المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب القراءة في السرية - أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الناشر:

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌سَبَبُ تأليفِ الكتابِ

- ‌منهج الكتاب

- ‌أقوال الأئمة في اتِّباعِ السُّنَّةِ وتَركِ أقوالِهم المخالفَةِ لَها

- ‌1- أبو حَنِيفة رحمه الله:

- ‌2- مالك بن أنس رحمه الله:

- ‌3- الشافعي رحمه الله:

- ‌4- أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌ترك الأَتْباع بعضَ أقوالِ أئمتِهِم اتباعاً لِلسُّنَّةِ

- ‌شبهات وجَوَابها

- ‌استقبال الكعبة

- ‌القيام

- ‌صلاة المريض جالساً

- ‌الصلاةُ في السَّفِينة

- ‌[الاعتماد على عمود ونحوه في الصلاة]

- ‌القيام والقُعود في صلاة الليل

- ‌الصلاةُ في النِّعال والأمْرُ بها

- ‌الصلاةُ على المنبر

- ‌السُّتْرَةُ ووجُوبها

- ‌ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌الصلاةُ تجاه القبر

- ‌[اللباسُ في الصلاة]

- ‌[المرأة تصلي بخمار]

- ‌النِّيَّةُ

- ‌التكبير

- ‌رَفْعُ اليدَيْنِ

- ‌وَضْعُ اليمنى على اليُسرى، والأمرُ به

- ‌وضعهُمَا على الصَّدْرِ

- ‌[النهي عن الاختصار]

- ‌النَّظَرُ إلى مَوْضع السُّجُودِ، والخُشُوعُ

- ‌أدعية الاستفتاح

- ‌القراءة

- ‌القراءةُ آيةً آيةً

- ‌رُكنيةُ {الفَاتِحَة} وفضائلُها

- ‌نَسْخُ القراءة ِوراءَ الإمام في الجهرية

- ‌وُجُوبُ القراءةِ في السِّرِّيَّةِ

- ‌التَّأمِينُ، وجَهْرُ الإمامِ به

- ‌الأولى:

- ‌ الثانية:

- ‌ الثالثة:

- ‌ الرابعة:

- ‌قراءتُهُ صلى الله عليه وسلم بعدَ {الفَاتِحَة}

الفصل: ‌وجوب القراءة في السرية

‌وُجُوبُ القراءةِ في السِّرِّيَّةِ

وأما في السرية؛ فقد أقرهم على القراءة فيها، فقال جابر:

" كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: {فاتحة

الكتاب} وسورة، وفي الأخريين بـ:{فاتحة الكتاب} " (*) .

وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين " صلى الظهر بأصحابه؛ فقال:

" أيُّكم قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ؟ ".

فقال رجل: أنا، [ولم أُرِدْ بها إلا الخير] . فقال صلى الله عليه وسلم:

" قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها "(1) .

(*) انظر تخريجه (ص 369) .

(1)

هو من حديث عمران بن حُصين.

أخرجه مسلم (2/11 - 12) ، وأبو عوانة، والبخاري في " جزئه "(9 و 10 و 11 و 22) ، وأبو

داود (1/132) ، والنسائي (1/146) ، والدارقطني (155) ، والبيهقي (2/162) ، والطيالسي

(114)

، وأحمد (4/226 و 431 و 441)(*) من طرق عن قتادة عن زُرارة بن أوفى عنه.

وصرح قتادة بسماعه من زُرارة في رواية لمسلم وغيره، والزيادة له وللنسائي.

وتابعه خالد الحَذَّاء عن زُرارة: عند الإمام أحمد (4/433) . وزاد البخاري، وأبو

داود، والدارقطني، وغيرهم:

قال شعبة: فقلت لقتادة: كأنه كرهه؟ فقال: لو كرهه؛ لنهى عنه.

وهذه الزيادة الصحيحة تدل على بطلان ما زاده الحجاج بن أرطاة عن قتادة في آخر

الحديث بلفظ:

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع للسراج أيضاً.

ص: 365

وفي حديث آخر:

" كانوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، [فيجهرون به]، فقال:

" خلطتم عليَّ القرآن " ".

فنهاهم عن القراءة خلف الإمام.

أخرجه الدارقطني (124 و 155) ، وكذا البيهقي، وحكما بأنها وهم من الحجاج؛

قال الدارقطني:

" وحجاج: لا يحتج به ".

وللحديث شواهد:

منها: عن عبد الله بن مسعود قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم لقوم كانوا يقرؤون القرآن، فيجهرون به:

" خَلَطْتُم عليَّ القرآن ".

أخرجه البخاري في " جزئه " من طريق النضر قال: أنبأنا يونُس عن أبي إسحاق عن

أبي الأحوص عنه.

