الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخمسينَ وثلاث مئة، وهُو كان آخرَ القَرَأةِ عليه. وصَحِبَ أَبا أيّوبَ سُليمانَ بن أيّوبَ الفقيه، وأبا بكر ابنَ القُوطِيّة، وغيرَهما. وعُني بالطبِّ أتمَّ [27 أ] عناية وهُو ابنُ أربعَ عشْرةَ سنة، وأفتَى فيه ابنَ أربع وعشرينَ، وصنَّفَ فيه كُتبًا جَليلةَ النَّفْع، وجمَعَ كتابًا في طبقاتِ الأطِبّاءِ والحُكَماءِ والفلاسفة القُدَماءِ والإِسلاميِّينَ أفاد به (1)، وفَرَغَ منه صَدْرَ سبع وسبعينَ وثلاث مئة. أخَذ عنه سعيدُ بن محمد الطُّلَيْطُليُّ ابنُ البَغُوْنَش (2). ومَوْلدُه سنةَ اثنتينِ وثلاثينَ وثلاث مئة.
153 - سُليمانُ بن الحَسَن بن أبي الخَطّاب، أبو الرَّبيع، أخو أبي الحَسَن
.
رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن جَحْدَر.
154 -
سُليمانُ (3) بن حُسَين بن يوسُفَ الأنصاريُّ، لارِديٌّ، أبو مَرْوانَ الشَّييّ (4).
رحَلَ إلى قُرطُبةَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ وأربع مئة فلقِيَ أَبا عبد الله بنَ عَتّاب، وأبا عُمرَ ابنَ القَطّان، وأبا القاسم حاتمَ بن محمد الطَّرَابُلُسي. ولقِيَ بشرقِ الأندَلُس أَبا العبّاس العُذْريَّ، وأبا عُمر بنَ عبد البَرّ، وأبا الوليد الباجِيَّ فسمعَ منهم وأخَذ عنهم، ثم انصرَفَ إلى لارِدة.
رَوى عنه أبو محمدٍ القَلَنّيّ، وأبو الوليد يحيى بن سُليمان. وكان مُحدّثًا مُكثِرًا فقيهًا مُشاوَرًا، واستُقضيَ ببلدِه، وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وخمس مئة وقد قارَبَ المئة.
(1) حققه العلامة فؤاد سيد يرحمه الله.
(2)
هو سعيد بن محمد بن البَغُوْنَش الطبيب الطليطلي، قيّده الصفدي في الوافي فقال: بفتح الباء الموحدة وضم الغين المعجمة وسكون الواو وفتح النون وبعده شين معجمة (الوافي 15/ 254)، ووقع في التكملة:"البغولش" من غلط الطبع فيُصحح.
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (3133)، والذهبي في المستملح (780)، وتاريخ الإسلام 11/ 113.
(4)
منسوب إلى شيّة، من قُرى لاردة، كما في التكملة.
155 -
سُليمان (1) بن حَكَم بن محمد بن أحمدَ بن عليّ الغافِقيُّ، قُرْطُبيّ، أبو الرَّبيع.
تَلا القرآن وأخَذ النَّحوَ واللّغة عن أبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله البَكْريِّ الأُقلِيجيّ، ورَوى الحديثَ عن أبوَيْ عبد الله: ابن حَفْص وابن الفَخّار، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والشَّرّاط.
رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وحدَّث عنه بالإجازة شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ، وأبو محمد طَلْحةُ بن محمد بن طَلْحة. وكان كبيرَ عاقِدي الشُّروط بقُرْطُبة يقعدُ لذلك بدُكّانٍ غَرْبيَّ المسجدِ المنسُوب إلى بدر، مُبِرِّزًا في العَدالة والضَّبط وحُسن الخَطّ، عارفًا بنَوازلِ الأحكام، أديبًا كاتبًا مَديدَ الباع في النَّظْم، ونَظَمَ باقتراح أبي القاسم ابن الطَّيْلَسان أُرْجوزةً مُزدَوَجةً في الفقه شُهِدَ لهُ بالإجادةِ فيها ضمَّنها مسائلَ "الخِصَال الصَّغير" للعَبْديِّ وأبوابِه.
