الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة فضيلة الشّيخ المحدث/ أبي الحسن السليماني
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أمّا بعد:
فإنَّ من رحمة الله سبحانه وتعالى بالنَّاسِ بقاء العلماء وطلاب العلم، وما من بلد يشتهر فيها علم الحديث والرجال؛ إِلَّا قُمِعَت فيها البدعة، واستوى عود السُّنَّة، وشُيِّد عرشها، وعكسه عكسه، ومن نوابغ طلاب العلم الحديثي في اليمن أخبرنا الفاضل، والطالب الماثل/ أبو الطيب نايف بن صلاح المنصوري -حفظه الله من فتنة المحيا والممات- فقد أتحف طلاب العلم والمكتبة الإسلامية الحديثة بكتابه النافع الماتع:"إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني" ذلكم الكتاب الّذي يُعَدُّ مفخرةً لطلاب علم الحديث النبوي باليمن -ولا أزكي على الله مؤلفه- وها هو يتحفنا بسِفْرٍ آخر، وبكنز جديد- ضمن سلسلته المباركة:"تقريب رواة السُّنَّة بين يدي الأمَّة"- ألا وهو الكتاب الخاص بتراجم شيوخ الإمام أبي الحسن الدارقطني- رحمة الله عليه-.
وقد سلك فيه المؤلِّف مسلكه السابق في الكتاب المشار إليه، وحاول في هذا الكتاب كسابقه أنّ يستوعب -ما استطاع- شيوخ الدارقطني، فوقف على أكثر من عشرين مصنفًا من كتب الدارقطني المطبوعة، ومع ذلك فقد وقف على مشايخ آخرين للدارقطني في غير كتبه بما يقارب خمسين ومائة شيخ لم يذكروا في كتب الدارقطني المطبوعة، وهذا إن دل فإنّما يدلُّ على علو الهمة، وسموَّ المقصد، وشرف الغاية،- ولا أزكي على الله أحدًا-.
ومعلوم أنّ هذا الجهد لا يقدره إِلَّا من كابَدَ البحث في المشايخ النازلين، وقديمًا قيل:
لا يعرف الشوق إِلَّا من يكابده
…
ولا الصبابة إِلَّا من يعانيها
وإن بعض الباحثين يكتب في مثل هذا الباب، ولا يؤدِّيه حقه، ولا يغلق الباب -في الجملة- على من بعده، بل يترك ثغرات، ويتعجَّل في دعوى عدم الوقوف على المترجم له، ونحو ذلك، ومع دعائي لهم بأن يوفقهم الله إلى إكمال ما نقص، واستدراك ما فات، وأن يجزي لهم العطاء على صالح قصدهم، وعلى ما بذلوه، إِلَّا أنّ البون شاسع، والفارق واسع بين هذا العمل وغيره، وحُقَّ لي أنّ أتمثل بقول القائل:
وما كُلَّ مخضوب البنان بثينة
…
ولا كلّ مصقول السلاح يماني
وقد يسر الله سبحانه وتعالى لي فرصة التلخيص لأقوال الأئمة في المترجم لهم، وذكرت حكمًا ينبؤ عن أقوال الأئمة في الراوي، وكثيرًا ما أعلل حكمي على الراوي؛ ليكون عذرًا لي، ومنهجًا يستفيده طلبة العلم في كيفية الترجيح بين أقوال الأئمة الّتي ظاهرها التعارض، وقد ذكرتُ في مقدمة الكتاب الأوّل بعض التفاصيل في هذا الصدد، فأسأل الله سبحانه وتعالى أنّ يجعل هذا الكتاب نورًا وسراجًا لمؤلفه وقارئه صلّي ولجميع المسلمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى-آله وصحبه وسلم.
كتبه
أبو الحسن السليماني
دار الحديث بمأرب 21/ 6/ 1427هـ