المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ الحب في الله

أكثر وأكثر، والآن سامح الناس جميعاً، ونظف طاقتك، ثم بعد ذلك عد إلى هنا.

وفعل الشاب، وعاد وعلى وجهه الابتسامة وعيناه مليئة بالدموع، وقال له: إنني لم أشعر بجمال التسامح من قبل؛ لأني في وقت من الأوقات كنت غضبان جداً، وكنت أركز على الغضب.. فقال له: إن هذا مدخل من مداخل الشيطان؛ لأنه يدخل إليك في الوقت الذي يعرف أنك غضبان فيه، ويضخم المشكلة بداخلك، ويقول لك: لقد فعل معك كذا وكذا.. وهو يريد بذلك أن يبعدك عن الارتباط بالله عز وجل ويبعدك عن الإيمان بالله وعن الحب لله، وهذا هو عمل الشيطان، فوجد لك باباً يدخل إليك منه، وأنت تسير في طريق الامتياز، وتحمل معك هذه الطاقة وهذا الحمل الثقيل؛ ولذلك فلابد أن ترتبط بالله عز وجل، وهذه هي أول جذور الامتياز.. التسامح المتكامل، وأنت الآن بدأت بها.. فقال له الشاب: وبعد ذلك؟! قال الحكيم:‌

‌ الحب في الله

..

* الحب في الله:

عليك بالحب في الله والحب لله.. قال له: فماذا أفعل؟ قال: أن تحب

ص: 36

الناس في الله، فعندما تقول لشخص: إنك تحبه في الله فما أجمل تلك العبارة، والله عز وجل وعد المتحابين في الله بمحبته، فعن أبي إدريس الخولاني أنه قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه وصدروا عن قوله، فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل.. فلما كان الغد هَجَّرْتُ (الهجير هو نصف النهار، والمعنى أنه ذهب مبكراً لصلاة الظهر فود معاذاً رضي الله عنه قد سبقه) فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قِبَل وجهه، فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك لله.. فقال: ألله؟ (يعني: والله؟) فقلت: أالله.. فقال: أالله؟ فقلت: أالله؟ فقلت: أالله.. قال: فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه وقال: أبشر؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ"(1) .

فعندما يقول شخص للآخر: إنه يحبه أكثر من أي أحد.. أو عندما تقول الزوجة لزوجها: إنها تحبه أكثر من أي شيء.. أو يقول الزوج

(1) رواه مالك في الموطأ، وأحمد في مسنده.

ص: 37

لزوجته مثل ذلك، فإنهم بذلك قد يكونون نسوا الله عز وجل، فتكون النتيجة أن يتخلى الله عز وجل عنهم؛ فتحدث فجوة وفرقة بينهم، وتصبح حياتهم ضنكاً؛ لأن الحب ينبغي أن يكون في الله ولله، فلابد وأن يقول الزوج لزوجته: إني أحبك في الله ولله.. وكذلك تقول الزوجة لزوجها: إني أحبك في الله لله، والله سبحانه وتعالى أكرمني بك، وأنا أشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة العظيمة التي وهبها لي.. ثم التفت الحكيم إلى الشاب وقال له: هذا هو الحب الحقيقي أيها الشاب.

فنظر الشاب إلى الرجل الحكيم وقال له: على فكرة.. أنا لم أقل لك إني أحبك في الله.. فابتسم الرجل الحكيم وقال له: وأنا أحبك في الله.. وهنا شعر الشاب بالحب فعلاً.. بالحب الحقيقي.. شعر بالحب الرائع الجميل لله سبحانه وتعالى.. شعر بدفء في كل جزء من أجزاء جسمه.. شعر بسلام داخلي وخارجي، وشعر بأمان وضمان داخلي، وشعر بالحب الحقيقي بحب الله سبحانه وتعالى، ثم نظر للحكيم وقال لهل: أنني مهما شكرتك فلن أستطيع أن أوفيك شكرك على قدر المعلومات التي تعلمتها منك اليوم.. فقال له: يجب أن توفر هذه الطاقة لله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعلني سبباً من الأسباب التي تصل بك إلى الطريق إلى الامتياز، وهو في الحقيقة الطريق

ص: 38