الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهذب الإمام أحمد في القرآن، وكلام الله عز وجل، أنه على الحقيقة
قال الإمام أحمد رحمه الله: القرآن كيف تصرف فهو غير مخلوق، ولا نرى القول بالحكاية والعبارة، وغلَّط من قال بهما وجهَّله، فقال: من قال: إن القرآن عبارة عن كلامه تعالى، فقد غلط وجهل.
وقال: الناسخ والمنسوخ في كتاب الله دون العبارة والحكاية.
وقال: هذه بدعة لم تقلها السلف، وقوله:"تكليمًا"1 يبطل الحكاية، منه بدأ وإليه يعود2، انتهى3.
قال الطوفي: قال المخالفون: استعمل لغة وعرفًا في النفس4 والعبارة، قلنا: نعم، لكن بالاشتراك أو بالحقيقة فيما ذكرناه، وبالمجاز فيما ذكرتموه، والأول ممنوع.
قالوا: الأصل في الإطلاق الحقيقة.
قلنا: والأصل عدم الاشترك، ثم قد5 يعارض المجاز الاشتراك6 المجرد، والمجاز7 أولى، ثم إن لفظ الكلام أكثر ما يستعمل في العبارات،
1 {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء الآية: 164] .
2 شرح الكوكب المنير: "40/2"، فتاوى شيخ الإسلام:"517/12"، مجموعة الرسائل والمسائل:"128/3"، الكافية بشرح القصيدة النونية:"205/1".
3 زاد في: شرح الكوكب المنير: نقل ذلك ابن حمدان في نهاية المبتدئين، وهو كتاب له، انظر: صيد الخاطر: "صـ 102"، مجموعة الرسائل والمسائل:"21/3"، الكافية بشرح القصيدة النونية:"29/1".
4 في: شرح الكوكب المنير عن الطوفي: استعمل لغة وعرفًا فيهما،:"14/2".
5 في شرح الكوكب المنير: "إذا"، وذكر أنه:"قد"، في نسخة.
6 في شرح الكوكب المنير: المجاز والاشتراك، وذكر أن الواو ساقطة من نسخة أخرى، قلت: وإسقاطها هو الصواب، وهو الموافق لما في نسختنا هذه.
7 شرح الكوكب المنير: "فالمجاز"، وذكر أنه:"والمجاز"، في نسخة.
وكثرة موارد الاستعمال تدل على الحقيقة.
وأما قوله تعالى: {وَيَقُوْلُوْنَ فِي أَنْفُسِهِمْ} 1، فمجاز؛ لأنه إنما دل على المعنى النفسي بالقرنية، وهو قوله:"في أنفسهم"، ولو أطلق، لما فهم إلا العبارة2.
وكذلك كل ما جاء من هذا الباب، إنما يفيد مع القرينة، ومنه قول عمر رضي الله عنه:"زورت في نفسي كلامًا"3.
وأما قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} 4، فلا حجة فيه؛ لأن "7/ب" الإسرار به خلاف الجهر5، وكلاهما عبارة عن أن يكون أحدهما أرفع صوتًا من الآخر، أما بيت الأخطل، فيقال: إن المشهور فيه "إن البيان لفي الفؤاد"، وبتقدير أن يكون كما ذكرتم، فهو6 مجاز عن مادة الكلام، وهو التصورات الصحيحة7 له، إذ من لم يتصور8 ما يقول، لا يُوجِدُ كلامًا، ثم هو مبالغة من هذا الشاعر، في ترجيح الفؤاد على اللسان، انتهى.
ولابن قاضي الجبل في الجواب عن الآيات وبيت الأخطل، كلام يقاربه في المعنى، ونقل ابن القيم9 أن الشيخ تقي الدين رد الكلام.
1المجادلة: الاية: 8، وفي الأصل:"يقولون بأنفسهم".
2 في الأصل: "إلا لعبارة".
3 وقد سبق تخريج الأثر قريبًا.
4 الملك: الآية 13، وتمامها:{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} .
5 في شرح الكوكب: لأن الإسرار نقيض الجهر.
6 في الأصل: "ذكرتهم هو"، وهو خطأ بين لا تستقيم به العبارة، والتصحيح من: شرح الكوكب المنير: "16/2".
7 في شرح الكوكب المنير: المُصَحَّحَة: "16/2".
8 في شرح الكوكب المنير: إذ من لم يُتَصور منه معنى ما يقول: "16/2".
9 محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، ثم الدمشقي، الفقيه الأصولي، المفسر النحوي، العارف، شمس الدين أبو عبد الله بن القيم الجوزية، ولد سنة 691 هـ، له "تهذيب =