المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الربع الأخير من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت) - التيسير في أحاديث التفسير - جـ ١

[محمد المكي الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌مقدمة

- ‌الربع الأول من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ق)

- ‌ سورة الفاتحة

- ‌ سورة البقرة

- ‌الربع الأول من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب الأولفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثانيفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثالثفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌ سورة آل عمران

- ‌الربع الأخير من الحزب الخامسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب السادسفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب السابعفي القرآن الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب السابعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ق)

- ‌ سورة النساء

- ‌الربع الثاني من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب الثامنفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب التاسعفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأول من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأول من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثاني من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثاني من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الثالث من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الثالث من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ت)

- ‌الربع الأخير من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ق)

- ‌الربع الأخير من الحزب العاشرفي المصحف الكريم (ت)

الفصل: ‌الربع الأخير من الحزب الرابعفي المصحف الكريم (ت)

‌الربع الأخير من الحزب الرابع

في المصحف الكريم (ت)

عباد الله

موعدنا اليوم مع الربع الأخير من الحزب الرابع في المصحف الكريم، وبدايته قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} ونهايته قوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} .

ــ

من خصائص القرآن الكريم أنه يقص على الرسول الأعظم وأمته المستخلفة في الأرض أحسن القصص، دفعا إلى الموعظة والاعتبار من جهة، وضربا للمثل بواقع التاريخ من جهة أخرى، وهذا الربع الذي نحن بصدده من هذا القبيل، فقد تناولت أغلب آياته الكريمة قصة تجري وقائعها بأرض فلسطين بعد مرور حقبة من الدهر انتصر فيها الفلسطينيون على بني إسرائيل، وهزموهم هزيمة شنعاء، واستولوا على التابوت الذي كان بنو إسرائيل يتحصنون به من قبل في حروبهم، تبركا بما فيه من آثار موسى وهارون، فلما طال أمد الهزيمة على بني إسرائيل لجأوا إلى نبيهم صمويل يطلبون منه أن يختار لهم ملكا يلتفون من حوله، عسى أن يغسلوا العار

ص: 158

الذي لحقهم، ويسترجعوا مكانتهم، وهذه القصة تلتقي في بطولتها ثلاثة أسماء بارزة: جالوت وطالوت وداود، أما جالوت فهو ملك القوم الذين انتصروا على بني إسرائيل وهزموهم من قبل وأخذوا تابوتهم المقدس، وهو قائدهم الأعلى، وأما طالوت فهو الإسرائيلي الذي رشحه النبي صمويل ملكا جديدا على بني إسرائيل، إجابة لطلبهم، وأملا في إعادة الكرة على خصومهم، بعدما ضاع ملكهم واندثر نفوذهم زمنا طويلا.

وأما داود فهو الفتى الشجاع الذي أردى جالوت قتيلا بمقلاعه البسيط وأحجاره الملساء، بعدما رأى بني إسرائيل يتساقطون كالذباب أمام جالوت العملاق، وقد كان إقباله على هذه المغامرة بعد استئذان منه لملكه طالوت، الذي زوجه بعد الانتصار على جالوت وجنوده ابنته (ميكال)، مكافأة له على شجاعته التي أصبحت مضرب الأمثال، الأمر الذي كان بعد ذلك من أقوى العوامل في ترشيح داود لملك بني إسرائيل عندما تخلى طالوت وساح في الفلوات، هائما على وجهه يلتمس النجاة والتوبة {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} .

والذي يهمنا من هذه القصة بالذات، هو ما احتوت عليه مشاهدها من التوجيهات القرآنية السامية، التي يجب أن تكون نبراسا لحياة المسلمين في كل عصر.

أمامنا قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . فهذه الآية تشير إلى أن كبار الأمة وذوي الرأي فيها المعبر عنهم هنا

ص: 159

(بالملأ) يجب أن يفكروا دائما في مصلحة أمتهم، وأن يحاولوا إنقاذها وإصلاح أمرها كلما اقتضى الأمر ذلك، على غرار قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} . كما أنها تشير إلى أن أي عمل جماعي له صبغة العموم والشمول لا ينجح ولا يثمر إلا إذا كانت تشرف عليه وتوجهه من أعلى قيادة عليا يطمئن إليها ويطيعها الجميع، وهذا ما يومئ إليه قولهم المحكي عنهم {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . أي ابعث لنا ملكا نجتمع عليه، ونلتف من حوله، ونسير تحت قيادته.

