الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
. فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالأَحْكَامُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) عَلَى نِيَّتِهِ. «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا
ــ
وأقول وفيه جواز أخذ الأجرة على التعليم وفيه تحريض العالم للناس أن يحفظوا العلم. وأما قصتهم فاعلم أنه كان سبب وفادتهم أن منقذاً بلفظ اسم الفاعل والنون والقاف والذال المعجمة ابن حبان بالحاء المهملة المفتوحة والموحدة كان متجره إلى يثرب فبينا هو قاعد إذ مر به النبي صلى الله عليه وسلم فنهض منقذ إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أمنقذ كيف قومك ثم سأله عن أشرافهم رجل رجل يسميهم بأسمائهم فأسلم منقذ وتعلم الفاتحة واقرأ باسم ربك ثم رحل إلى هجر وكتب النبي صلى الله عليه وسلم معه إلى جماعة عبد القيس كتاباً فذهب به وكتمه أياماً ثم اطلعت عليه امرأته وهي بنت المنذر بن عائذ بالذال المعجمة وكان منقذ يصلي ويقرأ فنكرت امرأته ذلك وذكرته لأبيها المنذر فقالت بعلي منذ قدم من يثرب يغسل أطرافه ويستقبل الجهة أي القبلة فيحني ظهره مرة ويضع جبينه على الأرض أخرى فتلاقيا فتجاريا فيه فوقع الإسلام في قلب المنذر ثم أخذ المنذر بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب إلى قومه عصر بفتح العين والصاد المهملتين فقرأه عليهم فوقع الإسلام في قلوبهم وأجمعوا على السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه منهم أربعة عشر راكباً ورئيسهم المنذر العصري فلما دنوا من المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجلسائه أتاكم وفد عبد القيس خير أهل المشرق وفيهم الأشج أي المنذر وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأشج لأثر كان في وجهه وباقي القصة الحديث يدل عليه. قال البخاري رضي الله عنه (باب ما جاء أن الأعمال بالنية) قوله: (الحسبة) الجوهري: يقال احتسبت بكذا أجراً عند الله والاسم الحسبة بالكسر وهي الأجر. قوله: (فدخل) هو مقول البخاري لا من تتمة ما جاء وفي بعض النسخ قال أبو عبد الله فدخل. قوله: (الأحكام) أي بتمامها فيدخل فيه تمام المعاملات والمناكحات والجراحات إذ يشترط في كلها القصد إليه ولهذا لو سبق لسانه من غير قصد إلى بعت ورهنت وطلقت ونكحت لم يصح شئ منها فإن قلت ما تقول في قتل الخطأ الموجب للدية على العاقلة أولاً وعلى القاتل آخراً وفي الإتلافات الواقعة بغير القصد الموجبة للضمان. قلت ذلك من قبيل ربط الأحكام بالأسباب كالضمان في مال الطفل بإتلافه وكموجبية الزكاة ونحوه. قوله: (وقال الله) الظاهر أنه جملة حالية لا عطف. و (على نيته)
صَدَقَةٌ». وَقَالَ «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ»
51 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ
ــ
تفسير لقوله: (على شاكلته) وحذف حرف التفسير منه ويريد به أن الآية أيضاً تدل على أن جميع الأعمال على حسب النية فهي مقوية لما قال فدخل فيه كذا وكذا. قوله: (ونفقة الرجل) مبتدأ. و (يحتسبها) حال. و (صدقة) خبر المبتدأ والمقصود منه تقوية ما ذكره. قوله: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم أي قال في يوم فتح مكة "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" ذكره البخاري في باب لا هجرة بعد الفتح وهذا أيضاً لتقوية ما ذكر. قوله: (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام هو القعنبي روى عنه الشيوخ الخمسة قال مالك إنه خير أهل الأرض ومر في باب "من الدين الفرار من الفتن" وأما مالك فهو الإمام المشهور شرقاً وغرباً. قوله: (يحيى بن سعيد) هو أبو سعيد الأنصاري. (ومحمد بن إبراهيم) هو أبو عبد الله التيمي. و (علقمة بن وقاص) هو