المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غدير خُم * عيد غدير خُم هو عيدٌ للشيعة يصادف اليوم - الشيعة هم العدو فاحذرهم

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌فرق الشيعة المعاصرة اليوم كثيرة، الكبرى منها ثلاث هي:

- ‌أهم عقائد الشيعة الاثني عشرية (باختصار)

- ‌الكتب الرئيسة عند الاثني عشرية

- ‌شرك مناقض للتوحيد في كتاب (الكافي) للكليني ثقة الشيعة

- ‌خرافات في كتب الشيعة

- ‌اعتقاد الشيعة الاثني عشرية في القرآن الكريم

- ‌ قال الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية رحمه الله

- ‌مصحف فاطمة:

- ‌عقيدة الشيعة في السنة

- ‌عقيدة الشيعة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و رضي الله عنهم

- ‌ولاء المسلمين

- ‌الحب والمودة بين الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌أئمة أم آلهة

- ‌الأئمة عند الشيعة يعلمون الغيب:

- ‌عصمة الأئمة:

- ‌الأئمة عند الشيعة هم أسماء الله وصفاته:

- ‌الأئمة الاثنا عشر عند الشيعة أفضل من الأنبياء:

- ‌ابحث مع الشيعة في السرداب عن إمامهم الغائب

- ‌غدير خُم

- ‌الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌أكاذيب الشيعة علَى أهل البيت

- ‌إهانة الشيعة لأهل البيت (كما ورد في كتبهم)

- ‌عقيدة الرجعة عند الشيعة

- ‌عقيدة ظهور الأئمة عند الشيعة الإمامية

- ‌خرافات الشيعة في خروج المهدي ورجعته

- ‌عقيدة البداء

- ‌عقيدة النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود

- ‌مناسك المشاهد والأضرحة

- ‌الشيعة والمتعة الجنسية

- ‌شبهة من شبهات أهل الضلال:

- ‌عنصرية:

- ‌مناظرة حول المتعة

- ‌قاذورات جنسية

- ‌فضيحة:

- ‌الخميني والمتعة:

- ‌إعارة الفرج عند الشيعة

- ‌ادفع خُمس مالك وإلا

- ‌أوجه التشابه بين اليهود والشيعة الاثني عشرية

- ‌آراء فقهية شاذة في دين الشيعة

- ‌شركيات الخميني

- ‌عقائد الشيعة في الإسلام والمسلمين

- ‌أساليب الشيعة الملتوية

- ‌كذابون من الدرجة الأولى

- ‌وَهْمٌ اسمُه التقريب بين أهل السنة والشيعة الاثني عشرية

- ‌وهذه رسالة إلى المخدوعين بالشيعة المعاصرين ننقلها من كلام الأستاذ سعيد حوى رحمه الله

- ‌أقوال أئمة السلف والخلف في الشيعة الاثني عشرية

- ‌الأزهر والشيعة…الوجه الآخر، شقاق لا وفاق

- ‌افتراء جاوز الحدود…الشيعة وافتراؤهم على شيخ الأزهر الأسبق سليم البشري رحمه الله

- ‌خدعوه…فقال…وليته ما قال:

- ‌دور الشيخ حسنين مخلوف ـ مفتي مصر الأسبق ـ رحمه الله في بيان حقيقة دين الشيعة:

- ‌دور الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله في بيان حقيقة دين الشيعة:

- ‌دور الشيخ عطية صقر رحمه الله في بيان حقيقة دين الشيعة:

- ‌الحكم على عقائد الشيعة من خلال فتاوى الأزهر:

- ‌عند الشيعة…علماء الأزهر كفار:

- ‌دور الشيعة في هدم الإسلام

- ‌معاناة أهل السنة في إيران

- ‌دستور دولة إيران الشيعية:

- ‌ضريح أبي لؤلؤة المجوسي:

- ‌إيران ذات الوجهين، تكذب وتتجمل

- ‌حزب الله الشيعي اللبناني: حزب الله أم حزب الشيطان

- ‌مخدوعون بالسراب:

- ‌ علَى المسلم ألا ينسى

- ‌النصر الزائف والتحرير الكاذبحقيقة انتصار حزب الله الشيعي على إسرائيل

- ‌حسن نصر الله .. عندما يعترف

- ‌من وعد بلفور إلى وعد حسن نصر الله:

- ‌بين مقاومة السنة ومقاومة الشيعة:

- ‌أسئلة موجهة لخميني العرب (حسن نصر الله)

- ‌النزعة الفارسية في نظرة الشيعة لبلاد المسلمين

- ‌ولكن ماذا قال الشيعة عن مكة والمدينة والشام

- ‌هدية الشيعة إلى مسلمي مصر: هذا ما قالوه عن مصر وأهلها:

