: كما جاز أن يكون مصطفى في قوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا

ص: 331