الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
301 -
طَلْحةُ (1) بن سَعيد بن عبد العزيز، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو محمد، ابن القَبْطُرْنُه.
رَوى عن شُيوخ بلدِه، وكان أحدَ الأُدباءِ الأذكياء، وكانت بينَه وبينَ القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ صَداقة، ولمّا توفِّي أبو محمد هذا في حياة أخيه أبي بكر عبد العزيز رَثَاه أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي.
302 - طَلْحةُ بن عبد الله بن مَسْعود المَعافِريُّ، أبو الحُسَين
.
رَوى عن شُرَيْح.
303 -
طَلْحةُ (2) بن مُحَمَّد بن طَلْحةَ بن مُحَمَّد بن عبد الملِك بن أحمدَ بن خَلَف بن الأسعَد بن حَزْم الأُمَويّ، إشبِيليٌّ يابُريُّ أصلِ السَّلَف، أبو محمد.
رَوى عن أَبيه الأُستاذِ الكبير أبي بكر (3)، وشَكَّ في إجازته له، وعمِّه أبي العبّاس، وأبي بكر بن مَيْسَرةَ، وأبي جعفر بن جُمْهُور، وأبي الحَسَن بن أبي سِنَان المُكْتِب المَرّاكُشِيِّ نزيلِ إشبيلِيَةَ، وأبي الرَّبيع بن عليّ الشِّلْبي، وقال فيه: الغَرْبي، وأبي محمد بن أبي الوليد ابن الحاجِّ، ولم يذكُرْ أنَّهم أجازوا له، وأبي إسحاقَ بن قَسُّوم، وأبي أُمَيّةَ بن عُفَيْر، وآباءِ بكر: ابن عليّ الزُّهْريّ وابن قَسُّوم الزَّاهد والسَّقَطيِّ والقُرْطُبيِّ واللارِدِيّ، وأبي جعفر بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: البَلَويِّ وابن الجنان والدَّبّاج وابن الفَقّاص، وأبوَي الحُسَين: ابن زَرْقُون وابن عاصم، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلْفُون وابن مُجبر، وأبوَي العبّاس: النَّبَاتي وابن النَّجّار، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين، وأبي عِمرانَ بن خَلَصَة وكان جَدَّه للأُمّ، وآباءِ
(1) ترجمه ابن خاقان في قلائد العقيان 355 فما بعد، وابن دحية في المطرب 186، 219، وابن الأبار في التكملة (928)، وابن سعيد في المغرب 1/ 367، ورايات المبرزين 59.
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (931)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 444، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 19.
(3)
ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 684).
عَمْرٍو: بكرٍ المُسفر وجُمهورِ وعبد الرّحمن بن مَغْنين، وآباءِ القاسِم: أحمدَ بن بَقِيّ وأخيَلَ والقاسم ابن الطَّيْلَسان ومحمَّد بن فَرْقَد، وآباءِ محمد: ابن عُبَيد الله الباجِيّ وعبد الحقِّ بن إبراهيمَ وقاسِم بن جُمهُور، وأبي الوليد ابن الحاجِّ، قَرَأَ عليهم وسَمِع. ولقِيَ أَبا إسحاقَ الأعلم، وأبا الفَضْل ابنَ القانُه وأجازوا له.
وكتَبَ إليه مجُيزًا من الأندَلُسيِّين ولم يلقَهُ أو لقِيَ بعضَهم: آباءُ بكر: ابنُ رِفاعة والغَزال وعبدًالرّحمن بن دَحْمان ويحيى بنُ خليل وابنُ أبي إسحاق، وأبَوا جعفر: الجَيّار وابنُ زكريّا بن مَسْعود، وآباءُ الحَسَن: أحمد بن واجِب وثابت الكَلَاعيُّ وسَهْلُ بن مالك وابنُ البَنّاد [46 أ] وابن حَفْص والشَّقُوريُّ وابن الفَخّار الشَّرِيشيّ، وأبوا الرّبيع: ابنُ حَكَم وابن سالم، وأبو زَيْد الفازازيُّ، وأبو سُليمان بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: الأنْدَرْشيُّ وابنُ صاحب الأحكام وابنُ صلتانَ وابنُ عبد البَرّ وابن عبد العزيز بن سَعادةَ والفِرِّيشيُّ وابن وَضّاح الشَّيْقري، وأبو عامر بن أُبَيّ، وأبو عِمران ابنُ السّخّان، وأبوا عَمْرو: ابنُ عَيْسون ونَصْرُ بن بَشِير، وأبوا محمد: ابنُ عبد العظيم وعبدُ الصَّمد اللّبسيُّ، وأبو الوليد محمدُ بن عُبَيد الله النَّفْزي. وممّن قَدِمَ على الأندَلُس: أبو إسحاقَ ابنُ الكَمّاد، ومن أهل سَبْتةَ: أبو العبّاس العَزَفي.
