الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة أبي الحسن الدَّارقطني
*
اسمه ونسبه وكنيته وبلده:
هو علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله، أبو الحسن، البغدادي، الدارقطني (1).
*
مولده:
ولد سنة ستّ وثلاثمائة، وقيل: كان مولده لخمس خلون من ذي القعدة سنة خمس وثلاثمائة، ونقل الخطيب القولين، وصدر كلامه بالقول الأوّل (2)، ويرجحه ما جاء في "سؤالات السلمي (3) " عن الدارقطني نفسه حيث قال: ولدت في سنة ستّ وثلاثمائة.
*
صفاته الخَلْقية:
قال أبو القاسم بكر بن علي بن بكر بن علي بن حماد البندار: كان طويلًا أبيضًا (4).
* صفاته الخُلُقِيَّة:
قال الخطيب: كان فريد عصره
…
مع الصدق والأمانة، والفقه، والعدالة، وقبول الشّهادة، وصحة الاعتقاد، وسلامة المذهب (5). وقال الحاكم: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع (6). ومع صدقه وأمانته وورعه، فقد جمع فصاحة اللسان، فقد
(1) بفتح الدال، وسكون الألف، وفتح الراء، وضم القاف، وسكون الطاء المهملة، وفي آخرها نون، نسبة إلى محلة ببغداد، يقال لها: دار قطن. قال السمعاني: وهي محلة كبيرة خربت السّاعة. انظر "الأنساب"(2/ 500).
(2)
تاريخ بغداد (12/ 39 - 40).
(3)
برقم (42).
(4)
أطراف الغرائب (1/ 92).
(5)
تاريخ بغداد (12/ 34).
(6)
تاريخ دمشق (43/ 96).
ذكر الأزهري أنّ أبا الحسن الدارقطني لما دخل مصر، وأراد قراءة كتاب "النسب" للزبير بن بكار؛ على شيخ علوي يقال له: مُسَلَّم بن عبيد الله وكان أحد الموصوفين بالفصاحة، المطبوعين علي العربيّة اجتمع إليه من كان فيها من أهل العلم والأدب والفضل، فحرصوا على أنّ يحفظوا على أبي الحسن لحنه، أو يظفروا منه بسقطة، فلم يقدروا على ذلك، حتّى جعل مسَلَّم يعجب، ويقول له: وعربيّة أيضًا (1). وقال المُعيطي الأديب: يا أبا الحسن أنت أجرًا من خاصي الأسد، تقرأ مثل هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر والأدب، فلا يؤخذ عليك فيه لحنة (2).
وكان رحمه الله -أيضًا- موصوفًا بشدة الذكاء، فقد قال الأزهري: كان الدارقطني ذكيًّا، إذا ذوكر شيئًا من العلم -أيَّ نوع كان- وُجِدَ عنده منه نصيب وافر (3).
وموصوفًا كذلك بشدة الحافظة، فقد روي أنّه حضر في حداثته مجلس الصفَّار، فجلس ينسخ جزءًا كان معه، وإسماعيل الصفار يملي، فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال له الدارقطني: فهمي للإملاء خلاف فهمك، ثمّ قال: تحفظ كما أملى الشّيخ من حديث إلى الآن؟ فقال: لا. فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثًا فعُدَّت الأحاديث، فوجدت كما قال. ثمّ قال أبو الحسن: الحديث الأوّل منها عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا، والحديث الثّاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتّى أنّ على آخرها، فتعجب النَّاس منه (4).
(1) تاريخ بغداد (12/ 35).
(2)
معرفة القراء (2/ 670).
(3)
تاريخ بغداد (12/ 36).
(4)
أخرجها الخطيب في "تاريخه"(12/ 36 - 37) وهي حكايته منقطعة بين الأزهري والدارقطني، انظر التأصيل (ص 79)، وحاشية "المقنع" للجديع (1/ 308) إِلَّا أنّ السخاوي قال في "فتح المغيث" (2/ 195): سمعت شيخنا يحكي عن بعضهم أنّه كان يقرنها بما وقع للبخاري، حيث قلبت عليه الأحاديث، ويتعجب شيخنا من ذلك وهو ظاهر في التعجب. اهـ.
وقال محمّد بن طلحة النعالي: حضرت مع أبي الحسن في دعوة عند بعض النَّاس ليلة، فجرى شيءٍ من ذكر الأكلة، فاندفع أبو الحسن يورد أخبار الأكلة وحكاياتهم ونوادرهم حتّى قطع ليلته أو أكثرها بذلك (1).
وقال العتيقي: حضرت أبا الحسن وقد جاءه أبو الحسين البيضاوي ببعض الغرباء وسأله أنّ يقرأ له شيئًا، فامتنع واعتلَّ ببعض العلّل، فقال: هذا غريب، وسأله أنّ يُملي عليه أحاديث، فأملى عليه أبو الحسن من حفظه مجلسًا يزيد عدد أحاديثه على العشرة متون، جميعها:"نعم الشيء الهدية أمام الحاجة" وانصرف الرَّجل ثمّ جاء بعد وقد أهدى له شيئًا، فقربه وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثًا، متونها جميعًا:"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (2) " قال الذهبي: هذه حكايات صحيحة، وهي دالة على سعة حفظ هذا الإمام (3).
قال مقيده -عفا الله عنه -: ومما يدلُّ على سعة حفظه وقوته، ما ذكره الخطيب عن شيخه البرقاني قال: قلت له: هل أبو الحسن يملي عليك "العلّل" من حفظه؟ فقال: نعم. ثمّ شرح لي قصة جمع العلّل (4). قال الذهبي: قلت: إن كان كتاب "العلل" الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه، كما دلت عليه هذه الحكاية فهذا أمر عظيم، يقضى به للدارقطني أنّه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه فهذا ممكن (5). وقال في "التاريخ (6)،: قلت: وهذا شيءٍ مدهش؛ كونه يملي "العلّل" من حفظه، فمن أراد أنّ يعرف قدر ذلك فليطالع كتاب "العلّل" للدارقطني ليعرف كيف كان الحفاظ.
وكان رحمه الله جيد الخط، وقد أكثر الخطيب من النقل عنه، ومن الكتب الّتي
(1) تاريخ بغداد (12/ 36).
(2)
أخرجها الخطيب في "تاريخه"(12/ 39).
(3)
النبلاء (16/ 456).
(4)
تاريخ بغداد (12/ 37).
(5)
النبلاء (16/ 455).
(6)
(27/ 103).