المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أبيّ أو أن يأمر أحدا غيره بقتله فنهاه عن ذلك. - نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

[محمد الخضري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الطبعة الثالثة

- ‌بسم الله الرّحمن الرّحيم

- ‌النسب الشريف

- ‌زواج عبد الله بامنة وحملها

- ‌الرضاع

- ‌حادثة شق الصدر

- ‌وفاة امنة وكفالة عبد المطلب ووفاته وكفالة أبي طالب

- ‌السفر إلى الشام

- ‌حرب الفجار

- ‌حلف الفضول

- ‌رحلته إلى الشام المرّة الثانية

- ‌زواجه خديجة

- ‌بناء البيت

- ‌معيشته عليه الصلاة والسلام قبل البعثة

- ‌سيرته في قومه قبل البعثة

- ‌ما أكرمه الله به قبل النبوّة

- ‌تبشير التوراة به

- ‌تبشير الإنجيل

- ‌حركة الأفكار قبل البعثة

- ‌بدء الوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌عود الوحي

- ‌الدعوة سرا

- ‌الجهر بالتبليغ

- ‌الإيذاء

- ‌إسلام حمزة

- ‌هجرة الحبشة الأولى

- ‌إسلام عمر

- ‌رجوع مهاجري الحبشة

- ‌كتابة الصحيفة

- ‌هجرة الحبشة الثانية

- ‌نقض الصحيفة

- ‌وفود نجران

- ‌وفاة خديجة رضي الله عنها

- ‌زواج سودة

- ‌زواج عائشة رضي الله عنها

- ‌هجرة الطائف

- ‌الاحتماء بالمطعم بن عديّ

- ‌وفد دوس

- ‌الاسراء والمعراج

- ‌العرض على القبائل

- ‌بدء إسلام الأنصار

- ‌العقبة الأولى

- ‌العقبة الثانية

- ‌هجرة المسلمين إلى المدينة

- ‌دار الندوة

- ‌هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌النزول بقباء

- ‌هجرة الأنبياء

- ‌أعمال مكّة

- ‌مسجد قباء

- ‌الوصول إلى المدينة

- ‌أول جمعة

- ‌النزول على أبي أيوب

- ‌نزول المهاجرين

- ‌إخوة الإسلام

- ‌هجرة أهل البيت

- ‌حمّى المدينة

- ‌منع المستضعفين من الهجرة

- ‌السنة الأولى

- ‌بناء المسجد

- ‌بدء الأذان

- ‌يهود المدينة

- ‌المنافقون

- ‌معاهدة اليهود

- ‌مشروعية القتال

- ‌بدء القتال

- ‌سرية

- ‌سرية

- ‌وفيات

- ‌السنة الثانية

- ‌غزوة ودّان

- ‌غزوة بواط

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غزوة بدر الأولى

- ‌سرية

- ‌تحويل القبلة

- ‌صوم رمضان

- ‌صدقة الفطر

- ‌زكاة المال

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌أسرى بدر

- ‌ الفداء

- ‌العتاب في الفداء

- ‌غزوة قينقاع

- ‌جلاء قينقاع

- ‌غزوة السّويق

- ‌صلاة العيد

- ‌السنة الثالثة

- ‌قتل كعب بن الأشرف

- ‌غزوة غطفان

- ‌غزوة بحران

- ‌سرية

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌حوادث

- ‌السنة الرابعة

- ‌‌‌(سرية)

- ‌(سرية)

- ‌سرية

- ‌غزوة بني النضير

- ‌غزوة ذات الرقاع

- ‌غزوة بدر الاخرة

- ‌حوادث

- ‌السنة الخامسة

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌غزوة بني المصطلق

- ‌حديث الإفك

- ‌غزوة الخندق

- ‌الخدعة في الحرب

- ‌هزيمة الأحزاب

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌زواج زينب بنت جحش

- ‌الحجاب

- ‌فرض الحج

- ‌السنة السادسة

- ‌(سرية)

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة الغابة

- ‌سرية

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌‌‌‌‌سرية

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌قتل أبي رافع

- ‌سرية

- ‌قصة عكل وعرينة

- ‌سرية

- ‌غزوة الحديبية

- ‌بيعة الرضوان

- ‌صلح الحديبية

- ‌مكاتبة الملوك

- ‌كتاب قيصر

- ‌حديث أبي سفيان

- ‌كتاب أمير بصرى

- ‌كتاب الحارث بن أبي شمر

- ‌كتاب المقوقس

- ‌كتاب النّجاشي

- ‌كتاب كسرى

- ‌كتاب المنذر بن ساوى

- ‌كتاب ملكي عمان

- ‌كتاب هوذة بن علي

- ‌السنة السابعة

- ‌غزوة خيبر

- ‌زواج صفية

- ‌النهي عن نكاح المتعة

- ‌رجوع مهاجري الحبشة

- ‌فتح فدك

- ‌صلح تيماء

- ‌فتح وادي القرى

- ‌إسلام خالد ورفيقيه

- ‌سرية

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌سرية

- ‌(عمرة القضاء)

