الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
باب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ
ــ
عنه مسبوق بالذهاب معه أو بقربنة ما تقدم. قوله: (تابعه) معنى المتابعة قد سلف. و (عثمان المؤذن) أي بجامع البصرة وهو ابن الهيثم بن جهم بن عيسى بن حسان العبدي البصري أبو عمرو روى عنه البخاري في مواضع بلا واسطة وقد يروي عنه في بعضها عن محمد غير منسوب وهو محمد بن يحيى الذهلي عنه و (عوف) و (محمد) أي ابن سيرين هما المذكوران آنفاً وعوف في الإسناد الأول روى عن محمد والحسن وههنا عن محمد فقط وفي الأول كان الواسطة بين البخاري وبينه رجلين وههنا يحتمل كونهما رجلاً واحداً وضمير تابعه راجع إلى روح لا إلى أحمد لأنه في مرتبته لا في مرتبة أحمد. فإن قلت إذا قال البخاري عن فلان يجزم بأنه سمعه منه عند إمكان السماع فإذا قال تابعه هل يجزم بأنه سمعه منه قلت قياس المتابعة على العنعنة يقتضي ذلك لكن صرحوا في المعنعن به ولم يصرحوا فيها. قوله: (نحوه) أي نحو ما تقدم وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة إلى آخره فإن قلت هل المستفاد من لفظ نحو أنه روى بنفس اللفظ المذكور أو بمعناه. قلت الظاهر أنه بمعناه النووي: وفي هذا الحديث الحث على الصلاة على الميت وإتباع جنازته وحضور دفنه قال واعلم أن الصلاة يحصل بها قيراط إذا انفردت فإذا انضم إليها الأتباع حتى الفراغ حصل له قيراط ثان فلمن صلى وحضر الدفن القيراطان ولمن اقتصر على الصلاة قيراط واحد ولا يقال يحصل بالصلاة مع الدفن ثلاثة قراريط كما يتوهمه بعضهم من ظاهر بعض الأحاديث لأن الحديث صريح والحديث المطلق والمحتمل محمول عليه وأما الرواية التي فيها (من صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) المعنى فله تمام القيراطين بالمجموع ونظيره قوله: تعالى (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) إلى قوله: (في أربعة أيام) ثم قال (فضاهن سبع سموات في يومين) قال وأما الدفن ففيه وجهان الصحيح أنه تسوية القبر بالتمام والثاني أنه نصب اللبن عليه وإن لم يهل التراب عليه قال ثم في الحديث تنبيه على مسألة أخرى وهو أن القيراط الثاني مقيد بمن اتبعها وكان معها في جميع الطريق حتى تدفن فلو صلى وذهب إلى القبر وحده ومكث حتى جاءت الجنازة وحصل الدفن لم يحصل له القيراط الثاني وكذا لو حضر الدفن ولم يصل أو تبعها ولم يصل وليس في الحديث حصول القيراط له إنما حصل القيراط لمن تبعها بعد الصلاة لكن له أجر في الجملة والله أعلم. قال البخاري رضي الله عنه (باب خوف
التَّيْمِىُّ مَا عَرَضْتُ قَوْلِى عَلَى عَمَلِى إِلَاّ خَشِيتُ أَن أَكُونَ مُكَذَّباً. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وَلَا أَمِنَهُ إِلَاّ مُنَافِقٌ. وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ
ــ
المؤمن أن يحبط عمله) قوله: (يحبط) أي يبطل. فإن قلت القول بإحباط المعاصي للطاعات من قواعد أهل الاعتزال فما وجه قول البخاري بذلك. قلت هذا الإحباط ليس بذاك إذ المراد به الإحباط بالكفر أو بعدم الإخلاص ونحوه. قوله: (وهو لا يشعر) ونحو ذلك قوله: تعالى (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) قال النووي المراد بالحبط نقصان الإيمان وإبطال بعض العبادات لا الكفر لأن الإنسان لا يكفر إلا بما يعتقده أو يفعله عالماً بأنه يوجب الكفر. وأقول هو مما ينازع فيه إذ الجمهور على أن الإنسان يكفر بكلمة الكفر وبالفعل الموجب للكفر وإن لم يعلم أنه كفر. قوله: (إبراهيم) هو ابن يزيد بن شريك التيمي أبو أسماء الكوفي قال يحيى هو ثقة مرجئ قتله الحجاج وهو تابعي عابد قال الأعمش قال لي إبراهيم التيمي ما أكلت من أربعين ليلة إلا حبة عنب مات سنة اثنتين وتسعين. قوله: (مكذباً) أي للدين حيث لا أكون ممن عمل بمقتضاه أو لنفسي إذ أقول أني من المؤمنين