الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علينا منها عليهم السلاح تقعقع فسمّيت بقعيقعان. أتدري يا ابن أخي لم سميت أجياد أجيادا؟ قلت: لا، قال: جادت بالدماء، فسميت أجيادا
(1)
.
ذكر
ولاية إياد بن نزار البيت وحجابتهم إياه
وتفسير ذلك
45 -
حدّثنا حسن بن حسين الأزدي، قال: حدّثنا محمد بن حبيب، قال: قال عيسى بن بكر الكناني: ثم وليت حجابة البيت إياد، فكان أمر البيت إلى رجل منهم يقال له: وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، فبنى صرحا بأسفل مكة عند سوق الخياطين اليوم، وجعل فيه أمة يقال لها الحزورة، فيها سميت حزورة مكة، وجعل فيه سلّما، وكان يرقاه، ويقول بزعمه إنه يناجي الله-تعالى-وكان ينطق بكثير من الخير يقوله، وقد أكثر فيه علماء العرب فكان أكثر من قال فيه أن قال: إنه كان صدّيقا من الصدّيقين، وكان يتكّهن، ويقول مرضعة فاطمة ووادعة وقاطعة والقطيعة، والفجيعة وصلة الرّحم، وحسن الكلم، يقول: ربّكم ليجزين بالخير ثوابا، وبالشر عقابا، وكان يقول: من في الأرض عبيد لمن في السماء، هلكت جرهم وأزيلت إياد، وكذلك الصلاح والفساد. حتى إذا حضرته الوفاة جمع إيادا، فقال: اسمعوا وصيتي: الكلام كلمتان، والأمر بعد البيان: من رشد فاتبعوه، ومن غوى فارفضوه، وكل شاة معلّقة برجليها. فكان أول من قالها، فأرسلها مثلا، فمات وكيع، فنعى على رؤوس الجبال، فقال بشر بن الحجر:
(1)
شفاء الغرام 377/ 1 - 378،وقد استغربه الفاسي.
ونحن إياد عباد الإله
…
ورهط مناجيه في سلّم
ونحن ولاة حجاب العتيق
…
زمان النخاع على جرهم
ثم قال: وقامت نائحة وكيع على أبي قبيس، فقالت:
ألا هلك الوكيع أخو إياد
…
سلام المرسلين على وكيع
مناجي الله مات فلا خلود
…
وكل شريف قوم في وضيع
ثم إنّ مضر أديلت بعد إياد، وكان أول من ديل منها عدوان وفهم وأن رجلا من إياد ورجلا من مضر خرجا يصيدان، فمرّت بهما أرنب فاكتنفا بها يرميانها، فرماها الإيادي، فنزل سهم، فنظم قلب المضري فقتله، فبلغ الخبر مضر، فاستغاثت بفهم وعدوان يطلبون لهم قود صاحبهم، فقالوا: انما أخطأه، فأبت فهم وعدوان إلا قتله فتناوش الناس بينهم بالمدوّر، وهو مكان، فسمّت مضر من إياد ظفرا فقالت لهم إياد: أجّلونا ثلاثا فلن نساعيكم أرضكم، فأجلوهم ثلاثا، فظعنوا قبل المشرق، فلما ساروا يوما أتبعتهم فهم وعدوان حتى أدركوهم، فقالوا: ردّوا علينا نساء مضر المتزوّجات فيكم، فقالوا: لا تقطعوا قرابتنا، اعرضوا على النساء، فأية امرأة اختارت قومها رددتموها، وإن أحبّت الذهاب مع زوجها أعرضتم لنا عنها، قالوا: نعم، فكان أول من اختار أهله امرأة من خزاعة.
46 -
فحدّثنا الزبير بن بكار، قال: لما هلك وكيع الإيادي واتضعت إياد، وهي إذ ذاك تلي أمر بيت الله الحرام، وقاتلوهم وأخرجوهم وأجلوهم ثلاثا يخرجون عنهم، فلما كانت الليلة الثانية حسدوا مضر أن تلي الركن الأسود، فحملوه على بعير، فبرك فلم يقم، فغيّروه، فلم يحملوه على شيء إلاّ رزح وسقط،فلما رأوا ذلك بحثوا له تحت شجرة فدفنوه، ثم ارتحلوا من ليلتهم،
فلما كان بعد يومين افتقدت مضر الركن، فعظم في أنفسها، وقد كانت شرطت على إياد كل متزوجة فيهم، فكانت امرأة من خزاعة فيما يقولون، يقال لها: قدامة. متزوجة في إياد، وخزاعة إذ ذاك فيما يزعمون-والله أعلم- ينتسبون لبني عمرو بن لحي بن قمعة بن الياس بن مضر، فأبصرت إيادا حين دفنت الركن.
-اجتمع الزبير والكلبي وحديثهما كل واحد منهم بنحو من حديث صاحبه-فقالت لقومها حين رأت مشقة ذهاب الركن إلى مضر: خذوا عليهم أو يولوكم حجابة البيت وأدلكم على الركن، فأخذوا بذلك عليهم، فوليتها خزاعة على العهد والميثاق الذي كان. فهذا سبب ولايتهم البيت. وقال الكلبي في حديثه: فقالوا لهم إن دللناكم على الركن. أتجعلونا ولاة؟ قالوا: نعم.
وقالت مضر جميعا: نعم، فدلتهم عليه. فأعادوه في مكانه وولّوه فلم يبرح في أيدي خزاعة حتى قدم قصي مضر، فكان من أمره الذي كان
(1)
.
وكان العدد والشرف من بني نزار بن معد في إياد، قال: فلم يزالوا كذلك حتى بغوا على مضر وربيعة، فأهلكهم الله-تعالى-فكانوا أول من أهلكهم بعد ابن آدم. سلّط الله-عز وجل -عليهم النخاع وجعل الشرف والعدد والملك والنبوّة في مضر، فدخلوا إلى أرض العراق
(2)
.
(1)
شفاء الغرام 26/ 2 - 28.والعقد الثمين 137/ 1 - 138.
(2)
شفاء الغرام 26/ 2 - 28.