الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الربع الثالث من الحزب الثالث
في المصحف الكريم (ت)
عباد الله
في حصة هذا اليوم، نتأول الربع الثالث من الحزب الثالث في المصحف الكريم، وأول آية من هذا الربع قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وآخر آية منه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .
ــ
في هذه الحصة من سورة البقرة، يتولى الحق سبحانه وتعالى تنظيم حياة المسلمين أفرادا وجماعات، ويصدر إليهم أحكاما خالدة قاطعة في عدة شؤون من العبادات والمعاملات.
ففيها آيات عن الصيام وعن الاعتكاف من جهة، وفيها آيات عن طريقة كسب المال وعن وجوه إنفاقه وصاحبه لا يزال على قيد الحياة، وعن الوصية به لمن ينتفع به بعد الموت، وعن القصاص وحكمته، وعن رشوة الحكام لصالح المحكومين.
أما الصيام فقد بين الحق سبحانه وتعالى للمسلمين أنه ليس بدعا في التشريع الإسلامي، بل إنه شعيرة من شعائر الدين التي جاء بها الأنبياء والرسل السابقون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}. كما بين وجه الحكمة فيه، وأن الغرض منه ليس هو إرهاق المكلفين بالجوع والعطش وكبت الشهوة، وإنما المراد منه ثمرته الروحية، التي تتجلى في سلوك المؤمن أثناء صيامه، ثم بعد انقضاء شهر الصيام، طيلة بقية شهور العام، وهي ما يكتسبه الصائم بفضل الصوم من تقوى القلب وتهذيب النفس، وذلك قوله تعالى:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} . بعد قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} . وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . على حد قوله تعالى في آية أخرى تشير إلى الأضاحي والهدايا بمناسبة موسم الحج وعيد الأضحى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} .
ثم تفضل الحق سبحانه وتعالى فأشعر المؤمنين برفقه ولطفه، إذ جعل فريضة الصيام {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} . فلم يفرض عليهم صوم الدهر، وإنما طالبهم بالصيام مدة شهر، هو أحق الشهور بالذكر والشكر {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} . {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . - {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .
وتخفيفا عن المسلمين ورحمة بهم، اكتفى منهم بصيام النهار دون وصال بالليل، فقال تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} . - {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
وإمعانا في الرفق والرحمة بعباده، لم يجعل الحق سبحانه وتعالى أي حرج على المريض والمسافر في الإفطار خلال أيام المرض وأثناء
السفر، بدلا من الإمساك، على أن يقضي المفطر بقدر عدد الأيام التي أفطر فيها أياما أخر، تعويضا عما أفطر، وإنما يباح الفطر للمسافر إذا لم ينو إقامة أربعة أيام فأكثر بالمكان الذي انتقل إليه، فإذا نوى الإقامة به أربعة أيام فأكثر لزمه الصيام منذ وصوله، ولم يجز له الفطر، وقد اعتبر علماء الإسلام في حكم المريض المرأة الحامل والمرأة المرضع إذا خافتا على نفسهما من الصيام، أو خافت الأولى على حملها والثانية على رضيعها، وفي هذا السياق قال تعالى:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .
أما الذين فقدوا القدرة على الصيام كالشيخ الهرم الذي بلغ من الكبر عتيا، والمرأة الكبيرة التي عجزت عن الإمساك، فقد رخص الإسلام لهما ولمن ماثلهما بالإفطار، على أن يقوموا بإطعام مسكين واحد، فدية عن كل يوم، ولا قضاء عليهم بالمرة، وذلك تفسير قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ - أي يتجشمونه ويتكلفونه على مشقة - فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} . على ما قاله ابن مسعود وغيره.
وفي نفس السياق تناولت الآية الكريمة بالذكر عبادة أخرى لها شبه قريب بالصيام، ألا وهي عبادة الاعتكاف، حيث يعتزل المؤمن الحياة اليومية العادية، وينفرد عن أهله في ركن من أركان المسجد، مكرسا وقته للعبادة والتبتل دون بقية الشؤون، وهذه العبادة يمكن القيام بها في رمضان وغيره، ولمدة قصيرة أو طويلة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلها في رمضان، ولا يتجاوز اعتكافه عشرة أيام، والشرط المجمع عليه في هذه العبادة هو الامتناع أثناء
مدة الاعتكاف عن المباشرة بتاتا، ليلا ونهارا، لقوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} . واتفق الإمامان مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما على اشتراط الصوم في الاعتكاف، استنادا إلى قوله صلى الله عليه وسلم:(اعتكف وصم).
