الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ.
باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
.
12 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
ــ
(وتقرأ السلام) أي تسلم على من عرفت ومن لم تعرف أي لا تخص به أحداً كما يفعل بعض الناس تكبراً أو تهاوناً ولا يكون مصانعةً ولا ملقاً بل مراعاةً لأخوة الإسلام وتعظيماً لشعار الشريعة وإذا كان خالصاً لله تعالى لا يختص بأحد دون أحد ولا ينبغي أن تكون المعاداة ونحوها مانعة من السلام. فإن قلت فهل يسلم على الكافر. قلت خص بالإجماع. فإن قلت جاء في الجواب ههنا أن الخير أن تطعم الطعام وفي الحديث الذي قبله أنه من سلم المسلمون فما وجه التوفيق بينهما. قلت كان الجوابان في وقتين فأجاب في كل وقت بما هو الأفضل ف يحق السائل أو أهل المجلس فقد يكون ظهر من أحدهما قلة المراعاة ليده ولسانه وإيذاء المسلمين ومن الثاني إمساك الطعام وتكبر فأجابهما على حسب حالهما أو علم صلى الله عليه وسلم أن السائل الأول سأل عن أفضل التروك والثاني عن خير الأفعال أو أن الأول سأل عما يدفع المضار والثاني عما يجلب المنافع أو أنهما بالحقيقة متلازمان إذ الإطعام مستلزم لسلامة اليد والسلامة لسلامة اللسان وفيه الحث على الجود والسخاء وعلى مكارم الأخلاق وخفض الجناح للمسلمين والتواضع والحث على تأليف قلوبهم واجتماع كلمتهم وتوادهم واستجلاب ما يحصل ذلك فالحديث مشتمل على نوعي المكارم لأنها إما مالية فالإطعام إشارة إليها وإما بدنية فالسلام إشارة إليها. قال القاضي البيضاوي: والألفة إحدى فرائض الإسلام وأركان الشريعة ونظام شمل الدين. الخطابي: دل صرف الجواب عن جملة خصال الإسلام وأعماله إلى ما يجب من حقوق الآدميين على أن المسئلة إنما عرضت من السائل عن حقوقهم الواجبة عليهم فجعل خير أفعالها في المثوبة إطعام الطعام الذي به قوام الأبدان ثم ما يكون به قضاء حقوقهم من الأقوال فجعل خيرها إفشاء السلام. قال البخاري رضي الله عنه. (باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه) قوله: (من الإيمان) قدم لفظ من الإيمان بخلاف أخواته حيث يقول حب الرسول من الإيمان وقال إطعام الطعام من الإيمان إما للاهتمام بذكره وإما للحصر فكأنه قال المحبة المذكورة ليست إلا من الإيمان تعظيماً لهذه المحبة وتحريضاً عليها. قوله: (يحب) بلفظ معروف المضارع من باب الأفعال في اللفظين وفاعلهما مضمر فيهما وهو المكلف أو المؤمن أو الرجل وكذا من الإيمان أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه ولم يذكره اتباعاً للفظ الحديث وسنجيب عليه إن شاء الله تعالى. قوله: (مسدد) بفتح السين والدال المشددة المهملتين ابن مسرهد
قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى
ــ
ابن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن عرندل أبو الحسن البصري مع اختلاف كبير في نسبه قال أحمد بن عبد الله كان أبو النعيم يسألني عن اسمه ونسبه فيقول يا أحمد هذه رقية للمقرب واعلم أن الخمسة الأول كلها بصيغة المفعول سرهدته أي أحسنت غذاءه وسمنته وسربلته أي ألبسته القميص وغربلته أي قطعته ورعبلته أي مزقته والثلاث الأخيرة الباقية لعلها عجميات وهي في الثلاثة بالدال المهملة وبالنون وبالراء وكذا السين والعين مهملتان وقيل نقط العين هو الصحيح والله أعلم. اتفق العلماء على الثناء عليه توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. قوله: (يحيى) هو أبو سعيد بن سعيد بن فروخ بالفاء والراء المشددة المضمومة والخاء المعجمة غير منصرف للعلمة والعجمة القطان الأحول التميمي مولاهم البصري سمع يحيى بن سعيد الأنصاري المدني المذكور في حديث إنما الأعمال بالنيات أجمعوا على جلالته وإمامته. قال أحمد بن حنبل ما رأيت مثله في كل أحواله وقال إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وقال ابن معين أقام يحيى عشرين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة قال وقال لي عبد الرحمن بن مهدي لا ترى بعينك مثل يحيى