المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يلمس خدودك، هذه هي السعادة.. قال له: الآن عرفت جمال الطريق - الطريق إلى الامتياز

[إبراهيم الفقي]

الفصل: يلمس خدودك، هذه هي السعادة.. قال له: الآن عرفت جمال الطريق

يلمس خدودك، هذه هي السعادة..

قال له: الآن عرفت جمال الطريق إلى الامتياز، وأصبحت لا أستطيع الانتظار كي أسير في الطريق إلى الامتياز.. فابتسم الرجل الحكيم وقال له: لقد نسيت شيئاً مهماً جداً!! فقال له الشاب: أنا آسف.. أنا آسف.. فقال له: وعلى أي شيء تتأسف؟! فقال له: أنا الآن فعلاً في الطريق إلى الامتياز..

وبحب استطلاع شديد نظر الشاب إلى الرجل الحكيم وقال له: أريد أكثر وأكثر.. فنظر إليه وقال له: اعفُ..

*‌

‌ العفو:

فقال له الشاب: ماذا تعني أن أعفو؟! فقال له: أعفُ عند المقدرة؛ فمجرد أن تجد نفسك تقدر على لإنسان إذن فالله عز وجل وضعك في اختبار، وطالما أنك مرتبط بالله سبحانه وتعالى، وتحب في الله ولله، وتتعامل مع الناس بالخلق الحسن، إذن فهذا تحدٍّ، وإذا عفوت فستجد أن الله سبحانه وتعالى يعطيك أكثر مما تتخيل؛ لأنك وضعت في اختبار، وأي إنسان في الدنيا سواء مثقف أم لا، متعلم أم لا، غني أم فقير، من عائلة كبيرة أم لا، ذو مركز كبير أم

ص: 76

لا.. كل الناس جميعاً في امتحان واختبار وتحديات، وفي أثناء هذه التحديات تظهر أخلاق الإنسان، فعندما يوضع الإنسان في موقف صعب تعرف جيداً كيف يتصرف؛ لذلك هناك حكمة عربية تقول: أعط الإنسان السلطة تعرف أخلاقه، فبمجرد أن تضعه في موقف اختبار فإنه تظهر أخلاقه، وليس شرطاً أن يكون ذا منصب كبير، فمن الممكن أن يكون طفلاً صغيراً، ولكن عنده القدرة، بل ويكون أقوى من شخص آخر أكبر منه، فالأمر كله في أن تعرف كيف أن تسامح السلطة، وكيف تتقرب بها إلى الله عز وجل أكثر، فأنت تعرف أن التسامح المتكامل والعقل العاطفي والعقل التحليل لابد وأن يكونوا جميعاً متوافقين، مهما كانت الظروف، فأنت تسامح لأنها لله وفي الله، ولابد وأن تنتبه فمن الممكن أن يوجد بها باب من أبواب الشيطان، فحين تكون غضبان يدخل إليك الشيطان فوراً من هذا الباب، ويقول لك: إن هذا الشخص يحقد عليك؛ فاحقد أنت أيضاً عليه.. وأول ما يبدأ معك يبدأ معك في الخلق أجمعين، وطالما أنك شككت في الناس إذن فقد ضاع ارتباطك بالله بالله سبحانه وتعالى، فإذا عرف الشيطان أن لك مسلكاً من هذا الباب فسيدخل

ص: 77

إليك كل فترة من هذا الباب، ويسهل عليه أن يحطمك كل فترة، فلابد وأن تتذكر جيداً أن هذه اللحظة قد تكون آخر لحظة في حياتك، وهذا هو الذي ذكرناه في البداية، هل تذكر؟! فقال له الشاب: طبعاً.

فقال له الرجل: فإذا كانت هذه اللحظة هي آخر لحظة في حياتك فارتبط بالله عز وجل، وفرصتك أن تعفو وتتقرب أكثر من الله سبحانه وتعالى، وإذا وضعت في موقف فقل: يا رب لقد سامحت من أجلك، يا رب لقد عفوت من أجلك.. ومهما فعل معك ذلك الشخص فاعفُ عنه.. فقال له: هل تقصد أن أتعامل مع الناس ببلاهة؛ حتى يخدعني الناس وأسامحهم؟! فقال له الحكيم: كلا؛ فلم يقل أحد مثل هذا الكلام أبداً، ولكن أنت حين تقرر أن تعفو فإنك تركز كل طاقتك ومجهودك على نجاحك، ولكنك إذا قررت أن تحارب العالم كله ففي هذه الحالة ستجد أن طاقتك كلها قد ذهبت سدى، وستجد أنك لم تحقق أي شيء مما كنت تريد؛ لأنك قد استهلكت طاقتك في هذه الحرب التي أنشأتها.. فابحث باستمرار عن نقطة الاتفاق، وابحث دائماً عن الأخلاق، وحاول دائماً أن تعرف النقطة التي قد تكون سبباً في الاختلاف.. قال له: فمن الممكن أن اختلف مع والدي أو والدتي!! فقال له: إنهم هم الذين قاموا بتربيتك

