الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما قيل: إن منكر كلامية ما بين الدفتين، إنما يكفر إذا قال: من المخترعات البشرية، وأما إذا اعتقد أنه من مبتدعات الله، ودالٌّ على ما هو كلامه حقيقة، أو قائم بذاته، ولكنه ليس صفة قائمة بذاته تعالى، فلا يكفر أصلًا، فخلاف الظاهر من حيث إن الشارع2 يحكم بكفر منكره حالًا، من "12/ب" غير استفسار له عن مراده، فإنَّ نفي هذا الإطلاق خلاف ما علم بالاضطرار من دين الإسلام، وخلاف [ما] 3 دل عليه الشرع، والعقل، كما نقله الشيخ تقي الدين الفتوحي4.
أي: لا يخفى فسادها على من حصل هذا العالم، أو من حصل شيئًا من العلم.
2 في الأصل: "الشاعر"، وفي هامشه جاء ما نصه وبالقلم نفسه:"لعله الشارع؛ لأن الشاعر هنا لا ينتظم الكلام به، ولا يتصور معناه إلا ذو فهم سقيم". اهـ.
3 زيادة لابد منها؛ ليستقيم المعنى.
4 محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي، تقي الدين، أبو البقاء، الشهير بابن النجار: فقيه حنبلي مصري، من القضاة، قال الشعراني: صحبته أربعين سنة، فما رأيت عليه شيئًا يشينه، ما رأيت أحدًا أحلى منطقًا منه، ولا أكثر أدبا مع جليسه، ولد سنة 898 هـ، وتوفي سنة 972هـ، له:"منتهى الارادات في جمع المقنع مع التنقيح والزيادات"، طبع مع شرحه للبهوتي، وقال الزركلي: إن شرحه غير تام، والصواب أنه تام متداول معروف، الأعلام:"6/6".
التتمة الثالثة
…
التتمة الثالث:
قد نقل عن الملا عبد الرحمن الجامي5، في كتابه "الدرة الفاخرة" المسماة بحط رحلك، ما يشير إلى الخلاف بين من يقول: إن الكلام هو الحروف والأصوات، ومن يقول: إن الكلام النفسي القائم بذاته
5 عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الجامي، نور الدين: مفسر، فاضل. ولد في جام "من بلاد ما وراء النهر"سنة 817 هـ، وانتقل إلى هراة، وتفقه، وصحب مشايخ الصوفية وطاف البلاد، وعاد إلى هراة وتوفي بها سنة 898 هـ. له "الدرة الفاخرة"، و"تفسير القرآن"، و"شرح فصوص الحكم"، وغيرها بالعربية والفارسية، الأعلام:"296/3".
تعالى لفظي، فقال: واعلم1 أن ها هنا قياسين متعارضين.
أحدهما: أن كلام الله [تعالى] 2صفة له، وكل ما هو صفة له، فهو قديم، فكلامه قديم3.
وثانيهما: أن كلام الله مؤلف من أجزاء مترتبة متعاقبة [في الرجود] 4، وكل ما هو كذلك، فهو حادث، [فكلام الله سبحانه حادث]5.
فافترق المسلمون أربع فرق:
فرقتان منهم ذهبوا إلى صحة القياس الأول، وقدحت واحدة منهما في صغرى6 القياس الثاني، وقدحت الأخرى في كبراه.
وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحة القياس الثاني، وقدحوا في إحدىمقدمتي الأول.
ثم ذكر كيفية قدحهم باعتبار مذاهبهم، فمن أراد ذلك، فليراجعه7.
ثم قال8: وفي الفتوحات المكية: إن المفهوم من كون القرن حروفًا أمران:
الأمر الواحد: المسمى: قولًا وكلامًا ولفظًا.
والأمر الآخر: يسمى: كتابًا ورقمًا وخطًا.
1 في الأصل: "ولعل"، وهو تصحيف، والتصحيح من الدرة الفاخرة.
2 زيادة من الدرة الفاخرة.
3 هكذا في الأصل، وفي الدرة الفاخرة: فكلام الله تعالى.
4 زيادة من الدرة الفاخرة.
5 زيادة في الدرة الفاخرة.
6 في الأصل: "صغر"، والتصحيح من الدرة الفاخرة.
7 انظر الدرة الفاخرة: "صـ 280- 283".
8 القائل: الملا عبد الرحمن الجامي، الدرة الفاخرة:"صـ 283-284".
والقرآن يخط له1 حروف الرقم، وينطق به، فله حروف اللفظ، فلم2 يرجع إلى كونه حروفًا منطوقًا بها؟ ، وهى كلام3 الله الذي هو صفة له، أو للمترجم عنه.
فاعلم: أنه قد أخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم: "أنه سبحانه يتجلى في القيامة بصور مختلفة، فيُعرَف ويُنْكَر" 4، فمن كانت حقيقته تقبل هذا التجلي، لا يبعد أن يكون الكلام بالحروف المتلفظة المسماة كلام الله لبعض تلك الصور، كما يليق بجلاله.
وقال أيضًا بعد كلام طويل5: فإذا تحققت ما قررنا، ثبت أن كلام [الله] 6 هو هذا المتلوُّ المسموع المتلفظ به المسمى قرآنًا، وتوراة، وزبورًا، وإنجيلًا7، انتهى كلام الشيخ "الأكبر"8.
فالذي 9 ظهر منه، أن الكلام الذي هو صفته سبحانه ليس سوى إفادته وإفاضته مكنونات علم على من يريد إكرامه10، وأن الكتب المنزلة المنطوقة
1 في الدرة الفاخرة: "فله".
2 في الأصل: "فلما"،في الدرة الفاخرة:"فلماذا".
3 في الدرة الفاخرة: "هل لكلام".
4 روى البخاري في: كتاب التوحيد: "156/9"، ومسلم في: معرفة طريق الرؤية: "112/1، 115"، واللفظ به:"فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأيتنا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأيتهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه"، والحديث طويل.
5 أي: صاحب الفتوحات.
6 زيادة من الدرة الفاخرة.
7 الدرة الفاخرة: "صـ 284"، وحذف المصنف بعد هذا كلامًا نقله الجامي عن الشيخ صدر الدين القونوي، فعد إليه إن شئت في: الدرة الفاخرة: "صـ 85".
8 ما بين القوسين" " كلمة مصحفة، هكذا:"الأبكيري"، ولعلها تصحيف لكلمة "الأكبر" إذ أنها لقبه عند أتباعه.
9 النقل هنا من الدرة الفاخرة بعد حذف كلام القونوي.
10 فهذا منه الحديث القدسي، والتشريع الوارد في السنة، لقوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} ، [النجم: الآية: 3] ، ويشترك به الأنبياء وغيرهم من الصالحين، قال تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إلى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} ، [القصص: الآية 7] ، وهذا يكون بتعبير، وألفاظ الموحى إليه.