المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكرذبح ابراهيم لاسماعيل-عليهما السلاموالكبش الذي فدى به اسماعيل-عليه السلام - أخبار مكة - الفاكهي - ط ٤ - جـ ٥

[أبو عبد الله الفاكهي]

فهرس الكتاب

- ‌ذكرذرع مسجد عرفة وكم فيه منالأبواب والشراف

- ‌ذكرعرفة وحدودها وجبالها والنزول بها،ولم سميت عرفة وتفسير ما كان بها

- ‌ذكرفضل يوم عرفة على سائر الأياموفضل أهل عرفة

- ‌ذكرالدعاء يوم عرفة وفضله وتسميته

- ‌ذكرصوم يوم عرفة وفضل صيامه

- ‌ذكرمن لم يصم يوم عرفة مخافة الضعف عن الدعاء

- ‌ذكرمنبر عرفة وما جاء فيه

- ‌ذكروقوف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة قبل الهجرة وبعدها،وأنها موقف كلها

- ‌ذكرحياض عرفات التي لابن عامر

- ‌ذكروقت الدفعة من عرفة والصلاة بجمعوالشعب الذي بال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ليلة المزدلفة

- ‌ذكرعدد الأميال من المسجد الحرامإلى الموقف بعرفة ومواضعها وتفسير ذلك

- ‌ذكرقبر ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلمورضي الله عنها، وموضعه من أطراف مكة

- ‌ذكرمسجد التنعيم وفضله وما جاء فيه

- ‌ذكرمسجد الجعرانة وما جاء فيه

- ‌ذكرمسجد الحديبيّةوالموضع الذي كان به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابهرضي الله عنهم

- ‌ذكرعمر النبي صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بمكةوعددها وتفسير ذلك

- ‌ذكرما يستحبّ من العمرة والتوقيت في ذلك

- ‌ذكرما يسكب من أودية الحلّ في الحرم

- ‌ذكرصفة حدود الحرم من جوانبه

- ‌ذكرالمواضع التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلموأصحابه-رضي الله عنهموالتابعين بعده بالقرب من مكة للحرب،وغيرها وتفسير ذلك

- ‌ذكرحدود مخاليف مكة ومنتهاها وتفسير ذلك

- ‌خاتمة

- ‌ذكرأوّل خلق الله لبيته

- ‌ذكرسبب مجيء ابراهيم بهاجر إلى مكة

- ‌ذكرقدوم ابراهيم بإسماعيل وأمه هاجرإلى مكة وأين أنزلهما

- ‌ذكرنفاد الماء الذي كان مع أم اسماعيل وتطلبها للماء*واخراج جبريل زمزم، ونزول العمالقةعلى أم اسماعيل

- ‌ذكرحفر زمزم وعلاجها

- ‌ذكرذبح ابراهيم لاسماعيل-عليهما السلاموالكبش الذي فدى به اسماعيل-عليه السلام

- ‌ذكربيان سن اسماعيل حين بنى مع أبيه البيت

- ‌ذكرموضع ذبح الكبش، وزمانه

- ‌ذكرمن هو الذبيح

- ‌ذكرأن الذبيح هو اسماعيل-عليه السلام

- ‌ذكرزواج اسماعيل امرأة من العماليق وأولاده منها

- ‌ذكرزواج اسماعيل ببنت مضاضابن عمرو الجرهمية

- ‌ذكرأن اسماعيل أوّل من ذلّلت له الخيل العرابوأنه أوّل من تكلم بالعربية

- ‌ذكرقدوم جرهم وقطورا إلى مكة ولغتهما

- ‌ذكراسم نبي الله اسماعيل

- ‌ذكرأن اسماعيل أبو العرب

- ‌ذكرأن النبوّة والملك إنما تكون في ذرية اسماعيلإلى آخر الزمان

- ‌ذكرشيء من أخبار هاجر أم اسماعيلعليهما السلام

- ‌ذكرأولاد اسماعيل

- ‌ذكرشيء من خبر بني اسماعيل-عليه السلام

- ‌ذكرتبديل دين ابراهيم الخليل،وأوّل من فعله وإنكار إلياس بن مضرابن نزار عليهم

- ‌ذكرأول نبيّ من ولد اسماعيل-عليهم السلام

- ‌ذكرخبر وفد عاد إلى مكة

- ‌ذكرلماذا سمّي العماليق ب «العماليق»

