الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة الرابعة
(سرية)
«1»
في بدء السنة الرابعة بلغ رسول الله أن طلحة وسلمة ابني خويلد الأسديين يدعوان قومهما بني أسد لحربه عليه الصلاة والسلام، فدعا أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وعقد له لواء وقال له: سرّ حتى نزل أرض بني أسد بن خزيمة فأغر عليهم، وأرسل معه رجالا، فسار في هلال المحرم حتى بلغ قطنا «2» فأغار عليهم، فهربوا من منازلهم، ووجد أبو سلمة إبلا وشاء فأخذها، ولم يلق حربا ورجع بعد عشرة أيام من خروجه.
وفي بدئها أيضا بلغه عليه الصلاة والسلام أنّ سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي المقيم بعرنة «3» يجمع الجموع لحربه، فأرسل له عبد الله بن أنيس الجهني واحده ليقتله، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقول حتى يتمكّن، فأذن له، وقال: انتسب لخزاعة، فخرج لخمس خلون من المحرم، ولما وصل إليه قال له سفيان: ممن الرجل؟ قال: من خزاعة، سمعت بجمعك لمحمّد صلى الله عليه وسلم؟ فجئت لأكون معك، فقال له: أجل إني لفي الجمع له، فمشى عبد الله معه وحدّثه وسفيان يستحلي حديثه، فلمّا انتهى إلى خبائه تفرّق الناس عنه فجلس معه عبد الله حتى نام، فقام وقتله، ثم ارتحل حتى أتى المدينة، ولم يلحقه الطلب وكفى الله المؤمنين القتال.
سرية «4»
وفي صفر أرسل عليه الصلاة والسلام عشرة رجال عيونا «5» على قريش مع
(1) هي سرية أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد إلى قطن.
(2)
جبل لبني أسد بناحية فيد شرقي المدينة. (المؤلف) .
(3)
موضع بين منى وعرفات وهي ليست من الموقف.
(4)
سرية عاصم بن ثابت إلى الرجيع.
(5)
عيون: جواسيس. وفي الجامع الصحيح للبخاري أنهم كانوا عشرة.
رهط «1» عضل والقارة «2» الذين جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون من يفقّههم في الدين، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري «3» ، فخرجوا يسيرون الليل، ويكمنون النهار حتى إذا كانوا بالرجيع «4» غدر بهم أولئك الرهط، ودلّوا عليهم هذيلا قوم سفيان ابن خالد الهذلي الذي كان قتله عبد الله بن أنيس، فنفروا إليهم فيما يقرب من مائتي رام، واقتفوا اثارهم حتى قربوا منهم، فلمّا أحسّ بهم رجال السرية لجؤوا إلى جبل هناك، فقال لهم الأعداء: انزلوا، ولكم العهد ألّا نقتلكم، فنزل إليهم ثلاثة اغترّوا بعهداهم، وقاتلهم الباقون، ومعهم عاصم غير راضين بالنزول في ذمة مشرك. ولمّا رأى الثلاثة الذين سلموا عين الغدر، امتنع أحدهم فقتلوه، وأما الاثنان، فباعوهما بمكّة ممن كان له ثأر عند المسلمين، وهناك قتلا. وقد قال أحدهما وهو خبيب بن عدي «5» حين أرادوا قتله:«6» .
ولست أبالي حين أقتل مسلما
…
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
…
يبارك على أوصال شلو ممزّع»
(1) جماعة أقل من العشرة.
(2)
قال السهيلي هما بطنان من بني الهون، والهون هم بنو الريش ويثيع ابنى الهون بن خزيمة وقال المصعب الزبيري في نسب قريش فأما الهون بن خزيمة فهم عضل وديش والقارة بنو يثيع بن الهون وهم بطنان من خزاعة يقال لهما: الحيا والمصطلق.
(3)
جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، من السابقين الأولين كان قتل عظيما من قريش فلما سمعت قريش بقتله، أرسلت جماعة لتأخذ شيئا من جسده فيتشفوا منه، فأرسل الله على جسده مثل الظلة من الدبر فحمته منهم، فلم يقدروا على أخذ شيء من جسمه.
(4)
ماء لبني هذيل بين مكة وعسفان (المؤلف)(على ثمانية أميال من عسفان) .
(5)
شهد بدرا، وأسر يوم الرجيع في السرية التي خرج فيها مرثد بن أبي مرثد وعاصم بن ثابت وخالد بن البكير في سبعة نفر فقتلوا وأسر خبيب وزيد بن الدثنة، فانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما، فاشترى خبيبا بنو الحارث، وكان خبيب قد قتل الحرث بن عامر يوم بدر، فمكث عندهم خبيب أسيرا حتى أجمعوا على قتله، ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال دعوني أصلي ركعتين. ثم قال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت. فكان أول من صلّى ركعتين عند القتل، ثم قال: اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا.
(6)
قال السهيلي وذكر أن أبا ميسرة هو الذي طعن خبيبا في الخشبة والذي طعنه معه عقبة بن الحارث
(7)
وقصيدة خبيب في السيرة لم يرو منها البخاري غير هذين البيتين. الأوصال: الأعضاء. والشّلو: الجسد. والممزع: المقطع