ص: 78

أحسن تربية، ولقد وصاك الله عز وجل بهم فقال:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (1) .. وهم سهروا الليالي، وتعبوا في تربيتك، فلا تخرج أنت إلى الدنيا كي تكون سبباً في تعاستهم في هذه الحياة الدنيا.. فقال له الشاب: حتى وإن كانوا قاسين؟! فقال الحكيم: وكيف يكونون قاسين وأنت قرة أعينهم وفلذة أكبادهم؟! إن هذه ليست قسوة، ولكن فكر أولاً بهدوء، ماذا أنت تفعل؟ فقال له الشاب: أعتقد أنك محق أيها الحكيم؛ فأنا كثيراً ما أفعل أخطاء جسيمة؛ فأنا مثلاً أخرج ولا أعود إلى البيت إلا في وقت متأخر جداً، وأنا للأسف الشديد أدخن.. فنظر إليه الحكيم، ولابد من أن تكون صاحب سلوكيات حميدة.. فقال له: صحيح؛ فإذا كانت اللذة تنتهي بمجرد الحصول عليها فأنا سوف أتركها؛ لأن (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه)، فالسلوكيات هامة جداً.. فقال له الرجل: وهل تدخن؟! فقال له الشاب: لقد كنت أدخن.. ثم ابتسم الشاب ابتسامة صافية تدل على ما قد عقد عليه العزم، فقال له الحكيم: كم أنا سعيد بهذا القرار؛ لأن النية الصادقة لله لا جزاء

(1) سورة الإسراء: 23.

ص: 79

لها إلا إعانة الله لك على الوفاء بها.. وطالما أنك أقلعت عن التدخين فمهما كانت المسألة صعبة تأكد أن الله عز وجل سوف يعنيك ويمنحك القوة والقدرة على الوفاء؛ ولذلك فمهما كان الشيء صعباً ولكنه يغضب الله فانو نية صادقة وتوكل على الله عز وجل واستعن به أيها الشاب ويقيناً هو سيعينك، ولن يتخلى عنك أبداً..

قل الآن: نويت يا رب أن أتخلص من كل السلوكيات السلبية، ونويت أن أعفو عند المقدرة، ونويت أن أسامح حتى ولو كنت أشعر بالظلم ممن أسامحهم، ونويت يا رب أن أرتبط بك أكثر؛ لأني فهمت المعادلة، وهي أنني قد تكون هذه اللحظة هي آخر لحظات حياتي فقررت يا رب أن أجعلها لك..

ثم ابتسم الرجل الحكيم وقال له: وتأكد أنك طالما فكرت في ذلك فإن الله سبحانه وتعالى سيعطيك أكثر مما كنت تظن في الدنيا وفي الآخرة.. فابتسم الشاب وقال له: حقاً أنا سعيد جداً بما تعلمت؛ فلقد كان لدي صديق، وكان قد أغضبني جداً، ولقد كنت في شدة الغضب منه، ولكنني الآن قررت أسامحه، ولكني لا أستطيع بعد أن أعفو عنه.. فقال له الرجل: إذن فأنت لم تسامحه بعد.. ثم قال له: هل تقدر على صديقك هذا؟ قال:

ص: 80

نعم أقدر عليه.. فقال له: وكيف تقدر عليه؟ فقال له: أقدر عليه جسمانيًّا، فأنا أقوى منه، وأقدر عليه اجتماعيًّا؛ حيث إن عندي علاقات أكثر منه، وأقدر عليه ماديًّا؛ فإن عندي أموالاً أكثر منه، بل وأعرف من الناس من يستطيع أن يحطمه تماماً..

