الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة الأستاذ الدكتود/ حسن مقبولي الأهدل
نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية
عميد كلية الشّريعة والقانون سابقًا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد اطلعت على ما كتبه الأخ الفاضل العلّامة أبو الطيب نايف بن صلاح المنصوري عن شيوخ الإمام الدارقطني والموسوم بـ "الدّليل المغني لشيوخ الإمام أبي الحسن الدارقطني " فقد أجاد الكاتب -فيما كتبه وحرره؛ تسهيلا للوقوف على رجال كتب الحديث المتأخرة في القرن الرّابع، وقد أفاد في هذا الموضوع إفادة عظيمة، حيث كان الكثير من الباحثين يصعب عليهم البحث والتحقيق في معرفة رجال القرن الرّابع من شيوخ الدارقطني والحاكم ومن كان في عصرهما، وقد سهل الباحث هذا الأمر وأصبح في متناول الباحثين من طلاب العلم بالحديث، وهو أهل لهذا البحث وغيره ممّا يخدم السُّنَّة تحقيقًا للرواية والدراية، وزاده الله خيرًا وعلما على ما قدم من جهد في هذا المضمار، ونسأل الله له التوفيق والسداد في جميع أعماله الّتي يرومها في مجال العلم وخدمة السُّنّة المطهرة.
وصلّى الله وسلم على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
أ. د./ حسن محمد مقبولي الأهدل
كلية الشريعة والقانون - جامعة صنعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنّ لا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد: فإن ممّا يسرني ويسعدني أنّ أتقدم إلى إخواني الكرام، من محبي هذا العلم الشريف، والباحثين عن رواة الحديث، بهذه الرسالة الثّانية من "سلسلة تقريب رواة السُّنَّة بين يدي الأُمَّة" وهذه السلسلة أرجو الله عز وجل أنّ يجعلها مباركة لي ولإخواني طلاب العلم، ولكل من له شغف برواة الحديث، وما قيل في كلّ منهم من مدح أو تجريح، وعنوان هذه الرسالة:"الدّليل المغني لشيوخ الدارقطني" وهي رسالة ترشد الطالب والباحث إلى معرفة ثلة مباركة من رواة السُّنَّة الغراء على صاحبها أفضل الصّلاة وأتم التسليم، ولا شك أنّ معرفة الإنسان بأحوال العلماء، رفعة وزين، وإن جهل طلبة العلم وأهله بهم لوصمة وشين، ولقد علمت الأيقاظ أنّ العلم بذلك جم المصالح والمراشد، وأن الجهل به إحدى جوانب المناقص والمفاسد، من حيث كونهم
حفظة الدِّين الّذي هو أس السعادة الباقية، ونقلة العلم الّذي هو المرقاة إلى المراتب العالية، فكمال أحدهم يكسب مؤدَّاه من العلم كمالًا، واختلالها يورث خللًا وخبالًا، وفي المعرفة لهم معرفة من هو أحق بالاقتداء، وأحرى بالاقتفاء، والجاهل بهم من مقتبسة العلم مسوٍّ لا محالة عند اختلافهم بين الغث والسمين، غير مميز بين الرَّث والوزين، وقد روي عن الإمام مسلم بن الحجاج أنّه قال: إنَّ أول ما يجب على مبتغي العلم وطلابه أنّ يعرف مراتب العلماء في العلم، ورجحان بعضهم على بعض؛ ولأن المعرفة بالخواص آصرة ونسب، وهي يوم القيامة وصلة إلى شفاعتهم وسبب؛ ولأن العالم بالنسبة إلى مقتبس علمه بمنزلة الوالد بل أفضل، فإذا كان جاهلًا به فهو كالجاهل بوالده بل أضل (1). وقد قيض الله من الحفاظ والوعاة ويسَّر من النقَلَة والرواة طائفة أذهبوا في تقييدهم أعمارهم، وأجالوا في نظم قلائدهم وأفكارهم، فجزاهم الله عنا وعن سنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم خير الجزاء، وثقَّل بها موازينهم عند اللِّقاء، وبيَّض بها وجوههم يوم الجزاء، فهم القوم حقًّا لا يشقى جليسهم، وهم الرجال، وسائر من أنّ بعدهم عيال، وما نحن إِلَّا متشبهون، ومحبون، ومؤتسون.