- ‌ذكربناء العماليق للبيت

- ‌ذكرشيء من أخبار العماليق

- ‌ذكرنسب جرهم

- ‌ذكرأن جرهما كان في السفينة مع نوحعليه السلام

- ‌ذكرالسبب في خروج جرهم من مكة

- ‌ذكرسبب آخر في خروج جرهم من مكة

- ‌ذكرفناء جرهم بالنمل

- ‌ذكربعض شعر الحارث بن مضاض الجرهمي

- ‌ذكرمن بقي من جرهم

- ‌ذكرشيء من خبر عمرو بن الحارث بنمضاض الجرهمي وطول حياته

- ‌ذكرولاية إياد بن نزار البيت وحجابتهم إياهوتفسير ذلك

- ‌ذكرأولاد نزار بن معد بن عدنانوشيء من خبرهم

- ‌ذكرمن ولي مكة من مضر بن نزار قديماوتفسير أمورهم

- ‌ذكرشيء من خبر خزاعة وولايتهم لمكة في الجاهليةوسبب ولايتهم ومدّتها

- ‌ذكرتغلّب خزاعة على جرهم، وولايتهم مكة،وأوّل ملوكهم

- ‌ذكرأول من ولي البيت من خزاعة

- ‌ذكرمن ولي البيت من خزاعة

- ‌ذكرأن قيس عيلان أرادت إخراج خزاعة من الحرمفلم يتم لهم ذلك

- ‌ذكربعض ما قالت عدوان من الشعرينالون فيه من خزاعة

- ‌ذكرآخر من ولي البيت ومكة من خزاعة

- ‌ذكرمن كان شريكا لحليل بن حبشية في ولاية الكعبة

- ‌ذكرأن أبا غبشان كان وصيا على البيت من قبلحليل بن حبشية الخزاعي

- ‌ذكرسبب بيع أبي غبشان نصيبه من ولاية البيتوكم كان الثمن

- ‌ذكرالمكان الذي اشترى فيه قصي مفتاحالكعبة من أبي غبشان

- ‌ذكرأخبار تبّع الحميري

- ‌ذكركيف انتقلت أصنام قوم نوح إلى العرب

- ‌ذكرأوّل حدوث الأصنام على الأرض وسببه

- ‌ذكر(ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر)ومواضعها ومن كان يعبدها