- ‌هل الشيعة في مصر متشيعون أم منتفعون

- ‌الصلة بين الشيعة والعلمانيين والماركسيين:

- ‌هذا ما يريده الشيعة من المسلمين؟ حسن شحاتة…نموذجًا للمتشيعين المصريين

- ‌بشرى لمن تشيعوا: من يتشيع على حد قول الشيعة:

- ‌من علماء الشيعة الذين هداهم الله عز وجل للإسلام

- ‌مراجع للتوسع

الفصل: ‌ ‌غدير خُم * عيد غدير خُم هو عيدٌ للشيعة يصادف اليوم

‌غدير خُم

* عيد غدير خُم هو عيدٌ للشيعة يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه علَى عيدَي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر، وصيام هذا اليوم سنة مؤكدة ـ عندهم ـ، وهو اليوم الذي يدَّعون فيه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى فيه بالخلافة لعلي رضي الله عنه من بعده.

* يقول الطبطبائي ـ أحد كبار علماء الشيعة في القرن العشرين ـ إن الحجة الجوهرية في أحقية علِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي حادثة غدير خُم.

يقول الشيعة:

1 -

إن الذين شهدوا خطبة غدير خُم أكثر من مائة ألف صحابي.

2 -

ألقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الخطبة عند غدير خم وهو عائد من حجة الوداع إلى المدينة في الثامن عشر من شهر ذي الحجة، وإن سبب خطبته هذه هو نزول الآية التالية عليه في هذا المكان:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة:67).

3 -

أعلن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيترك للمسلمين ثَقَلين: أحدهم كتاب الله، طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيدي المسلمين وأن الآخر هو عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ربه أخبره بأنهما لن يفترقا حتَّى يرِدَا عليه الحوض.

4 -

بعد أن رفع يد علي رضي الله عنه قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» .

5 -

وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا قال: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» .

6 -

وقال: «اللهم أدِرْ معه الحق حيث دار» .

هذا ما يقوله علماء الشيعة عن حادثة غدير خم. فماذا يقول علماء المسلمين؟

* حسب دعوى علماء الشيعة لم يثبت علَى الإسلام الصحيح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سوى بضعة من الصحابة لا يكاد يتجاوز عددهم البضعة عشر صحابيًا. وقد حضر خطبة الغدير أكثر من مائة ألف صحابي يعني أن كل هؤلاء المائة ألف قد نقضوا

ص: 51

عهدهم وتآمروا علَى حرمان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه من الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

ما هي نسبة احتمال حصول ذلك؟ ولأي مصلحة؟

لواستعرضنا حتَّى كتابات علماء الشيعة لما وجدنا أي مصلحة في ذلك!

* خطبة غدير خُم كانت في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من العام نفسه الذي حج فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع، وفي الشهر نفسه الذي نزلت فيه آية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3) في اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة فكيف يمكن لهذه الآية الأخيرة الختامية أن تنزل قبل آية يأمر الله فيها نبيه بتبليغ الرسالة؟ خاصة وقد شهد ألوف الحجاج يوم عرفة بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة.

ويؤكد علماء المسلمين أن آية: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} قد نزلت قبل حجة الوداع بل وقبل فتح مكة وغزوة خيبر.

*أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينحصرون في علي وآل علي إذ يشملون عقيلًا وآل عقيل وجعفرًا وآل جعفر والعباس وآل العباس وزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أمهات المؤمنين، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تمسكوا بأهل بيتي أو أنهم الهدى والنور، ولو كان الحديث يحتمل أي معنى يتضمن تخويل سلطة خاصة لأهل بيته لَكانت في جميع أهل بيته ولَوَجَبَتْ بها شرعية خلافة العباسيين الوراثية علَى أعناق الشيعة ووجب احترام الشيعة لحكم العباسيين بدلًا مما في مصادر الشيعة من تسويد لصفحاتهم ظلمًا وافتراءً.

* لو ثبتت صحة هذا الحديث في مناسبة غير هذه فإنها لا تعني أكثر من قول الله تعالى مخاطبًا زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (التحريم:4) فهذا لا يعني أن صالح المؤمنين أوصياء علَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن يعني أنهم أصحابه وناصروه.

ثم إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: من كنت وليه فعَلِيٌّ وليه، ولم يقل: من كنت وليه أو

ص: 52

مولاه فعَلِيٌّ وليه أو مولاه عقب وفاتي؛ فإن كان قال ذلك فيحتمل أن يكون معنى هذا القول أن الخلافة من بعده لعَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه.ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل ذلك.