- ‌زواج ميمونة

- ‌السنة الثامنة

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌سرية

- ‌غزوة مؤتة

- ‌سرية

- ‌سرية

- ‌غزوة الفتح الأعظم

- ‌العفو عند المقدرة

- ‌وفود كعب بن زهير

- ‌بيعة النساء

- ‌هدم العزّى

- ‌هدم سواع

- ‌هدم مناة

- ‌غزوة حنين

- ‌سرية

- ‌غزوة الطائف

- ‌تقسيم السبي

- ‌وفود هوازن

- ‌عمرة الجعرانة

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌وفود صداء

- ‌وفود تميم

- ‌سرية

- ‌سرية

- ‌السنة التاسعة

- ‌سرية

- ‌وفود عدي بن حاتم

- ‌غزوة تبوك

- ‌وفود صاحب أيلة

- ‌كتاب صاحب أيلة

- ‌كتاب أهل أذرح وجرباء

- ‌مسجد الضّرار

- ‌حديث الثلاثة الذين خلّفوا

- ‌وفود ثقيف

- ‌كتاب أهل الطائف

- ‌هدم اللّات

- ‌حج أبي بكر

- ‌وفاة ابن أبي

- ‌وفاة أم كلثوم

- ‌السنة العاشرة

- ‌‌‌سرية

- ‌سرية

- ‌ حجة الوداع

- ‌بعث العمال إلى اليمن

- ‌خطبة الوداع

- ‌الوفود

- ‌وفود نجران

- ‌وفود ضمام بن ثعلبة

- ‌وفود عبد القيس

- ‌وفود بني حنيفة

- ‌وفود طيء

- ‌وفود كندة

- ‌وفود أزدشنوءة

- ‌وفود رسول ملوك حمير

- ‌كتاب ملوك حمير

- ‌وفود همدان

- ‌وفود تجيب

- ‌وفود ثعلبة

- ‌وفود بني سعد بن هذيم

- ‌وفود بني فزارة

- ‌وفود بني أسد

- ‌وفود بني عذرة

- ‌وفود بني محارب

- ‌وفود غسّان

- ‌وفاة إبراهيم بن النّبي عليه السلام

- ‌السنة الحادية عشرة

- ‌سرية

- ‌مرض الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌صلاة أبي بكر بالناس

- ‌وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌شمائله عليه السلام

- ‌[نظافة جسمه وطيب ريحه ص]

- ‌[وفور عقله ص]

- ‌[فصاحة لسانه ص]

- ‌[كلامه وفصاحته ص]

- ‌[شرف نسبه، وكرم بلده ص]

- ‌[قدره ومنزلته ص]

- ‌[الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة]

- ‌[الحلم والاحتمال والعفو والقدرة، والصبر على ما يكره ص]

- ‌[شجاعته ص]

- ‌[حياؤه ص]

- ‌[حسن عشرته وأدبه ص]

- ‌[شفقته ورأفته ص]

- ‌[وفاؤه وصلته الرحم ص]

- ‌[تواضعه ص]

- ‌[عدله ص وأمانته، وعفّته، وصدق لهجته]

- ‌[وقاره عليه الصلاة والسلام وصمته، وتؤدته، ومروءته]

- ‌[زهده ص في الدنيا]

- ‌[خوفه ص من ربه، وطاعته له، وشدّة عبادته]

- ‌[إعجاز القرآن الكريم]

- ‌أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته

- ‌الوجه الثاني من إعجاز القران: صورة نظمه العجيب

- ‌الوجه الثالث من الإعجاز: ما أنطوى عليه من الأخبار بالمغيّبات

- ‌الوجه الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة

- ‌ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم: انشقاق القمر

- ‌ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم: نبع الماء من بين أصابعه، وتكثيره ببركته

- ‌ومن معجزاته عليه السلام قصة حنين الجذع

- ‌ومن معجزاته عليه السلام: إبراء المرضى، وذوي العاهات

الفصل: أبيّ أو أن يأمر أحدا غيره بقتله فنهاه عن ذلك.

