الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله لاسماعيل زمزم، فعمرت يومئذ مكة، وسكنها من أجل الماء قبيلة من اليمن يقال لهم: جرهم، وليست من عاد كما يقال، ولولا الماء الذي أنبطه الله -تعالى-لاسماعيل من عمارة لم يكن لأحد بها يومئذ مقام. قال عثمان:
وذكر غيره: أنّ زمزم تدعى سابق، وكانت وطأة من جبريل. وكانت سقياها لاسماعيل يوم فرج له عنها جبريل، وهو يومئذ وأمه عطشانان، فحفر ابراهيم بعد ذلك البئر، ثم غلبه عليها ذو القرنين، وأظن أنّ ذا القرنين كان سأل ابراهيم أن يدعو الله له، فقال: كيف وقد أفسدتم بئري؟ فقال ذو القرنين:
ليس عن أمري كان، ولم يخبر أحدا أن البئر بئر ابراهيم، فوضع السلام وأهدى ابراهيم إلى ذي القرنين بقرا وغنما، فأخذ ابراهيم سبعة أكبش، فأقرنهم وحدهم، فقال ذو القرنين: ما شأن هذه الأكبش يا ابراهيم؟ فقال ابراهيم:
هؤلاء يشهدون في يوم القيامة أن البئر بئر ابراهيم
(1)
.
وفي حاشية كتاب الفاكهي في هذا الحديث مكتوب ما صورته (عطاشا) ما أقرأ عبد الله بن عمران (عطاشا).قال أبو عبد الله: والصواب (عطشانان)
(2)
.
ذكر
ذبح ابراهيم لاسماعيل-عليهما السلام
والكبش الذي فدى به اسماعيل-عليه السلام
-*
قال الفاكهي: وكان من حديث ذبح اسماعيل وقصته في ذلك ما أذكره الآن.
(1)
شفاء الغرام 247/ 1.
(2)
المرجع السابق.
6 -
حدّثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، عن ابن اسحاق، قال: حدّثت-وعند الله العلم-أن ابراهيم أمر بذبح ابنه، قال: أي بني خذ الحبل والمدية وهي الشفرة ثم امش بنا إلى هذا الشعب لنحتطب لأهلك منه، قبل أن يذكر له ما أمر به. فلما توجّه به اعترضه إبليس عدو الله ليصده عن أمر الله-عز وجل -في صورة رجل، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ قال:
أريد هذا الشعب لحاجة لي. فقال: والله اني لأرى الشيطان قد أتاك في منامك فأمرك أن تذبح ابنك هذا فأنت تريد أن تذبحه، فعرفه ابراهيم. فقال: عنّي أي عدو الله، فو الله لأمضين لأمر ربي. فلما يئس من ابراهيم اعترض لاسماعيل وهو وراء أبيه يحمل الحبل والمدية، فقال: أيها الغلام، هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: نحتطب لأهلنا. قال: لا والله ما يريد إلاّ أن يذبحك. قال:
ولم؟ قال: يزعم أنّ ربّه أمره بذلك. قال: فليفعل ما أمره به ربّه سمعا وطاعة.
فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى هاجر أم اسماعيل وهي في منزلها. فقال: يا أم اسماعيل أتدرين أين ذاهب ابراهيم باسماعيل؟ قالت: ذهبا يحتطبان. فقال:
ما ذهب إلاّ ليذبحه. قالت: كلاّ إنه أرحم من ذلك وأحبّ إليه. قال:
يزعم أن الله أمره بذلك. قالت: إن كان الله أمره بذلك سلّمنا لأمر الله، فرجع عدوّ الله بغيظه لم يصب منهم شيئا ممّا أراد، وقد منع الله منه ابراهيم وآل ابراهيم وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة. فلما خلا ابراهيم في الشعب ويقال ذلك إلى ثبير، قال له:{يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ، فَانْظُرْ ماذا تَرى. قالَ: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّابِرِينَ} قال:
فحدّثت أن اسماعيل قال له عند ذلك: يا أبتاه إذا أردت ذبحي فاشدد رباطي لا يصيبك من دمي فينقص أجري فإن الموت شديد ولا آمن أن أضطرب عنده إذا وجدت مسّه، واشحذ شفرتك حتى تجهز عليّ فتذبحني، فإذا أنت أضجعتني فأكببني على جنبي ولا تضجعني لشقي فإني أخشى إن أنت نظرت إلى
وجهي أن تدركك الرقة فتحول بينك وبين أمر ربّك فيّ، وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون أسلى لها فافعل. فقال ابراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله. ويقال إنه ربطه كما أمره بالحبل فأوثقه، ثم شحذ شفرته، ثم تلّه للجبين واتقى النظر إلى وجهه، ثم أدخل الشفرة حلقه فقلبها جبريل-عليه السلام-لقفائها في يده، ثم اجتذبها إليه ونودي {أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} فهذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه.
7 -
ثم قال الفاكهي: قال ابن اسحق: فحدّثني من لا أتهم من أهل البصرة، عن الحسن، أنه كان يقول: ما فدي إلاّ بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير.
ثم قال الفاكهي: ويزعم أهل الكتاب وكثير من العلماء أن ذبيحة ابراهيم التي فدي به اسماعيل كبش أملح أقرع أعين.
8 -
ثم قال الفاكهي: وحدّثنا محمد بن سليمان، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس-رضي الله عنهما-قال: الكبش الذي ذبحه ابراهيم هو الكبش الذي قرّبه ابن آدم.
9 -
ثم روى الفاكهي بسنده عن ابن عبّاس أنّ الكبش الذي فدى به اسماعيل هو القربان المتقبل من أحد بني آدم، ثم قال في هذا الخبر: فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند الله حتى أخرجه في فداء اسماعيل، فذبحه على هذا الصفا في ثبير عند منزل سمرة الصراف وهو على يمينك متى ترمي الجمار
(1)
.
(1)
شفاء الغرام 9/ 2.