ومن أدب فقهاء الإسلام مع كتاب الله، أنهم اصطلحوا في مصنفاتهم على عقد باب خاص بالاعتكاف ووضعه في الترتيب بعد الانتهاء من الباب الخاص بالصيام، تأسيا بهذه الآيات الكريمة التي ذكرت الاعتكاف في أعقاب الآيات المتعلقة بالصيام.
أما طريقة كسب المال الحلال، فتنحصر في كسبه بالحق لا بالباطل، أي عن طريق الكسب المشروع الذي ارتضاه الشارع وأقرته حكمة التشريع، مقابل منفعة محققة يجنيها كلا الطرفين، على أن يتم ذلك عن طيب نفس، لا عن إكراه أو اضطرار أو إحراج، وكل كسب لم تتوفر فيه هذه الشروط وما ناسبها فهو كسب حرام، وذلك قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} أي لا يأكل بعضكم مال بعض دون سبب مشروع، والتعبير هنا بكلمة (أموالكم) جاء على غرار التعبير الوارد في قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} وقوله تعالى في سورة النور: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} بمعنى: لا يقتل بعضكم بعضا، وليسلم بعضكم على بعض.
وهذا التعبير القرآني إنما جاء متشابها في هذه الآيات الكريمة كلها حكمة ومغزى، وكأنه يلفت نظر المسلمين إلى ما يجب
أن يكونوا عليه من الامتزاج والاندماج فيما بينهم، حتى يكونوا أسرة واحدة، بل ذاتا واحدة.
فمن أكل مال أخيه المسلم بالباطل فقد أكل مال نفسه في حقيقة الأمر، ومن اعتدى على أخيه المسلم بالقتل فقد اعتدى على نفسه قبل الغير، كما أن من سلم على أخيه المسلم فقد سلم في الحقيقة على نفسه، لأن المجتمع الإسلامي لا يكون (إسلاميا) إلا إذا كان مجتمعا قائما على التضامن والتكافل والتعاون والتآخي التام، بحيث لا يسيء أي فرد من أفراده إلى الباقين.
أما إذا أساء المسلم إلى إخوانه، واعتدى على حقوقهم، وألحق الأذى بمصالحهم، فإنه يفتح الباب على مصراعيه-بحكم التقليد والعدوى وغريزة الانتقام-ليسيئوا بدورهم إليه، وليعتدوا على حقوقه، وليلحقوا أكبر الأذى بمصالحه، جزءا وفاقا، وهكذا يصدق عليه المثل العربي الشهير:" على نفسها جنت براقش ".
وأما وجوه إنفاق المال التي يحض عليها الإسلام ويعطيها الأولوية بعد كفاية حاجات النفس والعيال المشروعة، فهي الإنفاق في وجوه البر التي لها أثر اجتماعي مباشر، ونفع إنساني محقق.
وذلك مثل الإنفاق على الأقرباء المحتاجين، وعلى اليتامى الفقراء العاجزين عن الكسب، وعلى المساكين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، وعلى السائلين الذين لا يسألون الناس إلحافا، وعلى أبناء السبيل العابرين من بلد إلى بلد في طلب علم أو أداء عبادة، وعلى الأرقاء، بغية تحريرهم من الرق، وأسارى
المسلمين، افتداء لهم من الأسر، وهذا ما ينص عليه قوله تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} .
ويتكرر هذا المعنى في نفس سورة البقرة بنزول قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} .
وواضح بموجب هذه الآيات الكريمة، أن في المال حقا سوى الزكاة، فقد ذكرت الزكاة على حدة، منفصلة في آخرها، كشيء زائد على بقية وجوه الإنفاق التي ذكرت مفصلة في أولها.
ولا حاجة إلى التنبيه على الأهمية الكبيرة التي يعطيها كتاب الله لإنفاق المال في وجوه البر وأنواع الإحسان، بحيث لا يغني عنه ولا يقوم مقامه مجرد التعبد الفردي والتبتل الشخصي الذي لا يستفيد منه إلا شخص المتعبد وحده، فمن رزقه الله المال ينبغي أن يجمع بين الحسنيين: عبادة الله بالصلاة وغيرها فرضا ونفلا، وشكر الله بالإنفاق في وجوه البر وجوبا وتطوعا، زكاة وصدقة، وبذلك يندرج في عداد العابدين الشاكرين، ويسجل في سجل الصابرين الصادقين.
وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} . إلى
قوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} . إلى آخر الآية. وإلى المتصفين بهذه الصفات يشير أيضا قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} .
