المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الصلاة من الإيمان - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - جـ ١

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ترجمة البخاري

- ‌بابٌ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌بابٌ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

- ‌باب أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌بابٌ أيّ الإسلام أفضل

- ‌بابٌ إطعامُ الطعام من الإسلَامِ

- ‌باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌باب حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌بابٌ حلاوة الإيمان

- ‌باب علامة الإيمان حب الأنصار

- ‌بابٌ

- ‌بابٌ من الدّين الفرار من الفتن

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ»

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ

- ‌بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌بَابُ الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌بَابُ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ

- ‌بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الحَقِيقَةِ

- ‌بَابُ إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌بَابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ

- ‌بَابُ المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌بابُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا

- ‌بَابُ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌بَابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌باب قيام ليلة القدر من الإيمان

- ‌باب الجهاد من الإيمان

- ‌باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

- ‌باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان

- ‌باب الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌باب الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌باب حسن إسلام المرء

- ‌باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ

- ‌باب زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌بَابُ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌باب اتباعُ الجنائِز من الإيمانِ

- ‌باب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ

- ‌بابُ فضل من استبرأ لدينه

- ‌بابٌ أداء الخمس من الإيمان

- ‌بابٌ مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحَةُ

الفصل: ‌باب الصلاة من الإيمان

وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ

‌باب الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ

ــ

أي لا تبلغوا النهاية بل تقربوا منها يقال رجل مقارب بكسر الراء وسط بين الطرفين. التيمي: وقاربوا أما أن يكون معناه قاربوا في العبادة ولا تباعدوا فيها فإنكم إن باعدتم في ذلك لم تبلغوه وإما أن يكون معناه ساعدوا يقال قاربت فلاناً إذا ساعدته أي ليساعد بعضكم بعضاً في الأمور والأول أليق بترجمة الباب. قوله: (وأبشروا) بهمزة القطع وجاز لغة أبشروا بضم الشين من البشر بمعنى الإبشار أي أبشروا بالثواب على العمل وإن قل. قوله: (بالغدوة) بفتح الغين. الجوهري: الغدوة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والرواح اسم وقت من زوال الشمس إلى الليل. و (الدلجة) بفتح الدال وضمها من الإدلاج بسكون الدال وهو السير أول الليل ومن الإدلاج بالدال المكسورة الشديدة وهو سير آخر الليل وأما الرواية فهو بضم الدال وهو مثل قوله: تعالى (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل) كأنه عليه السلام خاطب مسافراً يقطع طريقه إلى مقصده فنبهه على أوقات نشاطه التي ترك فيها عمله لأن هذه الأوقات أفضل أوقات المسافر بل على الحقيقة الدنيا دار نقلة وطريق إلى الآخرة فنبه أمته أن يغتنموا أوقات فرصتهم وفراغهم. النووي: معناه اغتنموا أوقات نشاطكم للعبادة فإن الدوام لا تطيقونه واستعينوا بها على تحصيل السداد كما أن المسافر إذا سافر الليل والنهار دائماً عجز وانقطع عن مقصده وإذا سار في هذه الأوقات أي أول النهار وآخره وآخر الليل حصل مقصوده بغير مشقة ظاهرة وهذه هي أفضل أوقات المسافر للسير فاستعيرت لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة. الخطابي: معناه الأمر بالاقتصاد في العبادة أي لا تستوعبوا الليالي ولا الأيام كليهما بل اخلطوا طرف الليل بطرف النهار وأجموا أنفسكم فيما بينهما لئلا ينقطع بكم وأقول محصلة كونوا مصيبين في الأعمال متوسطين فيها مستظهرين بالثواب مستعينين بالأوقات المنشطة للعمل. فإن قلت كيف يدل الحديث على الشق الثاني من الترجمة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم. قلت المحبة والعداوة بالنسبة إلى الله تعالى إما مجاز عن الاستحسان والاستقباح يعني أحسن الأديان هو الملة الحنيفية والحديث دل على الحسن حيث أمر بهما بلفظ سددوا وقاربوا والمأمور به سواء كان واجباً أو مندوباً حسن وإما أنه أحسن فلان غيره بغلب الشخص ويقهره وإما أن تكون المحبة حقيقة عن إرادة إيصال الثواب عليه وتلك في المأمور به واجباً أو مندوباً إذ لا ثواب في غيره هذا ما أمكن من بيان المناسبة عندنا والله أعلم. قال البخاري رضي الله عنه (باب الصلاة من الإيمان وقول الله تعالى) لفظ الصلاة مرفوع ولفظ القول مجرور