- ‌ذكرخبر مناة وموضعها

- ‌ذكرصنمي إساف ونائلة وموضعهما

- ‌ذكراللات وأصل عبادتها ومكانها

- ‌ذكرمن كان يعبد الشعرى

- ‌ذكرفرق العرب في الأشهر الحرم

- ‌ذكرشيء من أخبار قريش بمكة في الجاهليةوذكر ما وصفت به بطون قريش

- ‌ذكرأهل البطاح والظواهر من قريش

- ‌ذكرقريش العارية

- ‌ذكرقريش العائدة

- ‌ذكرنسب قريش وأول من سمّي ب «القرشي»وسبب ذلك

- ‌ذكرخبر قصي بن كلاب

- ‌ذكرولاية قصي للكعبة وكيف أخذ مفتاحهامن أبي غبشان

- ‌ذكرالثمن الذي دفعه قصي لأبي غبشانعن مفتاح البيت

- ‌ذكرقدوم رزاح على قصي، واستقرار قريش بمكة

- ‌ذكرشيء من خبر الحجر الأسود

- ‌ذكرإخراج قصي الحجر الأسود بعد دفن جرهم له

- ‌ذكرشيء من أخبار بني قصي بن كلاب،وذكر الأحلاف والمطيّبين

- ‌ذكررؤساء قريش بعد قصي

- ‌ذكرولاية عبد المطّلب

- ‌ذكرقبائل الأحابيش

- ‌ذكرتقسيم ما كان بيد قصي على أولاده من بعده

- ‌ذكرالفجار الأول وما كان فيه بين قريش وقيس عيلانوسبب ذلك

- ‌ذكرحرب الفجار الآخر

- ‌ذكريوم العبلاء

- ‌ذكريوم شرب

- ‌ذكريوم الحريرة

- ‌ذكرحلف الفضول، وسببه وتفسيره،وغيره من الحلف

- ‌ذكرشيء من خبر عبد الله بن جدعان التيميالذي كان في داره حلف الفضول

- ‌ذكرموت أهل الشرف من قريش بمكة ومراثيهم

- ‌ذكر136 -شيء من رثاء الأنس لعبد الله بن جدعان

- ‌ذكرأزواد الركب من قريش

- ‌ذكرالحكّام من قريش بمكة

- ‌ذكرانحاء نكاح الجاهلية وتفسيرها،وذكر البغايا وراياتهن

- ‌ذكر144 -من ولي الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة ومنىمن العرب في ولاية جرهم، وفي ولاية قريش،وفي ولاية خزاعة وقريش على مكة

- ‌ذكرانتقال الإجازة من صوفة إلى عدوان

- ‌ذكرسبب تسمية «صوفة» ب (صوفة)

- ‌ذكرأن الإجازة كانت في مضر

- ‌ذكرآخر رجل من المشركين أجازالناس ومتى كان

- ‌ذكرمن ولي انساء الشهور من العرب بمكة

- ‌ذكرأوّل من أنسأ الشهور من العرب بمكة

- ‌ذكرشيء من خبر خديجة قبلزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكرأول النساء إسلاما بعد صلح الحديبية

- ‌ذكرالسبب في فتح مكة

- ‌ذكر160 -جواب أبي بكر وعمر-رضي الله عنهمالأبي سفيان حين جاء إلى المدينة يجدّد العهد،ويزيد في مدته

- ‌ذكر161 -سؤال أبي سفيان فاطمة-رضي الله عنهالتجير بين الناس وتشفع له عند رسول الله صلى الله عليه وسلمفي تمديد العهد

- ‌ذكرشيء من خبر صلح الحديبية، وفتح مكة

- ‌ذكرالموضع الذي أفطر فيه النبي صلى الله عليه وسلموهو متوجه إلى فتح مكة

- ‌ذكرلقاء أبي سفيان لجيش المسلمين عند مرّ الظهران

- ‌ذكرجوار العبّاس لأبي سفيانبعد أن أخذه حرس المسلمين عنوة

- ‌ذكرإسلام أبي سفيان

- ‌ذكرسبب حبس العبّاس لأبي سفيانفي خطم الجبل

- ‌ذكردخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة يوم الفتح

- ‌ذكرالثنيّة التي دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

- ‌ذكرما كان يلبس النبي صلى الله عليه وسلم علىرأسه حين دخل مكة

- ‌ذكرأخذ قيس بن سعد بن عبادة الراية من أبيه

- ‌ذكرمن قال إن الذي أخذ الراية من سعد هوالزبير بن العوام-رضي الله عنه

- ‌ذكرصفة راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

- ‌ذكرعدد من قتل من المشركين يوم الفتح وسببه

- ‌ذكراذن النبي صلى الله عليه وسلم لخزاعة بأخذ ثأرهم من بني بكر

- ‌ذكرالأربعة الذين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

- ‌ذكرسبب إهدار دم ابن خطل يوم الفتح

- ‌ذكرتأمين أم هانئ لحموين لها

- ‌ذكرأذان بلال بن رباح على الكعبة،ورقيّة فوقها يوم الفتح للأذان

- ‌ذكرما قيل من الشعر في تكسير النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام

- ‌ذكرعدد المسلمين الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

- ‌ذكرالمدة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة بعد الفتح

- ‌ذكركتابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى

- ‌ذكرأول من نصب أنصاب الحرم

- ‌ذكرأول من بنى الكعبة

- ‌ذكرأول من بوّب الكعبة

- ‌ذكرما كانت عليه الكعبة في عهد ابراهيم-عليه السلاممن الطول والعرض إلى يومنا هذا

- ‌ذكربناء قصي للبيت

- ‌ذكرما كان عليه ارتفاع الكعبة قبل بناء قريش لها

- ‌ذكربناء قريش الكعبة في الجاهلية

- ‌ذكرمن وضع الحجر الأسود في الكعبة حين بنتها قريش

- ‌ذكربنيان الكعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلكخوفا على قريش

