الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتستقيلون من أعمالكم الجامعية، أنتم ونساؤكم صوناً لكم ولهن.
وختاماً همسة عتاب شاعرية في أذن شعراء الكويت، أما حركت هذه الصفعة المرتدة قراءكم؟ أم أنها لا تعنيكم؟ أم -ونرجو ذلك- أنها قد أذهلتكم؟
أجابت اللجنة بما يلي:
إن المقال قد تضمَّن كثيراً من المعلومات التاريخية والعلمية المغلوطة، وقد رتب صاحبه على هذه المعلومات استنتاجات فكانت مغلوطة مثلها، من ذلك:
1 -
زعم أن المسلمين يقدسون المتقدمين، وهو ما لم يقل به أحد منهم، ولا دليل لصاحب المقال عليه، والثابت عن الإمام مالك رحمه الله تعالى قوله: (ما منا إلاّ من ردّ ورُدّ عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو استعمل الكاتب كلمة «يكرمون» ؛ لكان مصيباً، والتكريم غير التقديس.
2 -
ذكر أن المسلمين يسمُّون المتقدمين من السلف «نجوماً» ويحضون على الاقتداء بهم -ذكر ذلك في معرض التنديد-، والحقيقة أن هذا المعنى ثابت من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:«فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديِّين، عَضّوا عليها بالنواجذ» رواه أحمد والترمذي
(1)
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.
وقال: «خير الناس قَرْني، ثم الذين يَلُونهم
…
» رواه البخاري ومسلم
(2)
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وقال: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» رواه البخاري ومسلم
(3)
عن أبي موسى رضي الله عنه.
(1)
أحمد (رقم 17142)، والترمذي (رقم 2676).
(2)
البخاري (رقم 2652)، ومسلم (رقم 2533).
(3)
البخاري (رقم 3411)، ومسلم (رقم 2431).
(1)
.
ثم إن الفقهاء مختلفون في الأصل على حجية قول الصحابي وعمله، وكان يسع صاحب المقال أن يرجح قول من يشاء من الفقهاء دون أن يستهتر وينال منهم.
3 -
ادعى صاحب المقال أن الأئمة من الفقهاء اجتهدوا دون أن يكون بين أيديهم سنة صحيحة، لأن البخاري ومسلماً وأمثالهما وُجدوا بعد عصر الأئمة، والحق أن السنة الصحيحة كانت قبل البخاري ومسلم وغيرهما بيقين، وما عمل هؤلاء الأئمة إلاّ أنهم جمعوها، مثلهم مثل علماء النحو؛ وجدوا في عصر متأخر، ولا يضر ذلك بفصاحة العرب السابقين عليهم.
4 -
زعم صاحب المقال أن الأحاديث التي اقتنع بها الأئمة لا تزيد على مئة وبضعة أحاديث، وهذا خطأ، فالأحاديث الصحيحة تعدّ بالآلاف، وإذا قصد الكاتب الأحاديث المتواترة؛ فالردّ عليه بأن الأحاديث الصحيحة ليست محدودة بالمتواترة فقط.
5 -
زعم صاحب المقال أن الإمام مالكاً استدل بالحديث، ولم يُعْنَ بتمحيصه، والحقيقة أن مالكاً من أئمة الحديث إلى جانب فقهه، وأن عنايته بالحديث الشريف لا تقل عن عنايته بالفقه، وأن الإمام البخاري جعل مالكاً من رواته.
6 -
قال صاحب المقال: (أما ابن حنبل فقد استعمل الحديث
…
)، وهذا
(1)
رقم (3790).
سوء في التعبير، والواجب أن يقول:(استدل بالحديث .. )، ثم إنه زعم أن في المسند أحاديث موضوعة، وهو باطل، وربما قصد أحاديث ضعيفة، ولكن خانه التعبير، أو أعماه التطرف، والضعيف غير الموضوع.
7 -
زعم أن الإمام أحمد بن حنبل يقدم الحديث الموضوع على القياس، وهو غلط، وربما قصد الحديث الضعيف لا الموضوع، لأن الضعيف غير الموضوع، كما تقدم.
8 -
زعم أن الشافعي اجتهد دون وجود مرجع للحديث أمامه، ونسي أن الشافعي محدث مثلما هو فقيه تماماً.
9 -
زعم أن الفقيه في يومنا هذا أقدر على الاجتهاد والإفتاء ممن تقدمه من الأئمة، والحقيقة أنه يسعدنا أن يكون بيننا فقهاء كبار قادرون على الاجتهاد، ولكن لا يصح أبداً أن نجعل المحدَثين البعيدين عن عصر النبوة أقدر على الاجتهاد من القدماء المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، أو القريبين من عصره، هذا إلى جانب أننا نتعلم العربية لغة القرآن تعلماً، وهم يقولونها سليقة، وأقوالهم حجة لها، ثم الحديث الشريف الذي يحتج به، لأنه إنما هو من روايتهم ونقلهم له عن النبي صلى الله عليه وسلم.
10 -
زعم أن وسائل الإجماع الآن أفضل منها في الماضي، وهذا مما يسعدنا، ولكن الحقيقة غيره، فالإجماع معناه اجتماع أقوال جميع علماء الأمة دون تخلف واحد منهم، وهو بين جماعة محدودة ومعدودة أكثر إمكاناً فيه بين جماعة لا عدد لها، أو كثيرة العدد.
11 -
اتهم علماء الأمة بمحاباة الخلفاء، ونسي أدوارهم في تقويم الخلفاء، ونصحهم لهم، وتحمل الأذى الشديد من وراء ذلك، ونسي أن أبا حنيفة حبس وعزر، وأن أحمد بن حنبل عزر وحبس، وأن بعض الأئمة قتل.
