الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى يوم القيامة بالأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة)) إنما يعني صلى الله عليه وسلم: أنه خال من البر والطاعة، وأن لا شيء له ولا فيه منهما فعبر بالوزن عن ذلك والله أعلم.
فصل: (في الحوض)
121-
ومن قولهم: إن للرسول صلى الله عليه وسلم في المعاد حوضاً شرابه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وفيه من الآنية مثل عدد نجوم السماء، يقع فيه ميزابان من الكوثر، لا يظمأ من شرب منه من المؤمنين، ويمنع منه من انحرف عن الدين، وخالف السبيل المستقيم على ما صحت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال عز من قائل: {إنا أعطيناك الكوثر} ، والكوثر نهر في الجنة أعطيه نبينا صلى الله عليه وسلم، بذلك تواترت الأخبار، وصحت الآثار.
122-
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضي، قال: نا علي بن محمد بن زيد، قال: نا محمد بن عبد الله مطين، قال: نا هدبة بن خالد، قال: نا همام بن يحيى، قال: نا قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافاته قباب الدر المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك الله عز وجل) .
123-
ومن قولهم: إن الله يشفع نبيه صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته وصحابته، ومن يشاء من صالح عباده، في عصاة أهل ملته، ويخرج بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار قوم بعد ما امتحشوا فيها وصاروا حمماً، ويدخلون الجنة ويغسلون في ماء الحياة فتنبت لحومهم كما تنبت الحبة في حميل السيل، على ما أتت به الأخبار الصحاح عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
124-
وقال عز من قائل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم عن غير واحد من الصحابة أن المقام المحمود: الشفاعة.
وقال تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} يعني: إذا أذن في الشفاعة، وأخرج العصاة من المؤمنين من النار.
وقال في الكافرين: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} ، وقال فيهم: {ما للظالمين
من حميم ولا شفيع يطاع} .
125-
وقال: {ولا يشفعون} عن الملائكة {إلا لمن ارتضى} ، والعصاة لتمسكهم بالتوحيد والإقرار والتصديق مرتضون، بدليل قوله:{ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} ، ثم قال:{جنات عدن يدخلونها} ، ومرتضى ومصطفى واحد؛ على أن علي بن أبي طلحة قد روى عن ابن عباس في قوله تعالى:{إلا لمن ارتضى} قال: الذي ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله.
وقال أصحابنا معناه: إلا لمن ارتضى أن يشفع فيه، وليس معناه إلا لمن رضي عمله، لأن من رضي له جميع عمله لا يحتاج إلى شفاعة.
126-
قال الله عز وجل: {ما على المحسنين من سبيل} .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)) ، وقال: ((أسعد الناس بشفاعتي يوم
القيامة من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه)) ، وقال صلى الله عليه وسلم:((لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة)) ، فلا يديم تبارك وتعالى عذابه إلا على الكافرين، ولا يخلد في ناره إلا الجاحدين، على ما أخبر به في قوله:{إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} وقال: {وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} ،