- ‌ذكربناء ابن الزبير للكعبةوأن ابن عبّاس أشار على ابن الزبيرأن لا يهدمها

- ‌ذكربناء الحجاج للكعبة

- ‌ذكرما عليه بناء الكعبة في زمن الفاكهي

- ‌ذكربدء كسوة الكعبة

- ‌ذكرأوّل من كسى الكعبة الديباج

- ‌ذكرآخر كسوة لأهل الشرك للكعبة

- ‌ذكرماذا يفعل بالكسوة القديمة للكعبة

- ‌ذكرما يجوز أن تكسى به الكعبة من الثياب

- ‌ذكرأوّل من جرّد الكعبة من الخلفاء

- ‌ذكرأوّل من كسى الكعبة الديباج الأبيض

- ‌ذكروقت فتح الكعبة في الجاهلية والإسلام

- ‌ذكرالأمور التي صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة

- ‌ذكربعض آداب دخول الكعبة

- ‌ذكرفتح النبي صلى الله عليه وسلم للكعبة يوم الفتح بيده الشريفة

- ‌ذكرالذهب الذي وجده النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة

- ‌ذكرالموضع الذي تاب الله تعالى فيه على آدم-عليه السلاموهو بين الركن والحجر، وتفسيره

- ‌ذكرالسبب الذي من أجله يغيّب الحجبيونمفتاح الكعبة

- ‌ذكرقفل الكعبة

- ‌ذكرمعاليق الكعبة

- ‌ذكرتغيير النبي صلى الله عليه وسلم اسم «مرّة» إلى «حلوة»

- ‌ذكرشيء من خبر كثير بن الصلتبن معدي كرب الكندي

- ‌ذكرنفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاصإلى الطائف

- ‌ذكرالقرية بناحية الرجيع

- ‌ذكرالرجل الذي كان يحيض كما تحيض المرأة

- ‌ذكرمن كان بمكة من أهل الحبشة

- ‌الملحق الثاني: مناظر لبعض المواضع المذكورة في كتاب الفاكهي

الفصل: ‌ذكرذبح ابراهيم لاسماعيل-عليهما السلاموالكبش الذي فدى به اسماعيل-عليه السلام

الله لاسماعيل زمزم، فعمرت يومئذ مكة، وسكنها من أجل الماء قبيلة من اليمن يقال لهم: جرهم، وليست من عاد كما يقال، ولولا الماء الذي أنبطه الله -تعالى-لاسماعيل من عمارة لم يكن لأحد بها يومئذ مقام. قال عثمان:

وذكر غيره: أنّ زمزم تدعى سابق، وكانت وطأة من جبريل. وكانت سقياها لاسماعيل يوم فرج له عنها جبريل، وهو يومئذ وأمه عطشانان، فحفر ابراهيم بعد ذلك البئر، ثم غلبه عليها ذو القرنين، وأظن أنّ ذا القرنين كان سأل ابراهيم أن يدعو الله له، فقال: كيف وقد أفسدتم بئري؟ فقال ذو القرنين:

ليس عن أمري كان، ولم يخبر أحدا أن البئر بئر ابراهيم، فوضع السلام وأهدى ابراهيم إلى ذي القرنين بقرا وغنما، فأخذ ابراهيم سبعة أكبش، فأقرنهم وحدهم، فقال ذو القرنين: ما شأن هذه الأكبش يا ابراهيم؟ فقال ابراهيم:

هؤلاء يشهدون في يوم القيامة أن البئر بئر ابراهيم

(1)

.

وفي حاشية كتاب الفاكهي في هذا الحديث مكتوب ما صورته (عطاشا) ما أقرأ عبد الله بن عمران (عطاشا).قال أبو عبد الله: والصواب (عطشانان)

(2)

.

‌ذكر

ذبح ابراهيم لاسماعيل-عليهما السلام

والكبش الذي فدى به اسماعيل-عليه السلام

-*

قال الفاكهي: وكان من حديث ذبح اسماعيل وقصته في ذلك ما أذكره الآن.

(1)

شفاء الغرام 247/ 1.