وأخرجه أحمد (1/451) من طريق أبي أحمد الزبيري - وكذا الطحاوي (1/128) -:

ثنا يونس بن أبي إسحاق به بلفظ:

كانوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال:

" خَلَطْتُم عليَّ القرآن ".

وذكره بهذا اللفظ الهيثمي في " المجمع "(2/110)، ثم قال:

" رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال " الصحيح ". يعني: " صحيح

مسلم "؛ فقد احتج بهم جميعاً.

ص: 366

..............................................................................

وإسناده عندي حسن؛ إن كان يونس سمعه من أبيه قبل أن يختلط. وابنه يونس: صدوق

يهم قليلاً - كما في " التقريب " -. وقد علقه البخاري في " أفعال العباد "(94) مجزوماً به.

ومنها: عن أبي هريرة

أن عبد الله بن حُذافة صلى، فجهر بالقراءة؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" يا ابن حذافة! لا تُسْمِعني، وأسمع اللهَ عز وجل ".

أخرجه البيهقي (2/162) ، وأحمد (2/326) ، وابن نصر (53) عن النعمان بن

راشد عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير أن النعمان بن راشد فيه ضعف؛

كما قال النسائي، وفي " التقريب ":

" صدوق سيئ الحفظ ".

فهو إسناد حسن. وأما قول العراقي - فيما نقله الشوكاني (3/50) -:

" صحيح ". فغير صحيح. وفي " المجمع ":

" وعن جَهْرٍ قال: قرأت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفت؛ قال:

" جهرُ! أَسْمعْ ربك، ولا تُسْمِعني ".

رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه عبد الله بن جهر: لم أجد من ذكره ".

ثم ذكره في موضع آخر (2/265) مثل الرواية الأولى، ثم قال:

" رواه أحمد، والبزار، والطبراني في " الكبير "؛ إلا أنه قال: عن أبي سلمة: أن

عبد الله بن حذافة. ورجال أحمد رجال " الصحيح " ".

قوله - في حديث عمران -: " خالجنيها "؛ أي: نازَعَنِيها. وأصل (الخَلْج) : الجذب

ص: 367

..............................................................................

والنزع - كما في " النهاية " -. وقال الخطابي:

" وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة، حتى تداخلت القراءتان وتجاذَبَتا ". وقال

النووي في " شرح مسلم ":

" ومعنى هذا الكلام: الإنكار عليه في جهره، أو رفع صوته، بحيث أسمع غيره، لا

عن أصل القراءة؛ بل فيه أنهم كانوا يقرؤون بالسورة في الصلاة السرية، وفيه إثبات

قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم.

وهكذا الحكم عندنا، ولنا وجه شاذ ضعيف: أنه لا يقرأ المأموم السورة في السرية،

كما لا يقرؤها في الجهرية! وهذا غلط؛ لأنه في الجهرية يؤمر بالإنصات، وهنا لا

يسمع؛ فلا معنى لسكوته من غير استماع، ولو كان في الجهرية بعيداً عن الإمام لا

يسمع قراءته؛ فالأصح أنه يقرأ السورة؛ لما ذكرناه ". اهـ.

فثبت من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أقرهم على القراءة في هذه الصلاة، وهي سرية؛ فدلَّ على

استحباب القراءة في السرية وراء الإمام. وفيها من الفضل قوله صلى الله عليه وسلم:

" من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:

{الم} حرف، ولكن (ألف) حرف، و (لام) حرف، و (ميم) حرف ".

أخرجه الترمذي (2/149 - 150) من طريق أيوب بن موسى قال: سمعت

محمد بن كعب القُرَظي قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول:

فذكره مرفوعاً. وقال:

" حسن صحيح ".

قلت: وهو على شرط مسلم. ثم قال:

" ويروى من غير هذا الوجه عن ابن مسعود. ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود؛

رفعه بعضهم، ووقفه بعضهم ".

قلت: رواه من هذا الوجه الدارمي (2/429) من طريق سفيان عن عطاء بن

ص: 368

..............................................................................

السائب عن أبي الأحوص به موقوفاً.

وإسناده صحيح أيضاً، ولا يضر كونه موقوفاً؛ لأنه من طريق غير الطريق الأول، بل

هو قوة له - كما لا يخفى -. {وهو مخرج في " الصحيحة " (660) } (*) .

وهو نص عام يشمل القراءة في الصلاة وخارجها، وشموله لها من باب أولى.

فليس من المعقول إذن أن تتسنى للمصلي فرصة ينال فيها هذا الفضل العظيم، ثم

يضيعها، ويشغل باله بالتفكير بأمور لا تليق بالصلاة وجلالها.

