الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للشروط، والله أعلم.
[13/ 353 / 4223]
-
نفقات التقاضي
-
التقاضي ليأخذ صاحب الحق حقه
3130 -
عرض على اللجنة الاستفتاء المقدَّم من السيد / علي، ونصُّه:
هل يجوز شرعاً مطالبة من صدر لصالحه حكم من المحكمة بالرسوم القضائية المستحقة للدولة؟ علماً بأن نص أحكام المادة 119 من قانون المرافعات تلزم خاسر الدعوى بالرسوم القضائية والمصاريف، مع العلم بأن من صدر لصالحه الحكم لم يتم تنفيذ حكمه تجاه خصمه من قبل إدارة التنفيذ بالعدل، ولم يستلم ما حكم له به من مبالغ حتى يتسنى له تسديد الرسوم القضائية المستحقة للدولة، وفقكم الله وألهمكم صواب الرأي وطمأنينة اليقين.
أجابت اللجنة بما يلي:
إذا تعذر وصول صاحب الحق إلى حقه إلا عن طريق التقاضي، فإن نفقات التقاضي الضرورية التي يتكبدها صاحب الحق، تجب على من صدر الحكم ضده، إذا طالب بها المحكوم له. والله أعلم.
[16/ 465 / 5193]
مكانة الاجتهاد في الإسلام
3131 -
عرض على اللجنة مقال السيد / نبيل، المنشور في جريدة
…
بعنوان (حكاية سد الذرائع)، ونصُّه:
حكاية سد الذرائع:
كان اسمه «شاوول» ، وكان يهودياً فريسياً من أهل العلم عند اليهود، حارب المسيحية والمسيحيين وعذبهم حتى الموت -حسب اعترافه-؛ فلم يفلح في إيقاف انتشار المسيحية، ثم أتى بدعوى ظهور المسيح له وهو مسافر إلى دمشق، وتحول إلى المسيحية، تغير اسمه إلى «بول» أو «بولص» كما في المسيحية العربية التي انتقلت معظم الأسماء من المسيحية اليونانية، وبعد مناظرات مع تلميذ المسيح وحوارييه اضطر للاعتراف به «رسولاً» ليخرجوا من مأزق الرسل الاثني عشر الذين أوصى بهم المسيح، وكانوا موجودين في ذلك الوقت، فقد أسموه «رسول الأمم» ؛ لأنه الرسول الوحيد الذي لم يلتق المسيح عليه السلام أصلاً، ولأنه مكان رقم ثلاثة عشر، وبولس هذا كان وراء ثلاثة تغييرات أساسية في المسيحية باجتهاده، أولها السماح بعدم «الختان» رغم أن الختان منصوص عليه في العهد القديم، وفي سفر:«التكوين» ، وأول المختتنين كان الصبي إسماعيل عليه السلام، وثانيهما كان إبراهيم عليه السلام، وهو أبو الثمانين حولاً، وكذلك كان المسيح مختتناً.
ثم اجتهد بالسماح بأكل الخنزير الذي لم يأكله المسيح في حياته؛ وذلك لتحريم التوراة له.
وكانت فتواه بأحقية النساك والرهبان في تسلم الهبات والعطايا من الناس بحجة انشغالهم بالأمور الإلهية، وكانت فتواه هذه هي القاعدة التي قامت عليها المؤسسة الكنسية المالية، ووصلت إلى ما وصلت إليه من جبروت وتسلط.
وهكذا فإن الإفتاء والاجتهاد في مراحل المسيحية المبكرة كان له الأثر الأكبر في وضع قواعد مخالفة للأصل، بنيت عليها قواعد أكثر مخالفة، وأكثر ابتعاداً عن الأصل، ولعل السبب الرئيس لذلك هو عدم وجود نص مكتوب للمسيحية
الأولى، وكان التبشير بها تبشيراً شفوياً، مما جعل المجال مفتوحاً للتصرف والتحريف والإضافة والحذف والتقول، حتى انحرفت المسيحية عن مسارها ومنهاجها الأصلي الذي سنه سيدنا المسيح عليه السلام.
