الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
بشارات الأنبياء بالرسول صلى الله عليه وسلم والمصادر
يقول الدكتور أكرم العمري: وقد وقع التحريف في نسخ التوراة والإنجيل وحذف منهما التصريح باسم محمد صلى الله عليه وسلم إلا توراة السامرة، وإنجيل برنابا الذي كان موجودًا قبل الإسلام، وحرَّمت الكنيسة تداوله في آخر القرن الخامس الميلادي، وقد أيدته المخطوطات التي عثر عليها في منطقة البحر الميت حديثًا، فقد جاءت في إنجيل برنابا العبارات المصرحة باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما جاء في الإصحاح الحادي والأربعين منه، ونص العبارة:([29] فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس [30] فلما التفت آدم رأى مكتوبًا فوق الباب: لا إله إلا الله محمد رسول الله) وفي موضع آخر منه هذه العبارة (163: 7)، أجاب التلاميذ: يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم، أجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله).
ونذكر مثل هذه البشارات في إنجيل برنابا في مواضع كثيرة - وهو مطبوع - وهذه العبارة المشهورة عند النصارى اليوم لم تترجم من السيريانية إلى العربية الترجمة الصحيحة كما حقق ذلك الأستاذ / عبد الأحد داؤد، وهي في إنجيل لوقا (2: 14).
والحق إذن أن نسخ الكتب السماوية المتداولة خلال القرون الثمانية بين علماء أهل الكتاب من لدن القرن السادس الهجري، وما قبله كذلك تعرضت لحذف اسم النبي صلى الله عليه وسلم وحذف النصوص الواضحة الدلالة على صفاته، كما يتضح ذلك من النقول التي أوردها
العلماء المسلمون في كتبهم مثل ابن قتيبة والماوردي والقرافي وابن تيمية وابن القيم؛ مما يشير إلى محو أهل الكتاب ذلك من كتبهم إثر المجادلات الدينية، واحتجاج المسلمين بها عليهم، ولكن الكلام كما هو معلوم قد حوته مجلدات ضخام لا تعد ولا تحصى، تبين ما نحن بصدده وهو ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وكان يقرأ في الكتب المتقدمة - كان يقول إن هذه الآية التي في القرآن:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] هي في التوراة: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفا)(1).
قد يرد أحدهم هذا تحيز من مسلم لرسوله، والرد الأول إنهم ما كانوا ليكذبوا له، ومن فعل ذلك ردت روايته، وتبوأ مقعده من النار، والكذب لم يكن بتاتاً من أخلاقهم كما هي شهادة أعدائهم قبل علمائهم وعوامهم، وإنما يرمي به من يرمي غيره بالكذب لتأصل ذلك فيه.
الثاني: أن ذلك انتشر بين أهل الكتاب وردهم على شخص غير شخص الرسول صلى الله عليه وسلم أسهل بكثير من ردهم على الرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة وقد نقلت كتب التاريخ حريتهم في المناظرة والرد والكتابة ضد الإسلام من أيامه الأولى.
(1) صحيح البخاري (4838)، كتاب تفسير القرآن الكريم، باب إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، سورة الفتح (912)، (2125) كتاب البيوع، باب كراهية السخب في الأسواق (370)، طبعة ابن حزم.