الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: (في رؤية المؤمنين لربهم)
55-
ومن قولهم: أن الله سبحانه وتعالى يتجلى لعباده المؤمنين في المعاد، فيرونه بالأبصار على ما نطق به القرآن، وتواترت به أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الله عز وجل: {وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ. إلى ربها ناظرةٌ} ، وأكد ذلك بقوله في الكافرين:{كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون} تخصيصاً منه برؤيته المؤمنين.
قال الله عز وجل: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} .
والزيادة: النظر إلى الله تعالى، جاء ذلك مفسراً كذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن غير واحد من الصحابة والتابعين.
56-
وقال تعالى مخبراً عن موسى عليه السلام: {رب أرني أنظر إليك} ، ولولا علمه بجواز الرؤية بالأبصار عليه لما أقدم على أن يسأله ذلك.
ورؤيته تعالى بغير حد، ولا نهاية، ولا مقابلة، ولا محادة، لأنه:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} .
57-
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)) . وروى ابن وهب، عن مالك أنه قال: أهل الجنة ينظرون إلى الله تعالى بأعينهم، وأشار ابن وهب إلى عينه.
ومعنى: ((لا تضامون)) أي: لا تدافعون ولا تزدحمون.
ومعنى الحديث الآخر: ((لا تضارون في رؤيته)) . أي: لا يدخل عليكم ضرر في رؤيته.
58-
ومعنى قوله تعالى: {فلما تجلى ربه للجبل} .
قيل: اطلع.
وقيل: ظهر من أمره ما شاء.
وقيل معناه: فإنه خلق في الجبل حياة ورؤيةٌ حتى رأى ربه.
59-
ومعنى قول موسى عليه السلام: {تبت إليك} . أي: من التقدم بالمسألة قبل الإذن فيها.
وقيل: من ذنوب تقدمت؛ ذكرها عند ظهور الآية جدد التوبة منها.
60-
ومعنى قوله: {وأنا أول المؤمنين} أي: بأنه لا يراك شيء من خلقك إلا حل به ما حل بالجبل.
وقيل: أول من آمن بأنك لا ترى في الدنيا.
ومعنى قوله: {لن تراني} ، أي: في الدنيا، لأن موسى إنما سأله الرؤية في الدنيا، وكان ذلك جواباً لسؤاله.
61-
وكذلك معنى قوله عز وجل: {لا تدركه الأبصار} أي: في الدنيا، لأنها دار الفناء، والنظر إليه تعالى من جزاء الأعمال، وهو أبلغ الجزاء، قوله:{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وليست الدنيا بدار جزاء.
62-
وقيل: معنى {لا تدركه الأبصار} أي: لا تحيط به، وهو تعالى محيط بها كما قال تعالى في قصة موسى عليه السلام {إنا لمدركون} ، بعد قوله:{تراءى الجمعان} وقال في قصة فرعون: {حتى إذا أدركه الغرق} فالإدراك في هاتين الآيتين: الإحاطة لا الرؤية، فكذلك هو في الآية المتقدمة سواء.