الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيام والقُعود في صلاة الليل
و" كان صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ
قائماً؛ ركع قائماً، وإذا قرأ قاعداً؛ ركع قاعداً " (1) .
و" كان أحياناً يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته
قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية؛ قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع وسجد، ثم
يصنع في الركعة الثانية مثل ذلك " (2) .
(1) أخرجه مسلم (2/162 - 163) ، وأبو داود (1/151) ، والنسائي (1/244) ،
والترمذي (2/203) ، وابن ماجه (1/370) ، وابن نصر في " قيام الليل "(81 و 84) ،
والطحاوي (1/200) ، والبيهقي (2/486) ، وكذا الحاكم (1/286 و 315) ، وأحمد
(6/98 و 100 و 112 و 113 و 166 و 204 و 227 و 236 و 241 و 262) من طرق عن
عبد الله بن شقيق العُقيلي. قال:
سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت:
كان يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ قائماً؛ ركع قائماً،
وإذا قرأ قاعداً؛ ركع قاعداً. وفي لفظ: صلى
…
بدل: قرأ.
وقد زعم الحاكم أنه أخرجه الشيخان! وهو وهم منه؛ فإنه ليس عند البخاري،
وليس عبد الله بن شقيق من رجاله في " صحيحه ". ويأتي الكلام على الحديث، وأنه لا
تعارض بينه وبين الحديث الذي بعده، بل كان صلى الله عليه وسلم يفعل هذا تارة، وهذا تارة؛ كما
ذهب إليه الحافظ ابن حجر؛ تبعاً لشيخه الحافظ العراقي، وقد ذكر كلامه في ذلك
الشوكاني في " النيل "(3/70 - 71) . فراجعه إن شئت.
(2)
أخرجه مالك في " الموطأ "(1/157) عن عبد الله بن يزيد المدني وعن أبي
النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم:
..............................................................................
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالساً؛ فيقرأ وهو جالس. فإذا بقي
…
الحديث.
ومن طريقه أخرجه البخاري (2/471) ، ومسلم (2/163) ، وأبو داود (1/151) ،
والنسائي (1/244)، والترمذي (2/213) - وليس في سنده:(عبد الله بن يزيد المدني) -،
والطحاوي (1/200) ، والبيهقي (2/490) ، وأحمد (6/178) ؛ كلهم عن مالك به.
ثم أخرجه في " الموطأ " من طريق أخرى عن هشام بن عروة عن أبيه عنها أنها
أخبرته:
أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعداً قط حتى أسن؛ فكان يقرأ
قاعداً
…
الحديث بنحوه؛ دون قوله: وسجد
…
إلخ.
وقد أخرجه من طريق مالك من ذكرنا في الرواية الأولى عدا مسلماً وأبا داود
والترمذي والنسائي؛ فقد أخرجوه - إلا الترمذي - من طرق أخرى عن هشام به.
وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/369) ، وأحمد (6/46 و 52 و 125 و 183 و 204
و231) ، وكذا الطحاوي، وابن نصر (81) .
وله عند مسلم، وابن ماجه، والبيهقي، وأحمد (6/217) طريق ثالث عن عَمرة
عنها. قال الحافظ في " الفتح "(3/26) :
" فيه رد على من اشترط على من افتتح النافلة قاعداً أن يركع قاعداً، أو قائماً أن
يركع قائماً، وهو محكي عن أشهب، وبعض الحنفية، والحجة فيه ما رواه مسلم وغيره
من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في سؤاله لها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:
كان إذا قرأ قائماً؛ ركع قائماً، وإذا قرأ قاعداً؛ ركع قاعداً.
وهذا صحيح، ولكن لا يلزم منه منع ما رواه عروة عنها، فيُجمع بينهما بأنه كان
يفعل كلاً من ذلك بحسب نشاطه. والله أعلم ". اهـ.
{وإنما " صلى السُّبحَة قاعداً في آخر حياته لما أسَنَّ؛ وذلك قبل وفاته
بعام " (1) } .
و" كان يجلس متربعاً "(2) .
وهذا هو الحق، وإليه ذهب أحمد وإسحاق؛ فقال الترمذي (2/212) - بعد أن ذكر
الحديثين -:
" قال أحمد وإسحاق: والعمل على كلا الحديثين. كأنَّهما رَأَيَا كلا الحديثين
صحيحاً معمولاً بهما ". وما نقله الحافظ عن بعض الحنفية ذكر الطحاوي خلافه عن
الأئمة الثلاثة وهو: أن الأولى الأخذ بحديثها الأول دون حديث ابن شقيق عنها.
(1)
{رواه مسلم، وأحمد، [وسبق تخريجه في (القيام) (ص 79) ] } .
(2)
أخرجه النسائي (1/245) ، ومن طريقه الدارقطني (152) ، والحاكم
(1/275) ، والبيهقي (2/305) ، وابن حبان أيضاً من طريق أبي داود الحَفَري عن
حفص بن غياث عن حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً (*) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي؛ فوهما، وإنما هو على شرط مسلم؛
فإن أبا داود الحفري - بفتح المهملة والفاء - لم يخرج له البخاري.
والحديث أعله النسائي بقوله:
" لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث
إلا خطأ. والله تعالى أعلم ". قال الحافظ في " التلخيص " (3/287) :
" وقد رواه ابن خزيمة { (1/107/2) = [2/89/978] } ، والبيهقي من طريق محمد
ابن سعيد بن الأصبهاني بمتابعة أبي داود؛ فظهر أنه لا خطأ ".
_________
(*) وعزاه الشيخ في " الصفة " المطبوع (ص 80) لـ " عبد الغني المقدسي في " السنن " (80/1) ".
..............................................................................
وروى البيهقي عن حميد قال:
رأيت أنس بن مالك يصلي متربعاً على فراشه.
وسنده صحيح على شرطهما. قال الحافظ:
" وعلقه البخاري ". قال الشوكاني (3/71) :
" والحديث يدل على أن المستحب لمن صلى قاعداً أن يتربع، وإلى ذلك ذهب أبو
حنيفة، ومالك، وأحمد، وهو أحد القولين للشافعي، وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى
أنه يجلس مفترشاً، كالجلوس بين السجدتين، وحكى صاحب " النهاية " عن بعض
الحنفيين أنه يجلس متوركاً؛ قال:
وهذا الخلاف إنما هو في الأفضل، وقد وقع الاتفاق على أنه يجوز له أن يقعد على
أي صفة شاء من القعود ".
* * *