ص: 162

إِيمَانَكُمْ) يَعْنِى صَلَاتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ.

39 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلَ

ــ

قوله: (عند البيت) النووي: هذا الحديث مشكل لأن المراد صلاتهم إلى بيت المقدس وكان ينبغي أن يقول أي صلاتكم إلى بيت المقدس وهذا هو مراده فيؤول كلامه عليه ولعل مراد البخاري بقوله: عند البيت مكة أي صلاتكم بمكة وكانت إلى بيت المقدس والمراد بالبيت الكعبة زادها الله شرفاً. قوله: (عمرو) هو أبو الحسن بن خالد بن فروخ بالخاء المنقطة الحراني ساكن مصر مات بها سنة تسع وعشرين ومائتين قال الغساني في تقييد المهمل ليس في شيوخ البخاري عمر بن خالد وإنما هو عمرو بن خالد بالواو في جميع الكتاب. قوله: (زهير) بصيغة التصغير أبو خيثمة بفتح الخاء المعجمة وبتقديم المثناة التحتانية على المثلثة ابن معاوية الكوفي ساكن الجزيرة توفي سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين ومائة وكان قد فلج قبله بسنة ونصف أو نحوها. قوله: (أبو إسحق) هو السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الموحدة منسوب إلى سبيع جد القبيلة وهو سبيع ابن صعب وهو بطن من همدان واسم أبي إسحق عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني الكوفي التابعي الجليل ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه قال أحمد العجلى سمع السبيعي ثمانية وثلاثين من الصحابة وقال ابن المديني روى السبيعي عن سبعين شيخاً لم يرو عنهم غيره مات سنة ست أو سبع أو ثمان أو تسع وعشرين ومائة. قوله: (البراء) بتخفيف الراء وبالمد على المشهور وقيل بالقصر وهو أبو عمارة بضم العين ويقال أبو عمرو ويقال أبو الطفيل بن عازب بن الحارث الأنصاري الأوسي الحارثي المدني، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمائة حديث وخمسة أحاديث ذكر البخاري منها سبعة وثلاثين نزل الكوفة وتوفي بها في أيام مصعب بن الزبير وأبوه عازب بالعين المهملة والزاي صحابي أيضاً على الأشهر. قال أبو عمرو الشيباني افتتح البراء الري سنة أربع وعشرين صلحاً أو عنوة وشهد مع أبي موسى غزوة التستر وشهد مع علي رضي الله عنه مشاهده. قوله:(أول) بالنصب أي في أول زمان قدومه عند الهجرة من مكة وما مصدرية والمراد من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها أسماء كثيرة يثرب وطيبة بفتح الطاء وسكون الياء وطابة والدار. والطيب إما لخلوصها من الشرك أو لطيبها لساكنيها لأمنهم ودعتهم وقيل لطيب عيشهم فيها وإما تسميته بالدار فللاستقرار بها وأما المدينة فهي إما من مدن بالمكان إذا أقام به فهي فعيلة وجمعها مدائن بالهمز أو من دان أي أطاع أو من دين

ص: 163

مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ - أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ - مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْراً، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَاّهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ

ــ

أي ملك فجمعه مداين كمعايش. قوله: (أو قال) شك من أبي إسحق والمراد بالأجداد هم من جهة الأمومة فإطلاق الجد والخال هنا مجاز لأن هاشماً جد أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج من الأنصار وقد مر أن الأنصار جمع النصير وهم الذين آووا ونصروا الإسلام من أهل المدينة. قوله: (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي نحو بيت المقدس وجهته أي متوجهاً إليه. و (المقدس) بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال فهو مصدر كالمرجع أو مكان المقدس وهو التطهير أي المكان الذي يطهر فيه العابد من الذنوب أو يطهر العبادة من الأصنام وبضم الميم وفتح القاف والدال المشددة فهو اسم مفعول من التقديس أي التطهير وقد جاء بصيغة اسم الفاعل منه أيضاً ويقال البيت المقدس على الصفة والمشهور بيت المقدس على الإضافة نحو مسجد الجامع. قوله: (أو سبعة عشر) شك من البراء وسمي الشهر به لشهرته عند الناس كلهم لاحتياجهم إلى معرفته في العبادات والمعاملات ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم صلى هذا المقدار متوجهاً إلى القدس بعد قدومه المدينة فالقبلة في أكثر من نصف زمان النبوة هو بيت المقدس. قوله: (وكان) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعجبه) أي يحب أن تكون قبلته جهة الكعبة. قال تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها). قوله:: (أول) بالنصب مفعول صلى وصلاة العصر أيضاً بالنصب بدلاً منه وفي الكلام مقدر أي أول صلاة صلاها متوجه الكعبة ولوضوحه لم يذكره. قوله: (رجل) هو عباد بفتح المهملة بن نهيك بفتح النون والكاف الخطمي الأنصاري. قوله: (على مسجد) وفي بعضها على أهل مسجد وهو مسجد بالمدينة غير مسجد قباء والصلاة صلاة العصر وأما أهل قباء فأتاهم الآتي في صلاة الصبح قال البخاري رضي الله عنه في بابه عن ابن عمر رضي الله عنه قال (بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها) هكذا قالوا الكن لفظ الكتاب

ص: 164

أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ فِى حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ

ــ

يحتمل أن يكون المراد من مسجد هو مسجد قباء ومن لفظ هم راكعون أن يكونوا في صلاة الصبح اللهم إلا أن يقال الفاء التعقيبية لا تساعده. قوله: (راكعون) يحتمل أن يراد به حقيقة الركوع وأن يراد به الصلاة من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل. قوله: (أشهد بالله) الجوهري أشهد بكذا أي أحلف به. و (قبل مكة) أي قبل البيت الذي بمكة ولهذا قال فداروا كما هم قبل البيت. قوله: (كماهم) ما موصولة وهم مبتدأ وخبره محذوف. وتحولوا عليه أي داروا مشبهين بالحال الذي كان متقدماً على حال دورانهم أو داروا على الحال الذي هم كانوا عليه ومثل هذه الكاف تسمى بكاف المقارنة أي دورانهم مقارن بحالهم. قوله: (قد أعجبهم) فاعل أعجب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. و (إذ كان) بدل اشتمال له أو كان إذ فاعل إذ هو ههنا للزمان المطلق أي أعجبهم زمان كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس لأنه كان قبلتهم فإعجابهم لموافقة قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتهم. قوله: (وأهل الكتاب) عطف على اليهود فأما أن يراد به العموم فهو عام عطف على خاص أي جميع أهل الكتاب أو المراد به النصارى فقط خاص عطف على خاص وجعلوا تابعة لأنه لم يكن قبلتهم بل إعجابهم كان بالتبعية لليهود ويحتمل أن تكون الواو بمعنى مع ومعناه كان يصلي نحو بيت المقدس مع أهل الكتاب وهذا هو الأظهر لو صح رواية النصب. قوله: (ولى) أي أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجهه) نحو الكعبة (أنكروا) أي أهل الكتاب. قال تعالى (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) قوله: (قال زهير) يحتمل أن البخاري ذكره على سبيل التعليق منه ويحتمل أن يكون داخلاً تحت تحديثه السابق سيما لو جوزنا العطف بتقدير حرف العطف كما هو مذهب النحاة. قوله: (على القبلة) أي المنسوخة التي هي بيت المقدس و (رجال) فاعل مات. قوله: (وقتلوا) أي رجال قبل أن تحول القبلة. فإن قلت قيد المعطوف عليه لا يلزم أن يكون قيداً في المعطوف عند النحاة فمن أيد قيد به بقوله: قبل أن تحول وكذا عند الأصوليين