فقال له الرجل: لا يستطيع أي شخص أن يحطم أي شخص إلا فبإذن الله عز وجل، وقد تكون فتنة لك، ويكون الله سبحانه وتعالى قد وضعك في ابتلاء من ابتلاءات الدنيا، والآن.. هل قررت أن تعفو عنه، أم لازلت لا تستطيع؟! فقال له: بل قد عفوت عنه.. ثم قال له: أم لازلت لا تستطيع؟! فقال له: بل قد عفوت عنه.. ثم قال له: إنني أشعر الآن بروعة وإحساس رائع.. فقال له الرجل: ادعُ لصديقك هذا.. فقال له: وبمَ أدعو له؟! قال: ادعُ الله أن يهديه، وأن يفتح عليه ويعينه ويقويه؛ فإنك تستطيع أن تستفيد من الشخص الذي يكون بينك وبينه تحدٍّ وأن تأخذ من ورائه ثواباً وأجراً، وهذه هي المعادلة الصحيحة، ومن علامات العفو عند المقدرة أن تدعو لهذا الشخص أن يهديه الله كما هناك؛ فلقد كان من الممكن أن تكون بهذا العقل، وبهذا الحقد والغضب، وأن تحمل من الذنوب والآثام ما الله به عليم، وقد يدخلك الشيطان من كل هذه الأبواب، ولكن الله عز وجل قد فتح عليك، فادعُ الله

ص: 81

- عز وجل أن يفتح عليه كما فتح عليك، وستجد هذه الدعوات عند الله سبحانه وتعالى، وأسأل الله أن يجعلك من عباده الصالحين، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه"(1) ..

جرب وستجد نفسك إن شاء الله تساعد الناس، وتتقرب أكثر إلى المولى عز وجل، وستجد نفسك من الدعاة إليه سبحانه وتعالى، وستكون إن شاء الله من المبشرين بالخير، فنظر الشاب إلى الحكيم، وقال له: هل تعتقد أني من الممكن أن أكون من المبشرين؟! فقال له: طالما أنك قد طلبت الطريق إلى الامتياز فهذا هو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، وتأكد أيها الشاب أنك طالما أنك تسير في هذا الطريق فستجد أن الله سبحانه وتعالى يقربك منه أكثر، وقد تقابلك صعوبات كثيرة، وقد تتعب كثيراً، وقد تجد الحياة صعبة، وقد تجد نفسك مريضاً ولا أحد من حولك، وقد تشعر بالوحدة أحياناً، وقد تشعر بالألم وظلم الناس كثيراً، كل ذلك وارد، ولكن في النهاية تذكر أن بعد الليل نهاراً، وبعد التعب راحة، وأي فشل فإنما يأتي بعده النجاح، وكما قال الحق سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا

(1) رواه ابن ماجة.

ص: 82

شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) .. فاتقي الله سبحانه وتعالى يا بني حيثما كنت، وأينما كنت..

فنظر إليه الشاب وقال له: يا سيدي.. إن كنوز الدنيا لا توفيك حق هذا الكلام ولا نصيفه، ولو أن الناس تعرف هذا الكلام لما جلس شخص في بيته وتقاعد وتكاسل.. فقال له: ولذلك خلقك الله عز وجل، فطالما أنك مشيت في الطريق إلى الامتياز وتعبت كل هذا التعب، فمعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد اختارك، ولو لم تختر هذا الطريق لكنت كما أنت، ولما تغيرت، ولكنت ظللت تغضب وتتألم وتتشاجر مع الكون كله، وتشعر بالظلم والوحدة، وتشعر أنه لا يوجد شخص يحبك، ولكن ربك سبحانه وتعالى اصطفاك وطهرك، وجاء بك إلى هنا كي يطهرك، فإذا جعلت كل ذلك لنفسك فستكون في منتهى النعاسة، وكلما أعطيت كلما أخضت، وكلما أصبحت في معية الله عز وجل.

فقال له الشاب: هل نكون بذلك قد انتهينا؟ فقال: لا، بل لابد عندما تتكلم أن تتكلم بحكمة، وأن تتكلم على أنك قدوة، وأن تتكلم بوضوح..

(1) سورة البقرة: 216.

ص: 83

فقال له: ماذا تعني؟! فقال: إن الله سبحانه وتعالى جعلنا نفكر بالصور.. فقال له الشاب: وكيف نفكر بالصور؟! فقال له الرجل: هيا لنرى ماذا أعطانا الله عز وجل من السمع والأبصار والأفئدة، إذن فلابد وأن نسمع الكلمة ومعناها.. فقال له: وكيف أعرف معناها؟! فقال له: إن الله سبحانه وتعالى حين خلق أبانا آدم عليه السلام علمه كل شيء، قال صلى الله عليه وسلم:{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} (1) .. فالله سبحانه وتعالى علمنا إدراك الكلمة، إذن فنحن عندنا إدراك للمعنى، وعندنا أسماء هذه الإدراكات للمعاني، فالأسماء هي روابط المعنى، والمعنى هو رابط الإدراك، والإدراك هو سبب وجود المخ، والله عز وجل خلق الإنسان ليدرك، ولكي يدرك لابد من أن يعمل المخ، ويدرك وعظمة الخالق سبحانه وتعالى..

