المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زيادة الإيمان ونقصانه - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - جـ ١

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ترجمة البخاري

- ‌بابٌ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌بابٌ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

- ‌باب أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌بابٌ أيّ الإسلام أفضل

- ‌بابٌ إطعامُ الطعام من الإسلَامِ

- ‌باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌باب حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌بابٌ حلاوة الإيمان

- ‌باب علامة الإيمان حب الأنصار

- ‌بابٌ

- ‌بابٌ من الدّين الفرار من الفتن

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ»

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ

- ‌بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌بَابُ الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌بَابُ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ

- ‌بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الحَقِيقَةِ

- ‌بَابُ إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌بَابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ

- ‌بَابُ المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌بابُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا

- ‌بَابُ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌بَابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌باب قيام ليلة القدر من الإيمان

- ‌باب الجهاد من الإيمان

- ‌باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

- ‌باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان

- ‌باب الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌باب الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌باب حسن إسلام المرء

- ‌باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ

- ‌باب زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌بَابُ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌باب اتباعُ الجنائِز من الإيمانِ

- ‌باب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ

- ‌بابُ فضل من استبرأ لدينه

- ‌بابٌ أداء الخمس من الإيمان

- ‌بابٌ مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحَةُ

الفصل: ‌باب زيادة الإيمان ونقصانه

مَا دَاومَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.

‌باب زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)

ــ

قول ابن فورك وقال ابن الأنباري سمي فعل الله تعالى مللاً على جهة المزاوجة كقوله: تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وأقول فلقوله: لا يمل حتى تملوا خمسة تواجيه والتأويل إما في يمل وهو ثلاثة أوجه وإما في حتى وإما في تملوا والله أعلم. قوله: (إليه) أي إلى الله ما دام أي ما واظب مواظبة عرفية وإلا فحقيقة الدوام شمول جميع الأزمنة وذلك غير مقدور. قال ابن بطال مقصود الباب أنه سمي الأعمال ديناً بخلاف قول المرجئة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خشية الملال اللاحق بمن انقطع في العبادة وقد ذم الله من التزم فعل البر ثم قطعه بقوله: تعالى (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) وابن عمر لما ضعف عن العمل ندم على مراجعته رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخفيف عنه وقال ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقطع العمل الذي كان التزمه. الخطابي: أحب الدين أي أحب الطاعة والدين في كلامهم الطاعة ومنه الحديث في صفة الخوارج يمرقون من الدين أي من طاعة الأئمة ويحتمل أن يكون أراد بذلك أحب أعمال الدين أي بحذف المضاف. التيمي: فإن قلت المراد من يمرقون من الدين من الإيمان لأنه ورد في رواية أخرى يمرقون من الإسلام. قلت الخوارج غير خارجين من الدائرة بالاتفاق فيحمل الإسلام على الاستسلام الذي هو الطاعة وقال والمقصود بالدين دين الحق لأن الدين المطلق لا يفهم منه إلا ذلك وإن كان الظاهر أن كل دين وإن كان باطلاً إذا دووم عليه فهو أحب إلى الله تعالى. النووي: في الحديث فوائد كثيرة. منها أن الأعمال تسمى ديناً وأن استعمال المجاز جائز في إطلاق الملل على الله وفيه جواز الحلف من غير استحلاف وأنه لا كراهة فيه إذا كان فيه تفخيم أمر أو حث على طاعة أو تنفير عن محذور ونحوه وفيه فضيلة الدوام على العمل وفيه بيان شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته على أمته لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة لأن النفس تكون فيه أنشط ويحصل منه مقصود الأعمال وهو الحضور فيها والدوام عليها بخلاف ما يشق فإنه معرض لأن يترك كله أو بعضه أو يفعله بكلفة فيفوته الخير العظيم. قال البخاري رضي الله عنه (باب زيادة الإيمان ونقصانه) قوله: (هدى) الهدى هو الدلالة الموصلة إلى البغية وقيل هو الدلالة المطلقة. فإن قلت عقد الباب في زيادة الإيمان فكيف دل هذه الآية عليه. قلت زيادة الهدى مستلزمة لزيادة

ص: 173

(وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) وَقَالَ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فَإِذَا تَرَكَ شَيْئاً مِنَ الْكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ.

