الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ، إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ، قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ، قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ، أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
، قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ، أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ، رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ، وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ، وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (1)
(خ)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ (2) فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: ألَمْ أقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟ ، فَيَقُولُ أبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَارَبِّ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَأيُّ خِزْيٍ أخْزَى مِنْ أَبِي الْأبْعَدِ (3) فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجليكَ؟ فَيَنْظُرُ ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ (4) مُتَلَطِّخٍ (5) فَيُؤْخَذُ بِقَوائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَار (6) "(7)
(1)[الشعراء: 69 - 89]
(2)
هَذَا مُوَافِق لِظَاهِرِ الْقُرْآن {وُجُوه يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة تَرْهَقهَا قَتَرَة} أَيْ: يَغْشَاهَا قَتَرَة، فَالَذِي يَظْهَر أَنَّ الْغَبَرَة: الْغُبَار مِنْ التُّرَاب ، وَالْقَتَرَة: السَّوَاد الْكَائِن عَنْ الْكَآبَة. فتح الباري - (ج 13 / ص 287)
(3)
الْأَبْعَد: صِفَة أَبِيهِ ، أَيْ أَنَّهُ شَدِيدُ الْبُعْد مِنْ رَحْمَة الله ، لِأَنَّ الْفَاسِق بَعِيدٌ مِنْهَا ، فَالْكَافِر أَبْعَدُ.
وَقِيلَ: الْأَبْعَدُ بِمَعْنَى: الْبَعِيد ، وَالْمُرَاد الْهَالِك. فتح الباري (13/ 287)
(4)
الذِّيخ: ذَكَر الضِّبَاع.
وَقِيلَ: لَا يُقَال لَهُ " ذِيخ " إِلَّا إِذَا كَانَ كَثِير الشَّعْر. فتح الباري (13/ 287)
(5)
أَيْ: مُتَلَطِّخٌ فِي رَجِيع ، أَوْ دَمٍ ، أَوْ طِين.
(6)
الْحِكْمَة فِي مَسْخِهِ: لِتَنْفِرَ نَفْسُ إِبْرَاهِيمَ مِنْهُ ، وَلِئَلَّا يَبْقَى فِي النَّارِ عَلَى صُورَته فَيَكُون فِيهِ غَضَاضَةً عَلَى إِبْرَاهِيم.
وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَصْلِهِ ، وَطَعَنَ فِي صِحَّته ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ اِسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114].
وَالْجَوَاب عَنْ ذَلِكَ: أَنَّ أَهْل التَّفْسِيرِ اِخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَبَرَّأَ فِيهِ إِبْرَاهِيم مِنْ أَبِيهِ، فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ، لَمَّا مَاتَ آزَرَ مُشْرِكًا.
وَقِيلَ: إِنَّمَا تَبَرَّأَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَّا يَئِسَ مِنْهُ حِينَ مُسِخَ.
وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان ، سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول:" إِنَّ إِبْرَاهِيم يَقُول يَوْمَ الْقِيَامَة: رَبِّ وَالِدِي، رَبِّ وَالِدِي ، فَإِذَا كَانَ الثَّالِثَةُ ، أُخِذَ بِيَدِهِ ، فَيَلْتَفِت إِلَيْهِ وَهُوَ ضِبْعَان ، فَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ ".
وَيُمْكِن الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لَمَّا مَاتَ مُشْرِكًا ، فَتَرَكَ الِاسْتِغْفَار لَهُ، لَكِنْ لَمَّا رَآهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ، أَدْرَكَتْهُ الرَّأفَةُ وَالرِّقَّةُ ، فَسَأَلَ فِيهِ، فَلَمَّا رَآهُ مُسِخَ ، يَئِسَ مِنْهُ حِينَئِذٍ ، فَتَبَرَّأَ مِنْهُ تَبَرُّءًا أَبَدِيًّا. وَالله أَعْلَم. (فتح) - (ج 13 / ص 287)
(7)
(خ) 3172