الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجائر والدور والتسلسل
الجائز: ما جاز اجتماعه واقترافه، وهو شرعاً: ما أذن فيه الشرع.
والدَّور: توقف كل شيئين على الآخر1.
والتسلسل: ترتيب أمور غير متناهية2.
1 كالدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة.
2 كقوله لزوجته: أنت طالق، وكلما طلقت فأنت طالق بعدها، فتطلق بالأولى، ثم تقع عليها الثانية بوقوع الأولى فهي شرط لها، ثم تقع الثالثة بوقوع الثانية، والرابعة بالثالثة، وهكذا، فهذا تسلسل.
التتمة: نصيحة لطالب هذا العلم
أسلم الطرق التسليم، فما سلم دين من لم يُسَلِّم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه إلى عالمه، ومن أراد علم ما يمتنع3علمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، فيتردد بين الإقرار والإنكار، شاكًّا زائغاً متحيراً، ولا مؤمناً صادقاً، ولا جاحداً مكذباً، ولا مؤمنًا محققاً.
ومن لم يتوقَّ النفي5والتشبيه6ضل، والتعمق في الفكر ذريعة
3 في الأصل: يمتع.
4 وهو من تيقن ما هو بصدده عموماً، وفي العقيدة لا بد من أن يكون المرء محققاً لها، أي: متيقناً عقيدته؛ كي تصح منه ويثاب عليها، فلا مدخل للظن في الاعتقاد.
5 النفي: إبطال الصفات وردها، والنفاة: هم الجهمية من معتزلة ومؤوِّلة.
6 التشبيه: وصف الله عز وجل بصفات عباده، وبلوازم المخلوقين، لا إثبات الصفات وإمرارها كما جاءت على حقيقتها دون الخوض في تفسيرها، فالمشبهة أخطأوا إذ فسروا آيات الصفات وأخبار الصفات، مع أنها لا تفسر، لقوله:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللَّهُ} ، [آل عمران، الآية: 7] ، والصحيح أن التأويل تفسير، لا صرف عن الظاهر.
الثاني: جعل ما يليق بالله عز وجل، ما يليق بالمخلوقين، وما لهم من صفات تشترك في الاسم مع صفات الله مصدر فهمها شيء واحد، وهو لوازم المخلوق، وهذا ممتنع بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، [الشورى: الآية:11] .
الخذلان، وسُلَّم الحرمان، ودرجة الطغيان، ومادة التوهان والولهان، فإنه يفتح باب الحيرة غالبًا، وقلَّ أن يكون ملازمه إلا خائبًا.
والأمن واليأس ينقلان عن الملة، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة، فإنه بين الغو والتقصير، والتشبيه والتعطيل1، وبين الجبر والقدر، فعليك يا أخي اتباع السنة والآثار، دون2 الافتكار والابتكار، فإن قليل ذلك مع "5/أ" الفطنة كثير، والممعن في التعمق مذموم، والحريص على التوغل في اللهو محروم، والإسراف في الجدال يوجب عداوة الرجال، وينشر الفتن، ويولد المحن، ويقلل الهيبة، ويكثر الخيبة، فإن الله سبحانه لا تفهمه الأفهام، ولا تتوهمه الأوهام، فعليك بطلب الحق ،والصدق، والتوقف معهما، وترك التغير عنهما، واجتهد في عدم الدخول فيما لا يلزمك، فإنه يلزم منه همُّك وندمك، فاستنصح يا أخي فيما قربت إليك وبذلك جهدي في نصحك؛ شفقة عليك؛ فإنه أصوب وأثوب، وأسلم وأقوم، والله أعلم.
هذا آخر المقصد الأول.
1 التعطيل: صرف الصفات عن ظاهرها وحقائقها إلى المجاز، وبين النفي والتعطيل عموم وخصوص من وجه، فالتعطيل نوع نفي، قد سبق قريبًا بيان النفي.
2 في الأصل: "دوان".