والإسلام لم يختلف فيما تعرض له عما تعرضت له المسيحية رغم وجود القرآن نصاً مكتوباً منذ البداية؛ وذلك لأن الإسلام يقوم على القرآن والسنة التي هي قول أو فعل أو تقرير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه السنة قد ظلت شفوية مروية غير مكتوبة حتى عهد متقدم من القرن الثاني الهجري، ولعل السبب الرئيس لاهتمام مسلمي القرن الثاني بجمع السنة وتنقيحها تحت باب الحديث، ووضع الشروط الصارمة -كما فعل البخاري- للمتن والإسناد، السبب الرئيس هو انتشار الحديث الموضوع، أي الحديث المكذوب والملفق عن سيد الخلق، هنا المشابهة بين الإسلام والمسيحية، والمشابهة الأخرى التي بين الاثنين هي في تقديس المتقدمين وتنزيههم حتى بلغوا بهم مراتب لا يصل إليها بشر، فالمسيحيون أسموهم بالرسل والملائكة، والمسلمون أسموهم بالنجوم التي نقتدي بأيٍّ منهم، ويكفينا أن نشير إلى أن أول المذاهب الإسلامية -السنّة على الأقل- كان صاحبه أبو حنيفة؛ يقول بالأخذ بتصرف أيِّ صحابي كحجة في أمر ما، حتى وإن تعددت تصرفات ومواقف الصحابة في الأمر نفسه، وذلك في غياب النص أو السنة طبعاً، فأيُّ صحابي حجة وقدوة، وبأيٍّ نقتدي نهتدي.
والأدهى من ذلك كله أن أصحاب المذاهب الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل قد اجتهدوا وبين أيديهم نص الكتاب وليس بين أيديهم صحيح الحديث ككتاب البخاري، وذلك لأن البخاري قد ولد بعد وفاة ثلاثة منهم، والتقى الرابع الذي لم ير (صحيح البخاري)، ولم يأخذ به.
نعم لقد اجتهدوا في حدود ما يسمح به الاجتهاد والعقل البشري في
زمانهم، وبما أتيح بين أيديهم من أدوات الاجتهاد التي كان أولها القرآن، وثانيها ما تواتر من حديث، ولم يلجأ إلا لما اقتنع به تماماً، وهذا لم يتجاوز مائة وبضعة أحاديث، في حين أن مجموع أحاديث البخاري -غير المكررة- فاقت الألفي حديث، ولقد لجأ الإمام أبو حنيفة إلى القياس وبرع فيه، أما مالك فقد استدل بالحديث، ولم يعن بتمحيصه، وجعل ما يعمل به سكان المدينة المنورة في اجتهاده على أساس أنهم حفدة الصحابة الأولون، وهم مستمرون في نهجهم، أما ابن حنبل فقد استعمل الحديث ووضع مسند ابن حنبل، ولكنه حوى ما حوى من حديث موضوع، ولا غرابة في ذلك؛ فنهج ابن حنبل كان يقوم على أن الحديث الموضوع أفضل من القياس، وهذا تطرف وشطط ما بعده شطط في اعتقاد كاتب هذه السطور، الوحيد الذي كان حذراً وموضوعياً هو الشافعي، ولكن ذلك لا يعني أن الشافعي قد اجتهد بوجود مرجع للحديث بين يديه؛ كمسند أحمد -رغم علَّاته - أو صحيح البخاري.
إذن فأئمة المذاهب الأربعة رغم تقديرنا وتقدير التاريخ والمسلمين لهم، قد اختلفوا في النهج مثلما اختلفت الأدوات المتوفرة لديهم لاستقاء السنة الشريفة التي هي العماد الثاني في الشرع والتشريع والاجتهاد والإفتاء؛ فأهل الحديث وكتب الحديث الستة من بخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه قد كتبوا وألفوا مؤلفاتهم بعد زمان الأئمة بعهد طويل.
والذي لاشك فيه أن العالم المسلم المتفقه في يومنا هذا هو أقدر على وضع منهاج للاجتهاد والإفتاء يفوق ما قدمه الأئمة الأربعة؛ وذلك لأسباب أربعة: فالقرآن هو القرآن، والسنة لها مصادر موثقة يندر فيها الخطأ، والمعرفة البشرية اليوم تتيح فهم القرآن والتحقق من السنة بشكل أكبر وأدق، وهناك بعد هذا وذاك وسائل الإجماع بين علماء المسلمين، ووسائل الاتصال مما يتيح أن يقوم
الاجتهاد على يد هيئة أو مجمع اجتهادي عوضاً عن اجتهاد الفرد، وبدلاً من ادعاء الإجماع الذي تتشدق به كتب الفقه القديمة، فالإجماع الذي يتحدثون عنه هو خيال، وحجة لدعم فتاوى يختلف فيها المسلمون؛ وذلك استناداً لحديث عن النبي يقول فيه ما معناه:«لا تجتمع أمتي على باطل»
(1)
؛ فكانت حجة الإجماع في وقت لا يمكن تصور وسيلة للحصول عليه، فلا وسائل نقل سريعة، ولا خطوط اتصال واضحة، وقضية الاجتهاد المعاصر أو عصرنة وتجديد فتح باب الاجتهاد موضوع في غاية الأهمية، ويحتاج بحثاً وحديثاً تزيد عن مساحة هذا المقال، ولكن لنا عودة له إن شاء الله.