وصدق من قال:
وتشبهوا إنَّ لم تكونوا مثلهم
…
إنَّ التَّشَبه بالكرام فلاح
أمّا إدراك شأوهم، وبلوغ فضلهم، وقيل منازلهم، فهيهات هيهات، فالمغرور من ظن أنّه صار بين عشية وضحاها كأحدهم، فقال: هم رجال، ونحن رجال. فضلًا عن أنّ يظن أنّه خير من أدناهم، وما أوتي هذا المغرور إِلَّا من ترك التأدب بآداب المتعلمين، وغفل عن أنّ التخلية قبل التحلية؛ كما قيل (2). وتشبهًا بطريقة هؤلاء الأخيار في جمع رواة الأخبار، من الأجزاء والمشيخات، وبطون كتب الأحبار، فقد جمعتُ في هذه الرسالة شيوخ أحد الأئمة الأعلام، الذَّابين عن سنة خير الأنام، عليه أفضل الصّلاة
(1) انظر مقدمة طبقات الشّافعيّة لابن الصلاح (1/ 74 - 75).
(2)
انظر "مقدمة تبييض الصحيفة"ص (4).
والسلام، وهو ذاك العَلَمُ الهمام، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني الإمام، قمت بجمع ذلك من جميع كتبه المطبوعة الّتي وقفت عليها، والتي بلغت أربعة وعشرين كتابًا، وكذا من كان منهم في "تاريخ بغداد" أو"لسان الميزان" ممّا نقله الحافظ عن الدارقطني من "غرائب مالك" أو"الأفراد" وكذا ما كان من ذلك في كتاب أبي الفضل بن طاهر المقدسي "أطراف الغرائب والأفراد" وغير ذلك ممّا هو مبثوث في بطون كتب الرجال، ممّا سيقف عليه الناظر -إنَّ شاء الله تعالى- في ثنايا هذا الكتاب.
وقد ذكرت بين يدي هذه الرسالة ترجمة للدارقطني، تكلمت فيها عن:
اسمه، ونسبه، وكنيته، وبلده، ومولده، وصفاته الخَلقِيَّة الخُلُقِيَّة، وطلبه للعلم، ونشأته فيه، ورحلاته، وبعض الفوائد المتعلِّقة بشيوخه وتلاميذه، وعقيدته، وتدليسه، ومذهبه الفقهي، وثناء أهل العلم عليه، والاتهامات الموجهة إليه، ومؤلفاته، ومرضه، ووفاته، ومكأنّها، والمنامات الّتي رويت له بعد موته.
وأمّا ما يتعلّق بالطريقة الّتي سلكتها في هذه الرسالة، فإني قد رتبتها على حروف المعجم، وسلكت في ذلك ما سلكته في الرسالة الأولى المتعلّقة بشيوخ الطبراني، إِلَّا أني هاهنا أنبه على أمور:
1 -
الأصل أني في ذكر ما قيل في الراوي أبدأ بكلام تلميذه الدارقطني، مقدمًا في ذلك توثيقه الصريح.
2 -
أذكر ما ظفرت به من عبارات المحققين والباحثين في عدم العثور على هذا الراوي وليس ما ذكرمن ذلك عن العلماء والمحققين من باب التنقص لهم، ولاهو بمزحزح لهم عن مُنيف مقامهم؛ لأنّ السَّيِّد من عُدَّت سقطاته، ولله در القائل:
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ
…
من شر أعينهم بعيبٍ واحد
3 -
أرتب المصادر على الوفيات، إِلَّا إذا كان للكتاب مختصرات أو تهذيبات، فإني -والحالة هذه- أقدم ما يتعلّق بهذا الكتاب وإن كان مختصره أو مهذبه متأخر الوفاة.
4 -
إذا أطلقت "المؤتلف" فالمراد به كتاب الدارقطني.
5 -
إذا كان الشّيخ مترجم في الكتاب الآخر "شيوخ الطبراني" فإني أكتفي بالإحالة إليه مع نقل حكم شيخنا المحدث أبي الحسن السليماني حفظه الله.
هذا ما أردت بيانه في هذه المقدِّمة، وأرجو أنّ لا يبور ما جمعته، ولا يضيع ما كتبته، وأثبته من ذلك، وصنفنه، وأسأل الله التوفيق في المقال، والتسديد في جميع الأفعال، إنّه بذلك ولي، والمرجو فيه ملي، وهو حسبي، وإليه في كلّ أمر مرجعي، وعليه توكلي، ولا حول ولا قوة إِلَّا به، إنّه نعم المولى ونعم الوكيل.
جزى الله خيرًا كلّ من كان ناظرًا
…
لمجموعتي هذي بستر القبائح
وأصلح ما فيها من العيب كله
…
فهذا الّذي أرجوه من كلِّ ناصح (1)
وصلّى الله على سيدنا محمّد وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرا.
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أبو الطيب
نايف بن صلاح بن علي المنصوري
بدار الحديث الخيرية بمأرب حرسها الله
والقائمين عليها من كلّ سوء ومكروه
ليلة الأحد 11/ 2/ 1427هـ.
(1) انظر "فهارس الفهارس"(1/ 56).