42 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ

ــ

الإيمان. قوله: (وقال) فإن قلت لم عدل عن أسلوب أخويه حيث قال بلفظ قال ولم يقل وقوله: تعالى قلت لأن الغرض منه ما يلزم منه وهو بيان النقصان والاستدلال به على أنه يدخله النقصان فإن الشيء إذا قبل أحد الضدين لابد أن يقبل الضد الآخر ولهذا قال فإذا ترك شيئاً من الكمال فهو ناقص بخلاف ما تقدم فإن الغرض منه إثبات الزيادة صريحاً لا استلزاماً فهو مخالف له من جهتين. قال ابن بطال هذه الآية حجة في زيادة الإيمان ونقصانه. قوله: (مسلم) بكسر اللام الخفيفة (ابن إبراهيم) هو أبو عمرو الفراهيدي القصاب البصري وقد يعرف بالشحام وفراهيد بفتح الفاء وبالراء وبالهاء المكسورة وبالمثناة التحتانية والدال المهملة قال ابن الأثير بالذال المعجمة بطن من الأزد ومنهم الخليل ابن أحمد النحوي سمع من سبعين امرأة توفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. قوله: (هشام) بكسر الهاء أبو بكر بن أبي عبد الله الربعي بفتح الموحدة البصري الدستوائي بفتح الدال وغسكان السين المهملتين وبعدها مثناة فوق مفتوحة وآخره همزة بلا نون وقيل الدستوائي بالقصر والنون والأول هو المشهور ودستواء كورة من كور الأهواز كان يبيع الثياب التي تجلب منها فنسب إليها. قال أبو داود الطيالسي كان الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث. قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه لا يسأل عن الدستوائي ما أظن الناس يروون عن أثبت منه مثله عسى وأما أثبت منه فلا. وقال أحمد بن عبد الله هو ثقة إلا أنه كان يقول بالقدر ولم يكن يدعو إليه توفي سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع وخمسين ومائة قوله: (قتادة) هو أبو الخطاب بن دعامة السدوسي البصري الأكمه ومر في باب (من الإيمان أن يحب لأخيه) وهذا الإسناد رجاله كلهم بصريون لأن أنسا رضي الله عنه سكن البصرة ودفن فيها أيضاً قوله: (يخرج) بفتح الياء من الخروج وبضمها وفتح الراء من الإخراج. قوله: (من خير) أي من إيمان كما جاء مفسراً في الرواية الأخرى ولأن الخير بالحقيقة هو ما يقرب العبد إلى الله تعالى وما

ص: 174

لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبَانُ حدّثَنا

ــ

ذاك إلا الإيمان. فإن قلت الوزن إنما يتصور في الأجسام دون الإجرام والإيمان معنى من المعاني لا جسمية فيه. قلت شبه الإيمان بالجسم فأضيف إليه ما هو من لوازم الجسم وهو الوزن ومثله يسمى استعارة بالكناية. فإن قلت تنكير إيمان يقتضي أن يكفي أي إيمان كان وبأي شيء كان لكن لابد من الإيمان بجميع ما علم مجيء الرسول به ضرورة حتى يوجب الخروج من النار. قلت الإيمان في عرف الشرع لا يطلق إلا إذا كان بجميع ما جاء به فلابد من ذلك حتى يتحقق حقيقة الإيمان ويصح إطلاقه وإنما ذكر بالتنوين التقليلي ترغيباً في تحصيله إذ لما حصل الخروج بأقل ما ينطلق عليه اسم الإيمان فبالكثير منه بالطريق الأولى. فإن قلت التصديق القلبي كاف في الخروج إذ المؤمن لا يخلد في النار وأما قول لا إله إلا الله فلا جراء أحكام الدنيا عليه فما وجه الجمع بينهما. قلت المسئلة مختلف فيها قال بعض العلماء لا يكفي مجرد التصديق بل لابد من القول والفعل أيضاً وعليه البخاري أو المراد من الخروج هو بحسب حكمنا به أي يحكم بالخروج لمن كان في قلبه إيمان ضاماً إليه غفرانه الذي يدل عليه إذ الكلمة هي شعار الإيمان في الدنيا وعليه مدار الأحكام فلابد منها حتى يصح الحكم بالخروج. فإن قلت لا يكفي قول لا إله إلا الله بل لابد من ذكر محمد رسول الله. قلت المراد المجموع وصار الجزء الأول منه علماً للكل كما يقال قرأت (قل هو الله أحد) أي قرأت كل السورة أو كان هذا قبل مشروعية ضمها إليه. قوله: (ذرة) بفتح الذال وشدة الراء واحدة الذر وهي أصغر النمل قيل وقد صحفها شعبة فضم الذال وخفف الراء وكان سببه المناسبة إذ هي من الحبوب أيضاً كالبرة والشعير والكلام من باب الترقي في الحكم وإن كان تنزلاً عن الشعيرة إلى البرة وعن البرة إلى الذرة. قال ابن بطال قال المهلب الذرة أقل الموزونات وهي في الحديث التصديق الذي لا يجوز أن يدخله النقص وما في البرة والشعيرة من الزيادة على الذرة فإنما هي زيادة من الأعمال يكمل التصديق بها وليست زيادة في نفس التصديق. فإن قيل لما أضاف هذه الأجزاء التي في الشعيرة والبرة الزائدة على الذرة إلى القلب دل أنها زائدة من التصديق لا من الأعمال والجواب أنه لما كان الإيمان التام إنما هو قول وعمل والعمل لا يكون إلا بنية وإخلاص من القلب جاز أن ينسب العمل إلى القلب إذ تمامه بتصديق القلب وقد عبر عن هذه الأجزاء من الأعمال مرة بالخير ومرة بالإيمان وكل شائع سائغ وقال غير المهلب

ص: 175

قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «مِنْ إِيمَانٍ» . مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ» .

