الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شخصاً واحداً، وغالباً ما تكون هذه الشكاوى مغايرة للحقائق، والتي اصطلح على تسميتها بالشكاوى الكيدية، نظراً لما تحمل في طياتها من الضغينة أو الحسد أو تصفية حسابات أو تشويه السمعة أو الاصطياد في الماء العكر .. إلخ، وفي الإجابة عن هذا النوع من الشكاوى مشغلة وإضاعة للوقت في غير فائدة، وتفويت للمصالح الشرعية، والمهام التي أنيطت بالمسؤولين، لذا نسأل عن التخريج الشرعي لهذا النوع من الشكاوى غير المذيلة بأسماء أصحابها، أو بمعنى آخر: الشكاوى التي يتقدم بها مجهول العين والحال بالفاكس أو بالهاتف، ويتعمَّد عدم ذكر اسمه أو أي معلومة يستدل بها عليه - على أيِّ موظف أو مسؤول في أيِّ وزارة أو مؤسسة- هل هذه الشكوى تعتبر دعوى أم شهادة؟ وإذا كانت دعوى؛ فهل تصح أو تسمع الدعوى عند فقد أحد أركانها وهو المدَّعي؟ وقد قال ابن فرحون رحمه الله:(علم القضاء يدور على معرفة المدَّعي من المدَّعى عليه). «تبصرة الحكام (1/ 98)» ، وقد ذكر جمهور الفقهاء أن أركان الدعوى هي: المدَّعي، والمدَّعى عليه، والمدعى به، والقول الذي يصدر عن المدعي يقصد به طلب حق لنفسه أو لمن يمثله. (الموسوعة الفقهية)(20/ 272)، وإذا كانت شهادة؛ فهل تصح شهادة مجهول العين والحال؟ وقد اشترط الفقهاء العدالة في الشاهد. (الموسوعة الفقهية)(30/ 10) وإذا كانت هذه الشكوى مغايرة للحقيقة تماماً، وبقصد إيذاء أخيه المسلم؛ فهل تدخل في شهادة الزور وفي قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد
(1)
: «وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه» ؟
وماذا تنصحون من يكتب مثل هذا النوع من الشكاوى، ويتعمَّد عدم كتابة اسمه؛ حتى لا تتمكن الجهة المقصودة لديه من فتح باب التحقيق وطلب البينة منه.
نرجو الإجابة مشكورين.
أجابت اللجنة بما يلي:
(1)
أبو داود (رقم 4874)، والترمذي (رقم 1934)، وأحمد (رقم 7146).
ترى اللجنة أن ما ذكره المستفتي من باب الإخبار، لا من باب الدعوى، ولا من باب الشهادة، والإخبار في الأصل يحتمل الصدق والكذب، فإذا غلب على ظن من وصلته هذه الرسالة، أو هذا الهاتف من الرؤساء وأولياء الأمور، من معلوم أو من مجهول، أنها صادقة -بحسب ما يتوفر له من قرائن الأحوال-؛ فعليه أن يحقق فيه، سواء علم مرسلها أو لم يعلمه، فإذا ثبت له صدقها، وإدانة من اتهمته الرسالة أو الاتصال الهاتفي من الموظفين، فيتخذ في حقه الإجراءات اللازمة والمناسبة وفق الأنظمة النافذة، وإن ثبت له كذبها برَّأ ساحة من اتُّهم بها، وإن غلب على ظنه كذبها وأنها كيدية، فإنه يهملها ويغضي عنها.
فإذا اختلط عليه الأمر ولم يرجح لديه شيء، حقق فيها احتياطاً، وذلك لقول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
فإن أهملها وهو يظن صحتها وأحقيتها، وكانت التهمة مما يضر بمصالح المسلمين، أثم على ذلك.
وأما كاتبها أو المخبر بها:
فإن كان صادقاً في قوله، ومتأكداً من انحراف من أخبر عنه، فهو مأجور فيما أخبر به، لما في إخباره من حماية للمصلحة، ويعد ذلك له من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يضره أنه لم يخبر باسمه، فلربما أراد بذلك استبعاد ضرر ينزل به أو يلحقه من بيان اسمه، وإن كانت كيديه وباطلة وكاذبة، فهو آثم عند الله تعالى، لما فيها من الكذب والإيذاء وقصد الإضرار ببريء. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وشهادة الزور -ثلاثاً- أو قول الزور» . فما زال يكررها حتى قلنا ليته