ص: 165

أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)

ــ

عطف المطلق أو العام على الخاص أو المقيد ليس مخصصاً للعام ولا مقيداً للمطلق. قلت السياق يقتضي التقييد وحمل المطلق على المقيد. فإن قلت الواجب أن يقال أو قتلوا بأو لا بالواو. قلت يحتمل أن يكون المقتولون نفس الميتين وفائدة ذكر القتل بيان كيفية موتهم إشعاراً بشرفهم واستبعاداً لضياع طاعتهم أو أن العقل قرينة لكونها بمعنى أو. فإن قلت كما أن النكرة المعادة يجب أن لا تكون هي بعينها الأولى فهل الضمير الراجع إلى النكرة مثل ذلك. قلت ليس مثله بل يحتمل المغايرة والاتحاد. قوله: (فلم ندر) أي فلم نعلم أن طاعتهم ضائعة أم لا فأنزل الله الآية. فإن قلت هل فرق من جهة علم المعاني بين أن يقال ما يضيع الله إيمانكم وبين ما عليه التلاوة من القرآن العظيم. قلت الفرق التأكيد وعدمه. الزمخشري: ما كان معناه ما صح يعني فيه نفي إمكان الإضاعة وهو أبلغ من نفي الإضاعة نفسها. فإن قلت سياق كلام البراء يقتضي أن يقال إيمانهم بلفظ الغيب. قلت المقصود تعميم الحكم للأمة حياً وميتاً حاضراً وغائباً فذكر الأحياء المخاطبون تغليباً لهم على غيرهم. النووي: في الحديث فوائد منها ما ترجم له وهو كون الصلاة من الإيمان ومنها استحباب إكرام القادم أقاربه بالنزول عليهم ومنها أن محبة الإنسان الانتقال من حال من الطاعة إلى أكمل منه ليس قادحاً في الرضا بل هو محبوب ومنها جواز النسخ وأنه لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه لأن أهل المسجد صلوا إلى بيت المقدس بعض صلاتهم بعد النسخ لكن قبل بلوغه إليهم ومنها أن الصلاة الواحدة تجوز إلى جهتين بدليلين فيؤخذ منه أن من صلى بالاجتهاد إلى جهة ثم تغير اجتهاده في أثناء الصلاة فظن القبلة في جهة أخرى ولم يتيقن ذلك يتحول إلى الجهة الثانية ويبنى على ما مضى من صلاته حتى لو صلى الظهر إلى الجهات الأربع كل ركعة إلى جهة بالاجتهاد أجزأه قال وقد استدل به جماعة على قبول خبر الواحد ولا نسلم لهم الاستدلال به لأن هذا الواحد احتفت قرائن بخبره فأفاد العلم لأن القوم كانوا متوقعين تحويل القبلة وكان النبي صلى الله عليه وسلم بقربهم وغيره من القرائن وأقول وبهذا سقط ما يقال هذا نسخ للمقطوع به بالظن الذي هو خبر الواحد واختلف العلماء في أن استقبال بيت المقدس كان ثابتاً بالقرآن أم لا ذهب أكثرهم أنه بالسنة ففيه دليل على أن القرآن ناسخ للسنة. قال التيمي تحولوا من بيت المقدس إلى الكعبة بقول الواحد لحلفه بالله تصديقاً منهم له في ذلك. قال ابن بطال الآية المذكورة أقطع الحجج للجهمية والمرجئة في قولهم أن الأعمال

ص: 166