والواقع أن جدل علماء الشيعة في هذه المسألة يظهر عقيمًا عندما نقرأ ما ورد في الصحيحين عن اقتراح النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلافة أبي بكر وعمر وعثمان بتلميحات صريحة أحيانًا ولطيفة أحيانًا أخرى.

* إن خطبة غدير خُم أخرجها الإمام مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم قال: قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ علَى كِتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» .

فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: «وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟» .

قَالَ: «نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ» .

قَالَ: «وَمَنْ هُمْ؟» .

قَالَ: «هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ» .

قَالَ: «كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟» قَالَ: «نَعَمْ» .

جاءت زيادات لهذا الحديث عند أحمد والنسائي في الخصائص والترمذي وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في ذلك المكان: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» وجاءت كذلك زيادات أخرى منها (اللهم والِ مَن ولاه وعادِ من عاداه، وانصُر من نصره واخذُل مَن خذله وأدِرْ الحقَّ معه حيثُ دار).

يمكننا أن نقسم هذا الحديث إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: ما جاء في حديث مسلم، وليس فيه «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» .

القسم الثاني: الزيادة خارج مسلم وهي عند الترمذي وأحمد والنسائي وغيرهم وفيها

ص: 53

زيادة «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» .

القسم الثالث: زيادة أخرى عند الترمذي وأحمد وهي (اللهم والِ مَن ولاه وعادِ من عاداه).

القسم الرابع: وهي زيادة عند الطبراني وغيره (وانصُر من نصره واخذُل مَن خذله وأدِرْ الحقَّ معه حيث دار).

أما القسم الأول فهو في صحيح مسلم ونحن مُسَلّمون بكل ما في صحيح مسلم.

القسم الثاني وهو «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» فهذا حديث صحيح عند الترمذي وأحمد إذ لا يلزم أن يكون الحديث الصحيح فقط عند مسلم والبخاري والصحيح أن هذا حديث صحيح جاء عند الترمذي وأحمد وغيرهما.

أما زيادة (اللهم والِ مَن ولاه وعادِ من عاداه) فهذه اختلف فيها أهل العلم هناك من أهل العلم من صححها وهناك من ضعفها، حتَّى قوله «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» هناك من ضعفها كإسحاق الحربي وابن تيمية وابن حزم وغيرهم.

أما الزيادة الأخيرة وهي (وانصُر من نصره واخذُل مَن خذله وأدِرْ الحقَّ معه حيث دار) فهذه كذب محض علَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا الحديث يستدل به الشيعة علَى خلافة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة بدلالة «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» قالوا: المولى هو الحاكم والخليفة إذًا علي هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة.

والجواب: لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد خلافة علي رضي الله عنه كان يقول هذا في يوم عرفة، حيث الحجاج كلهم مجتمعون هناك؛ يقول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكلام حتَّى إذا غدر أهل المدينة شهد له باقي المسلمين من غير أهل المدينة.

الشيعة يقولون: النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان خائفًا!! أن يبلغ هذه الخلافة، كان يخاف أن يُرَدَّ قولُه. ولكن!! هل يخاف صلى الله عليه وآله وسلم من أهل المدينة ثم يترك الناس كلهم ويخاطب أهل المدينة فقط!! ما هذا التناقض؟ لا يَقبل عاقل مثل هذا الكلام.

* ثم لماذا يخاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصحابة؟!! الذين تركوا أموالهم وأولادهم

ص: 54

وديارهم وهاجروا في سبيل الله، الذين قاتلوا في سبيل الله، الذين شاركوا في بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر وحنين وفتح مكة وتبوك؛ أهؤلاء هم الذين يخاف منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟؟!! بذلوا المُهَج والأموال في سبيل الله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك يخاف منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم لا يقبلون خلافة عَلِيٍّ رضي الله عنه؟!!.

فقَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فِعْلِيٌّ مَوْلَاهُ»

قِيلَ: مَعْنَاهُ: مَنْ كُنْت أَتَوَلَّاهُ فِعْلِيٌّ يَتَوَلَّاهُ مِنْ الْوَلِيِّ ضِدُّ الْعَدُوِّ. أَيْ مَنْ كُنْت أُحِبُّهُ فِعْلِيٌّ يُحِبُّهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ يَتَوَلَّانِي فِعْلِيٌّ يَتَوَلَّاهُ.

قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «يَعْنِي بِذَلِكَ وَلَاءَ الْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} وَقَوْلُ عُمَرَ لِعَلِيٍّ: أَصْبَحْت مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَيْ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: (الموْلَى) اِسْمٌ يَقَعُ علَى جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ الرَّبُّ وَالمالِكُ وَالسَّيِّدُ وَالْمنْعِمُ وَالْمعْتِقُ وَالنَّاصِرُ وَالْمحِبُّ وَالتَّابِعُ وَالْجَارُ وَابْنُ الْعَمِّ وَالْحَلِيفُ وَالصِّهْرُ وَالْعَبْدُ وَالمعْتَقُ وَالمنْعَمُ عَلَيْهِ».