وأخَذ بالإجازةِ العامّة عن جماعةٍ كبيرة من أهل المشرِق استفادَها من قِبَلِ أبي العبّاس ابن الرُّوميّة حَسْبَما مَرَّ ذكْرُه في رَسْمِه، وذكَرَ طلحةُ أنّ أَبا العبّاس استجازَ له بعضهم، من أعلامِهم: الأحامد: ابنُ أبي السَّعادات أحمدُ بن أبي بكر أحمدَ بن غالبٍ البَزّازُ البَنْدَنِيجي (1)، وابنُ أحمدَ بن عليّ ابن السِّمِّذي (2)، وابنُ أبي الحَسَن محمد بن أحمد بن إبراهيمَ الحَرْبي ابنُ صِرْما أبو العبّاس، وابنُ الحَسَن أو أبي (3) الحَسَن بن حَنْظلةَ الكَتْبيّ، وابنُ محمد بن أبي الغنائم ابن المُهتدي بالله،
(1) ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 2/الترجمة 666 والتعليق عليها.
(2)
كذلك 2/ الترجمته 667، وهذا من أهل محلة أبي حنيفة، فهو بلدي الدكتور بشار عواد معروف.
(3)
هكذا في الأصل.
وابن الحُسَين ابن النَّرْسي، وإبراهيمُ بن عبد الرّحمن بن أبي ياسِر أبو إسحاق، وأرسَلانُ السَّيِّدي، والأسعدُ بن بَقَاء (1)، والإسماعيلان: ابنُ عبد الخالق الغَضَائريُّ وابنُ سَعْد الله بن محمد بن عليّ بن حَمْدي (2)، والبَوّابُ (3)، والأنجَبُ الدَّلّال (4)، وبُزغُش (5) بن عبد الله عَتِيق سَعْدِ الله المذكور، أبَوا (6) محمد، وتُركُ بن محمد بن بَرَكة (7) بن عُمرَ العَطّار أبو بكر، وثابتُ بن مُشرَّف بن أبي سَعْد بن إبراهيمَ الأزجِيُّ الخَبّاز ابنُ البَنّاء أبو سعد (8)، وجعفرُ بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكات الهَمْدانيُّ أبو الفَضْل -ويقال: أبو أحمد، والأولى المشهورة- والحَسَنان: ابنُ عبد الله ابن الخَلّال، وابنُ علي بن الحَسَن بن عليّ بن عَمَّار أبو عليّ، وداودُ بن أحمدَ بن مُلاعِب أبو البَرَكات، ورسنُ بن يحيى، ورَيْحانُ بن تيكان بن موسَك بن عليّ بن عبد الله الضّريرُ أبو الخَيْر، وسعدُ بن جَعْفر السَّيِّدي، وعبدا الله بن الحُسَين (9) بن عبد الله العُكْبَريُّ أبو البَقَاء، وابن حَمّاد بن ثَعْلب (10) أبو المحاسِن الضّريرانِ، وأعبدُ الرحمن: أبو إسحاقَ ابنُ الجَواليقي وابنُ سَعْد الله بن أبي الرِّضا
(1) هو الأسعد بن بقاء الأزجي النجار (تاريخ الإسلام 13/ 735).
(2)
قيده المنذري بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وكسر الدال المهملة وآخره ياء آخر الحروف (التكملة 2/الترجمة 1541).
(3)
هكذا في الأصل، وهو غريب.
(4)
الأنجب بن أبي العز، أبو شجاع الدلال المتوفى سنة 618 (تاريخ الإسلام 13/ 540).
(5)
ينظر في تقييد الاسم مشتبه الذهبي 666.
(6)
هكذا في الأصل، وبزغش يكنى أَبا منصور، كما في إكمال الإكمال 6/ 247، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1652، وتاريخ ابن الدبيثي 3/ 25، وتاريخ الإسلام 13/ 466.
(7)
في الأصل: "تركة" مصحف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 3/ 39.
