الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
يوم الحريرة
124 -
حدّثني الأزدي حسن بن حسين، قال: حدّثني محمد بن حبيب الهاشمي، عن أبي عبيدة، قال: كانت فيه الدائرة لهوازن على كنانة، وهو آخر أيامهم، وحريرة إلى جنب عكاظ مما يلي مهب جنوبها لمن يقبل يريد مكة من مهب شمالها حتى تقطع دوين قرن. فكان رؤساؤهم الذين كانوا قبلا إلاّ قيسا فإنه مات وكان بعده الرئيس عليهم ختار بن قيس، وقتل يومئذ أبو سفيان بن أمية، ومن كنانة ثلاثة رهط قتلهم عثمان بن أسيد بن مالك بن ربيعة ابن عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وقتل ورقاء بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن عمرو بن عامر أبا مكنف وعمرو وابن أيوب وقد ذكرهم خداش بن زهير في شعره.
فهذه أيام الفجار الخمسة التي تراجفوا فيها في أربع سنين: أولهن يوم نخلة حين تبعتهم هوازن، فكان كفاء لا على هؤلاء ولا على هؤلاء. ثم يوم شطيمة فكان لهوازن على كنانة، ثم يوم عكاظ الأول وهو يوم العبلاء فكان لهوازن على كنانة، ويوم عكاظ الثاني وهو يوم شرب كان لبني كنانة على هوازن، ولم يكن بينهم يوم أعظم منه، ثم يوم الحريرة، وهو آخر أيامهم.
قال: ثم كان الرجل يلقى الرجل والرجلين أو أكثر من ذلك أو أقل فيقتتلون فربّما قتل بعضهم بعضا. فلقي ابن محمية أخو بني الدئل بن بكرا أخا خدّاش بن زهير بالصفاح، فقال أخو زهير بن خداش: جئت معتمرا. فقال:
لا يلقى الدين أن قلت معتمرا، فقتله ثم ندم فقال:
اللهمّ إنّ العامري المعتمر
…
لم آت فيه عذرا لمعتذر
ثم إنّ الناس تداعوا إلى السلم على أن يرى الفضل من القتلى التي فيهم أي الفريقين أفضل على الآخر، فتواعدوا عكاظا ليتعادّوا القتلى، وتعاقدوا وتواثقوا أن يتمّوا على ذلك وجعلوا بينهما موعدا يلتقون فيه لذلك، فأبى وهب بن متعب، وحالف على قومه وجعل لا يرضى بذلك حتى يدركوا ثأرهم، فقال:
في ذلك أمية بن جدعان بن الأشكر:
المرء وهب وهب آل متعبة
…
مل الغواة وان يماطل يملل
يسعى يعوذها بجزل وقودها
…
وإذا تعايى صلح قومك فاعمل
وهي في شعره، واندسّ وهب حتى مكرت هوازن بكنانة وهم على رأس الصلح، فبعثت خيلا عليها سلمة بن شعل البكائي، وخالد بن هوذة، فيهم ناس من بني هلال، ورئيسهم ربيعة بن أبي طبّان وناس من بني نصر عليهم مالك بن عوف، فأغاروا على بني ليث بصحراء الغميم، وهم غارون فقاتلوهم وجعل مالك يقاتل ويرتجز وهو أمرد يومئذ يقول: أمرد يبدي حلّه شيب اللحا.
وهو أول يوم ذكر فيه مالك بن عوف، فقتلت بنو مدلج يومئذ عبيد بن عوف البكائي، وسبيع بن أبي المؤمل من بني محارب، ثم انهزمت بنو ليث، فاستحرّ القتل ببني الملوّح بن يعمر، فقتلوا منهم ثلاثين رجلا وساقوا نعما، ثم أقبلوا فعرضت لهم خزاعة وطمعوا فيهم فقاتلوهم، فلما رأوا أنه لا بدّ لهم منهم قالوا: عرضونا من غنيمتكم عراضة فأبوا فخلّوا سبيلهم.
ثم إن الناس تداعوا إلى الصلح ورهنوا رهانا بوفاء بديات من كان له الفضل في القتلى، وتمّ الصلح ووضعت الحرب أوزارها
(1)
.
(1)
شفاء الغرام 93/ 2 - 96،واتحاف الورى 123/ 1 - 130.