ولا أكون ممن عمل بعملهم. النووي: معناه أن الله ذم من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وقصر في العمل فقال (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فخشى أن يكون مكذباً إذ لم يبلغ غاية العمل هذا على المختار في ضبط مكذباً بكسر الذال وقد ضبط بفتحها ومعناه خشيت أن يكذبني من رأى عملي مخالفاً لقولي ويقول لو كنت صادقاً ما فعلت هذا الفعل. قوله: (ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أبو بكر التميمي المكي الأحول كان قاضياً لعبد الله بن الزبير ومؤذناً له في أوقات الصلاة مات سنة سبع عشرة ومائة وأبو مليكة بصيغة المصغر واسمه زهير وفقد فلم يرجع ولم يعلم حاله قوله: (يخاف النفاق) أي حصول النفاق في الخاتمة على نفسه إذ الخوف إنما يكون عن أمر في الاستقبال. و (ما منهم أحد) يجزم بعدم عروض النفاق كما هو جازم في إيمان جبريل بأنه لا يعرضه النفاق ويحتمل أن يكون وما منهم إشارة إلى مسألة زائدة استفادها من أحوالهم أيضاً وهي أنهم كانوا قائلين بزيادة الإيمان ونقصانه. قوله: (ويذكر عن الحسن) أي البصري. فإن قلت فلم قال فيما علق عن
إبراهيم وعن ابن أبي مليكة بلفظ قال وفيما علق عن الحسن بلفظ يذكر. قلت ليشعر بأن قوله: ما ثابت عنده صحيح الإسناد لأن قال هو صيغة الجزم وصريح الحكم بأنه صدر منه ومثله يسمى تعليقاً بصيغة التصحيح بخلاف يذكر فإنه لا جزم فيه فيعلم أن فيه ضعفاً ومثله تعليق بصيغة التمريض. قوله: (ما خافه) أي ما خاف من الله تعالى فحذف الجار وأوصل الفعل إليه وكذا في (أمنه) إذ معناه أمن منه وأمنه هو بفتح الهمزة وكسر الميم. قوله: (وما يحذر) بلفظ المجهول عطف على خوف أي باب ما يحذر وما مصدرية وهو مجرور المحل ويحتمل عطفه على يقول أي ما منهم أحد ما يحذر فما نافية ويحذر بلفظ المعروف وهو مرفوع المحل ولفظ وما يحذر إلى آخره رد على المرجئة حيث قالوا لا حذر من المعاصي عند حصول الإيمان فعقد الياب لأمرين لبيان الخوف من نحو عروض الكفر بما هو كالإجماع السكوتي مما نقل عن التابعين الثلاثة ولبيان الخوف من الإصرار على المعاصي بالآية والأخير رد على المرجئة أقول. مراد البخاري بهذا الباب الرد على المرجئة في قوله: م إن الله تعالى لا يعذب على شيء من المعاصي من قال لا إله إلا الله ولا يحبط شيئاً من أعماله بشيء من الذنوب وأن إيمان المطيع والعاصي سواء فذكر في صدر الباب أقوال أئمة التابعين وما تلقوه عن الصحابة وهو كالمشير إلى أنه لا خلاف بينهم فيه وأنهم مع اجتهادهم المعروف خافوا أن لا ينجوا من عذاب الله وبهذا المعنى استدل أبو وائل لما سأله عن المرجئة أمصيبون أم مخطئون في قوله: م سباب المسلم وقتاله وغيرهما لا يضر إيمانهم فروى الحديث وأراد الإنكار عليهم وإبطال قوله: م المخالف لصريح الحديث وأما قول ابن أبي مليكة فمعناه أنهم خافوا أن يكونوا من جملة من داهن ونافق. قوله: (وما منهم أحد يقول أنه على إيمان جبريل) بناءً على ما تقدم أن الإيمان يزيد وينقص وأن إيمان جبريل أكمل من إيمان آحاد الناس خلافاً للمرجئة حيث قالوا إيمان أفسق الفساق وإيمان جبريل عليه السلام سواء. قال ابن بطال وإنما خافوا لأنهم طالت أعمارهم حتى رأوا من التغير ما لم يعهدوه ولم يقدروا على إنكاره فخافوا أن يكونوا داهنوا أو نافقوا وقال إنما يحبط عمل المؤمن وهو لا يشعر إذا عد الذنب يسيراً فاحتقره وكان عند الله عظيماً وليس الحبط بمخرج من الإيمان وإنما هو نقصان منه لأنه كما لا يكون الكافر مؤمناً إلا باختيار الإيمان على الكفر والقصد إليه فكذلك لا يكون المؤمن كافراً من حيث لا يقصد الكفر ولا يختاره. فإن قلت ورد 0الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل) وهو يدل على أنه قد يخرج من الإيمان إلى الكفر وهو لا يشعر قلت الرياء قسمان ما في عقد الإيمان وهو الشرك الأكبر وهو كفر وما في الأعمال وعقد الإيمان سالم وهو الأصغر وهذا هو المراد ههنا بقرينة فيكم. قوله: (على التقاتل) وفي بعضها على النفاق والأولى هي المناسبة لقوله: وقتاله كفر والثانية لما تقدم. قوله: (لم يصروا) أي لم يقيموا