(8)
هو المعروف بابن شستان (تاريخ ابن الدبيثي 3/ 46).
(9)
في الأصل: "الحسن"، والتصويب من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 448 وغيره.
(10)
في الأصل: "تغلب"، والتصويب من تكملة المنذري 3/الترجمة 1981، وخط الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 668.
الطاحُونيُّ أبو الفَضْل وابنُ عَمْرو بن أبي نَصْر بن عليّ أبو محمد ابنُ الغَزّال، وعبدُ الرحيم بن نَصْر الله ابنُ القُبَّيْطِيّ وعبدُ الحق ابنُ الدَّجَاجي وعبدُ الخالق بن الأنجَب بن المُعمَّر بن الحَسَن أبو الفَضْل، وعبدُ الصَّمد بن محمد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتانيُّ أبو القاسم، وعبدا العزيز (1): ابن أحمدَ بن [46 ب] مَسْعود ابن سَعْد بن عليّ ابنُ النَّاقد، وابنُ سَحْنونَ بن عليّ الغُمَاريّ، وعبدُ اللطيف بن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغَنيِّ بن محمد بن جَرِير الطَّبَريُّ آباءُ محمد، وعبدُ المُطَّلب بنُ الفَضْل بن عبد المُطَّلب الهاشِميُّ أبو هاشم، والعَلِيُّونَ: ابنُ ثابتٍ الحَذّاءُ وابنُ علي بن أبي محمد وابنُ عُمرَ الحَمّامي وابنُ محمد بن عبد الكريم ابن محمد الجَزَري وابنُ يونُس بن البَبْغ آباءُ الحَسَن، والعُمَران: ابنُ القاسم بن المُفرِّج بن الخَضِر، تَكْريتيٌّ أبو عبد الله، وابنُ محمد بن جابِر أبو نَصْر، وقُرَيْشُ بن سُبَيْع أبو محمد، والمحمّدونَ أبناءُ الأحمَدِين: ابنُ جُبَيْر، شاطِبيّ، نَزيلُ الإسكندَريّة أبو الحُسَين وابنُ صالح بن شافِع أبو المعالي وابنُ إسحاقَ الصّابي وابنُ بَهْرَام بن عليّ بن بَهْرَام الجُنْديُّ أبو عبد الله، وابنُ تمَيم بن أحمدَ بن أحمدَ بن كرَم بن غالبٍ البَنْدَنِيجيُّ أبو بكر، وابنُ خَلَف بن راجِح بن بلال بن عيسى المَقْدِسيُّ أبو عبد الله، وابنُ رَيْحانَ بن عبد الله عَتِيق شُهدةَ أبو علي، وابنا السَّعيدَيْن: ابنُ محمد الرَّزّاز، وابنُ يحيى بن عليّ ابنُ الدُّبَيْثيِّ أبو عبد الله، وابنُ عبد الله بن المبارَك ابنُ البَنْدَنِيجيّ أبو منصور، وابنُ عبد الرّحمن بن محمد بن عليِّ أبي العِزّ أبو الفَرَج، وابنُ محمد بن محمد بن عَمْرُوك البَكْريُّ أبو الفُتُوح، وابنُ محمد بن أبي حَرْب بن عبد الصَّمد ابنُ النَّرْسي أبو الحَسَن وابنُ النَّفيس، والمَسْعودانِ: ابنُ عبد الله المُستَنْجِدي وابنُ محمود البيطار، ومِسْمارُ بن العُوَيْس أبو بكر، ومُشَرَّفُ بن عليّ بن أبي جعفر بن كامل بن خالِص الضَّريرُ أبو العِزّ، والمُظفَّرُ بن أبي نَصْر ابنُ رئيس الرُّؤساء، ومعتوقُ بن بَقَاء، والمُهذَّبُ بن
(1) في الأصل: "وعبد العزيز"، ولا يستقيم، لأن ابن سحنون الآتي هو: عبد العزيز بن سحنون بن علي برهان الدين أبو محمد الغماري، مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 773، فهما اثنان.
قُنَيْدة (1)، ونَصْرُ بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْريُّ أبو الفُتُوح، ويحيى بن أبي السَّعادات سَعْدِ الله بن الحُسَين (2) بن أبي تَمّام التَّكريتيُّ أبو [الفتوح](3)، وُيرنقشُ بن عبد الله، واليوسُفانِ: ابنُ عُمرَ ابن نِظام المُلكِ الطُّوسيُّ أبو المحاسِن والمبارَكُ بن أحمد بن المكْشُوط، في آخَرِين.
ومن النّساء: جَوْهرةُ بنتُ عبد الوهّاب الطَّبَريّ أُختُ عبد اللّطيف المذكور، وتُدعى بسِتِّ العَفَاف، وأُمّ الخَيْر خديجةُ بنتُ أبي نَصْر عليّ بن أبي الفَرَج محمد بن أبي الفُتُوح عبد الله بن هِبَة الله بن المُظَفَّر ابن رئيسِ الرُّؤساء، وشَرَفُ النِّساء صَفِيّةُ بنتُ أبي جعفرٍ عبد الله بن محمد بن محمد بن محمدِ بن أحمدَ ابن المُهتَدي.
روى عنهُ صاحبُه أبو عَمْرٍو بن عَمْريل، وآباءُ بكر: ابنُ عبد الرّحمن بن مُفَضَّل وابنُ عُمَر بن مسَرّةَ وابنُ محمدٍ الجُعَيْديُّ وأبو الحَسَن بن حُسَين الأحْرَشُ وأبو العبّاس بن محمد بن مَكْنون [47 أ].
وكان مُقرِئًا مُبرِّزًا في صَنْعةِ التجويد، نَحْويًّا ماهرًا، عَرُوضيًّا حاذقًا، ذا حظٍّ وافر من الأدب وقَرْض الشِّعر، ذاكرًا لتواريخ الرّجال وأحوالهِم حسَنَ الجَمْع لمتفرِّقاتِ أخبارِهم، عارفًا بطُرُق الرِّواية، عُنِي مُعظمَ دَهْرِه بتقييد العلم ولقاءِ حَمَلتِه، وكان من آنَقِ الناس طريقةً في الخَطّ ومن المتقدِّمينَ في الإتقانِ والضَّبط ومن جِلة النُّبَلاءِ في كلّ ما يحاول، ولم يُكثِرْ من الأخْذٍ عنٍ أَبيه، وإن كان قد أدرَك ذلك بسِنّه، فإنّ أباه خَلَفَه بعدَ وفاتِه ابنَ ثمانيَ عشْرة سنة ولم يأخُذْ عنه إلا اليسير، وذلك روايَتا الحَرَميَّينِ لإبن شُرَيْح، قرَأَهما عليه وتَلا القرآنَ عليه برواية ابن كثيرٍ منهما، وقرَأَ عليه "فصيحَ ثَعْلب" وبعضَ "لَحْن العامّة"،
(1) في الأصل: "قُبّيدة"، مصحف، وقيده المنذري فقال:"بضم القاف وفتح النُّون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث"(التكملة 3/الترجمة 2262)، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 822، وسير أعلام النبلاء 22/ 313، وتاريخ ابن الدبيثي 5/ 69.
(2)
في الأصل: "الحسن" خطأ، والتصويب من تكملة المنذري 3/الترجمة 1785، وخط الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 567.
(3)
بياض في الأصل تركه المؤلف لعدم معرفته بكنيته، وأثبتناها من مصادر ترجمته.
وسَمِعَ مه جُملةً من أشعارِه التي رَثَى بها أخاه أَبا العبّاس وغيرَها. وكان الذي قَطعَ به عن الاستكثارِ من الأخْذِ عنه زَمانةٌ لزِمَتْه أيامَ شبابِه، فكان أبوه لا يَحمِلُ عليه في الاجتهاد في طَلَب العلم ويَقْنَعُ من ذلك بما جاء منه عَفْوًا رأفةً به وإشفاقًا عليه، ثُم إنّ الله تعالى مَنَّ عليه بعافيةِ الصّحة فأخَذَ نفْسَه بالجِدّ والاجتهادِ في طَلَب العلم، فلم يَمُرَّ عليه إلا عامانِ أو نحوُهما حتّى بَذَّ أقرانَه وكثيرًا من أشياخِه، وألَّفَ معجمَ شيوخِه في ذلك الوقت في مجموع وَسَمه بـ"مُلحة الرّاوي وخِتام عَيْبةِ الحاوي"، وقَفْتُ عليه بخطِّه، وذَكَرَ أنه جمَعَه بقُرب من العشرينَ وست مئة، واستفادَهُ منه أصحابُه وجُملةٌ من أشياخِه وقَيَّدوا منه وانتَفَعوا به، وصنَّفَ حينئذٍ "معجَمَ شيوخ القاضي أبي الوليد الباجِيّ"، ورَواهُ أصحابُه، وقد وقَفْتُ أَيضًا عليه بخطِّه.
