الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال له الرجل: أنا سعيد جداً بك الآن؛ فلقد أصبح عندك حب استطلاع شديد، وتريد أن تتعلم أكثر وأكثر، وهذا من ضمن الطريق إلى الامتياز، أن تريد أن تتعلم، وأنا سوف أقدمك لها في مراحل متقدمة.. فقال له: وبعد ذلك؟ فقال الحكيم:
التبسم
..
* التبسم:
فقال الشاب: التبسم؟!! فقال الرجل: بالطبع، هل تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تبسمك في وجه أخيك صدقة"(1) .. ثم قال له: هل تعلم أن وجهك يوجد فيه 80 عضلة، وبمجرد أن تبتسم فقط فإنك تستخدم 14 عضلة، وكل عضلة في الوجه مرتبطة بخلايا عقلية، والخلايا العقلية في المخ تريح الجسم، فعندما تبتسم يرتاح الوجه ويسترخي، وبالتالي يسترخي المخ، وعندما يسترخي المخ يسترخي الجسم كله، وبالتالي ترداد كمية الأدرينالين في الجسم.. فقال له: وماذا تعني زيادة الأدرينالين؟ فقال له: إن الأدرينالين هو المادة التي تزيد من قوة جهاز المناعة في الجسم، وليست هذه هي نتيجة الابتسامة فحسب، ولكن
(1) رواه الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه.
الابتسامة معدية؛ فالشخص الآخر عندما يرى وجهك يبتسم ويرتاح ويسترخي فيبتسم هو الآخر.. فقال له الشاب: فإذا لم تبتسم في وجهي؟ قال له: فتعاطف معه، ووجهه إلى القيادة.. فقال له: وماذا تعني بالقيادة؟! فقال له فقال له: أي القيادة في الابتسامة، فالابتسامة معدية، وبمجرد أن تبتسم أكثر من مرة تجد أن الشخص بدأ يبتسم معك، وعندما يبتسم الشخص تجد أن كل جزء داخله يدعو لك؛ لأنك عندما ابتسمت جعلته يبتسم، وبالتالي فكل جزء فيه ارتاح واسترخى؛ فتأخذ حسنات على كل مكان بداخله، تأخذ حسنة من الكبد، وأخرى من الطحال، وثالثة من الكلى
…
وهكذا كل مكان تأخذ عليه حسنات، وهذا يسمى عند علماء الصين (الابتسامة الداخلية) ، وهذه الابتسامة الداخلية عندما قام العلماء بالبحث فيها وجدوا أنها تولد حامضاً يسمى (الجليكوجين) ، هذا الحامض مثل العسل الأسود، فتخيل أنك عندما تبتسم تولد هذا لنفسك، وعندما تجعل الشخص الآخر يبتسم تولد هذا الحامض بداخله، وبالتالي فإن تبسمك في وجه هذا الشخص ليس هو الذي تأخذ عليه حسنة فقط، ولكن كل مكان بداخله تأخذ عليه حسنة؛ لأنها ارتاحت، وعندما ارتاحت أصبحت أفضل، وبالتالي أصبحت
صحتها أفضل، وعندما أصبحت صحتها أفضل فبالتالي هي تدعو لك عند الله سبحانه وتعالى..
فقال له الشاب: أنا مستمتع وسعيد جداً لحضوري إلى هنا، وسعيد جداً لأني صبرت على مشقة هذه الرحلة.. فقال له الرجل: هل رأيت أنك عندما تكون ملتزماً بشيء ما وتكون الرؤية واضحة بالنسبة لك وتكون صابراً عليه فكل هذه تكون منحاً ومنًّا من الله سبحانه وتعالى، فلقد كان من الممكن أن تمل، ولكن الله عز وجل هو الذي وجهك وأعطاك هذا الإيحاء لتصبر وتسمع وتعرف الطريق إلى الامتياز، فالطريق إلى الامتياز أيها الشاب لا يرتبط بالمادة إطلاقاً، وطالما أنك تريد أن تصل إلى الطريق إلى الامتياز فلابد وأن هذا الطريق ينجحك في الدنيا وفي الآخرة، ولو كان النجاح في الدنيا فحسب، فهو نجاح ينتهي بمجرد تحقيقه، وتجد نفسك حين تنجح لا تشعر بالسعادة المطلقة، نعم قد تشعر ببعض اللذة أو ببعض السعادة، ولكنك لا تشعر بالسعادة الحقيقية، فالمال لا يمكن أن يمنح الصحة، والمال لا يمكن أن يمنح راحة البال، ولا الهدوء ولا السلام الداخلي، وكل هذا ستجده في الارتباط بالمولى عز وجل، والله سبحانه وتعالى يوجهك ويفتح عليك ويجعل لك مخرجاً من كل مأزق، وتذكر طيلة
حياتك أن لا يفارقك أن تقول: الحمد لله، وأن تشكر الله عز وجل، وإذا تعثرت فلتبتسم، وبذلك تكون الآن قد عرفت المعادلة، وطالما أنك تتوجه إلى الله عز وجل باستمرار فلسوف يفتح عليك سبحانه وتعالى أكثر مما تتخيل، فقد تواجه صعوبات كثيرة في حياتك وتريد الحل، ولكن عندما تمر بك الأيام والسنين في محطات حياتك، ثم تنظر خلفك فستعرف أن الذي حدث هذا كان أحسن شيء في حياتك، ولولا الذي حدث لما كنت تزوجت بفلانة مثلاً التي هي أفضل، ولولا الذي حدث لما كنت في تلك الوظيفة الأفضل، أو لما كنت ناجحاً بالمرة، ولما كنت في الطريق إلى الامتياز الآن.. فرد عليه الشاب وقال له: أنا الآن عرفت ما هو الطريق إلى الامتياز، ولقد كنت أظن أن الطريق إلى الامتياز هو أن شخصاً سيعطيني بعض النصائح فقط كي أنجح..
فرد عليه الرجل الحكيم وقال له: أيها الشاب.. إن النصائح موجودة في الكتب، وهي موجودة حولك في الحياة، ولكن الحكمة موجودة في ابتسامة طفل صغير، انظر إلى روعة الخلق، ستراها في جناح فراشة، ستجدها في تغريد العصفورة، ستجدها في روعة السماء ورونقها، ستجدها في موجة هادئة تبعث صوتاً جميلاً يعجبك، أو قليل من الهواء