أبيّ أو أن يأمر أحدا غيره بقتله فنهاه عن ذلك. وقال: كيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمّدا يقتل أصحابه، ثم أذن بالرّحيل، في وقت لم يكن يرتحل فيه حين اشتدّ الحرّ، يقصد بذلك عليه الصلاة والسلام شغل الناس عن التكلّم في هذا الموضوع، فجاءه أسيد بن حضير، وسأله عن سبب الارتحال في هذا الوقت؟ فقال: أوما بلغك ما قال صاحبكم؟ زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، قال: أنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم سار عليه الصلاة والسلام بالناس سيرا حثيثا «1» حتى اذتهم الشمس، فنزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض حتى وقعوا نياما، وكلم رجال من الأنصار عبد الله بن أبيّ في أن يطلب من الرسول الاستغفار فلوى رأسه واستكبر. وهنا نزل على الرسول سورة المنافقين التي فضحت عبد الله بن أبيّ وإخوانه، وصدقت زيد بن أرقم، ولما بلغ ذلك عبد الله بن عبد الله بن أبيّ، استأذن رسول الله في قتل أبيه حذرا من أن يكلف بذلك غيره، فيكون عنده من ذلك أضغان وأحقاد، فأمره عليه الصلاة والسلام بالإحسان إلى أبيه «2» .

‌حديث الإفك

النادرة الثانية وهي أفظع من الأولى وأجلب منها للمصائب وهي رمي عائشة الصّدّيقة زوج رسول الله بالإفك، فاتهموها بصفوان بن المعطّل «3» السّلمي وذلك أنهم لما دنوا من المدينة أذن عليه الصلاة والسلام ليله بالرحيل. وكانت السيدة عائشة قد مضت لقضاء حاجتها حتى جاوزت الجيش، فلمّا قضت شأنها أقبلت إلى

(1) سريعا.

(2)

وفي رواية ابن اسحاق أن عبد الله بن أبي بن سلول أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمر لي به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبر لوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا.

(3)

قال السهيلي: وكان يكون على ساقة العسكر يلتقط ما يسقط من متاع المسلمين، حتى يأتيهم به. سكن المدينة وشهد الخندق والمشاهد كلها يكنى أبا عمرو، وكان خيرا فاضلا شجاعا بطلا، وكان جلدا حصورا لا يأتي النساء، وقتل شهيدا في خلافة معاوية، واندقت رجله يوم قتل فطاعن بها، وهي منكسرة، حتى مات.

ص: 140

رحلها. فلمست صدرها فإذا عقد لها من جزع ظفار «1» قد انقطع، فرجعت تلتمس عقدها، فحبسها ابتغاؤه، فأقبل الرهط «2» الذين كانو يرحلونها فاحتملوا هودجها «3» ظانين أنها فيه لأن النساء كن إذ ذاك خفافا لم يغشهنّ اللحم، فلم يستنكر القوم خفّة الهودج، وكانت عائشة جارية حديثة السنّ، فجاءت منزل الجيش بعد أن وجدت عقدها، وليس بالمنزل داع ولا مجيب، فغلبتها عيناها فنامت، وكان الذي يسير وراء الجيش يفتقد ضائعه صفوان بن المعطّل. فأصبح عند منزلها فعرفها لأنه كان راها قبل الحجاب، فاسترجع، فاستيقظت باسترجاعه «4» ، وسترت وجهها بجلبابها «5» فأناخ راحلته، وأركبها من غير أن يتكلّما بكلمة، ثم انطلق يقود بها الراحلة حتى وصل الجيش، وهو نازل للراحة، فقامت قيامة أهل الافك، قالوا ما قالوا في عائشة وصفوان. والذي تولّى كبر الإفك عبد الله بن أبيّ، ولما قدموا المدينة مرضت عائشة شهرا، والناس يفيضون «6» في قول أهل الإفك. وهي لا تشعر بشيء، وكانت تعرف في رسول الله رقّة إذا مرضت، فلم يعطها نصيبا منها في هذا المرض، بل كان يمرّ على باب الحجرة لا يزيد على قوله: كيف حالكم؟

مما جعلها في ريب عظيم، فلما نقهت «7» خرجت هي وأم مسطح بن أثاثة «8» أحد أهل الإفك للتبرز خارج البيوت، فعثرت أم مسطح في مرطها «9» فقالت: تعس مسطح! فقالت عائشة: بئس ما قلت!!! أتسبيّن رجلا شهد بدرا؟ فقالت: يا هنتاه «10» أولم تسمعي ما قالوا؟ فسألتها عائشة عن ذلك فأخبرتها الخبر، فازدادت مرضا على مرضها، ولما جاءها عليه الصلاة والسلام كعادته، استأذنته أن تمرّض في بيت أبيها، فأذن لها، فسألت أمها عمّا يقول الناس فقالت با بنيّة هوّني عليك،

(1) الجزع: الخرز. وظفار: مدينة باليمن.