وسيرا في نفس الاتجاه الذي خطه دستور الإسلام الخالد، وهو أن للمال وظيفة اجتماعية سامية، ألا وهي الإسهام في إسعاد المجتمع ورفاهيته ورفع مستواه، وتوزيع الثروة بين أفراده على أوسع نطاق، لم يقتصر كتاب الله على ذكر نماذج من وجوه البر التي يطالب المسلم بالإنفاق فيها وهو على قيد الحياة، بل امتد نظره إلى ماذا سيكون مآل أموالهم وماذا سيفعل بها بعد موتهم.
فنزلت آيات خاصة بالمواريث تحدد فرائض الوارثين في تركة موروثهم تحديدا قاطعا لا تبديل فيه ولا تغيير {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} . إلى آخر آيات الميراث التي ستأتي مع تفسيرها بحول الله وقوته في سورة النساء.
وفي حق هؤلاء اكتفى الشارع بتحديد أنصبة الإرث الخاصة بكل وارث، ومنعهم من الانتفاع بالوصية، اكتفاء بما نالوه من إرث، طبقا لقوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح " لا وصية لوارث ".
أما أقرباء المسلم وذوو أرحامه الذين لا يدخلون في عداد الوارثين، ولا ينجر إليهم أدنى حق في التركة، فهؤلاء قد حض الإسلام على الوصية لهم، إن كانت ثروة المسلم الذي ينتمون لقرابته تتسع للورثة الأصليين وبقية الأقربين، وذلك ما ينبغي فهمه من قوله تعالى في هذا الربع: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ
الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}.
ولا يستغربن السامع ذكر الوالدين هنا في سياق الوصية دون الإرث، فهناك من الوالدين من لا حق له في الإرث، وهناك من الأقارب من لا حق لهم فيه أيضا، مثال ذلك الأم الكتابية التي ليست على دين ابنها المسلم، والزوجة الكتابية التي ليست على دين زوجها المسلم، فهذه الأم لا ترث ابنها، وهذه الزوجة لا ترث زوجها، وإنما أباح الله في حق مثلهما الوصية دون الإرث، فيمكن لولد الأولى أو لزوج الثانية أن يوصي لها قبل وفاته بنصيب من ثروته، لكن يجب أن تكون هذه الوصية (بالمعروف) كما قال الله تعالى، أي بحيث لا تؤدي إلى الإجحاف بحقوق الورثة الشرعيين، وتكون في حدود الثلث الجائز فما دونه.
والوصية لهؤلاء ومن في حكمهم ليست في درجة الوجوب، وإنما هي أمر مرغب فيه ومطلوب، وذلك بالنسبة لمن يرغب في صلة رحمه، وستر ذويه من بعده، جزاء ما بذلوا في سبيله من اعتناء وبرور، وجهد مشكور، حتى لا يوصم بالتقصير في حقهم ونكران جميلهم، ولهذا المعنى يشير قوله تعالى:{حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} . قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) المعافري في كتابه أحكام القرآن: " قوله تعالى-على المتقين-يدل على كونه ندبا، لأنه لو كان فرضا لكان على جميع المسلمين، فلما خص الله تعالى به من يتقي، أي من يخاف تقصيرا، دل على أنه غير لازم ".
وفي هذا الربع أيضا تناولت الآيات الكريمة حكم القصاص
والحكمة في تشريعه، وقد كان هذا الحكم الإسلامي الحاسم تدشينا لعهد السلام والأمن بين الناس، إذ وضع حدا لسفك الدماء وإزهاق الأرواح بدون حق.
وأشارت نفس الآيات إلى أن تقرير حد القصاص على أساس من العدل والمساواة، إنما هو وسيلة فعالة للحد من جرائم القتل، وإقامة حياة آمنة مطمئنة يعيش في ضلالها الجميع عيشة راضية، وذلك قوله تعالى:{يأيها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} . وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
وختمت آيات هذا الربع من القرآن الكريم باستنكار الرشوة والنهي عنها، والتحذير من أكل أموال الناس عن طريقها، والتنبيه إلى الإثم البالغ الذي يقع فيه الراشي والمرتشي من المحكومين والحكام، وذلك قوله تعالى:{وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . عطفا على قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} .
وهكذا وقفت توجيهات القرآن الكريم، وتعاليمه السامية، تؤيد الحق ضد الباطل، وتنصر العدل ضد الظلم، وتضع حدا للأنانية والطمع في جميع المجالات، ولاسيما مجال العلاقات الاجتماعية وما تقوم عليه من المعاملات.