الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ». فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ.
بابٌ من الدّين الفرار من الفتن
.
18 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ
ــ
وبالإجماع أو لفظ ذلك اشارة الى غير الشرك بقرينة الستر فانه يستقيم فى الافعال التى يمكن اظهارها واخفاؤها وأما الشرك أى الكفر فهو من الامور الباطنه فانه ضد الايمان وهو التصديق القلبى على الأصح الطبى: قالوا المراد منه المؤمنون خاصة لانه معو على قوله: فمن وفى وهو خاص بهم لقوله: منكم تقديره ومن أصاب منكم أيها المؤمنون من ذلك شيئا فعوقب فى الدنيا أى أقيم الحد عليه لم يكن له عقوبة لأجل ذلك فى القيامة وهو ضعيف لأن الفاء فى فمن وفى لترتيب ما بعدها على ما قبلها والضمير فى منكم للعصابة المعهودة فكيف يخصص الشرك بالغير فالصحيح أن المراد بالشرك الرياء لأنه الشرك الخفى قال تعالى (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) ويدل عليه تنكير شيئا أى شركا أيا ما كان. وأقول عرف الشارع يقتضى أن لفظ الشرك عند الاطلاق يحمل على مقابل التوحيد سيما فى أوائل البعثة وكثرة عبدة الأصنام. قوله: (فهو) أى فالعقاب أى الحد كفارة له أى يسقط عنه الأم حتى لا يعاقب فى الأخرة ذهب أكثر العلماء الى أن الحدود كفارات استدلالا بهذا الحديث ومنهم من توقف لما روى أبو هريرة قد يكون قبل حديث عبادة فلم يعلم ثم علم بعد ذلك قاله النووى فى شرح مسلم. قوله: (فهو الى الله) أى حكمه من الأجر والعقاب مفوض الى الله. اعلم ان مذهب أهل السنه أن من ارتكب كبيرة ومات قبل التوبة ان شاء الله عفا عنه ويدخله الجنة أول مرة وان شاء عذبة فى النار ثم يدخلها الجنة وقالت المعتزلة صاحب الكبيرة اذ مات بغير التوبة لا يعنى عنه ويخلد فى النار وهذا دليل عليهم لأنهم يوجبون العقاب على الكباثر قبل التوبة والعفر عنها بعدها. الطبى: وفيه أيضا اشارة الى أنه لا تجوز الشهادة بالجنة ولا بالنار لأحد بعينه الا من ورد فيه النص كالعشرة المبشرة وغيرهم رضى الله عنهم قال البخارى رضى الله عنه (باب من الدين الفرار من الفتن) قوله: (من الدين) هذا حيث لم يقل من الايمان مع أن عقد الكتاب انما هو فى الايمان مشعر بأن الدين والايمان واحد كما أن الايمان والاسلام أيضا عنده واحد. الطبى: اصطلحوا على ترادف الايمان والاسلام والدين ولا مشاحة فى الاصطلاحات. قوله: (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام وسكون السين المهملة ابن فعنب القعنى المدنى أبو عبدالرحمن سكن البصرة روى عنه الشيوخ الخمسة الترمذي
مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ
ــ
والنسائى عن رجل عنه والثلاثة عنه أجمع العلماء على جلالته وعلمه وعمله روى أن رجلا جاء الى الامام مالك فقال قدم القعنبى فقال مالك قوموا بنا إلى خير أهل الأرض وقيل للقعنى حدثت ولم تكت تحدث فقال رأيت كأن القيامة قد قامت فصيح بأهل العلم فقاموا فقمت معهم فصيح بى أن اجلس فقلت الهى ألم أكن معهم أطلب قال بلى ولكنهم نشروا واخفيته فحدثت وقال عمرو بن على كان القعنى بجاب الدعوة ومات بمكة وكان مجاورا بها فى المحرم سنة احدى وعشرين ومائتين. قوله: (مالك) هو امام المسلمين امام دار الهجرة المستغنى عن التعريف وقد مر بعض فضائله التى لا تعد ولا تحد. وأما عبد الرحمن وأبوه عبد الله فهما أنصاريان مازنيان مدنيان. و (صعصعة) بفتح الصادين المهملتين وبالعينين المهملتين الاولى منهما ساكنة. قوله: (أبى سعيد) هو سعد بن مالك بن سنان الخزرجى الأنصارى الخدرى بضم الخاء المهجمة وسكون الدال المهملة منسوب الى خدرة أحد أجداده أو احدى جداته وخدرة بطن نت الأنصار استشهد أبوه يوم أحد وهو كان صغيرا وغزا بعد ذلك ثنى عشرة غزوة روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف حديث ومائة وسبعون حديثا ذكر البخارى اثنين وستين منها. توفى بالمدينة سنة أربع وستين أو سبعين ودفن بالبقيع روى حنظلة بن أبى سفيان عن أشياخة قالوا لم يكن فى أحداث الصحابة أفقه من أبى سعيد وفى رواية أعلم وهذا الاسناد من المستظرفات لان الرواة كلهم مدنيون. قوله: (يوشك) هو يضم الياء وكسر الشين أى يقرب ويقال فى ماضيه أوشك وهو من أفعال المقاربة وقد وضع لدنو الخير اخذا فيه وهو مثل كا وعسى فى الاستعمال فيجوز أوشك زيد يجئ وأن يجئ وأوشك ان يجئ زيد على الأوجه الثلاثة. قوله: (يتبع) بتشديد التاء المفتوحة وجاء بسكونها. و (الشعف) بفتح الشين المهجمة والعين المهملة رءوس الجبال وأعاليها والواحدة شعفة (ومواقع القطر) يعنى الاودية والصحارى وفى بعض النسخ يتبع بها بزيادة بها والضمير راجع الى الغنم وهو اسم الجنس يجوزن تأنيثه باعتبار معنى الجمع ويجوز فى خير مال المسلم غنم وجهان نصب خبر ورفعه ونصبه هو الاشهر فى الرواية وهو خبر
بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ
ــ
يكون مقدما ولا يضر كون الاسم وهو غنم نكرة لانها موصوفة بقوله: يتبه بها وأما الرفع فبأن يقدر فى يكون ضمير الشان ويكون خير مال الملم غنم مبتدا وخبرا وقدروى غنما بالنصب وقيد بالغنم لان هذا النوع من المال نموه وزيادته أبعد من الشوائب المحرمه كالربا والشبهات المكروهة وخصت الغنم بذلك لما فيها من السكينة والبركة وقدر عاها الأنبياء عليهم السلام مع أنها سهة الانقياد خفيفة المؤنة كثيرة النفع وقيد الانباع بالمواضع الخالية من ازدحام الناس لأنه أسلم غالبا عن المقاولات المؤدية الى الكدورات وقال يقر بدينه اشعارا بأن هذا الاتباع ينبغى أن يكون استعصام للدين لا لا مر دعيوى كطلب كثرة الملف وقلة أطماع الناس فيه ولما كان الجمع بين الرفق والربح وصيانة الدين كان خير الاموال الذى يعتنى بها المسلم وفيه اخبار بانه يكون فى اخر الزمان فتن وفساد بين الناس وهو يكاد يكون من المعجزات. قوله: (يفر بدينه من الفتن) اما جملة حالية وذو الحال هو الضمير المستتر فى يتبع ويحتمل أن يكون هو السلم ويجوز الحال من المضاف اليه نحو (فاتبع ملة ابراهيم حنيفا) فان قلت انما يجعل حالا من المضاف اليه اذا كان المضاف جزءأ من المضاف اليه أو فى حكمه كما فى رأيت وجه هند ثائمة لا فى نحو رأيت غلام هند قائمة والمال ليس كذلك. قلت المال لشدة ملابسته بذى المال كأنه جزء منه وأما اتحاد الخير بالمال فظاهر أو جملة استئنافية على تقدير جواب سؤال يقتضيه المقام. قوله: (من الفتن) وهو جميع فتنة أى من فساد ذات البين وغيرها. فان قلت كيف يجمع بين مقتضى هذا الحديث من اختيار العزلة وبين ما ندب اليه الشارع من اختلاط أهل المحلة لإقامة الجماعة وأهل البلدة للجمعة وأهل السواد مع أهل البلدة للعيد وأهل الافاق لوقوف عرفة وفى الجملة اهتمام الشارع بالاجتماع معلوم ولهذا قال الفقهاء يجوز نقل اللقيط من البادية إلى القرية ومن القرية الى البلد لا عكسها ولا شك أن الإنسان مدنى بالطبع متاج إلى السواد الأعظم وكمال الانسانية لا يحصل الا بالتمدن قلت ذلك عند عدم الفتنة وعدم وقوعه فى المعاصي وعند الاجتماع بالجلساء الصلحاء وأما اتباع الشعف والمعاطن وطلب الخلوة والانقطاع إنما هو فى أضداد هذه الحالات النووي: وفى الحديث فوائد منها فضل العزلة فى أيام الفتن الا أن يكون الإنسان ممن له قدرة على إزالة الفتنة فانه يجب عليه السعي فى إزالتها إما فرض عين واما فرض كفاية بحسب الحال والامكان وأما في غير أيام الفتنة فاختلف العلماء فى العزلة والاختلاط أيهما أفضل مذهب الشافعى والأكثرين الى تفضيل الخلطة لما فيها من اكتساب الفوائد وشهود شعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين وايصال