الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير.
وهكذا ينبغي للدعاة إلى اللَّه عز وجل أن يعظّموا أمر الحلم والعفو عن المسيء، لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبًّا في ساعة واحدة؛ لما أسداه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من الحلم والعفو والمنّ بغير مقابل، وقد ظهر لهذا العفو الأثر الكبير في حياة ثمامة، وفي ثباته على الإسلام ودعوته إليه (1)؛ ولهذا قال:
أهمّ بترك القول ثم يردّني
…
إلى القول إنعامُ النّبيّ محمّدِ
شكرتُ له فكّي من الغلِّ بعدما
…
رأيت خيالاً من حسامٍ مهنّدِ (2)
المثال السابع: مع من جذب النبي صلى الله عليه وسلم بردائه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذبةً شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال اللَّه الذي عندك، فالتفت إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء (3).
وهذا من روائع حلمه صلى الله عليه وسلم وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام؛ وليتأسّى به الدعاة إلى اللَّه،
(1) انظر: شرح النووي على مسلم، 12/ 89، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، 8/ 88.
(2)
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 203.
(3)
البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، برقم 3149، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة، برقم 1057.