الليثي مر ذكر الثلاثة في الحديث الأول من الصحيح وهم تابعيون يروي بعضهم عن بعض ورجال الإسناد كلهم مدنيون. قوله: (الأعمال بالنية) هذا وإن كان بغير كلمة إنما فهو مفيد للحصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بالنية وإلا لما سبق الكلي وكذا (لكل امرئ ما نوى) أيضاً مفيد للحصر لأن التقديم من طرق الحصر فالجملتان مفيدتان له كما في الحديث السابق المذكور فيه إنما في الجملتين. فإن قلت الحصر ممنوع فمن صام رمضان بنية القضاء أو النذر ليس له ما نوى إذ لا يقع لا قضاء ولا نذراً. قلت ذلك لعدم قابلية المحل لهما إذ لا شك أن المقصود ما نوى إذا كان المحل قابلاً له. فإن قلت الضرورة ينوي للمستأجر ولا يقع ما نوى. قلت يقع ما نوى وهو الحج لكن لا للمستأجر بل للناوي. فإن قلت فلم وقع للناوي وقد يقع لغيره وكان القياس أن لا يقع له أيضاً كما في قضاء رمضان. قلت الفرق بينهما أن التعيين ليس بشرط في انعقاد الحج ولهذا لو أحرم مطلقاً وفي وقت الحج فله أن يصرفه إلى ما شاء أو أحرم بالنفل قبل الفرض انصرف إلى الفرض أو أن الإحرام شديد التشبث واللزوم فإذا لم يقبل الشخص ما أحرم به ينصرف إلى ما يقبله الرافعي: لو أحرم بالحج في غير أشهره الأصح أنه ينعقد عمرة لأن الإحرام شديد التعلق فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وقال الأظهر أنه لو تحرم صلاة قبل وقتها لا تنعقد نافلة
كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
52 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
ــ
بخلاف الإحرام بالحج قبل وقته لقوة الإحرام ولهذا ينعقد مع السبب المفسد له بأن يحرم مجامعاً وأقول وذلك لأنه عبادة فيه مشقة عظيمة فأرادوا حفظه من تطرق سرعة الإحباط فيه. فإن قلت إزالة النجاسة تصح بغير النية. قلت لأنها ترك ثم لا نسلم أنها تصح بدونها إذ الشيء سواء كان فعلاً أو غير فعل محتاج إلى النية ليكون الشخص ممتثلاً لأمر الشارع فتارك الزنا إنما يثاب إذا تركه لكونه حكم الشارع قاصداً امتثاله وقيل لأن أمر النجاسة أسهل لأنه عفى عن اليسير منها وأيضاً لم يجب إلا غسل موضع النجاسة بخلاف الحدث. فإن قلت يرد بعض الأفعال كإعداد المرأة المتوفى زوجها وهي غير عالمة بوفاته فإنها تنقضي مع عدم قصدها له. قلت هذا ليس فعلاً بل ولا تركاً إذ هو عبارة عن انقضاء مدة يعلم منها براءة الرحم. فإن قلت الواقف بعرفة يصح وقوفه نائماً بل مغمى عليه عند بعض العلماء ولا نية. قلت النية عند الإحرام باقية بحكم الاستصحاب والانسحاب ثم الجواب العام عن صور النقض كلها أن هذه الصور مختلف فيها فمن منعها فلا نقض عليه ومن أثبتها فخصص العام بهذه الصور بالدلائل الدالة على التخصيص وعليه بيان المخصصات. قوله: (لكل امرئ) هذا اللفظ من الغرائب بسبب أن عينه تابع للأمة في الحركات ولا تكرار فيه إذ مفاده غير مفاد الأعمال بالنيات كما مر أول الكتاب حيث مر أن الشرط والجزاء ليسا متحدين وأن دنيا مقصورة غير منونة وأن ذكر المرأة لأي فائدة مع كونها داخلة تحت مطلق الدنيا وغير ذلك من المباحث قوله: (إلى دنيا) وفي بعضها لدنيا. فإن قلت لما كان الحديث بتمامه صحيحاً ثابتاً عند البخاري لم خرمه صدر الكتاب مع أن الخرم جوابه مختلف فيه. قلت لا جرم بالخرم لأن المقامات مختلفة ولعل في قام بيان أن الإيمان لا بدله من النية واعتقاد القلب سمع الحديث تماماً وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما تصح بالنية سمع ذلك القدر الذي روى ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه ثم إن كان منه فخرمه ثمة لأن المقصود تم بذلك المقدار. فإن قلت كان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ولرسوله. قلت لعله نظر إلى
يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» .