وانتَصَب للإقراءِ وتدريس العربية ومُعظمُ شيوخِه أحياء، وحُمِلَ عنه العِلمُ واستُجيز وهُو ابنُ العشرينَ سنةً، ولم يزَلْ عاكفًا على استفادةِ العلم وإفادتِه مُنقطِعًا لخِدمتِه لا يشغَلُه عنه شاغلٌ شَغَفًا به وحِرصًا عليه، صابرًا على شدّةِ الفَقْر وقلّة ذاتِ اليد، راضيًا بحالِه ذلك غيرَ متشوّف إلى عَرَض من الدّنيا.
وله برنامَجٌ حَفيلٌ استَوعَبَ فيه ذكْرَ شيوخِه إلى عام خمسةٍ وثلاثينَ وست مئة سَمّاه "نُغْبةَ الوارِد ونُخبةَ مستفادِ الوافِد" ويَشتملُ على مئاتٍ من الرّجال وجماعةٍ من النّساء. وعَمِلَ فهارِسَ لطائفةٍ من أشياخِه، كأبي أُمَيّةَ وأبي الوليد ابن الحاجّ وغيرِهما، ظَهَرَ في ذلك كلّه جَوْدةُ اختيارِه وحُسنُ ترتيبِه وفضلُ اقتدارِه، ووَصَلَ كتابَ "صلة" الحافظ أبي [47 ب] القاسم ابن بَشْكُوال بتقاييدَ كثيرةٍ لم يَتمَّ غَرَضُه منها ولا أمهَلَتْه المنِيّةُ إلى تخليصِها وإخراجِها من مُسَوَّدتِها.
وكان سُناطًا (1)، أخبَرني بعضُ أصحابِنا ممّن لازَمَه وكانت عمّتُه زوجًا لأبي محمدٍ طلحةَ، قال: كان له ثيابٌ للِباسِه مُعَدّةٌ لخروجِه للقاءِ الناس، فإذا كان بدارِه اتّخذ فَرْوًا، فكان يجعَلُ وبَرَه ممّا يلي جِسمَه أيامَ البَرْد وجِلدَه ممّا يليه
(1) السُّناط -ويقال بكسر السين-: الكوسج الذي لا لحية له أصلًا أو كان خفيف العارض.
أيامَ الحَرّ، ولا يُفارقُ كُتُبَه وتقاييدَه ومنزلَه ليلًا ولا نهارًا إلا لصلاةِ الفريضة في الجماعة وللإقراء، هذا كان دأْبَه رحمه الله.
قال أبو محمد طلحةُ رحمه الله: أنشَدَنا القاضي أبو أُمَيّةَ بنُ سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْرٍ، قال: أخبَرَنا القاضي أبو القاسم خَلَف بن عبد الملِك بن بَشْكُوال، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن، يعني يونُسَ بنَ محمد بن مُغيث، غيرَ مرّة عن جَدِّه مُغيثِ بن محمد قال: أنشَدَنا جَدّي يونُسُ بن عبد الله قال: كان أبو زكريّا يحيى بنُ عانِد يُنشِدُنا في أواخِر مجالسِ السَّماع [الطويل]:
مجالسُ أصحابِ الحديثِ حدائقٌ
…
تَنَزَّهُ فيها أعينٌ وقلوبُ
وسُئل شيخُنا أبو أُميّةَ تذييلَه، فأنشَدَنا لنفسِه:
وتَعْلَقُ بالأسماع من لفظِ أهلِها
…
شُنوفُ معانٍ صَوْغُهُنَّ عجيبُ
وتَسري إلى الأفكارِ منه رسائلٌ
…
لها نَفَحاتٌ عَرْفُهُنَّ يَطيبُ
ولمْ لا وهذا خاتَمُ الرُّسْلِ بينَها
…
شهيدٌ على بُعْدِ المحلِّ قريبُ
إذا دام ذكْرُ المرءِ دامتْ حياتُهُ
…
وشاهدَهُ الأهْلُونَ حين يغيبُ
فما جَدَّدوا ذِكْراهُ صلَّى إلهُهُ
…
عليه فتَذكارُ الحبيبِ حبيبُ