فنظر إليه الشاب وقال له: وكيف أتكلم بالحكمة؟ فقال له: أن تتكلم بالتحديد؛ لأن كل كلمة تخرج بصورة، وكل صورة لها معنى مختلف من شخص لآخر، فعندما تتكلم من الممكن أن تجد كلاماً كثيراً ليس له معنى، فبعض الناس يزيد في الكلام وبعضهم ينقص في الكلام.. فقال له الشاب: نعم، أعرف ذلك جيداً؛ فهناك من يقول: أنا

(1) سورة البقرة: 31.

ص: 84

سأضبط لك المسألة، والآخر يقول: واخد بالك، وهكذا..

فابتسم الحكيم وقال له: حقاً، فكثير من الكلام والجمل التي تقولها لا داعي له، ومعظم المشكلات الموجودة في هذه الحياة الدنيا لا داعي له، ولو ركزنا فقط في الكلام، وحددنا ما يقال وما لا يقال لكي يرتبط الشخص بالكلام فستصبح الجملة متكاملة، وبالتالي يستطيع أن يرد عليك أيضاً بطريقة متكاملة، فتكلم بالتحديد، وتكلم بالحكمة، وأنصت أكثر مما تتكلم، واجمع المعلومات عن ما تتكلم، وعندما تتكلم ركز على الرسالة وليس على الشخص، وامدح الشخص، وفي النهاية أنه برسالة إيجابية.. فقال له: ولماذا؟ فقال له: لأن العقل البشري يبني دائماً على آخر جملة تصل إليه، وإذا نظرت في كلام الله عز وجل فستجد عجباً، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (1) .. فالله سبحانه وتعالى يريد أن ينبه على آخر تجربة، والمخ يبني على آخر تجربة.. ثم قال له: يا بني.. أنت الآن تكلمني، فحاول أن تتذكر في لحظة أي شيء من كلامي الذي قلته.. فقال له: سأتذكر حالاً ثم أقول لك.. فقال له: كلا، بل وأنا أكلمك الآن، فيمَ كان أكبر تركيزك؟! فقال له:

(1) سورة البقرة: 155 - 157.

ص: 85

فعلاً كان في آخر كلامك.. فقال له: إن العقل البشري لا يستطيع التركيز إلا على معلومة واحد فقط في وقت محدد، فأنت إذا ركزت على الذي تقوله ستتكلم كثيراً، أما إذا ركزت على أن تكون في طاعة تامة، وبإخلاص تام، ووفاء تام لله عز وجل، فستجد نفسك في أعلى درجات الذات.. فقال له: وماذا يعني الذات؟ فقال: إن فيك ذاتين، ذاتاً عليا وذاتاً سفلى، أو بمعنى آخر: النفس المطمئنة والنفس اللوامة، والنفس الأمارة بالسوء، والنفس العليا أي الجهات العليا.. فقال له: وما هي الجهات العليا؟ فقال له: وهي التي تتجه إلى الله سبحانه وتعالى، ولقد قال الله عز وجل:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (1) .

فلمعت عينا الشاب وقال له: لكم أتوق لأن أكون كذلك.. فقال له: ستكون إن شاء الله.. فقال الشاب: وهل بذلك أكون قد تعلمت فن الاتصال؟ فقال له: إن فن الاتصال جزء يسير من الأخلاق، والأخلاق تصلك أكثر بالله سبحانه وتعالى، فهيا بنا نرجع مرة أخرى إلى الطريق الذي بدأناه ووصلنا منه إلى الأخلاق.. فقال له: ماذا كان قبل الأخلاق؟ قال: النية.. قال: وقبل النية؟ قال: التوكل على الله سبحانه وتعالى.. قال: وقبل

(1) سورة الفجر: 27 - 30.

ص: 86

التوكل؟ قال: الوفاء.. قال: وقبل الوفاء.. قال: الإخلاص.. قال: وقبل الإخلاص؟ قال: الطاعة.. قال: وقبل الطاعة؟ قال: الإيمان بالله عز وجل.. فقال له: هذا هو الطريق إلى الامتياز من أوله إلى آخره، أو من آخره إلى أوله، في النهاية سيصل بك إلى الله عز وجل، فهيا بنا الآن إلى المحطة القادمة، ونحن في الطريق هيا بنا ندعوا الله رضي الله عنه ونقول: الحمد لله.. الحمد لله..

ص: 87

الطريق إلى الامتياز

وقل اعملوا

ص: 89