الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مس المصحف للجنب والحائض
هناك خلاف بين أهل العلم نحو مس المصحف وعدمه؛ لقول الله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: 79]. يعنى: الملائكة. قاله ابن عباس وأنس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم.
وروى ابن جرير عن قتادة: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال: لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما فى الدنيا يمسه المجوس النجس والمنافق الرجس (1). وقال أبو العالية:
لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ: ليس أنتم، أنتم أصحاب الذنوب (1). وقال ابن زيد:
زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزّلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون، كما قال تعالى: وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ. وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ. إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ
[الشعراء: 210 - 212]. وهذا القول جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التى قبله.
وقال آخرون: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ: أى من الجنابة والحدث، وهى الطهارة ولفظ الآية خبر، ومعناها الطلب، قالوا: والمراد بالقرآن المصحف؛ بدليل ما رواه مسلم عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو (3). واحتجوا فى ذلك بما رواه الإمام مالك فى موطئه عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن فى الكتاب الذى كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ألا يمس القرآن إلّا طاهر (4).
وروى أبو داود فى المراسيل من حديث الزهرى قال: قرأت فى صحيفة عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يمسّ القرآن إلا طاهر» (5)، وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهرى، ومثل هذا ينبغى الأخذ به.
(1) تفسير الطبرى 27/ 119.
(3)
مسلم فى الإمارة (1869/ 92).
(4)
مالك فى الموطأ فى القرآن 1/ 99 (1).
(5)
مراسيل أبى داود (257).
أقول- والله أعلم: إن مس المصحف للجنب والحائض حرام؛ لحديث عمرو بن حزم: «
…
ولا يمس المصحف» وهذا الحديث وإن كان فيه مقال، إلا أنه يتقوّى بتعدّد طرقه، التى يقوى بعضها بعضا. ولذا قال ابن كثير: ومثل هذا ينبغى الأخذ به.
والخلاصة:
أنه يحرم على الجنب والحائض مسّ المصحف قبل أن يغتسلا؛ لما جاء فى الحديث، لا لما جاء فى الآية (1)، والله تعالى أعلم وهو الموفق للصواب.
(1) انظر: مختصر تفسير ابن كثير لمحمد نسيب الرفاعى 4/ 298، 299، ط أولى بيروت، لبنان، 1392 هـ 1972 م.