المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ الإيمان بالله

كريماً ومحسناً، وتذكر أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاك صفة من الصفات الرائعة، فإن الله عز وجل يحب المحسنين.

ومن هنا عرفنا أن هناك ثلاثة ركائز أساسية للارتباط بالله عز وجل.. هي التسامح المتكامل، والحب في الله ولله، والعطاء غير المشترط.

فنظر الشاب إلى عيني الحكيم وقال له: هذا الكلام جميل جداً، وأنه أشعر الآن بلذة هذا الكلام، وأشعر بجماله، وأشعر الآن بطاقة تقربني أكثر من الله عز وجل، ولقد شعرت الآن بطريق الامتياز، وهذا هو الطريق إلى الامتياز، فنظر له الحكيم بابتسامة جميلة، ثم وضع يد على كتفه وقال له: ولكننا لم ننته بعد.. فقال له الشاب: أنا الآن ممتاز.. فقال له الرجل: كلا!! فقال الشاب: وماذا بقي بعد التسامح المتكامل والحب في الله ولله والعطاء غير المشترط؟! فقال الرجل: يبقى‌

‌ الإيمان بالله

عز وجل..

* الإيمان بالله:

عند ذلك قال الشاب للحكيم: لقد آمنت بالله عز وجل.. فقال له: بلى تذكَّر أنك مؤمن، ومن علامات الإيمان أن تشعر بحلاوته، ومن الشعور بحلاوته أن تؤمن على نفسك وعلى صحتك وعلى الناس جميعاً

ص: 40

وأموالهم وأعراضهم؛ فالمؤمن لا يسرق الناس، ولا يكذب عليهم، ولا يخونهم، والمؤمن أخلاقه طيبة؛ ولذلك فالارتباط بالله عز وجل يجعلك تؤمن، وهذا الإيمان يقربك أكثر من الله سبحانه وتعالى، والمؤمن يؤتمن على الناس وأموالهم وأسرارهم.. ثم نظر إلى عيني الشاب وقال له: أخبرني الآن.. هل أنت مؤمن؟ فقال له: أنا مؤمن، ولكن ليس بهذا الأسلوب الذي تتحدث عنه؛ فمن الممكن أن يكون هناك من يؤمن بالله عز وجل ولكنه يسرق الناس، وهو كذلك يصلي ويصوم، وأنت علمتني شيئاً هاماً جداً، فقد يكون هناك من يتعامل مع الناس بالحسنى في ظاهره ويصلي ويصوم، ولكنه قد يسرق أو يكذب عليهم أو يخونهم في أمانتهم، وهذا فيه سمة من سمات المنافق، فالله عز وجل هو الذي يوزع الأرزاق، وهو سبحانه وتعالى قد يغفر أي شيء، ولكن في حقوق الناس فلابد من طلب المسامحة من صاحب هذا الحق، فإذا أردت أن تصل إلى الطريق إلى الامتياز، ولكي تصل إلى الطريق إلى الله عز وجل فلابد من التقرب إلى الحق سبحانه وتعالى، والله عز وجل أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وهو سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم أبداً، كما روى الإمام مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً

ص: 41

فلا تظلموا

" (1) .. وطالما أنك في الطريق إلى الامتياز فلابد من أن تعطي الناس حقوقها، ومن العطاء الذي تحدثنا عنه أن تعطي الناس حقوقهم، ومن العطاء والحب في الله أن تكتم أسرار الناس، وأن تبتعد عن الغيبة والنميمة، وسوف نتكلم عن ذلك بالتفصيل في المحطة القادمة إن شاء الله عز وجل، ونحن مازلنا نتكلم عن الارتباط بالله عز وجل من التسامح المتكامل، والحب في الله ولله، والعطاء غير المشترط، والإيمان بالله عز وجل، وهذا الإيمان باللهب عز وجل سيصل بك إلى شيء هام جداً في الارتباط بالله.. فنظر الشاب وقال له: وما هو؟! فأنا الآن أشر بحلاوة لم أشعر بها من قبل فما هو السبب أني أشعر بهذه الحلاوة؟! لقد شعرت أن هذا هو الطريق إلى الامتياز.. فقال له: إنك كنت تركن إلى الأسباب -كما يفعل بعض الناس- دون أن تنتبه إلى أن الجذور الأساسية الموصلة للنجاح أساسها من عند الله عز وجل.. ثم قال له: سوف أكرر لك مرة أخرى، كي تظل ذاكراً لهم ولا تنساهم في خضم الحياة، فكرر معي: ما هو أول شيء؟ فقال: التسامح المتكامل.. قال له: وبعد ذلك؟ فقال له: الحب في الله والحب لله.. قال له: وبعد ذلك؟ فقال: العطاء غير المشترط.. فقال له: يعني أن

(1) سورة آل عمران: 159.

ص: 42