43 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ أخبرنا

ــ

ويحتمل أن تكون الذرة وأختاها التي في القلب ثلاثتها من نفس التصديق لأن قول لا إله إلا الله لا يتم غلا بتصديق القلب والناس يتفاضلون في التصديق إذ يجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة أما زيادته بزيادة العلم فلقوله: تعالى (أيكم زادته هذه إيماناً) وأما زيادته بزيادة المعاينة فلقوله: تعالى (ولكن ليطمئن قلبي) و (ثم لترونها عين اليقين) حيث جعل له مزية على علم اليقين. التيمي: استدل البخاري بهذا الحديث على نقصان الإيمان لأنه يكون لواحد وزن شعيرة وهي أكبر من البرة والبرة اكبر من الذرة فدل على أنه يكون للشخص القائل لا إله إلا الله قدر من الإيمان لا يكون ذلك القدر لقائل آخر وأقول لا يختص بالنقصان بل يدل على الزيادة أيضاً. النووي: في الحديث الدلالة لما ترجم له وفيه دخول طائفة من عصاة الموحدين النار وفيه أن صاحب الكبيرة من الموحدين لا يكفر بفعلها ولا يخلد في النار وفيه أنه لا يكفي في الإيمان معرفة القلب دون الكلمة ولا الكلمة من غير اعتقاد. قوله: (أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وهو منصرف لأنه فعال كغزال ومنهم من جعله أفعل فمنع صرفه لوزن الفعل مع العلمية وهو أبو يزيد البصري العطار ذكر البخاري عنه تعليقاً لعدم تلاقيهما وذكره متابعة لا تأصلاً إما لضعفه أو لغيره وإما لضعف شيخه ونحوه وأما مسلم فقد روى له في الأصول واعلم أن فيه فوائد. الأولى ما في سائر المتابعات من التقوية والثانية ما في ذكر الإيمان بدل الخير والثالثة بيان الاحتجاج به لأن قتادة مدلس لا يحتج بعنعنته إلا إذا ثبت سماعه لذلك الذي عنعن وقد وقع في الرواية الأولى عنه وهي رواية هشام بالعنعنة حيث قال عن أنس فإذا ثبت من رواية أبان عنه التحديث والسماع إذ قال حدثنا أنس علمنا اتصال عنعنته واحتججنا بها وعلى هذا يحمل ما في الصحيحين من هذا النوع واعلم أيضاً أن الواسطة بين البخاري وأبان يحتمل أن يكون مسلم بن إبراهيم وأن يكون غيره. قوله: (الحسن) هو أبو علي بن الصباح بتشديد الباء ابن محمد البزار بالزاي ثم بالراء الواسطي سكن بغداد وتوفي بها سنة تسع وأربعين ومائتين. قوله: (جعفر) هو ابن عبد الله (بن عون) بن جعفر بن عمرو القرشي المخزومي الكوفي مات بها سنة ست ومائتين. قوله: (أبو العميس) بضم العين المهملة هو عتبة بن عبد الله بن مسعود

ص: 176

قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِى كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً. قَالَ أَىُّ آيَةٍ قَالَ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

