الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحوال السلف بعد ختم القرآن
من السنة لقارئ القرآن عند ختمه أن يقرأ سورة (الفاتحة) إلى قوله تعالى:
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* لما جاء فى الحديث المروى من طريق عبد الله بن كثير، عن درباس مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عباس عن أبى بن كعب رضي الله عنهم، عن النبى صلى الله عليه وسلم:
أنه كان إذا قرأ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افتتح من الْحَمْدُ لِلَّهِ* ثم قرأ من البقرة إلى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* (1).
وروى أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أى العمل أحب إلى الله؟ قال: «الحالّ المرتحل» ، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: «الذى يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل» (2). أى كلما فرغ من ختمة شرع فى أخرى من غير تراخ.
وهكذا كان الصالحون، فكانوا لا يفترون عن تلاوة القرآن ليلا ولا نهارا، حضرا وسفرا، صحة وسقما، ولأن تلاوة القرآن من أفضل القربات والطاعات لله. ثم إذا فرغ من ختم القرآن دعا الله تعالى بآداب الدعاء.
والدعاء يتأكد عند ختم القرآن:
ولأنه من مواضع الإجابة، فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جمع القرآن كانت له دعوة مستجابة إن شاء عجلها له فى الدنيا، وإن شاء ادخرها له فى الآخرة» (3).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لقارئ القرآن دعوة مستجابة وشجرة فى الجنة» (4).
أفضل الدعاء المأثور:
منه ما روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند ختم القرآن الكريم: «اللهم ارحمنى بالقرآن، واجعله لى إماما وهدى ونورا ورحمة، اللهم ذكرنى منه ما نسيت، وعلمنى منه ما
(1) نهاية القول المفيد ص 231.
(2)
الترمذى فى القراءات (2948) وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه
…
».
(3)
الطبرانى فى الأوسط (6606).
(4)
الخطيب فى تاريخ بغداد 9/ 390، وكنز العمال (2280).
جهلت، وارزقنى تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعله لى حجة يا رب العالمين» (1).
ومن الأدعية المروية عنه صلى الله عليه وسلم والجامعة لخيرى الدنيا والآخرة: «اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك، ناصيتنا بيدك، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا وقائدنا إليك، وإلى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، برحمتك يا أرحم الراحمين» (2).
من آداب الدعاء:
أن يبدأ بالثناء على الله تعالى أولا وآخرا، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء وبعده، لما روى عن على رضي الله عنه: أنه قال: كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
ولما روى عن عمر رضي الله عنه قال: كل الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شىء حتى يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم.
وأن يعم بدعائه جميع المسلمين وإخوانه الحاضرين والغائبين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الغائب لغائب قال الملك: ولك مثل ذلك» (3). وأن يدعو لولاة المؤمنين بإصلاح شأنهم والعمل بشرائع ربهم والتمسك بسنة نبيهم، وأن يوفق المسلمين لما يحبه ويرضاه، ويجنبهم ما يبغضه ويأباه.
(1) أخرجه الحافظ العراقى فى أحاديث الإحياء، وغيث النفع ص 393.
(2)
قال ابن الجزرى فى التمهيد نقلا عن السخاوى: إن أبا القاسم الشاطبى كان يدعو الله بهذا الدعاء عند ختم القرآن.
(3)
الكامل فى ضعفاء الرجال 2/ 428، وكنز العمال (3181).