عَلَى النِّفَاقِ، وَالعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:{وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
46 -
حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنِ المُرْجِئَةِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. أَخبَرَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا
ــ
ولم يداوموا قال تعالى (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) يفهم من الآية أنهم إذا لم يستغفروا أي لم يتوبوا وأصروا على ذنوبهم يكون محل الحذر والخوف. قوله: (محمد بن عرعرة) بالعينين المهملتين والراء المكررة غير منصرف للعلمية والتأنيث ابن البرند بالموحدة والراء المكسورتين ويقال بفتحهما والنون الساكنة والدال المهملة وكأنه فارسي أبو إبراهيم ويقال أبو عبد الله السامي منسوب إلى سامة بن لؤي بن غالب القرشي البصري مات سنة عشر أو ثلاث عشرة ومائتين. و (شعبة) هو ابن الحجاج الواسطي أبو بسطام وقد تقدم في باب المسلم من سلم المسلمون. قوله: (زبيد) مصغر الزبد بالزاي والموحدة أبو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الكريم اليامي منسوب إلى يام بالمثناة التحتانية جد القبيلة الكوفي وكان من العباد المتنسكين وليس في الصحيح زبيدب المثناة المكررة تصغير زيد أخي عمرو عادة. قال البخاري مات سنة ثنتين وعشرين ومائة. قوله: (أبا وائل) بالهمز بعد الألف شقيق بن سلمة التابعي المخضرمي الأسدي الكوفي أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ولد قبل البعثة ومات سنة مائة قال أبو سعيد بن صالح كان أبو وائل يؤم جنائزنا وهو ابن مائة وخمسين سنة مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. قوله: (المرجئة) أي الفرقة الملقبة بالمرجئة ولقبوا بها لأنهم يرجئون العمل أي يؤخرونه يقال أرجأت الأمر إذا أخرته يهمز ولا يهمز أو لأنهم ينتظرون الرجاء حيث يقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. قوله: (عبد الله) هو ابن مسعود الصحابي المشهور الجليل مر ذكره في أول كتاب الإيمان. قوله: (سباب المسلم) يحتمل أن يكون على أصل معنى باب المفاعلة وأن يكون بمعنى السب أي الشتم وهو التكلم في عرض الإنسان بما يعيبه وهو مضاف إلى المفعول والفسوق الخروج عن طاعة الله تعالى. قوله: (قتاله) أي المقاتلة
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ
ــ
المعروفة ويحتمل أن تكون المقاتلة بمعنى المشادة أي المخاصمة والعرب تسمى المخاصمة مقاتلة قال ابن بطال ليس المراد بالكفر الخروج عن الملة بل كفران حقوق المسلمين لأن الله تعالى جعلهم إخوة وأمر بالإصلاح بينهم ونهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن التقاطع والمقاتلة فأخبر أن من فعل ذلك فقد كفر حق أخيه المسلم وأقول أو المراد أنه يؤول إلى الكفر لشؤمه أو أنه كفعل الكفار الخطابي: المراد به الكفر بالله وذلك في حق من فعله مستحلاً بلا موجب ولا تأويل وأما المؤول فلا يكفر ولا يفسق بذلك كالبغاة الخارجين على الإمام بالتأويل. فإن قلت كيف دل الحديث على الترجمة قلت دل على إبطال قول المرجئة لأنهم لا يفسقون مرتكبي الكبائر فلا يجعلون السباب فسوقاً ولا القتال كفراً ونحوه. فإن قلت السباب والقتال كلاهما على السواء في أن فاعلهما يفسق ولا يكفر فلم قال في الأول فسوق وفي الثاني كفر. قلت لأن الثاني أغلظ أو لأنه بأخلاق الكفار أشبه. فإن قلت فلم أولت الكفر وجعلت الفسوق باقياً على حقيقته قلت لأن الإجماع من أهل السنة منعقد على أن المؤمن لا يكفر بالقتال ولا يفعل معصية أخرى. قوله: (حدثنا قتيبة) هو ابن سعيد الثقفي البلخي روى عنه الشيوخ الستة أصحاب الأصول وقد مر في باب السلام من الإسلام. قوله: (إسمعيل بن جعفر) هو أبو إبراهيم الأنصاري المدني المتوفى ببغداد وقد تقدم في باب علامات المنافق. قوله: (حميد) بضم الحاء أبو عبيدة بضم العين ابن تير بكسر المثناة الفوقانية وسكون المثناة التحتانية وهو بالعربية الشهم وقيل ابن تيرويه وقيل طرخان وقيل مهران وحميد خزاعي بصري مولى طلحة الطلحات الخزاعي وهو المشهور بحميد الطويل قيل كان قصيراً طويل اليدين فقيل له ذلك وكان يقف عند الميت فتصل إحدى يديه إلى رأسه والأخرى إلى رجليه وقال الأصمعي رأيته ولم يكن بذلك الطويل كان في جيرانه رجل يقال له حميد القصير فقيل له حميد الطويل للتمييز بينهما مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. وأما (أنس) فهو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مر في باب (من الإيمان أن يحب لأخيه) وأما (عبادة) بضم العين وهو أحد النقباء ليلة العقبة فسبق في باب (علامة الإيمان حب الأنصار) وجلالتهما وعظمهما لا يحتاجان إلى البيان وهذا من قبيل رواية الصحابي عن الصحابي قوله: (خرج) أي من الحجرة. و (يخبر) إما استئناف أو حال. فإن قلت الخروج لم يكن في حال الإخبار
المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ.
ــ
قلت مثله يسمى بالحال المقدرة أي خرج مقدراً الأخبار نحو (فادخاوها خالدين) ولاشك أن الخروج حالة تقدير الأخبار كالدخول حالة تقدير الخلود. قوله: (فنلاحي) مشتق من التلاحي وهو التنازع الجوهري: تلاحوا أي تنازعوا. قوله: (رجلان) هما عبد الله بن أبي حدرد بالحاء المهملة المفتوحة والدال المهملة المكررة وكعب بن مالك كان علي عبد الله دين لكعب فطلبه فتنازعا فيه ورفعا صوتيهما في المسجد. قوله: (لأخبركم بليلة القدر) فإن قلت الأخبار متعد إلى ثلاثة مفاعيل فأين الأخيران منها. قلت هما محذوفان أو لفظ بليلة القدر هو بمنزلة المفعولين إذ التقدير أخبركم بأن ليلة القدر هو الليلة الفلانية. فإن قلت هل يجوز أن يكون بليلة القدر ثاني المفعولات والثالث محذوف قلت لا إذ مفعوله الأول كمفعول أعطيت والثاني والثالث كمفعولي علمت. قوله: (فرفعت) النووي: معنى رفعت أي رفع بيانها أو علمها وإلا فهي باقية إلى يوم القيامة قال وشذ قوم فقالوا رفعت ليلة القدر وهذا غلط لأن آخر الحديث يرد عليهم فإنه قال التمسوها ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمرهم بالتماسها. وأقول فإن قلت كيف يؤمر بطلب ما رفع علمه. قلت المراد طلب التعبد في مظانها وربما يقع العمل مصادفاً لها لا أنه مأمور بطلب العلم بعينها والأوجه أن يقال معناه رفعت من قلبي أي نسيتها. قوله: (أن يكون) أي الرفع خيراً ليزيدوا في الاجتهاد ويقوموا في الليالي لطلبها فيكون زيادة في ثوابكم ولو كانت معينة لاقتنعتم بتلك الليلة فقل عملكم. قوله: (التمسوها في السبع) أي ليلة السبع والعشرين من رمضان والتسع والعشرين منه والخمس والعشرين منه وفي بعض النسخ بتقديم التسع على السبع. فإن قلت من أين أستفيد التقييد بالعشرين وبرمضان قلت من الأحاديث الآخر الدالة عليهما وهو دليل على أنها في الأفراد من الليالي وقد مر في باب قيام ليلة القدر الأقوال التي فيها إلى نحو من العشرين وبيان تسميتها وغير ذلك. فإن قلت ما وجه دلالة الحديث على الترجمة قلت من حيث أن فيه ذم التلاحي وأن صاحبه ناقص لأنه يشغل عن كثير من الخير بسببه سيما إذا كان في المسجد وعند جهر الصوت بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم بل ربما ينجر إلى بطلان العمل وهو لا يشعر قال تعالى (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) فإن قلت للترجمة جزءان فدلالته على الجزء الأول أظهر كالحديث الأول على الجزء الثاني ففيه لف ونشر وإن قلنا الترجمة أمر واحد