{وأما حديث: " من قرأ خلف الإمام؛ مُلئَ فوه ناراً ".

فموضوع، وبيانه في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "(569) } .

ومما يدل على استحباب القراءة في السرية للمقتدي: قول جابر بن عبد الله رضي

الله عنه:

كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: {فاتحة الكتاب}

وسورة، وفي الأخريين بـ:{فاتحة الكتاب} .

أخرجه ابن ماجه (1/278) . قال السندي:

" في " الزوائد ": قال المزي:

موقوف. ثم قال:

هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.

وقد يقال: الموقوف في هذا الباب حكمه الرفع، إلا أن يقال: يمكن أنهم أخذوا ذلك

من العمومات الواردة في الباب؛ فلا تدل قراءتهم على الرفع ". اهـ.

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع إلى {الحاكم بسند صحيح، ورواه الآجري في

" آداب حملة القرآن "} ، وفي إدراجهما أعلاه تفصيل لا مجال له.

ص: 369

وقال:

" إن المصلِّي يناجي ربه؛ فلينظر بما يناجيه به. ولا يجهرْ بعضكم على

بعض بالقرآن (1) " (2)

(1) قال الباجي:

" لأن في ذلك أذى ومنعاً من الإقبال على الصلاة، وتفريغ السرِّ لها، وتَأَمُّلَ ما

يناجي به ربه من القرآن ". قال:

" وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعاً حينئذٍ لأذى المصلين؛ فبغيره من الحديث

وغيره أولى. قال ابن عبد البر: وإذا نهي المسلم عن أذى المسلم في عمل البر، وتلاوة

القرآن؛ فأذاه في غير ذلك أشد تحريماً ".

(2)

هو من حديث البَيَاضي - واسمه: فروة بن عمرو -.

أخرجه مالك (1/101 - 102) ، ومن طريقه البخاري في " أفعال العباد "(93)

- وله فيه متابع عن محمد -، وأحمد (4/344) عن يحيى بن سعيد عن محمد بن

إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي حازم التَّمَّار عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة؛

فقال:

فذكره.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين إلى البياضي.

وله شاهد: رواه عبد الرزاق: ثنا مَعْمَر عن إسماعيل بن أمية عن أبي سلمة بن

عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال:

اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قُبّةٍ له؛

فكشف الستور، وقال:

ص: 370

..............................................................................

" ألا إن كلكم مناج ربه؛ فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض

بالقراءة ". أو قال: " في الصلاة ".

أخرجه أحمد (3/94) ، وأبو داود (1/209) .

وهذا أيضاً صحيح على شرط الشيخين.

وقد صحح الحديثين ابنُ عبد البر.

وصحح حديثَ أبي سعيد النووي أيضاً في " المجموع "(3/292) ، والحاكم

(1/311) على شرطهما، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد (2/67 و 129) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن

رجل يدعى: (صدوع) - وفي نسخة: (صدقة) - عن ابن عمر به نحوه.

وذكره في " المجمع "(2/265) ؛ فقال:

" رواه أحمد، والبزار، والطبراني في " الكبير "، وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه

كلام ".

قلت: ولم يتفرد به؛ قال أحمد (2/36) : ثنا إبراهيم بن خالد: ثنا رَبَاح عن مَعْمَر.

عن صَدَقَة المكي به.

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن علة الحديث صدقة هذا؛ فلم أعرفه (*) ، إلا أن

يكون صدقة بن عمرو المكي؛ قال في " الميزان ":

" روى عن عطاء، ولم يحدث عنه سوى الوليد بن مسلم ".

وأورده في " التقريب " تمييزاً، وقال:

_________

(*) هو: صدقة بن يسار الجزري؛ كما في " تهذيب الكمال "(13/155) ، وهو ثقة من رجال

مسلم. انظر " المشكاة "(1/271) ، و " صحيح أبي داود "(1/359) .

ص: 371

وكان يقول:

" من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا

أقول: {الم} حرف؛ ولكن: (أَلِف) حرف، و (لام) حرف، و (ميم)

حرف " (*) .

" مجهول من السادسة ".

لكن قد روى عنه معمر وابن أبي ليلى أيضاً، وهذا يدل أنه غيره؛ إذا صح كلام

الذهبي فيه. والله أعلم.

وروى أحمد أيضاً (1/87 - 88 و 96 - 97 و 104) ، وكذا أبو يعلى من طريق الحارث

عن علي رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العشاء وبعدها؛ يغلّط

أصحابه وهم يصلون.

وإسناده ضعيف - كما قال ابن عبد البر -؛ علته من الحارث هذا - وهو: الأعور -؛

ضعيف - كما في " المجمع " -.

(*) انظر تخريجه (ص 368) .

* * *

ص: 372