الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
معنى العصمة
والعصمة مما اختص الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بها، كذلك الأنبياء من قبله، ونقصد بالعصمة: أن الله جل وعلا حفظه من المعاصي والسيئات صغيرها وكبيرها بعد البعثة، وحفظه أيضًا مما يكون سببًا للشين أو التنقص قبل البعثة، ألا يقع منه قبل البعثة ما يكون سببًا لازدرائه أو الوقوع في عرضه بأن يقال له بعد البعثة قد كنت تفعل هذا الذي تنهانا عنه الآن، وكذلك من كل ما يكون منفرًا من قبول الدعوة عند أصحاب الطباع السليمة.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم لابد أن يكون متميزًا عمن يدعوهم إلى الله تعالى، فهو يدعوهم إلى مكارم الأخلاق وأحاسن الصفات، وصحيح الاعتقادات وجميل العبادات، فهو أسوتهم إذن في ذلك وقدوتهم في أقواله وأفعاله وأخلاقه، فلا يجوز أن يكون كذلك ويصدر عنه ما يخالف قوله أو فعله، مما يسقطه من أعينهم أو يقلل قيمته وشأنه في نظرهم، فيكون حائلاً عن وصول دعوة الحق إلى الناس، وصادًا لهم عنها، بدلاً من أن يكون هاديًا لهم فيها معينًا لهم عليها، وهذا قادح في مرسله سبحانه وتعالى حاشا له - إن ذلك يناقض هدف الدعوة ومقصودها.
وقد أخذنا أنفسنا في أول الفصل بأن يكون الكلام على الرسول صلى الله عليه وسلم مما نزل به القرآن الكريم أي - رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن - ترجمة أمينة له لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لما ذكرناه هناك من أسباب، فكذلك القول في العصمة.
وسوف نعالج موضوع عصمته صلى الله عليه وسلم بطريقة مختلفة عن طريقة التقرير العادية للقضايا، بطريقة تعتمد على قراءة النصوص القرآنية كلها الواردة في الموضوع، والربط بينها لنخرج بنتيجة نطبقها من باب الأولى على النبي صلى الله عليه وسلم وقد اخترنا قصة يوسف عليه السلام لنقرأ نصوصها، وندرسها، ونقارن بينها وبين بقية النصوص، ثم نستخلص منها النتيجة التي تؤدي إليها، وحينها ندلل بها على عصمة صلى الله عليه وسلم من باب الأولى بمقارنتها بما ورد فيها وفي غيرها من النصوص التي تشير إلى النبي عليه الصلاة والسلام.