الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
(خد)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَبْكَى الْقَوْمَ، فَأَوْحَى اللهُ عز وجل إِلَيْهِ: يَا مُحَمَّدُ، لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي؟، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَبْشِرُوا، وَسَدِّدُوا (2) وَقَارِبُوا (3) "(4)
(1)[الحجر: 49 - 51]
(2)
أَيْ: اِقْصِدُوا السَّدَاد ، وَهُوَ الصَّوَاب. شرح النووي (ج8 / ص 381)
(3)
أَيْ: اِقْتَصِدُوا فَلَا تَغْلُوا وَلَا تُقَصِّرُوا، بَلْ تَوَسَّطُوا. النووي (ج 8 / ص 381)
قال البخاري: كَانَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطْ النَّاسَ؟ ، قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَاللهُ عز وجل يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} ، وَيَقُولُ:{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} ، وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ. (خ) 4537
(4)
(خد) 254 ، (حب) 113 ، صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 191، والصَّحِيحَة: 3194
(خ م جة حم)، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ (1) وفي رواية: (مِائَةَ جُزْءٍ)(2) كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (3)) (4)(أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ، وَالْإِنْسِ ، وَالْبَهَائِمِ ، وَالْهَوَامِّ)(5)(فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ)(6)(وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ)(7)(فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا)(8)(وَبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا)(9)(وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ)(10)(حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)(11)(وَادَّخَرَ عِنْدَهُ لِأَوْلِيَائِهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً)(12)(فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)(13)(ضَمَّهَا إِلَيْهَا)(14)(فَأَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ)(15)(وَرَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ)(16)(فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ)(17)(بِمَا)(18)(عِنْدَ اللهِ مِنْ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ)(19)(أَحَدٌ (20)) (21)(وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ)(22)(بِمَا)(23)(عِنْدَ اللهِ مِنْ الْعَذَابِ)(24)(مَا طَمِعَ فِي الْجَنَّةِ أَحَدٌ ")(25)
(1) قَالَ الْمُهَلَّب: الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا الله لِعِبَادِهِ وَجَعَلَهَا فِي نُفُوسهمْ فِي الدُّنْيَا هِيَ الَّتِي يَتَغَافَرُونَ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة التَّبَعَات بَيْنَهمْ ، قَالَ: وَيَجُوز أَنْ يَسْتَعْمِل اللهُ تِلْكَ الرَّحْمَة فِيهِمْ ، فَيَرْحَمهُمْ بِهَا ، سِوَى رَحْمَته الَّتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء ، وَهِيَ الَّتِي مِنْ صِفَة ذَاته ، وَلَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا، فَهِيَ الَّتِي يَرْحَمهُمْ بِهَا ، زَائِدًا عَلَى الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا لَهُمْ.
قَالَ: وَيَجُوز أَنْ تَكُون الرَّحْمَة الَّتِي أَمْسَكَهَا عِنْدَ نَفْسه ، هِيَ الَّتِي عِنْدَ مَلَائِكَته الْمُسْتَغْفِرِينَ لِمَنْ فِي الْأَرْض؛ لِأَنَّ اِسْتِغْفَارهمْ لَهُمْ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسهمْ الرَّحْمَة لِأَهْلِ الْأَرْض.
قُلْت: وَحَاصِل كَلَامه: أَنَّ الرَّحْمَة رَحْمَتَانِ: رَحْمَة مِنْ صِفَة الذَّات ، وَهِيَ لَا تَتَعَدَّد، وَرَحْمَة مِنْ صِفَة الْفِعْل ، وَهِيَ الْمُشَار إِلَيْهَا هُنَا ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْحَدِيث أَنَّ الَّتِي عِنْدَ الله رَحْمَة وَاحِدَة ، بَلْ اِتَّفَقَتْ جَمِيع الطُّرُق عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَة وَتِسْعِينَ رَحْمَة، وَزَادَ فِي حَدِيث سَلْمَان أَنَّهُ يُكْمِلهَا يَوْم الْقِيَامَة مِائَة بِالرَّحْمَةِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا، فَتَعَدُّدُ الرَّحْمَة بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْقِ. فتح الباري (17/ 133)
(2)
(م) 2572
(3)
طباقُ الشيءِ: مِلْؤُه.