(2)

المرجع السابق.

ص: 122

6 -

حدّثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، عن ابن اسحاق، قال: حدّثت-وعند الله العلم-أن ابراهيم أمر بذبح ابنه، قال: أي بني خذ الحبل والمدية وهي الشفرة ثم امش بنا إلى هذا الشعب لنحتطب لأهلك منه، قبل أن يذكر له ما أمر به. فلما توجّه به اعترضه إبليس عدو الله ليصده عن أمر الله-عز وجل -في صورة رجل، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ قال:

أريد هذا الشعب لحاجة لي. فقال: والله اني لأرى الشيطان قد أتاك في منامك فأمرك أن تذبح ابنك هذا فأنت تريد أن تذبحه، فعرفه ابراهيم. فقال: عنّي أي عدو الله، فو الله لأمضين لأمر ربي. فلما يئس من ابراهيم اعترض لاسماعيل وهو وراء أبيه يحمل الحبل والمدية، فقال: أيها الغلام، هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: نحتطب لأهلنا. قال: لا والله ما يريد إلاّ أن يذبحك. قال:

ولم؟ قال: يزعم أنّ ربّه أمره بذلك. قال: فليفعل ما أمره به ربّه سمعا وطاعة.

فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى هاجر أم اسماعيل وهي في منزلها. فقال: يا أم اسماعيل أتدرين أين ذاهب ابراهيم باسماعيل؟ قالت: ذهبا يحتطبان. فقال:

ما ذهب إلاّ ليذبحه. قالت: كلاّ إنه أرحم من ذلك وأحبّ إليه. قال:

يزعم أن الله أمره بذلك. قالت: إن كان الله أمره بذلك سلّمنا لأمر الله، فرجع عدوّ الله بغيظه لم يصب منهم شيئا ممّا أراد، وقد منع الله منه ابراهيم وآل ابراهيم وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة. فلما خلا ابراهيم في الشعب ويقال ذلك إلى ثبير، قال له:{يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ، فَانْظُرْ ماذا تَرى. قالَ: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّابِرِينَ} قال:

فحدّثت أن اسماعيل قال له عند ذلك: يا أبتاه إذا أردت ذبحي فاشدد رباطي لا يصيبك من دمي فينقص أجري فإن الموت شديد ولا آمن أن أضطرب عنده إذا وجدت مسّه، واشحذ شفرتك حتى تجهز عليّ فتذبحني، فإذا أنت أضجعتني فأكببني على جنبي ولا تضجعني لشقي فإني أخشى إن أنت نظرت إلى

ص: 123

وجهي أن تدركك الرقة فتحول بينك وبين أمر ربّك فيّ، وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون أسلى لها فافعل. فقال ابراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله. ويقال إنه ربطه كما أمره بالحبل فأوثقه، ثم شحذ شفرته، ثم تلّه للجبين واتقى النظر إلى وجهه، ثم أدخل الشفرة حلقه فقلبها جبريل-عليه السلام-لقفائها في يده، ثم اجتذبها إليه ونودي {أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} فهذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه.

7 -

ثم قال الفاكهي: قال ابن اسحق: فحدّثني من لا أتهم من أهل البصرة، عن الحسن، أنه كان يقول: ما فدي إلاّ بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير.

ثم قال الفاكهي: ويزعم أهل الكتاب وكثير من العلماء أن ذبيحة ابراهيم التي فدي به اسماعيل كبش أملح أقرع أعين.

8 -

ثم قال الفاكهي: وحدّثنا محمد بن سليمان، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس-رضي الله عنهما-قال: الكبش الذي ذبحه ابراهيم هو الكبش الذي قرّبه ابن آدم.

9 -

ثم روى الفاكهي بسنده عن ابن عبّاس أنّ الكبش الذي فدى به اسماعيل هو القربان المتقبل من أحد بني آدم، ثم قال في هذا الخبر: فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند الله حتى أخرجه في فداء اسماعيل، فذبحه على هذا الصفا في ثبير عند منزل سمرة الصراف وهو على يمينك متى ترمي الجمار

(1)

.

(1)

شفاء الغرام 9/ 2.

ص: 124