53 -
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ
ــ
ما هو الغالب الكثير بين الناس. قال ابن بطال: غرض البخاري الرد على من زعم من المرجئة أن الإيمان هو القول باللسان دون عقد القلب. قوله: (حجاج بن منهال) بكسر الميم هو أبو محمد الأنماطي السلمي مولاهم قال أحمد بن عبد الله هو بصري ثقة رجل صالح وكان سمساراً يأخذ في كل دينار حبة فجاء خراساني مع ستة من أصحاب الحديث فاشترى له أنماطاً فأعطاه ثلاثين ديناراً فقال له ما هذه قال له سمسرتك خذها قال دنانيرك أهون علي من هذا التراب هات من كل دينار حبة فأخذ ديناراً وكسر واتفقوا على الثناء عليه وكان صاحب سنة يظهرها مات بالبصرة سنة ست عشرة أو سبع عشرة ومائتين روي عنه البخاري ومسلم وأبو داود وروى له الترمذي والنسائي وابن ماجه. قوله: (عدي بن ثابت) قيل هو ابن قيس بن الخطيم الخطمي بالخاء المعجمة المفتوحة هو أنصاري كوفي قال أحمد بن حنبل هو ثقة وقال أبو حاتم صدوق وكان إمام مسجد الشيعة بالكوفة وقاضيهم مات سنة ست عشرة ومائة روى له الجماعة. قوله: (عبد الله بن يزيد) بن أبي موسى الأنصاري الصحابي الخطمي جد عدي المذكور من جهة الأم وكأنه قال سمعت من جدي شهد الحديبية ابن سبع عشرة سنة وولي الكوفة. قيل أبوه يزيد هو ابن زيد بن حصين بن عمرو بن الحارث أن خطمة بفتح المعجمة وسكون المهملة وإنما سمي خطمة واسمه الأصلي عبد الله لأنه ضرب رجلاً على خطمه أي أنفه روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وعشرون حديثاً أخرج له البخاري حديثين. قوله: (أبي مسعود) هو عقبة بالقاف الساكنة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي البدري شهد العقبة مع السبعين وكان أصغرهم ثم الجمهور على أنه سكن بدراً ولم يشهدها وعده البخاري من الشاهدين لغزوتها روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وحديثان ذكر البخاري عشرة منها سكن الكوفة واستخلفه علي رضي الله عنه عليها عند خروجه إلى صفين ومات بها وقيل بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ويقال مات سنة إحدى وأربعين. قوله: (إذا أنفق) فإن قلت لم حذف معموله. قلت ليفيد التعميم يعني إذا أنفق أي نفقة صغيرة أو كبيرة. و (يحتسبها) حال من الفاعل ويحتمل أن يكون من المفعول المحذوف. قوله: (فهو) أي فالإنفاق له صدقة أي تصدق. فإن قلت فهل هو صدقة حقيقة حتى يترتب عليها أحكام الصدقة مثل أن يحرم على الرجال الإنفاق على الزوجات الهاشميات
الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَاّ
ــ
أم لا. قلت مجاز. فإن قلت ما القرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة. قلت الإجماع على عدم حرمة الإنفاق على الزوجات هاشمية وغيرها. فإن قلت ما العلاقة بين المعنى الموضوع له وبين المعنى المجازي. قلت ترتب الثواب عليهما وتشابههما فيه. فإن قلت كيف يتشابهان وهذا الإنفاق واجب والصدقة في العرف لا تطلق إلا على غير الواجب اللهم إلا أن يقيد بالفرض ونحوه. قلت التشبيه في أصل الثواب لا في كميته وكيفيته. فإن قلت قال أهل البيان شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوى وهنا بالعكس لأن الواجب أقوى في تحصيل الثواب من النفل. قلت هذا هو التشابه لا التشبيه ثم التشبيه لا يشترط فيه ذلك كما قد بين في موضعه. فإن قلت الأهل خاص بالولد والزوجة أو هو أعم من ذلك. قلت الظاهر أنه خاص سيما في هذا المقام لأنه إذا كان الإنفاق في الأمر الواجب كالصدقة فلا شك أن يكون آكد ويلزم منه كونه صدقة في غير الواجب بالطريق الأولى. النووي: في هذا الحديث الحث على الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال الظاهرة والخفية ومراده الرد على المرجئة القائلين بأن الإيمان إقرار باللسان دون اعتقاد القلب وفي قوله: يحتسبها دليل على أن النفقة على العيال وإن كانت من أفضل الطاعات فإنها تكون طاعة إذا نوى بها وجه الله تعالى وكذلك نفقته على نفسه وضيفه ودابته وغير ذلك وكلها إذا نوى بها الطاعة كانت طاعة وإلا فلا. قوله: (الحكم) بفتح الكاف هو أبو اليمان الحمصي البهراني. و (شعيب) هو ابن أبي حمزة بالزاي القرشي الحمصي تقدماً في حديث هرقل. و (الزهري) هو ابن شهاب أبو بكر محمد بن مسلم مر مراراً. قوله: (عامر) هو بن سعد بن أبي وقاص المدني روى عن أبيه سعد أحد العشرة المبشرة القرشي الزهري المجاب الدعوة فارس الإسلام وسبق ذكرهما في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وفي هذا الإسناد ثلاثة زهريون مدنيون. قوله: (إنك لن تنفق) لن لتأكيد النفي وفيه ثلاثة مذاهب أنه حرف مقتضب برأسه وأن أصله لا أن فخففت الهمزة وسقطت الألف لالتقائه مع النون الساكنة فصار لن وأن النون في لن مبدلة عن الألف والأصل لا. و (نفقة) عام في القليل والكثير لأنها نكرة في سياق النفي والكاف في إنك للخطاب العام إذ ليس المراد منه سعداً فقط بل كان من يتأتى منه أن يكون مخاطباً به ويصح منه الإنفاق كقوله: تعالى: "ولو ترى إذ المجرمون" وهو مجاز لأن أصل وضعه أن يكون استعماله لمعين وهذا مستعمل