الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليهم، حتى بالغ1، فأنكر على من يتوقف، في يقول: مخلوق، ولا يقول: غير مخلوق، وعلى من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ لئلا يتذرع بذلك من يقول: القرآن بلفظي [مخلوق]2.
= يقول بخلافها، فيكفر"، فقال -أي الكرابيسي-: لفظي بالقرآن مخلوق، ا. هـ، والقصة كاملة في طبقات الشافعية الكبرى: "252/1"، وقد ذكرناها بالمعنى، وجعل ابن السبكي معها كلامًا يصرف به كلام الإمام أحمد عن حقيقته؛ ليزين حال الكرابيسي.
وقال الإمام أحمد: "أخزى الله الكرابيسي، لا يجالس، ولا يكلم، ولا تكتب كتبه، ولا يجالس من يجالسه". طبقات الحنابلة: "1091"، وهي عن الكلام معه، انظره:"288/1"، في الطبقات.
1 في الحقيقة لم يبالغ إمامنا، ولم يقل ذلك حسمًا للمادة، بل أنكر أقوال المبتدعة، ورد بدعهم، وأكفرهم، وأحل دماءهم، وحكم بقتلهم، وهذه أمور لا تكون لحسم مادة النزاع، وإليك مواضعها من طبقات الحنابلة:
أفي تكفيرهم، وتكفير من شك بكفرهم:"173/1، 286، 342".
ب في إفتائه بحل دمائهم: "156/1".
جـ في حكمه بقتلهم إن لم يتوبوا بعد استتابتهم: "328/1، 343".
د في نهي الإمام عن مجالستهم، والصلاة خلفهم، والكلام معهم، ومناكحتهم، ورد قضائه إن كان قاضيًا، ونهى عن أكل ذبائحهم:"299/1، 326، 340" مؤيدًا كلام يحيى بن يحيى، 343".
وانظر لكل ما ذكر نصوص أحمد في: إنكاره كلام المبتدعة في القرآن: فتاوى شيخ الإسلام: "517/12"، السنة للإمام أحمد:"صـ 15"، مجموعة الرسائل والمسائل:"128/3"، الكافية:"205/1"، اعتقاد الإمام أحمد:"296/2"، طبقات الحنابلة، كتاب مسدد:"342/1 -343"، طبقات الحنابلة، عقيدة الإمام أحمد:"242/1"، طبقات الحنابلة، الغنية:"52/1".
2 ما بين معقوفين زيادة من فتح الباري.
ابتلاء البخاري بمن يقول: أصوات العباد غير مخلوقة، ومبالغته في الرد عليهم
وأما البخاري: فابتلي بمن يقول: أصوات العباد غير مخلوقة3، حتى بالغ بعضهم، فقال: والمداد والورق بعد الكتابة4، فكان أكثر كلامه في
3 انظر قصة البخاري في: طبقات الحنابلة: "277/1-279".
4 وقد افترى قوم ادعوا أنه قول الحنابلة، وسيأتي رده قريبًا إن شاء الله تعالى.
"11/أ" عليهم، وبالغ في الاستدلال بأن أفعال العباد كلها مخلوقة بالآيات والأحاديث في ذلك، مع أن قول من قال:"إن الذي يُسمع من القارئ هو الصوت القديم"، لا يعرف عن السلف، ولا قاله أحمد، ولا أصحابه، وإنما سبب نسبة ذلك لأحمد قوله:"من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي"، فظنوا أنه سوى بين اللفظ والصوت، بل صرح في مواضع بأن الصوت المسموع من القارئ، هو صوت القارئ1، والفرق بينهما أن اللفظ يضاف إلى المتكلم به ابتداء، فيقال عمن روى الحديث بلفظه: هذا لفظه، ولمن رواه بغير لفظه: هذا معناه، ولا يقال في شيء من ذلك: هذا صوته، فإن القرآن كلام الله، ومعناه: ليس هو كلام غيره، أما قوله تعالى:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} 2، فاختلف فيه، هل المراد جبريل، أو الرسول عليهما الصلاة والسلام؟ ، والمراد به التبليغ؛ لأن جبريل مبلغ عن الله تعالى إلى رسوله، والرسول صلى الله عليه وسلم إلى الناس، ولم يُنقَل عن أحمد أنه قال: فعل العبد قديم، ولا صوته3، إنما ينكر إطلاق اللفظ.
وصرح البخاري بأن أصوات العباد مخلوقة، وأن أحمد لا يخالفه في ذلك، ولكن أهل العلم كرهوا التنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجتنبوا الخوض فيها والتنازع، إلا بما بينه الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومن شدة اللبس في هذه المسألة، كثر نهي السلف عن الخوض فيها، واستغنوا بالاعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك
1 انظر: مجموعة الرسائل والمسائل: "354/3".
2 الحاقة: الآية 40، والتكوير: الآية: 19.
والأرجح هنا أنها آية الحاقة، ففي التكوير أعقبها بذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بمجنون، بقوله {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} ، ولو كان المراد واحدًا لما استأنف ذكره بإشارة ثانية،
وانظر: تفسير الطبري: "52/30"، "41/29، 42"، الجامع لاحكام القرآن للقرطبي:"240/19"، "274/18-275".
3 أي: لم يقل أن فعل العبد قديم، ولم يقل أن صوت العبد قديم.