ومن نَظْمه قصيدةٌ يُثْني فيها على الإِمام أبي الحُسَين مُسلم بن الحَجّاج ويصِفُ إتقانَه في تصنيف "صحيحِه"، وهي مما أنشَدتُه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله، قال (2):[27 ب] أجاز لي حَمْلَها عنه ناظمُها فيما أذِنَ لي فيه.
وأنشَدَنيها صاحبُنا أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَني شيخُنا أبو الرَّبيع بنُ حَكَم لنفسِه [طويل]:
تَحدَّى بإتقانِ الرّوايةِ مسلمُ
…
وأوضَحَ في الإسنادِ ما هُو مُبهَمُ
وأبدعَ في علمِ الحديث عجائبًا
…
أبانَ بها ما لم يكنْ قبلُ يُفْهمُ
وخرَّجَ من محضِ الصِّحاحِ مصنَّفًا
…
به كلُّ مَن يَهوَى الأحاديثَ مُغرَمُ
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3161)، والرعيني في برنامجه (126)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 409، والذهبي في المستملح (793)، وتاريخ الإسلام 13/ 542، والصفدي في الوافي 15/ 370، والتنبكتي في نيل الابتهاج 102 (ط. فاس).
(2)
أشار الرعيني في برنامجه إلى هذه القصيدة ولم يوردها.
وسابقَ كلَّ المُسنِدينَ ففاقَهمْ
…
وأربَى عليهمْ حينَ جادَ وديَّموا
لقد أخمدَ الكُتْبَ السَّنِيةَ ذكْرُهُ
…
كما خَمَدت في طَلْعةِ البدرِ أنجُمُ
فيا طالبًا للعلم دُونَكَ مُسنَدًا
…
صحيحًا به من علّةِ الوَهْم تسلَمُ
فما بعدَ فُرقانٍ هُدِينا بنُورهِ
…
أجلُّ وأعلى منه قَدْرًا وأعظمُ
عليكَ بمجموع من العلمِ فاغتنمْ
…
فما مثلَهُ من مُسنَد الوَحْي تغنَمُ
به تَهتدي مهما استضَأْتَ بنُورِهِ
…
إذا ما دَجَا ليلٌ من الجَهْل مُظلمُ
فلا تعتمدْ إلا عليه فإنهُ
…
على كلِّ ديوانٍ يُرَوَّى مقدَّمُ
جَزَى اللهُ خيرًا مُسلمًا وأثابهُ
…
بأكرمِ نُزْلٍ خالدًا فيه يَنعَمُ
تَهدَّى لعلمٍ لم يزَلْ فيه قُدوةً
…
وما كان إلّا للهدايةِ يُلْهَمُ
لئنْ فارَقَ الأبصارَ مَرْأى عِيَانِهِ
…
فما نُورُه مَرْأى البصائرِ يُعدَمُ
عليه سلامُ الله ما حجَّ راكبٌ
…
وما طاف بالبيتِ المحرَّم مُحْرِمُ
تَلقَّى لامَ القَسَم في البيتِ الذي قبلَ الآخِر بما تُتلَقَّى به أدواتُ الشَّرط غَفْلةً منه، جَرَّها عليه اعتبارُ الشَّرط الذي دخَلَتْ عليه لامُ القَسَم، والعرَبُ إنّما تُراعي في هذا البابِ ما تُصدِّرُ به الكلام؛ وُيخرِجُه عن هذا أنْ لو عَوَّضَ الفاء من "فما" باللام.
وأنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله لأَبي الرّبيع بالإسناد المتقدِّم إليه (1)[السريع]:
يفرَحُ الِانسانُ لأَيّامِهِ
…
تمَضي لِما يرجو مِنَ امالِهِ
وهْو على الدِّرهم يبكي دَمًا
…
إِنْ خالَه يَذهَبُ من مالِهِ
(1) برنامج الرعيني (126)، ونيل الابتهاج (102).