أمامنا قوله تعالى: {قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} . وهذه الآية تشير إلى أن الذين يتعرضون لعدوان خارجي تهون عليهم كل تضحية في سبيل الخلاص من يد العدو، ولذلك يقومون بالدفاع عن أنفسهم ويصدون عنهم العدوان بكل ما في الإمكان، على غرار قوله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} .

أمامنا قوله تعالى في بيان فضل طالوت المرشح للملك على غيره من بني إسرائيل {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، وهذه الآية تشير إلى جملة من الخصال الرئيسية المطلوبة في قائد الأمة ورئيسها الأعلى، وأنه يتأهل لرياسة الدولة إلا من آتاه الله حظا وافرا من الخصائص والمواهب الروحية والجسمية، وكان له شفوف على الباقين، ومكانة مرموقة بين الناس أجمعين.

ص: 160

ومن هذه الآية وما شابهها استنبط علماء الشريعة في (الأحكام السلطانية) التي تقابل في الفقه الإسلامي (القانون والنظام الدستوري الحديث) جملة من الشروط المعتبرة في الإمامة العظمى، فذكروا في طليعتها العلم المؤدي إلى الاجتهاد وحسن النظر في النوازل والأحكام، والرأي المفضي إلى حسن سياسة الرعية وتدبير مصالحها العامة، والشجاعة المؤدية إلى حماية البيضة وصد العدو، وسلامة الأعضاء والحواس من كل نقص يمنع من مباشرة المهام، التي هي في عهدة الإمام.

كما تشير نفس الآية إلى أن الرياسة العليا للأمة والدولة لا يكفي للبت في أمرها مجرد الهوى الشخصي ومعسول الأماني، بل إن للحكمة الإلهية-التي كثيرا ما تبقى مطوية في عالم الغيب- دخلا كبيرا في الترشيح لها والإعانة عليها، وإن كره الكارهون، وهذا ما تومئ إليه الآية:{وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} .

أمامنا قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} . وهذه الآية تشير إلى وجوب اختيار الرؤساء لمرؤوسيهم، وقادة الجيوش لعساكرهم، وتنبه إلى أن السر كل السر كامن في طاعة القيادة العليا وامتثال أوامرها الرشيدة، دون تردد ولا اعتراض، فهذا هو مفتاح النجاح والنصر في مختلف المعارك وفي مختلف العصور.

والاختبار الذي تشير إليه الآية هو في حد ذاته اختبار

ص: 161

بسيط ومهم في نفس الوقت، فالمحارب الذي انكب على النهر يشرب من مائه حتى يمتلئ وهو في طريقه مباشرة إلى الميدان، محكوم عليه مسبقا بالهزيمة والخسران، إذ هو محارب فاقد للصبر، غير قادر على الاحتمال، قد أثقله العرق وأبطأ به اللهث، وقد أعطى الدليل قبل دخول المعركة وهو في طريقه إليها على أنه لا يعير لأوامر قائده الأعلى أدنى اهتمام، بل إنه يعصي هذه الأوامر دون تردد ولا إحجام، فهل يعتمد على مثل هذا في الحصول على النصر، أم أنه عامل أساسي من عوامل الهزيمة؟.

وعلى العكس من ذلك المحارب المتحلي بروح الامتثال، والملتزم لطاعة قائده في كل الظروف، فهذا المحارب الذي امتثل أمر ملكه وقائده طالوت، ولم يسمح لنفسه إلا بغرفة من الماء اغترفها بيده من النهر، دون أن يرتوي ولا أن يمتلئ، كان أقدر على مجابهة العدو، وأشد احتمالا لهول المعركة، وهذا المحارب الصابر ومن ماثله من المحاربين المتحلين بروح الامتثال والطاعة لقيادتهم، هم الذين تحملوا عبء المعركة، ووصفتهم الآية الكريمة أصدق وصف وأقواه تأثيرا، فقالت عنهم في صيغة إعجاب وثناء ما جعلهم أسوة لمن بعدهم:{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} .

وتختم الآيات الكريمة هذه القصة بتقرير مبدأ أساسي للحياة أقامته الحكمة الإلهية لضمان التعايش السلمي بين البشر، وفرض

ص: 162

التعاون بينهم على عمارة الأرض وصلاحها، وهذا المبدأ هو مبدأ حفظ التوازن بين القوى المتصارعة، وبث الخوف والحذر في الجبهات المتنافسة، حتى يحسب بعضها الحساب للبعض الآخر، فيصدهم ذلك عن الطغيان والعدوان، ويتمكن الإنسان من تحقيق رسالته في الأرض، التي هي رسالة الإصلاح والعمران، وذلك قوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} .

ص: 163