الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ
44 -
حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى
ــ
النزول عيداً. قلت لأنه ثبت في الصحيح أن النزول كان بعد العصر ولا يتحقق العيد إلا من أول النهار ولهذا قال الفقيه ورؤية الهلال بالنهار لليلة المستقبلة. فإن قلت كيف دل هذه القصة على ترجمة الباب. قلت من جهة أنها مشتملة على الآية الدالة عليها وعلى أن نزولها في عرفة من حجة الوداع التي هي آخر عهد البعثة حين تمت الشريعة وأركانها. النووي: معناه أنا ما تركنا تعظيم ذلك اليوم والمكان أما المكان فهو عرفات وهو معظم الحج الذي هو أحد أركان الإسلام. وأما الزمان فهو يوم الجمعة ويوم عرفة وهو يوم اجتمع فيه فضلان وشرفان ومعلوم تعظيمنا لكل واحد منهما فإذا اجتمعا زاد التعظيم فقد اتخذنا ذلك اليوم عيداً وعظمنا مكانه أيضاً وهذا كله كان في حجة الوداع وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها ثلاثة أشهر. قال البخاري رضي الله تعالى عنه (باب الزكاة من الإسلام) قوله: (الزكاة) مرفوع (وقول الله) مجرور. و (إلا ليعبدوا الله) استثناء من أعم عام المفعول لأجله أي ما أمروا لأجل شيء إلا للعبادة. و (حنفاء) جمع حنيف وهو المائل عن الضلال إلى الهداية (ويقيموا الصلاة) من باب عطف الخاص على العام وفيه تفضيل الصلاة والزكاة على سائر العبادات وقد مر معاني إقامة الصلاة (وذلك دين القيمة) أي دين الملة المستقيمة وقد جاء قام بمعنى استقام ومنه قوله: تعالى (أمة قائمة) أي مستقيمة قاله الزمخشري. قوله: (إسمعيل) أي ابن أبي أويس وهو إسمعيل بن عبد الله الأصبحي المدني ابن أخت الإمام مالك شيخه وخاله وأبو أويس بن عم مالك وقد مر في باب تفاضل أهل الإيمان. قوله: (حدثني مالك) قال أولاً حدثنا إسمعيل وههنا حدثني مالك لأن الشيخ قرأ له ولغيره ثمة وهنا قرأ له وحده. قوله: (عن عمه أبي سهيل) هو نافع بن مالك ابن أبي عامر المدني (عن أبيه) أي عن مالك بن أبي عامر وهو من اللطائف إذ يروي إسمعيل عن خاله عن عمه عن أبيه. قوله: (طلحة) هو أبو محمد بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو القرشي التيمي
الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّاسِ، يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ، وَلَا يُفْقَهُ
ــ
المكي أحد العشرة المبشرة والثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام والستة أصحاب الشورى والخمسة الذين أسلموا على يد الصديق رضي الله عنهم شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بدراً فإنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طريق الشام يتجسس الأخبار وقدم من الشام بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لك سهمك قال وأجري يا رسول الله قال وأجرك وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة الخير وطلحة الجود وطلحة الفياض ويقال طلحة الطلحات أيضاً وليس هو طلحة الطلحات الذي قيل فيه:
نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات
لأن هذا خزاعي مدفون بسجستان وكان الصديق رضي الله عنه إذا ذكر يوم أحد يقول ذاك كله لطلحة وجعل يومئذ طلحة نفسه وقاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وثلاثون حديثاً ذكر البخاري منها أربعة قتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين وهو ابن أربع وستين قيل اغتزل يوم الجمل في بعض الصفوف فرمى بسهم فقطع من رجله عرق النسا فلم يزل ينزف دمه حتى مات وأقر مروان بن الحكم أنه رماه والتفت إلى أبان بن عثمان فقال قد كفيناك بعض قتلة أبيك وقالت عائشة رضي الله عنها طلحة ممن قضى نحبه وما بدلوا تبديلاً قال ابن قتيبة دفن بقنطرة فره ثم رأت بنته بعد موته بثلاثين سنة في المنام أنه يشو إليها النداوة فأمرت به فاستخرج طرياً ودفن بدار الهجرة بالبصرة وقبره مشهور. قوله: (نجد) الجوهري: نجد من بلاد العرب وكل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نجد وهو مذكر وقال ابن بطال هذا الرجل النجدي هو ضمام بالضاد المعجمة المكسورة ابن ثعلبة من بني سعد بن بكر. قوله: (ثائر الرأس) أي منتفش شعر الرأس ومنتشرة يقال ثار الغبار إذا انتشرت وفتنة ثائرة أي منتشرة وأوقع اسم الرأس على الشعر أما لأن الشعر منه ينبت كما يطلق اسم السماء على المطر لأنه من السماء ينزل وأما لأنه جعل نفس الرأس ذا ثوران على طريق المبالغة أو يكون من باب حذف المضاف بقرينة عقلية وثائر مرفوع بأنه صفة لرجل وقيل منصوب على الحال. فإن قلت شرط الحال أن يكون نكرة وهو مضاف فيكون معرفة قلت إضافته لفظية فلا تفيد إلا تخصيصاً. قوله: (دوي) بفتح الدال وكسر الواو وشدة الياء على المشهور وحكى ضم الدال وهو بعد الصوت في الهواء وعلوه ومعناه صوت شديد لا يفهم منه شيء كدوي النحل (ونسمع ونفقه) بالنون
مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» . فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لَا، إِلَاّ أَنْ تَطَوَّعَ» . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَصِيَامُ رَمَضَانَ» . قَالَ
ــ
المفتوحة فيهما على الأشهر الأكثر وروى بالياء المثناة من تحت المضمومة فيهما. قوله: (عن الإسلام) أي عن فرائضه التي فرضت على من وحد الله تعالى وصدق رسوله ولهذا لم يذكر فيه الشهادتان لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن الرجل سائل عن شرائع الإسلام ويمكن أنه سأل عن حقيقة الإسلام وقد ذكر له الشهادة فلم يسمعها طلحة لبعد موضعه أو لم ينقله لشهرته. قوله: (إلا أن تطوع) هو بتشديد الطاء والواو كليهما على إدغام إحدى التاءين في الطاء وقيل يجوز تخفيف الطاء على الحذف فإن قلت أي الحرفين نحذفها. قلت الأصلية أولى بالإسقاط من العارضة الزائدة لأن الزائدة إنما دخلت لإظهار معنى فلا تحذف لئلا يزول الغرض الذي لأجله دخلت واختلف العلماء في هذا الاستثناء فقال الشافعي رحمه الله وغيره ممن يقول لا نلزم النوافل بالشروع أنه استثناء منقطع تنكيره لكن التطوع خير لك وقال من شرع في تطوع يستحب له إتمامه ولا يجب بل يجوز قطعه وقال آخرون استثناء متصل ويقولون تلزم النوافل بالشروع ويستدلون بهذا الحديث وبقوله: تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم) وبالاتفاق على أن حج التطوع يلزم بالشروع ويعلم من الحديث أن وجوب صلاة الليل منسوخ في حق الأمة وهو مجمع عليه واختلف قول الشافعي رحمه الله في نسخه في حقه صلى الله عليه وسلم وفيه أن صلاة الوتر والعيدين ليست بواجبة وقال أبو حنيفة رضي الله عنه الوتر واجب بل العيدان أيضاً واجب وقال الأصطخري من الشافعية صلاة العيد فرض كفاية. الطيبي: الحديث مستمسك لنا في أصلين أحدهما في شمول عدم الوجوب في غير ما ذكر في الحديث كعدم وجوب الوتر والثاني في أن الشروع غير ملزم لأنه نفى وجوب شيء آخر مطلقاً شرع فيه أو لم يشرع وتمسك الخصم به على أن الشروع ملزم قال أنه نفى وجوب شيء آخر إلا ما تطوع به والاستثناء من النفي إثبات فيكون المثبت بالاستثناء وجوب ما تطوع به وهو المطلوب. قال وهذا مغالطة لأن هذا الاستثناء من وادي قوله: تعالى (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) أي لا يجب شيء إلا أن
هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ «لَا، إِلَاّ أَنْ تَطَوَّعَ» . قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ. قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لَا، إِلَاّ أَنْ تَطَوَّعَ» . قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»
ــ
تطوع وقد علم أن التطوع ليس بواجب فلا يجب شيء آخر أصلاً. قوله: (وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قول الراوي كأنه نسي ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو التبس عليه فقال ثم ذكر له الزكاة وأنه يؤذن بأن مراعاة الألفاظ مشروطة في الرواية فإذا التبس عليه يشير في لفظه إلى ما ينبئ عنه كما فعل راوي هذا الحديث. قوله: (أفلح) الفلاح الفوز والبقاء. وقيل هو الظفر وإدراك البغية وقيل هو عبارة عن أربعة أشياء بقاء بلا فناء وغناء بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل قالوا لا كلمة في اللغة أمع للخيرات منه. النووي: قيل هذا الفلاح راجع إلى لفظ ولا أنقص خاصة والمختار أنه راجع إليهما بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحاً لأنه أتى بما عليه ومن أتى بما عليه كان مفلحاً وليس فيه أنه إذا أتى بزائد على ذلك لا يكون مفلحاً لأن هذا مما يعرف بالضرورة لأنه إذا أفلح بالواجب ففلاحه بالمندوب مع الواجب أولى. وأقول وله محمل آخر وهو أن يكون السائل رسولاً فخلف أن لا أزيد في الإبلاغ على ما سمعت ولا أنقص في تبليغ ما سمعته منك إلى قومي ويحتمل أن يكون صدور هذا الكلام منه على سبيل المبالغة في التصديق والقبول أي قبلت قولك فيما سألتك عنه قبولاً لا مزيد عليه من جهة السؤال ولا نقصان فيه من طريق القبول وقيل يحتمل أن هذا كان قبل شرعية أمر آخر أو أنه أراد لا أزيد عليه بتغيير صفته كأنه قال لا أصلي الظهر خمساً أو أنه أراد أنه لا يصلي النوافل بل يحافظ على كل الفرائض وهذا مفلح بلا شك وإن كانت مواظبته على ترك النوافل مذمومة أو المراد أني لا أزيد على شرائع الإسلام وسنذكر في كتاب الصيام ما يوضح بعض المذكور قال ثمة فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام فقال والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً. واعلم أنه سقط من هذه التقريرات بهذه الوجوه الثمانية ثلاثة اعتراضات الأول أن مفهوم الشرط أنه إذا زيد عليه لا يفلح الثاني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أقره على حلفه