ونعود لمعاناة الإسلام من أهله، ومدعي حمل الدين من فقهاء وأئمة، الذين ما برحوا عن محاباة الوضع القائم في زمانهم حتى منذ القديم، فالإمام مالك مثلاً كتب «الموطأ» بأمر من الخليفة «المنصور» أعنف خلفاء بني العباس وأكثرهم دموية، والأمثلة كثيرة لا حصر لها، وأقام أهل الفقه والاجتهاد قواعد لا أثر لها في الكتاب والسنة، معتدِّين بقول من سبقهم من رجال اجتهاد وفقه، ربما فهموا أو حاولوا إفهامه لنا من قول أولئك، ولم يضفوا الشرعية والألوهية على ما أقدموا عليه، كان لزاماً عليهم أن يمهدوا له بتقديس السابقين، واعتبارهم أقرب إلى الله والذين من تابعيهم، وأنشأوا في ذلك الوصوف والنعوت التي وصلت إلى حد الكفر في بعض الأحيان، كالقول بكمال الشخص أو كتاب؛ كما يدعي البعض بكمال «صحيح البخاري» مثلاً، بل لقد ادعوا أن القواعد التي ابتدعوها هي قواعد شرعية، لا يأتيها الباطل من أي جنب، ولعل إحدى تلك القواعد المتهافتة ما يطل علينا به البعض، ويهتف بأنها قاعدة شرعية يجب الأخذ بها والاستناد عليها، وهي قاعدة «سد الذرائع» التي هي قاعدة لا أساس لها في كتاب ولا سنة، بل هي منافية نفياً تاماً للنهج الإسلامي المحمدي القرآني
(1)
الترمذي (رقم 2167) بلفظ: «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة» .
الرباني الذي يقوم على أن كل شيء حلال ما لم يحرم بنصٌّ، بل إن تحليل المحرم جائز تحت بعض الظروف ومن باب الضرورة تحل المحرمات، إلا أنه لا يوجد ما يجيز تحريم الحلال تحت أي ظرف حتى أتى من لا يختلف «عن شاوول بولص» فاجتهد بقاعدة فتحت باباً لقواعد ما أنزل الله بها من سلطان.
فهل يجوز مثلاً استناداً لتلك القاعدة في سد الذرائع أن نقطع أيدي الأطفال؛ لأنهم قد يستخدمونها في السرقة؟ طبعاً لا يعقل، ولكن سمح ولا يزال يسمح بختان البنات لسد باب الشهوة لديهنّ، فهل ختان البنات فيه نصٌّ أم له سابق سنّة؟ ولو سمح للمتقوِّلين بالدين أن يؤكدوا شرعية غير موجودة لهذه القاعدة المتطرفة؛ لضاع الناس في متاهات يكون منع الاختلاط عندها كالاحتفال بالعيد، ونحن ننصح ثم ننصح أن قاعدة سد الذرائع، ومنه الاختلاط، والذي لا يقوم على سند شرعي غيرها -وهي غير شرعية أصلاً- ما هي إلا ككرة الثلج إن سمح لها بالدوران؛ فإنها ستستمر وستكبر وتكبر حتى تتهشم بنا وبهم في وديان الجهل.
إن الاختلاط تقبله الفطرة ويمليه العقل، ولا يحرمه الدين، ولنسأل المنادين بمنعه: أأنتم أكثر علماً من أهل الدين في مصر أو الشام؟ أم أنتم أكثر ديناً منهم؟ فما بالهم لم يطالب علماؤهم بما تطالبون من منع وسوء ظن ينهى عنه الإسلام بالنص والسنة؟
ولعل الإنسان يسأل أعضاء مجلس الأمة الذين تورطوا في هذه المؤامرة الاجتماعية -لأنها غير دينية بتاتاً- نسألهم ما بالكم لا تكونون قدوة للمجتمع بطرد جميع النساء العاملات في مجلس الأمة ودهاليزه وغرفه المغلقة التي تتيح الخلوة والشبهة أكثر من فصول الجامعة؟ بل نسأل الأساتذة المحترمين الذين يرون حرمة التعليم المختلط: ما بالكم ما تنجون بأنفسكم ودينكم من حرام الاختلاط