الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وولداه الفضل وقثم، ورشّ قبره بلال بالماء، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر.
توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك للمسلمين ما أن اتبعوه لم يضرّهم شيء: كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وترك أصحابه البررة الكرام يوضّحون الدين، ويتمّمون فتح البلاد، ويظهرون في الدنيا شمس الدين الإسلامي القويم حتى يتمّ الله كلمته، ويحقّ وعده، وقد فعل، فنسأل الله أن يقدّرنا على أداء شكره على هذه المنة العظمى والنعمة الكبرى.
شمائله عليه السلام
منح الله سبحانه نبينا صلى الله عليه وسلم من كمالات الدنيا والاخرة ما لم يمنحه غيره ممن قبله أو بعده، ولا بدّ أن نأتي لك في هذا الباب «1» بنبذة يسيرة من محاسن صفاته وأحاسن ادابه، لتكون لك نموذجا تسير عليه، حتى تكون على قدم نبيّك صلى الله عليه وسلم، فتستحق الحمد في الدنيا والذخر في الاخرى. فاعلم أرشدني الله وإيّاك وهدانا للصراط السوي أنّ خصال الجلال والكمال في البشر نوعان: ضروري دنيوي اقتضته الجبلّة وضرورة الحياة، ومكتسب ديني، وهو ما يحمد فاعله ويقرّب إلى الله زلفى. فأما الضروري فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب مثل ما كان في جبلّته عليه الصلاة والسلام من كمال الخلقة، وجمال الصورة، وقوة العقل، وصحّة الفهم، وفصاحة اللسان، وقوة الحواس والأعضاء، واعتدال الحركات وشرف النسب، وعزّة القوم، وكرم الأرض، ويلحق به ما تدعو ضرورة الحياة إليه من الغذاء والنوم والملبس والمسكن والمال والجاه. أما المكتسبة الاخروية:
فسائر الأخلاق العليّة والاداب الشرعية من: الدين، والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والعدل، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفّة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب، والمعاشرة وأخواتها، وهي التي يجمعها حسن الخلق.
فإذا نظرت- رعاك الله- إلى خصال الكمال التي هي غير مكتسبة وفي جبلّة الخلقة، وجدته عليه الصلاة والسلام حائزا لجميعها، محيطا بشتات محاسنها.
فأما الصورة وجمالها، وتناسب أعضائه في حسنها، فقد جاءت الاثار الصحيحة
(1) جل ما ذكر في الشمائل والمعجزات مختصر من كتاب الشفاء للقاضي عياض رحمه الله (المؤلف) .
والمشهورة الكثيرة بذلك. من أنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون «1» ، أدعج «2» ، أنجل «3» ، أشكل «4» ، أهدب الأشفار «5» ، أبلج «6» ، أزجّ «7» ، أقنى «8» ، أفلج «9» ، مدوّر الوجه، واسع الجبين، كثّ اللحية تملأ صدره، سواء البطن والصدر، عظيم المنكبين «10» ، ضخم العظام، عبل «11» العضدين والذراعين، والأسافل، رحب الكفّين والقدمين، سائل الأطراف «12» ، أنور المتجرّد «13» ، دقيق المسربة «14» ، ربعة القدّ «15» ، ليس بالطويل البائن «16» ، ولا بالقصير المتردّد «17» ، ومع ذلك فلم يكن يماشيه أحد ينسب إلى الطول إلا طاله صلى الله عليه وسلم، رجل الشعر «18» ، إذا افترّ ضاحكا افترّ عن مثل سنا البرق، وعن مثل حبّ الغمام، إذا تكلم رئي كالنّور يخرج من بين ثناياه، أحسن الناس عنقا، ليس بمطهّم «19» ولا مكلثم «20» متماسك البدن، ضرب اللّحم «21» . قال البراء بن عازب: ما رأيت من ذي لمّة2»
في حلّة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو هريرة: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله، كأن
(1) نير اللون أو حسنه (المؤلف) .
(2)
شديد سواد الحدقة مع سعة فيها (المؤلف) .
(3)
واسع العين مع حسن (المؤلف) .
(4)
في بياض عينه حمرة (المؤلف) .
(5)
كثير شعر حروف الأجفان (المؤلف) .
(6)
مضيء الوجه مشرقه (المؤلف) .
(7)
دقيق الحاجبين في طول (المؤلف) .
(8)
مرتفع قصبة الأنف مع أحديداب يسير فيها (المؤلف) .
(9)
مفرج بين الثنايا والرباعيات (المؤلف) .
(10)
المنكب مجمع رأس العضد والكتف (المؤلف) .
(11)
ضخم (المؤلف) .
(12)
أي طولا متدلا.
(13)
أي ما جرد عنه الثياب عن جسده يريد: أنه كان مشرق الجسد.
(14)
المسربة شعر دقيق من الصدر إلى البطن (المؤلف) .
(15)
المربوع أي لا طويل ولا قصير.
(16)
مفرط الطول (المؤلف) .
(17)
المتناهي في القصر (المؤلف) .
(18)
أي ما بين الجعودة والسبوطة.
(19)
المطهم البائن الكثير اللحم (المؤلف) .
(20)
المكلثم صغير الذقن (المؤلف) . أي المستدير الوجه.
(21)
أي خفيف اللحم.
(22)
هي ما طال من شعر الرأس في أحد جانبيه.