(2)

قوم الرجل وقبيلته ومن ثلاثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون العشرة.

(3)

مركب النساء.

(4)

أي بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.

(5)

الجلباب هو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار

(6)

أي يخوضون.

(7)

أي أفاقت من المرض.

(8)

رائطة بنت صخر وهي مشهورة بكذبها، أسلمت فحسن إسلامها، وكانت من أشد الناس على مسطح حين تكلم مع أهل الإفك.

(9)

وأحد المروط وهي أكسية من صوف أو خز كان يؤتزر بها.

(10)

أي هذه.

ص: 141

فو الله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة «1» عند رجل يحبّها لها ضرائر إلّا أكثرن عليها فقالت عائشة: سبحان الله! أو قد تحدّث الناس بهذا؟! وبكت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لها دمع، ولا تكتحل بنوم. وفي خلال ذلك كان عليه الصلاة والسلام يستشير كبار أهل بيته فيما يفعل، فقال له أسامه بن زيد «2» لما يعلمه من براءة عائشة: أهلك أهلك ولا نعلم عليهم إلّا خيرا، وقال علي بن أبي طالب: لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. فدعا عليه الصلاة والسلام بريرة «3» جارية عائشة وقال لها: هل رأيت من شيء يريبك؟ فقالت:

والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه «4» غير أنها جارية حديثة السّن تنام عن عجينها، فتأتي الداجن «5» فتأكله.

فقام عليه الصلاة والسلام من يومه، وصعد المنبر، والمسلمون مجتمعون، وقال: من يعذرني «6» من رجل بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا وما يدخل على أهلي إلّا معي.

فقال سعد بن معاذ: أنا يا رسول الله أعذرك منه، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة الخزرجي وقال: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أنه يقتل، فقام أسيد بن خضير، وقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل المنافقين. وكادت تكون فتنة بين الأوس والخزرج لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل من فوق المنبر، وخفّضهم حتى سكتوا، أما عائشة فبقيت ليلتين لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم. وبينما هي مع أبويها إذ دخل النبي عليه

(1) أي حسنة جميلة.

(2)

الكلبي الحب ابن الحب يكنى أبا محمد فأمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولد أسامه في الإسلام ومات النبي صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة، وقد أمّره على جيش عظيم، فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوجّه فأنفذه أبو بكر، وكان عمر يجلّه ويكرمه، اعتزل أسامة الفتن بعد قتل عثمان إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية، وكان سكن المزة من أعمال دمشق، ثم رجع فسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة، فمات بها بالجرف سنة 54 هـ، وفضائله كبيرة، أحاديثه شهيرة.

(3)

اشترتها عائشة فاعتقتها، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها، وقصتها تلك في الصحيحين. والبريرة واحدة البرير وهو ثمر الأراك.

(4)

أعيبه عليها.

(5)

هي الشاة التي تألف في البيوت ولا تخرج إلى المرعى.

(6)

أي ينصرني إن جازيته على سوء صنيعه.

ص: 142

الصلاة والسلام فسلّم ثم جلس فقال: أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف وتاب تاب الله عليه، فتقلّص «1» دمع عائشة، وقالت لأبويها:

أجيبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: والله ما ندري ما نقول، فقالت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم:

إني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقنّي، فو الله لا أجدلي ولكم مثلا إلّا أبا يوسف حيث قال فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ «2» .

ثم تحولت واضطجعت على فراشها، ولم يزاول رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى نزلت عليه الايات من سورة النور ببراءة السيدة المطهرة عائشة الصديقة إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3» فسرّي عن رسول وهو يضحك، وبشّر عائشة بالبراءة «4» ، فقالت لها أمها: قومي فاشكري رسول الله، فقالت: لا والله،

(1) أي بمعنى جف من شدّة الحزن.

(2)

سورة يوسف اية 18.

(3)

اية 11- 21

(4)

وقد برأ الله أربعة بأربعة برأ يوسف بلسان الشاهد (وشهد شاهد من أهلها) وبرأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، وبرأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها (إني عبد الله) وبرأ عائشة بهذه الايات العظام.

ص: 143