(4)
(م) 2753
(5)
(م) 2752
(6)
(م) 2752 ، (خ) 5654
(7)
(جة) 4293 ، (م) 2752
(8)
(م) 2753
(9)
(م) 2752 ، (جة) 4293
(10)
(م) 2753
(11)
(م) 2752 ، (خ) 5654
(12)
(حم) 10680 ، (م) 2752 ، انظر صحيح الجامع: 1766
(13)
(م) 2753 ، (حم) 11548
(14)
(حم) 11548 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(15)
(م) 2753 ، (حم) 10680
(16)
(م) 2752 ، (جة) 4293
(17)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(18)
(حم) 8396
(19)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(20)
الْمُرَاد أَنَّ الْكَافِر لَوْ عَلِمَ سَعَة الرَّحْمَة ، لَغَطَّى عَلَى مَا يَعْلَمهُ مِنْ عِظَم الْعَذَاب فَيَحْصُل بِهِ الرَّجَاء.
فالْحَدِيث اِشْتَمَلَ عَلَى الْوَعْد وَالْوَعِيد الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلرَّجَاءِ وَالْخَوْف، فَمَنْ عِلْم أَنَّ مِنْ صِفَات الله تَعَالَى الرَّحْمَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْحَمَهُ ، وَالِانْتِقَام مِمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ ، لَا يَأمَنُ اِنْتِقَامَه مَنْ يَرْجُو رَحْمَتَه ، وَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِه مَنْ يَخَافُ اِنْتِقَامَهُ، وَذَلِكَ بَاعِثٌ عَلَى مُجَانَبَة السَّيِّئَة ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَة ، وَمُلَازَمَةِ الطَّاعَة ، وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَة، وهَذِهِ الْكَلِمَة سِيقَتْ لِتَرْغِيبِ الْمُؤْمِن فِي سَعَةِ رَحْمَةِ الله ، الَّتِي لَوْ عَلِمَهَا الْكَافِر الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُخْتَم عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَظّ لَهُ فِي الرَّحْمَة ، لَتَطَاوَلَ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يَيْأَس مِنْهَا، لِقَطْعِ نَظَره عَنْ الشَّرْط ، مَعَ تَيَقُّنه بِأَنَّهُ عَلَى الْبَاطِل ، وَاسْتِمْرَاره عَلَيْهِ عِنَادًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَال الْكَافِر ، فَكَيْف لَا يَطْمَع فِيهَا الْمُؤْمِن الَّذِي هَدَاهُ الله لِلْإِيمَانِ؟.
وَالْمَقْصُود مِنْ الْحَدِيث أَنَّ الْمُكَلَّف يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُون بَيْن الْخَوْف وَالرَّجَاء ، حَتَّى لَا يَكُون مُفْرِطًا فِي الرَّجَاء ، بِحَيْثُ يَصِير مِنْ الْمُرْجِئَة الْقَائِلِينَ: لَا يَضُرّ مَعَ الْإِيمَان شَيْء ، وَلَا فِي الْخَوْف ، بِحَيْثُ لَا يَكُون مِنْ الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة ، الْقَائِلِينَ بِتَخْلِيدِ صَاحِب الْكَبِيرَة إِذَا مَاتَ عَنْ غَيْر تَوْبَة فِي النَّار، بَلْ يَكُون وَسَطًا بَيْنهمَا ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:{يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] وَمَنْ تَتَبَّعَ دِين الْإِسْلَام ، وَجَدَ قَوَاعِدَه أُصُولًا وَفُرُوعًا ، كُلَّهَا فِي جَانِب الْوَسَط. فتح الباري (ج 18 / ص 291)
(21)
(م) 2755
(22)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(23)
(حم) 8396 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(24)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(25)
(حم) 8396 ، (م) 2755 ، صَحِيح الْجَامِع: 1766 ، والصحيحة: 1634