12 -
زعم أن الفقهاء وضعوا قواعد للفقه، لا أصل لها من الكتاب والسنة، وهذا جهل فاضح بنصوص القرآن والسنة، ذلك أن جل القواعد الفقهية مأخوذ عن نصوص الكتاب والسنة ومعتمد عليها، مثل قاعدة:(الحرج مرفوع)؛ فهي مضمون قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقاعدة: (الضرر يزال) مأخوذة من الحديث الشريف: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه
(1)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهكذا جميع القواعد الأخرى.
13 -
زعم أن الفقهاء أضفوا على قواعد الفقه الشرعية والألوهية، وهذا باطل لم يفعله أحد، بل إن جلَّ القواعد الفقهية هي محلُّ اجتهاد واختلاف بين الفقهاء، وهي أغلبية لا قطعية، ولا يخلو واحدة منها من استثناء أو استثناءات.
14 -
حمل حملة شعواء على قاعدة سد الذرائع، مع أن أصولها في الكتاب الكريم والسنة المطهرة؛ فقد نعى الله تعالى على اليهود عندما أمروا بالامتناع عن الصيد يوم السبت، فاتخذوا لذلك ذريعة وحيلة، فشنع الله عليهم بذلك فقال:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 163 - 164].
ثم إن الله تعالى أمر المؤمنين ذكوراً وإناثاً بغض البصر فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30 - 31]، وما ذلك في الحقيقة إلا لأن النظر ذريعة إلى الفاحشة، ومثل ذلك كثير في النصوص والأحكام، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ
(1)
أحمد (رقم 2865)، وابن ماجه (رقم 2340).
عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، وفي ما رواه البخاري قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:«فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» رواه مسلم
(1)
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
15 -
حمل الكاتب على ختان البنات، وادعى أنه ثبت بقاعدة سدّ الذرائع، مع أنه ثابت بالسنة في أحاديث منها ما رواه أحمد والبيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً:«الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ» رواه البيهقي في (السنن الكبرى)
(2)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو على كل حال مندوب عند أكثر الفقهاء، ويسع الإنسان تركه إذا بدا له ضرره.
16 -
حمل على من يقول بمنع الاختلاط، وادَّعى أن دليله سدّ الذرائع، والحقيقة أن الاختلاط مسموح به في أحوال، وممنوع منه في أحوال، والمدار في ذلك على الضرر المترتب عليه، إن وجد الضرر منع منه، وإن أمن الضرر جاز.
ومثل هذا كثير في الأحكام، ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه
(3)
عن ابن عباس رضي الله عنهما.
17 -
ادعى الكاتب أن منع الاختلاط بين الشباب من الجنسين في الجامعات مؤامرة اجتماعية؛ لأنها غير دينية، ونسي أن ديننا شامل لكل فضيلة ومانع لكل رذيلة، وأن كل ممنوع يوصف بأن المنع فيه ديني، وكل حسن يوصف بأنه مباح في الدين، لقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
18 -
والخطيئة التي لا تغتفر للكاتب هي تحريضه الشعراء على الانخراط في قافلة المخالفين لمبدأ الفصل بين الجنسين، وهو مثير للفتنة، وما درى الكاتب
(1)
رقم (1955).
(2)
رقم (17565).
(3)
سبق تخريجه.
أن شعراء أمتنا كعلمائها هم حماة لدينها وشعائرها وأخلاقياتها، بل هم الرواد في ذلك، وهم من الشعراء المؤمنين الذين قال الله فيهم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
…
} [الشعراء: 224 - 227].
19 -
قاس الكاتب علماء المسلمين وأئمتهم وفقهاءهم على اليهودي شاوول، والقارئ لا بد أن يحار في علة هذا القياس، وكيف استطاع الكاتب تدبيرها وترتيبها في خياله دون أن يكون لها أيُّ وجود في عالم الواقع، فأين الأتقياء قوام الليل وصوام النهار ابتغاء مرضات الله تعالى من المتفلتَّين من كل القيم؟ وأين أذكياء العالم مع كل هذه التقوى والزهد في الدنيا من شاوول اليهودي المعروف؟ بل أين وأين وأين، بل أين ضياء الشمس من حلكة الظلام؟ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].
20 -
ومن الأخطاء التي وقع فيها الكاتب أنه ادعى أن الإسلام قد حُرِّف كما حرفت المسيحية، ولا وجه للمقارنة بين الدينين، فإن التحريف في المسيحية جاء نتيجة تحريف التوراة والإنجيل بعهديه القديم والجديد، وطال التحريف العقائد والشرائع معاً، أما الإسلام فلم تحرَّف عقائده ولا شرائعه، وهي قائمة كما أنزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن هذه العقائد والشرائع تعتمد على القرآن، ومن الثابت أن القرآن يقيناً لم يحَّرف ولا يختلف مسلم في ذلك، لقول الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، كما أن مدخل التحريف في المسيحية كان من شاوول وأمثالَه، أو مُعِدِّ كتب التلمود من اليهود وجعله قريناً للتوراة، أما علماء الإسلام فلم يحرفوا النصوص، ولم يضعوا قريناً للقرآن والسنة، إنما اجتهدوا في تفسير نصوص القرآن والسنة، بأصول الاجتهاد المعتبرة، المستمدة منهما ومن اللغة العربية، وكل اجتهاد وافق أصول الاجتهاد فهو اجتهاد مقبول منسوب إلى الشريعة؛ كالاجتهاد في سد الذرائع، وكل اجتهاد خالفها فهو مردود