قَالَتْ الشِّيعَةُ: هُوَ الْمُتَصَرِّفُ، وَقَالُوا مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه يَسْتَحِقُّ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَحِقُّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وآله وسلم التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أُمُورُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَكُونُ إِمَامُهُمْ.

ولَا يَسْتَقِيمُ أَنْ تُحْمَلَ الْوِلَايَةُ علَى الْإِمَامَةِ الَّتِي هِيَ التَّصَرُّفُ فِي أُمُورِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ الْمُسْتَقِلَّ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وآله وسلم هُوَ هُوَ لَا غَيْرُهُ، فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ علَى الْمَحَبَّةِ وَوَلَاءِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِمَا.

* «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» الشيعة يقولون: المولى: الحاكم، ونحن نقول المولى المحب بدليل قوله بعد ذلك:«اللهم والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه» . ما معنى قوله: «والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه» وقوله «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ؟ المعنى واحد.

* ولو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الخليفة كان يأتي بكلمة صريحة واضحة ما يأتي بكلمة

ص: 55

تحتمل أكثر من عشرة معاني .. يأتي بكلمة واضحة سهلة بيّنة يعرفها كل أحد (علي هو الخليفة من بعدي)، انتهى الأمر لكن لم يأتِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الكلمة التي تنهي كل خلاف.

* وأما قول الشيعة أن المقصود بكلمة (مولى) أنها (حاكم) فهذا ليس بسليم؛ قال الله تبارك وتعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (الحديد:15). سماها مولى وذلك لشدة الملاصقة وشدة اللُحمة والقرب.

ثم إن الموالاة وصف ثابت لعلي رضي الله عنه في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولى وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولى، وهوالآن مولانا رضي الله عنه وأرضاه، ولذلك قال الله تبارك وتعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} (المائدة: 55) فكل المؤمنين بعضهم أولياء بعض كما قال الله تبارك وتعالى.

* هذا دليل الموالاة الذي يستدلون به علَى إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ترى لا دلالة فيه أبدًا. ولذلك يقول عالمهم النوري الطبرسي: «لم يصرح النبيّ لِعَلِيٍّ بالخلافة بعده بلا فصل في يوم غدير خم وأشار إليها بكلام مجمل مشترك بين معانٍ يُحتاج إلى تعيين ما هو المقصود منها إلى قرائن» (فصل الخطاب ص 205 و 206) وإذا كان الأمر كذلك فكيف بعد ذلك يُقال أن هذا الحديث نص علَى خلافة علي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

* قولُ علماء الشيعة بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهم والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه» ـ علَى فرض صحته ـ دعاءٌ لا يميِّز عليًا رضي الله عنه بالخلافة، فقد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخلق كثير أنواعًا من الدعاء لا حصر لها.

* أما قول علماء الشيعة إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهم أدِر الحقَّ مع عَلِيٍٍّ حيث دار» ، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية يؤكد كذب هذا الإدعاء. ونتساءل: أي حق هذا الذي يدور مع مخلوق حيث دار ويتلون حسب قراراته وآرائه وخلجات صدره؟

ولو أن الكذبة ادعت بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طلب من الله أن يجعل عليًا مع الحق،

ص: 56

لبدا ذلك معقولًا.

ولنا سؤال: يروي صاحب كتاب (نهج البلاغة ص 136) ـ وهو كتاب معتمد عند الشيعة ـ أن عليًا رضي الله عنه طلب إعفاءه من الخلافة وقال: «دعوني والتمسوا غيري» ! وهذا يدل علَى بطلان مذهب الشيعة، إذ كيف يطلب إعفاءه منها، وتنصيبه إمامًا وخليفة أمر فرض من الله لازم عندهم كان يطالب به أبا بكر رضي الله عنه ـ كما يزعمون ـ؟!

سؤال آخر: إذا كان علي رضي الله عنه يعلم أنه خليفة من الله منصوص عليه، فلماذا بايع أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم؟!

فإن قال الشيعة: إنه كان عاجزًا، فالعاجز لايصلح للإمامة؛ لأنها لا تكون إلا للقادر علَى أعبائها.

وإن قالوا: كان مستطيعًا ولكنه لم يفعل، فهذه خيانة. والخائن لايصلح إماما! ولا يؤتمن علَى الرعية. وحاشاه رضي الله عنه من كل ذلك.

ص: 57