ــ

الهذلي الكوفي روى له الجماعة. قوله: (قيس بن مسلم) هو أبو عمرو الجدلي الكوفي مات سنة عشرين ومائة. قوله: (طارق) هو أبو عبد الله بن شهاب بن عبد شمس البجلي بالموحدة والجيم المفتوحتين الأحمسي الصحابي الكوفي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وغزا في خلافة الشيخين ثلاثاً وثلاثين من غزوة إلى سرية توفي سنة ثلاث وثمانين وهذا الإسناد رجاله كوفيون إلا أوله وآخره وقال أولاً حدثنا وثانياً سمع وثالثاً حدثنا ورابعاً أخبرنا وخامساً عنعن مراعاة لاصطلاحهم ولفظ سمع نص في قراءة الشيخ بخلاف حدثنا فإنه ظاهر فيها إذ لا فرق بين حدثنا وأخبرنا عند كثير ولا يخفى أن لفظ قال مقدر فيما لا يصح الكلام إلا بتقديره وعند القراءة يجب التلفظ به عند الجمهور. قوله: (اليهود) هو علم قوم موسى عليه السلام ويهود معرفة أدخل عليها لام التعريف وسموا به اشتقاقاً من هادوا أي مالوا أما من عبادة العجل أو من دين موسى أو من هاد إذا رجع من خير إلى شر ومن شر إلى خير لكثرة انتقالهم من مذاهبهم وقيل لأنهم يتهودون أي يتحركون عند قراءة التوراة وقيل معرب من يهوذا بن يعقوب بالذال المعجمة ثم نسب إليه فقيل يهودي ثم حذف الياء في الجمع فقيل يهود وكل جمع منسوب إلى جنس الفرق بينه وبين واحدة بالياء وعدمها نحو رومي وروم. قوله: (آية) مبتدأ و (في كتابكم) صفته. و (تقرءونها) صفة أخرى. و (لو علينا) تقديره لو نزلت علينا لأن لولا تدخل إلا على الفعل ونزلت المذكور مفسر لنزلت المقدر نحو (لو أنتم تملكون) والجملة الشرطية خبر المبتدأ أو آية مبتدأ بتقدير آية عظيمة. وفي كتابكم خبره وكذا تقرءونها ويحتمل أن يكون خبره محذوفاً وهو في كتابكم مقدماً عليه وفي كتابكم المؤخر مفسر له. قوله: (معشر) منصوب على الاختصاص أي أعني معشر اليهود والمعشر الجماعة الذين شأنهم واحد. قوله: (لاتخذنا ذلك اليوم عيدا) أي لعظمناه وجعلناه عيداً لنا في كل سنة لعظم ما حصل فيه من كمال الدين والعيد فعل من العود وإنما سمي به لأنه يعود كل عام. قال الزمخشري في قوله: تعالى (تكون لنا عيدا) قيل العيد هو السرور العائد ولذلك يقال يوم عيد كأن معناه يكون لنا سروراً وفرحاً. وقال في قوله: تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) أي أكملت لكم

ص: 177

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً). قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.

ــ

ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس (وأتممت عليكم نعمتي) بذلك أي بكمال أمر الدين لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام (ورضيت لكم الإسلام ديناً) بمعنى اخترته لكم ن بين الأديان وآذنتكم بأنه هو الدين المرتضى وحده. قوله: (أي آية) فإن قلت هل فرق بين أن يقال أي آية وأن يقال ما تلك الآية. قلت نعم السؤال بأي إنما هو عما يميز أحد المتشاركات وبما عن الحقيقة والغرض ههنا طلب تعيين تلك الآية وتمييزها عن سائر الآيات التي في الكتاب مقروءة قوله: (قد عرفنا) معناه أنا ما أهملناه ولا خفي علينا زمان نزولها ولا مكان نزولها وضبطنا جميع ما يتعلق بها حتى صفة النبي صلى الله عليه وسلم وموضعه في زمان النزول وهو كونه قائماً حينئذ وهو غاية في الضبط. فإن قلت عرفة والجمعة يدلان على الزمان فما الذي يدل على مكان النزول. قلت أما أن يقال علم من عرفة أيضاً أما لأن زمان الوقوف بعرفة أنما هو في عرفات وأما لأن عرفة قد تطلق على عرفات أيضاً فيراد ههنا كلا المعنيين على مذهب من جوز أعمال اللفظ المشترك في معنييه كالشافعي وغيره أو يقال إنما قال عرفنا المكان ولكن لم نتعرض لتعيينه. فإن قلت بم يتعلق بعرفة. قلت أما بقائم وإما بنزلت. قوله: (يوم الجمعة) في بعض الروايات يوم جمعة وهو بضم الميم وإسكانها وفتحها والفرق بين فعلة ساكن العين وفعلة متحركة أن الساكن بمعنى المفعول والمتحرك بمعنى الفاعل يقال رجل ضحكة بسكون الحاء أي مضحوك عليه وضحكة بتحريك الحاء أي ضاحك على غيره وكذا همزة لمزة فمعناه إما مجموع فيه الناس وإما جامع للناس وهذه قاعدة كلية. فإن قلت عرفة غير منصرف اتفاقاً للعلمية والتأنيث فما بال الجمعة منصرفاً مع أنها مثلها في كونها اسماً للزمان المعين وفيه تاء التأنيث قلت عرفة علم والجمعة صفة أو غير صفة ليس علماً ولو جعل علماً لامتنع من الصرف. فإن قلت كيف طابق الجواب السؤال لأنه قال لاتخذناه عيداً وقال عمر رضي الله عنه عرفنا أحواله ولم يقل جعلناه عيداً. قلت لما بين أن يوم النزول كان عرفة ومن المشهورات أن اليوم الذي بعد عرفة هو عيد للمسلمين فكأنه قال جعلناه عيداً بعد إدراكنا استحقاق ذلك اليوم للتعييد فيه. فإن قلت فلم ما جعلوا يوم

ص: 178