الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسألكم أولاً: هل يعتبر مسلماً من تعصب لمذهبه أو قبيلته على حساب الإسلام؟ إننا نلاحظ أن ديننا غريب بيننا، فهل الغرب أحق منا في الإسلام؟ وهل كان كسرى أحق منا في العدل؟ لقد أصابنا الوبال وضاعت حقوقنا بسبب «انصر أخالك ظالماً أو مظلوماً» بمفهومها الخاطئ، حتى إن القلوب بلغت الحناجر، وشخصت الأبصار في أيام الانتخابات، ولا ينقص إسالةَ الدماء إلا فعلٌ غير مسؤولٍ من أي فرد، ففي يوم التصويت نرى الناس سكارى وما هم بسكارى، رغم رحمة الله وسعته ولطفه، إلا أن نار التعصب أعمى الأبصار والقلوب. فماذا تقولون، جزاكم الله خير الجزاء؟
أجابت اللجنة بما يلي:
العصبية: بمعنى الدعوة إلى نصرة العشيرة أو القبيلة على الظلم حرام، فقد نهى القرآن الكريم عن التعاون على الإثم والعدوان، وأمر بالتعاون على البر والتقوى، فقال عز من قائل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وتظاهرت الأحاديث على النهي عن العصبية بكل أشكالها وصورها: العصبية للقبيلة أو للجنس أو للأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية» أخرجه أبو داود
(1)
. وقال عليه الصلاة والسلام في العصبية للقبيلة: «دعوها فإنها منتنة» رواه البخاري ومسلم
(2)
. وكانت العصبية للقبيلة ونصرتها -ظالمة كانت أو مظلومة- سائدة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، فأبطلها الإسلام، وحرم العصبية، والتناصر على الظلم. وقد جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ فقال: تحجزه أو تمنعه من
(1)
رقم (5121).
(2)
البخاري (رقم 4905)، مسلم (رقم 2584).
الظلم فإن ذلك نصره» متفق عليه
(1)
. وجعل المناصرة بين المؤمنين على الحق، قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71]. وعدّ النبي صلى الله عليه وسلم ميتة المتعصب ميتة جاهلية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت رايه عِمِّيَّة يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة فقتل، فَقِتْلَةٌ جاهلية» أخرجه مسلم
(2)
.
كما أبطل الإسلام التفاخر بالآباء ومآثر الأجداد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجُعَل الذي يدهده الخرء بأنفه، إن الله قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب» أخرجه الترمذي
(3)
.
وجعل الإسلام أساس التفاضل التقوى والعمل الصالح، وفي التنزيل:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. بيّن الله في الآية الغاية من جعل الناس شعوباً وقبائل، وهي التعارف والتعاون، لا التناحر والخصام، فالعصبية بأشكالها للقبيلة أو للجنس أو للون تتنافى مع الإسلام. والله أعلم.
[19/ 475 / 6224]
(1)
البخاري (رقم 6952)، مسلم (رقم 2584)، واللفظ البخاري.
(2)
رقم (1848).
(3)
رقم (3955).