قال ابنُ طلحةَ: وسألَني صاحبُنا وشيخُنا أبو محمد بنُ قاسم الحَريريُّ تذييلَ البيتِ أَيضًا، ولم يَسَعْني إلا أن أُجيبَه فقلت:
مجالسُ أصحابِ الحديثِ حدائقٌ
…
تَنَزَّهُ فيها أعينٌ وقلوبُ
تَفَجَّرَ يَنْبوعُ الشريعةِ وَسْطَها
…
فأينَعَ غُصْنُ العلمِ فهْو رَطيبُ
وأَطلعتِ الأفنانُ زَهْرَ فنونِهِ
…
فريحُ الصَّبا عن نَشْرِهنَّ تَطيبُ
وأثمرتِ الأزهارُ زَهْرَ فوائدٍ
…
يلَذُّ جَنَى معنًى لهن غريبُ
كسَتْ شمسُ دِين المصطفى كلَّ ما بها
…
فللنُّورِ في الأوراقِ رَوْقٌ عجيبُ
تَرى طالبي الآثارِ في رَغْدِ عَيْشِهمْ
…
جَنَابٌ رحيبٌ والمحلُّ خَصيبُ
[48 أ] فلِلفكرِ قَطْفٌ ثم للنفسِ نَعْشَةٌ
…
وللعينِ من حُسْنِ الجميع نَصيبُ
ومن كلام كلِّ أحدٍ مأخوذٌ ومتروكٌ إلا من كلام سيِّد البشَر صَلَواتُ الله عليه وسَلامُه.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولا خفاءَ بشُفوفِ قطعة أبي مُحَمَّد طلحةَ على قطعة القاضي أبي أُمَيّةَ رحمهما اللهُ لشِدّةِ مُناسبتِها البيتَ الأول، ولكلِّ أجرُ اجتهادِه نفَعَهما الله. وممّا ينبغي التنبيهُ عليه أنّ الأُستاذَ أَبا محمد طَلْحةَ نبَّهَ فيما وقَفْتُ عليه بخطِّه على قولِه:"رَوْقٌ" بما نصُّه: مزحوفٌ جائز، وليس ما قاله بصحيح عند حُذّاقِ العَرُوضيّينَ حسبَما تقَرَّر منَ اصطلاحِهم، بل هو سالمٌ غير مزحوف؛ لأنه "فعولُن" على أصلِه، وبيانُ ذلك: أنّ هذه القطعةَ من الضَّرْب الثالثِ من الطَّويل وهُو المحذوف: كان أصلُه مفاعيلُن فحُذِف، والحَذْفُ: إسقاطُ متحرِّك وساكن من آخِرِ الجُزء، وهُو المسَمَّى عند العَرُوضيِّينَ سَبَبًا خَفيفًا، فصار الجُزءُ بعدَ الحَذْف مفاعي فنُقلَ إلى مثل وزنِه وهو فَعُولُن، وكثُرَ في فعولُن الذي قبلَه الزِّحَافُ المسَمَّى عندَهم بالقَبْض وهو حَذْفُ الساكن الخامسِ من الجُزْء، وكان أصلُه فعولُن فانتَقلَ بالقَبْض إلى فعولُ واستُعذِبَ في الذَّوق حتى صار مُزاحَفُه أعذَبَ من سالِمه، ذلك ليستَتبَّ لهم ما اعتَمَدوه من بناءِ دائرةِ الطَّويل على اختلافِ أجزائها، فتبيَّنَ بما قُلناه أن الجُزءَ الذي نَبَّه أبو محمدِ على أنه مزحوفٌ هو السالم، ومثلُه مما أنشَدَه الخليلُ:
أقيموا بني النُّعمانِ عَنّا رؤوسَكمْ
…
وإلّا تُقيموا صاغرينَ الرُّؤوسا
وأنّ ما سواهُ من الأجزاءِ الواقعة موقعَه من سائرِ أبياتِ القطعة مزحوفة، وهي أعذَبُ في الذَّوق. فإن قلتَ: لعلّه يكونُ ذلك على اصطلاح بعضِ العَرُوضيِّينَ في إطلاقِهم الزِّحَافَ على كلِّ تغيير، قُلنا: لا تغييرَ في هذا، لمجيئه على أصلِه، اللهُمّ إلا أن يكونَ في الذَّوق وهُمْ لم يَعتبِروه ولا وَضَعوا لهُ لقَبًا حتى يكونَ له أثر،