وقال ابن منجويه كان يحيى من سادات أهل زمانه حفظاً وورعاً وفهماً وفضلاً وهو الذي مهد لأهل العراق رسم الحديث وأمعن النظر في البحث عن الثقات وترك الضعفاء. روى له أصحاب الكتب الستة نقل أنه كان يصلي العصر فيستند إلى أصل منارة مسجده فيقف بين يديه الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وابن معين وغيرهم يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم إلى المغرب لا يجلسون هيبة له وإعظاماً توفي سنة ثمان وتسعين ومائة. قوله: (شعبة) بضم الشين ابن الحجاج الواسطي ثم البصري أمير المؤمنين في الحديث المشهور بالخليفة الصغير وقد تقدم. قوله: (قتادة) بفتح القاف ابن دعامة السدوسي البصري أبو الخطاب الأكمة وسدوس بفتح السين المهملة أحد أجداده. وقال الزمخشري: يقال لم يكن في الأمة أكمه أي ممسوح العين غير قتادة السدوسي صاحب التفسير. وقال ابن المسيب ما أتانا عراقي أحفظ من قتادة وجاء رجل إلى ابن سيرين فقال رأيت جماعة التقمت لؤلؤ فخرجت أعظم مما دخلت ورأيت حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت أصغر مما دخلت ورأيت حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت كما دخلت فقال ابن سيرين الأولى الحسن يسمع الحديث ثم يصل فيه من مواعظه الثانية محمد بن سيرين ينتقص منه ويشك فيه والثالثة قتادة فهو أحفظ الناس وأجمعوا على علمه وحفظه وإتقانه توفي بواسط سنة سبع عشرة ومائة. قوله: (أنس) هو ابن مالك بن النضر بالضاد الساكنة
الله عليه وسلم وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»
ــ
المعجمة ابن ضمضم بفتح المعجمتين الخزرجي الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث ومائتان وستة وثلاثون حديثاً ذكر البخاري منها مائتين وإحدى وخمسين ومناقبه أظهر من أن تحتاج إلى بيان وسيأتي في كتاب المناقب بعضها وقالت أمه يا رسول الله خويدمك أنس ادع الله له فقال اللهم بارك له في ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه فقال لقد دفنت من صلبي مائة إلا اثنين وإن ثمرتي لتحمل في السنة مرتين ولقد بقيت حتى سئمت الحياة وأنا أرجو الرابعة قيل عمر مائة سنة وزيادة وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة وغسله محمد بن سيرين سنة ثلاث وتسعين زمن الحجاج ودفن في قصره على نحو فرسخ ونصف من البصرة رضي الله عنه. قوله: (لا يؤمن) أي لا يكمل إيمانه. فإن قلت فإذا حصلت هذه المحبة يلزم أن يكون مؤمناً كاملاً وإن لم يأت بسائر الأركان قلت هذه مبالغة كأن الركن الأعظم فيه هذه المحبة نحو لا صلاة إلا بطهور وهي مستلزمة لها أو يلتزم ذلك لصدقه في الجملة وهو عند حصول سائر الأركان إذ لا عموم للمفهوم وفي بعض الروايات لا يؤمن أحدكم وفي بعضها عبد وفي بعضها أحد ولفظة حتى ههنا جارة لا عاطفة ولا ابتدائية وما بعدها خلاف ما قبلها وأن بعدها مضمرة ولهذا نصب يحب ولا يجوز رفعه ههنا لأن عدم الإيمان ليس سبباً للمحبة. قوله: (لأخيه) أي للمسلمين تعميماً للحكم قال الله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" وما يحب أي مثل ما يقول يحب إذ عين ذلك المحبوب محال أن يحصل في محلين واللام تدل على أن المراد الخير والمنفعة إذ هو للاختصاص النافع وكذا محبته لنفسه تدل عليه إذ الشخص لا يحب لنفسه إلا الخير وجاء في رواية النسائي حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه قال أبو عمرو بن الصلاح وهذا يُعد من الصعب الممتنع وليس كذلك إذ القيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا ينقص النعمة على أخيه شيئاً من النعمة له وذلك سهل على القلب السليم تم كلامه. وكذا من الإيمان أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه ولم يذكره إما لأن حب الشئ مستلزم لبغض نقيضه فيدخل تحت ذلك وإما لأن الشخص لا يبغض شيئاً لنفسه فلا يحتاج إلى ذكره والمحبة معناها على ما عرفها أكثر المتكلمين الإرادة فقيل هي إما اعتقاد النفع أو ميل يتبع ذلك أو صفة مخصصة لأحد الطرفين بالوقوع. النووي: