الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
645 - (38) باب ثبوت الجنة للشهيد وبيان من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل للرياء والسمعة
4780 -
(1852)(185) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمرٍو الأشْعَثِيُّ وَسُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ). أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو. سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: قَال رَجُلٌ: أَينَ أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ قُتِلْتُ؟ قَال:"فِي الْجَنَّةِ" فَأَلْقَى تَمَراتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ. ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَفِي حَدِيثِ سُوَيدٍ: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ أُحُدٍ.
4781 -
(1853)(186) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ،
ــ
645 -
(38) باب ثبوت الجنة للشهيد وبيان من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل للرياء والسمعة
4780 -
(1852)(185)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي ثقة من (10)(وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل أبو محمد الحدثاني صدوق من (10)(واللفظ لسعيد أخبرنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (سمع جابرًا) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (يقول قال رجل) زعم الخطيب وغيره أنه عمير بن الحمام الأنصاري الذي تأتي قصته في حديث أنس الآتي بعد رواية واحدة ولكن رده الحافظ في الفتح بأن قصة عمير بن الحمام إنما وقعت في غزوة بدر بخلاف قصة حديث جابر هذا فإنما وقعت في غزوة أحد كما هو مصرح في رواية سويد وفي رواية البخاري فالظاهر أنهما قصتان متغايرتان والله سبحانه وتعالى أعلم. (أين أنا يا رسول الله إن قتلت قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت تكون (في الجنة فألقى) الرجل (تمرات كن في يده) أي مبادرة إلى الشهادة وسعادة دخول الجنة وليس هذا عمير بن الحمام كما مر آنفًا فإن حديثه سيأتي قريبًا اهـ ذهني (ثم قاتل حتى قتل وفي حديث سويد) وروايته (قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم) غزوة (أحد) فصرح بواقعة القصة وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في المغازي باب غزوة أحد (4046) والنسائي في الجهاد باب ثواب من قتل في سبيل الله (3154) ثم استشهد المؤلف لهذا الحديث بحديث البراء رضي الله عنه فقال.
4781 -
(1853)(186)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن
عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ. حَدَّثَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ) عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ -قَبِيلِ مِنَ الأَنْصَارِ- فَقَال: أَشْهدُ أَنْ لَا إِله إِلَّا اللهُ، وأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَمِلَ هذَا يَسِيرًا، وَأُجِرَ كَثِيرًا"
ــ
أسامة الهاشمي الكوفي ثقة من (9)(عن زكرياء) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني أبي يحيى الكوفي ثقة من (6)(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي ثقة من (3)(عن البراء) بن عازب الأنصاري الأوسي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) البراء (جاء رجل من بني النبيت) بفتح النون وكسر الموحدة بعدها ياء ساكنة قبيلة من الأنصار (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني أحمد بن جناب) بفتح الجيم وتخفيف النون بن المغيرة (المصيصي) بكسر الميم والصاد المشددة المكسورة ويقال بفتح الميم وتخفيف الصاد وجهان معروفان الأول أشهر نسبة إلى مصيصة مدينة على ساحل البحر قاله النووي أبو الوليد الحدثي بفتح المهملتين صدوق من (10)(حدثنا عيسى يعني ابن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي ثقة من (8)(عن زكرياء) بن أبي زائدة (عن أبي إسحاق عن البراء) بن عازب رضي الله عنه هذا السند أيضًا من خماسياته (قال) البراء (جاء رجل) واستظهر الحافظ في الفتح (6/ 25) أن هذا الرجل هو عمرو بن ثابت بن وقش المعروف بأصرم بن عبد الأشهل اهـ (من بني النبيت قبيل من الأنصار فقال) ذلك الرجل (أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ثم تقدم) الرجل للقتال (فقاتل حتى قتل فقال النبي على الله عليه وسلم عمل هذا) الرجل عملًا (يسيرًا وأجر) أي أثيب أجرًا (كثيرًا) بالبناء للفاعل في الأول من الفعلين وللمفعول في الثاني وفيه شهادة منه صلى الله عليه وسلم له بإحرازه المرتبة العظمى والدرجة القصوى وهذا قد يوجد في بعض الأعمال مثل كلمة التوحيد فإنها لا يزنها شيء من الأعمال اهـ ذهني ولفظ البخاري من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد فقال يا رسول الله أقاتل أو أسلم قال أسلم ثم قاتل فقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عملًا قليلًا وأجر كثيرًا).
4782 -
(1854)(187) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ. قَالُوا: حَدَّثنَا هاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثنَا سُلَيمَانُ (وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بُسَيسَةَ،
ــ
وأخرج ابن إسحاق في المغازي بإسناد صحيح عن أبي هريرة أنه كان يقول (أخبروني عن رجل دخل الجنة ولم يصل صلاة ثم يقول هو عمرو بن ثابت) وقصته على ما رواه ابن إسحاق عن محمود بن لبيد أنه كان يأبى الإسلام فلما كان يوم أحد بدا له فأخذ سيفه حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس فقاتل حتى وقع جريحًا فوجده قومه في المعركة فقالوا ما جاء بك أشفقة على قوم أم رغبة في الإسلام قال بل رغبة في الإسلام قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما أصابني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه من أهل الجنة وروى أبو داود والحاكم قصته وفي آخرها ثم مات فدخل الجنة وما صلى صلاة وكان هذا الرجل من بني عبد الأشهل ويجمع بينه وبين كونه من بني النبيت بأنه كان له إلى بني النبيت نسبة ما فإنهم إخوان بني عبد الأشهل والله أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد (2808). ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثانيًا لحديث جابر بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما فقال.
4782 -
(1854)(187)(حدثنا أبو بكر) محمد أو أحمد (بن النضر بن أبي النضر) هاشم بن القاسم البغدادي الليثي ثقة من (11) وأكثر ما يرويه عن جده أبي النضر (وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي المعروف بالحمال ثقة من (10)(ومحمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي ثقة من (11)(وألفاظهم متقاربة) كلهم (قالوا حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثي مولاهم أبو النضر البغدادي مشهور بكنيته ثقة من (9)(حدثنا سليمان وهو ابن المغيرة) القيسي مولاهم أبو سعيد البصري ثقة من (7)(عن ثابت) بن أسلم بن موسى البناني البصري ثقة من (4)(عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة) بضم الباء مصغرًا قال القاضي هكذا هو في جميع النسح قال والمعروف في كتب السيرة بسبس بموحدتين بوزن زلزل وهو بسبس بن عمرو ويقال ابن بشر الأنصاري الخزرجي ويقال حليف لهم قال النووي ويجوز
عَينًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ. فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيتِ أَحَدٌ غَيرِي وَغَيرُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم (قَال: لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائهِ) قَال: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ. قَال: فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمَ. فَقَال: "إِنَّ لَنَا طَلِبَةً. فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا" فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْو الْمَدِينَةِ
ــ
أن يكون أحد اللفظين اسمًا له والآخر لقبًا حالة كونه (عينًا) أي متجسسًا مباحثًا وهو الجاسوس سمي بذلك لأنه يعاين فيخبر مرسله بما يراه فكأنه عينه (ينظر) ويبحث (ما صنعت) وفعلت (عير أبي سفيان) صخر بن حرب الأموي أبي معاوية والعير بكسر العين الدواب التي تحمل الطعام وغيره من الأمتعة للتجارات قال في المشارق ولا تسمى عيرًا إلا إذا كانت كذلك وقال الجوهري في الصحاح العير الإبل تحمل الميرة جمعها عيرات والمراد بها هنا العير التي أقبل بها أبو سفيان من الشام وفيها أموال عظيمة لقريش وتجارة من تجاراتهم وفيها ثلاثون رجلًا من قريش أو أربعون منهم مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص كما في سيرة ابن هشام والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بسيسة لتفقد أحوال العير قبل أن يخرج من المدينة المنورة قال أنس (فجاء) بسيسة (وما في البيت) أي في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحد) من الناس غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثابت (لا أدري) ولا أعلم (ما استثنى) أنس (بعض نسائه) صلى الله عليه وسلم وما هنا مصدرية والظاهر أن هذه المقالة لثابت والمعنى لا أدري هل استثنى بعض نسائه أم لا (قال) أنس (فحدثه) أي حدث وأخبر بسيسة النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث) أي بما رأى من أحوال عير أبي سفيان وأنه مقبل من الشام (قال) أنس (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته (فتكلم) مع من رآه من الناس (فقال) لهم في تكليمهم (إن لنا طلبة) بفتح الطاء وكسر اللام وهو ما يطلب يعني أن لنا حاجة مطلوبة والمراد الإغارة على العير وفيه استحباب التورية في الحرب وألّا يبين الإمام جهة خروجه لئلا يشيع ذلك فينتبه العدو (فمن كان ظهره) أي مركوبه والظهر الدواب التي تركب (حاضرًا) أي قريبًا (فليركب) ظهره وليمش (معنا فجعل) أي شرع (رجال) من الصحابة (يستأذنونه) أي يطلبون الإذن منه صلى الله عليه وسلم (في) إحضار (ظهرانهم) أي مركوباتهم التي (في علو المدينة) ليركبوها ويخرجوا معه إلى جهة قصده
فَقَال: "لَا. إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا" فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ. وَجَاءَ الْمُشرِكُونَ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُقدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ" فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ" قَال: يَقُولُ عُمَيرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ الله، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ؟ قَال:"نَعَمْ" قَال: بَخٍ بَخٍ. فَقَال رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ
ــ
والظهران بضم الظاء جمع الظهر وقيل جمع ظهير كقضيب وقضبان وكثيب وكثبان وهو البعير الذي ركب ظهره اهـ مفهم يعني أنهم استأذنوه صلى الله عليه وسلم للإتيان ببعض المراكب من عوالي المدينة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم (لا) أذن في الإتيان بها والذهاب معي (إلا من كان ظهره حاضرًا) أي موجودًا عنده (فانطلق) أي ذهب (رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) الذين كانت مراكبهم حاضرةً (حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون) بعدهم أي وصلوا بدرًا بعد نزول المسلمين فيها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدمن) أي لا يستقدمن (أحد منكم إلى شيء) من مقابلة المشركين (حتى أكون أنا دونه) أي قدامه متقدمًا في ذلك الشيء والمراد أنه نهى الصحابة من أن يتقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يفوتهم شيء من المصالح التي لا يعلمونها وقال الأبي والمراد أن لا يتقدمه أحد في الرأي (فدنا المشركون) إلى المسلمين (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا) الآن أيها المسلمون (إلى جنة) أي إلى سبب نيل جنة (عرضها) أي سعتها (السموات والأرض) أي كعرضهما وسعتهما شبه الجنة بسعة السموات والأرض وإن كانت الجنة أوسع منهما مخاطبة لهم بما يشاهدون إذ لم يشاهدوا أوسع من السموات والأرض وهذا أشبه ما قيل في هذا المعنى اهـ من المفهم (قال) أنس (يقول عمير بن حمام) بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم (الأنصاري) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله) هنا (جنة عرضها السموات والأرض قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم له (نعم) هنا جنة عرضها السموات والأرض (قال) عمير (بخٍ بخٍ) أي حسن حسن فيه لغتان إسكان الخاء وكسرها منونًا وهي كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير (فقال رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ" قَال: لَا. وَاللهِ، يَا رَسُولَ الله، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَال:"فَإنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا" فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ. فَجَعَلَ يَأكُلُ مِنْهُنَّ. ثُمَّ قَال: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَويلَةٌ
ــ
وسلم) لعمير (ما يحملك) ويبعثك (على قولك بخٍ بخٍ قال) عمير (لا) أي ما حملني (والله يا رسول الله) على قولي بخ بخ شيء من الأشياء (إلا رجاءة أن أكون من أهلها) أي إلا رجاء كوني من أهلها بسبب شهادتي في سبيل الله قال القرطبي روي بنصب من غير تاء تأنيث والأولى فيه الرفع على أن يكون فاعلًا بفعل مضمر يدل عليه قوله ما يحملك على قولك بخ بخ لأن جوابه أي لا يحملني على قولي بخ بخ إلا رجاء أن أكون من أهل الجنة وقد رواه كثير من المشايخ إلا رجاة بتاء التأنيث وهو مصدر كالرجاء لكنه محدود قال المبرد تقول العرب فعلته رجاتك أي رجاك من الرجا وهو الطمع في تحصيل ما فيه غرض ونفع اهـ من المفهم قال النووي قوله (إلا رجاة) هكذا هو في أكثر النسخ المعتمدة رجاءة بالمد ونصب التاء.
وفي بعضها رجاء بلا تنوين وفي بعضها بالتنوين وكله صحيح معروف في اللغة ومعناه والله ما فعلته لشيء إلا رجاء أن أكون من أهلها اهـ.
قال بعضهم فهم عمير رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم توهم أن ذلك صدر عنه من غير نية وروية شبيهًا يقول من سلك مسلك الهزل والمزاح فنفى عمير عن نفسه ذلك بقوله لا والله يا رسول الله إلخ قاله ملا علي اهـ فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنك من أهلها) أي من أهل الجنة (فأخرج) عمير (تمرات) قلائل (من قرنه) بقاف وراء مفتوحتين ثم نون أي من جعبة النشاب أي كيس السهام (فجعل) أي شرع (يأكل منهن ثم قال لئن أنا حبيت) وبقيت بفتح الحاء وكسر الياء الأولى أي عشت واللام موطئة للقسم وإن شرطية وأنا فاعل فعل مضمر يفسره ما بعده أي والله لئن عشت (حتى آكل تمراني هذه إنها) أي إن حياتي (لحياة طويلة) يعني والأمر أسرع من ذلك شوقًا إلى الشهادة وذوقًا إلى الشهود وهو جواب القسم واكتفى به عن جواب الشرط قال الطيبي ويمكن أن يذهب إلى مذهب أهل المعاني فيقال إن الضمير المنفصل قدم للاختصاص وهو على منوال قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} فكأنه وجد نفسه مختارةً للحياة على الشهادة فأنكر عليها ذلك الإنكار وإنما قال ذلك استبطاء للانتداب
قَال: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.
4783 -
(1855)(188) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)(قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثنَا. وَقَال يَحْيَى: أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيمَانَ) عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ"
ــ
بما ندب به من قوله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى الجنة أي سارعوا إليها ومما ارتجز بها عمير يومئذ قوله:
ركضًا إلى الله بغير زاد
…
إلا التقى وعمل المعادي
والصبر في الله على الجهاد
…
فكل ذا عرضة النفاد
إلا التقى والبر والرشاد
اهـ من شرح المشكاة لملا علي.
(قال) أنس (فرمى) عمير (بما كان معه من التمر ثم قاتلهم) أي قاتل الكفار (حتى قتل) رضي الله عنه وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم من الأئمة الستة ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثالثًا لحديث جابر بحديث أبي موسى عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنهما فقال.
4783 -
(1855)(188)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (وقتيبة بن سعيد واللفظ ليحيى قال قتيبة حدثنا وقال يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان) الضبعي أبو سليمان البصري صدوق من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي عمران) عبد الملك بن حبيب الأزدي الكندي (الجوني) بفتح الجيم نسبة إلى جون بن عوف بطن من الأزد كما في اللباب ثقة من (4) روى عنه في (12) بابا (عن أبي بكر) عمرو (بن عبد الله بن قيس) أبي موسى الأشعري وهو أسن من أخيه أبي بردة بن أبي موسى ثقة من (3) روى عنه في (4) أبواب روى أبو بكر (عن أبيه) أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو بكر (سمعت أبي) أبا موسى الأشعري (وهو) أي والحال أن أبي (بحضرة العدو) بفتح الحاء وضمها وكسرها ثلاث لغات أي في مقاومة العدو ومقاتلة الكفار (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف)
فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيئَةِ. فَقَال: يَا أَبَا مُوسَى، آنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هذَا؟ قَال: نَعَم
ــ
قال العلماء معناه أن الجهاد وحضور معركة القتال طريق إلى الجنة وسبب لدخولها قاله النووي وفي المبارق يعني كون المجاهد في القتال بحيث يعلوه سيوف الأعداء سبب الجنة حتى كأن أبوابها حاضرة معه أو المراد بالسيوف سيوف المجاهدين وهذا كناية عن الدنو إلى العدو في الضراب وإنما خص السيوف بالذكر لأنها أكثر سلاح العرب اهـ وفي المناوي السبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله تعالى أو المراد أن الجهاد مصيره الجنة فهو تشبيه بليغ كزيد بحر اهـ.
قال القرطبي قوله: (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف) من الاستعارة البديعة والألفاظ السهلة البليغة التي لا ينسج على منواله ولا يقدر بليغ أن يأتي بمثلها يعني بذلك أن من خاض غمرات الحروب وباشر حال المسايفة كان له جزاء الجنة وهذا من باب قوله (الجنة تحت أقدام الأمهات) رواه ابن عدي (1/ 325) والقضاعي في الشهاب (82) والخطيب في الجامع (2/ 289) أي من تذلل لهن وأطاعهن وصل إلى الجنة ودخلها وفي هذين الحديثين دليل على جواز استقتال الرجل نفسه في طلب الشهادة وإن علم أنه يقتل وقد فعله كثير من الصحابة والسلف وغيرهم وروي عن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما وهو قول مالك ومحمد بن الحسن غير أن العلماء كرهوا فعل ذلك لرئيس الكتيبة لأنه إن هلك هلك جيشه وقد روي عن عمر أيضًا كراهية الاستقتال وقال لأن أموت على فراشي أحب إلي من أقتل بين يدي صف يعني مستقتلًا ورأى بعض العلماء هذا الفعل من إلقاء اليد إلى التهلكة المنهي عنه.
قلت: وفي هذا بعد من وجهين أحدهما أن أحسن ما قيل في الآية يعني بها قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أنها فيمن ترك الاتفاق في الجهاد وثانيهما أن عملًا يفضي صاحبه إلى الشهادة ليس بتهلكة بل التهلكة الإعراض عنه وترك الرغبة فيه ودل على ذلك الأحاديث المتقدمة كلها فلا يعدل عنها اهـ مفهم.
(فقام رجل) لم أر من ذكر اسمه (رث الهيئة) والثياب أي باليها وخلقها قال في القاموس يقال رث الهيئة أي باذها وخلقها ويقال في هيئته رثاثة أي بذاذة (فقال) ذلك الرجل (يا أبا موسى آنت) أي هل أنت (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا) الكلام يعني قوله (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوت)(قال) أبو موسى (نعم)
قَال: فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَال: أَقْرَأُ عَلَيكُمُ السَّلامَ. ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيفِهِ فَأَلْقَاهُ. ثُمَّ مَشَى بِسَيفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ. فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ.
4784 -
(1856)(189) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ. فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ. يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ
ــ
سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (قال) أبو بكر (فرجع) الرجل (إلى أصحابه) ورفقته (فقال) لهم (أقرأ عليكم السلام) سلام التوديع (ثم كسر) الرجل (جفن سيفه) بفتح الجيم وسكون الفاء وبالنون أي غمده وغلافه (فألقاه) أي فألقى جفن سيفه (ثم مشى بسيفه) الصلت (إلى) جهة (العدو فضرب به) أي بسيفه (العدو) ضربات كثيرة (حتى قتل) شهيدًا وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 396) والترمذي (1659) ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث جابر بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال.
4784 -
(1856)(189)(حدثنا محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي صدوق من (10)(حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري البصري ثقة من (10)(حدثنا حماد) بن سلمة بن دينار الربعي البصري ثقة من (8)(أخبرنا ثابت) بن أسلم بن موسى البناني البصري ثقة من (4)(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (جاء ناس) من الأعراب وهم رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان كما صرح به في رواية قتادة عن أنس عند البخاري في الجهاد (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا) أي فقال أولئك الناس للنبي صلى الله عليه وسلم (أن ابعث) أن زائدة لأن مقول القول لا يكون إلا جملة أي قالوا ابعث (معنا رجالًا) من أصحابك (يعلمونا) بحذف نون علامة الرفع لتوالي الأمثال أو مجزوم بالطلب السابق أي إن بعثتهم معنا يعلمونا (القرآن والسنة) أي الحديث ولفظ البخاري من طريق قتادة فزعموا أنهم أسلموا واستمدوه على قومهم قال أنس (فبعث إليهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبعين رجلًا من الأنصار يقال لهم القراء فيهم خالي حرام) بن ملحان وهو أخ لأم سليم رضي الله تعالى عنهما (يقرؤون القرآن) في المدينة المنورة وهو بيان لوجه تلقيبهم بالقراء جمع قارئ كعاذل
وَيتَدَارَسُونَ بِاللَّيلِ يَتَعَلَّمُونَ. وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ. وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ. وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلْفُقَرَاءِ. فَبَعَثَهُمُ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيهِمْ. فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ. قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنِّا نَبِيَّنَا؛ أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ
ــ
وعذال أي يقرؤون القرآن (ويتدراسون) العلم ويتذاكرونه (بالليل) أي في الليل. أي يقرؤون القرآن ويتدارسون السنة (يتعلمون) أي حالة كونهم يريدون تعلمها (وكانوا بالنهار) أي في النهار (يجيئون) أي يأتون (بالماء) من الآبار (فيضعونه) أي يضعون الماء (في المسجد) النبوي الشريف ليشرب منه المحاويج والغرباء ويتوضؤا منه (ويحتطبون) أي يأخذون الحطب في النهار من الجبال والغابة (فيبيعونه) في الأسواق (ويشترون به) أي بالحطب أي بثمنه (الطعام) أي المأكول والمشروب (لأهل الصفة والفقراء) والمحاويج والصفة بيت في المسجد مقتطع عنه وفيه دليل على جواز استيطان الغرباء والفقراء مكانًا من المسجد وعلى وضع الماء فيه للشرب وغيره وعلى الاجتماع لقراءة القرآن ومدارسة العلم وعلى أن المتفرغ للعبادة وطلب العلم لا يخل بحاله ولا ينقص توكله اشتغال بالنظر في مطعمه ومشربه وحاجته كما يذهب إليه بعض جهال المتزهدة وفيه دليل على أن أيدي الفقراء غير المتفرغين للعبادة فيما يكسبه بعضهم ينبغي أن تكون واحدة ولا يستاثر بعضهم على الآخر بشيء اهـ من المفهم.
(فبعثهم) أي فبعث (النبي على الله عليه وسلم) أولئك القراء وأرسلهم (إليهم) أي إلى أولئك الناس الذين طلبوهم (فعرضوا) أي فعرض أولئك الناس وظهروا (لهم) أي لأولئك القراء في الطريق (فقتلوهم) أي فقتل أولئك الناس القراء ببئر معونة (قبل أن يبلغوا) أي قبل أن يبلغ أولئك القراء ويصلوا (المكان) الذي أرسلوا إليه (فقالوا) أي فقال أولئك القراء متضرعين إلى ربهم (اللهم) أي يا إلهنا (بلغ) أي أوصل (عنا نبينا) محمدًا صلى الله عليه وسلم (أنا قد لقيناك) يا ربنا بالموت في سبيل الله (فرضينا عنك) يا ربنا ما أعطيتنا من الأجر الجزيل (و) أنت يا ربنا (رضيت عنا) أي قبلت عنا أعمالنا الصالحة وقولهم (إنا قد لقيناك) أي قد أوصلنا إلى ما أنعمت به علينا من الجنة والكرامة ومنزلة الشهادة لأن لقاء الله ليس على ما تعارفنا من لقاء بعضنا لبعض والصحيح أن لقاء الله صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها وقوله (فرضينا عنك) أي بما
وَرَضِيتَ عَنَّا. قَال: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا، خَال أَنَسٍ، مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ. فَقَال حَرَامٌ: فُزْتُ، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ:"إِن إِخوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا. وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا؛ أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ. وَرَضِيتَ عَنَّا"
ــ
أوصلتنا إليه من الكرامة والمنزلة الرفيعة (ورضيت عنا) أي أحللتنا محل من ترضى عنه فأكرم غاية الإكرام وأحسن إليه غاية الإحسان وعلى هذا فيكون رضا الله تعالى من صفات الأفعال ويصح أن يعبر بالرضا في حق الله تعالى عن إرادة الإكرام والإحسان فيكون من صفات الذات اهـ من المفهم والقول الصحيح السليم الذي عليه السلف الأعلم أن يقال إن الرضا صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (قال) ثابت عن أنس (وأتى رجل) من المشركين (حراما) بن ملحان (خال أنس) بن مالك (من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه) أي حتى أنفذ وأخرج ذلك الرجل رمحه من قدامه (فقال حرام) بن ملحان حينما طعنه الرجل (فزت) وظفرت بالشهادة (ورب الكعبة) أي أقسمت برب الكعبة ومالكها لقد فزت بما أعد الله للشهداء وظاهره أنه عاين منزلته في الجنة في تلك الحالة ويحتمل أن يقول ذلك محققًا لوعد الله ورسوله الحق الصادق فصار كأنه عاين والله تعالى أعلم اهـ من المفهم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه) الذين معه في المدينة (إن إخوانكم) القراء (قد قتلوا وإنهم قالوا) لربهم (اللهم بلغ) أي أخبر (عنا نبينا أنا قد لقيناك) يا ربنا (فرضينا عنك ورضيت عنا) وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع منها في الجهاد (2801) وفي المغازي (4088 و 4092) وحاصل قصتهم على ما ذكره ابن إسحاق أنه قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام وقال يا محمد لو بعثت رجالًا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم أهل نجد قال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو وأخا بني ساعدة في أربعين رجلًا من أصحابه من خيار المسلمين فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهي بين
4785 -
(1857)(190) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ. قَال: قَال أَنَسٌ: عَمِّيَ الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا. قَال: فَشَقَّ عَلَيهِ. قَال: أوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم غُيِّبْتُ
ــ
أرض بني عامر وحرة بني سليم فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله ثم استصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقال لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدًا وجوارًا فاستصرخ عليهم قبائل بني سليم عصية ورعل وذكوان فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين اهـ سيرة ابن هشام (2/ 174).
قوله (فزت ورب الكعبة) هذا مظهر عظيم لحبه للشهادة في سبيل الله وتحقيره لحطام الدنيا وشوقه إلى لقاء الله عز وجل حيث لم يعبأ بما أصابه من جرح وإنما اغتنمه وفرح به لكونه سببًا للوصول إلى الله تعالى فرضي الله تعالى عنه وأرضاه قوله (إن إخوانكم قد قتلوا) فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث بلغه ربه ما أصيبوا به من القتل وما تكلموا به في آخر حياتهم اهـ ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث جابر بحديث آخر لأنس بن مالك رضي الله عنهما فقال.
4785 -
(1857)(190)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري ثقة من (9)(حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي البصري ثقة من (7)(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4)(قال) ثابت (قال أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (عمي الذي سميت) بالبناء للمجهول (به) أي باسمه يعني أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه (لم يشهد) أي لم يحضر (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا) أي غزوة بدر (قال) أنس بن مالك (فشق عليه) أي على عمي أنس بن النضر أي ثقل عليه عدم حضوره غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) عمي أنس بن النضر (أول) بالرفع على الابتداء (مشهد) أي أول معركة (شهده رسول الله على الله عليه وسلم غيبت) بالبناء
عَنهُ. وإن أَرَانِيَ الله مَشهدًا، فِيمَا بعدُ، مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، لَيَرَانِيَ الله مَا أَصنَعُ. قَال: فَهابَ أَن يَقُولَ غَيرها. قَال: فَشَهِدَ مَعَ رِسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ. قَال: فَاستَقْبَلَ سعدُ بْنُ مُعَاذٍ. فَقَال لَهُ أنسٌ: يَا أَبَا عَمرٍو، أَينَ؟ فَقَال: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنةِ. أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ
ــ
للمجهول من التغييب خبر المبتدأ أي صرت غائبًا (عنه) أي عن ذلك المشهد بقدر الله تعالى وحكمه (و) الله (إن أراني الله) عز وجل بفضله وتوفيقه أي إن أحضرني الله (مشهدًا) أي معركة (فيما بعد) أي فيما يستقبل من الزمان (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله) سبحانه في ذلك المشهد (ما أصنع) مع الكفار قال النووي هكذا هو في أكثر النسخ ليراني بالألف وهو صحيح ويكون ما أصنع بدلًا من الضمير في يراني يعني ياء المتكلم أي ليرى الله ما أصنع مع الكفار (قال) أنس بن مالك (فهاب) عمي أي خاف (أن يقول غيرها) أي غير هذه الكلمة أي خشي أن يلتزم شيئًا آخر فيعجز عنه ولهذا أبهم وعرف من السياق أن مراده أن يبالغ في القتال معهم وأن لا يفر منهم. قال القرطبي قوله (ليراني الله ما أصنع) وفي رواية (فليرين الله ما أصنع) وهذا الكلام تضمن أنه ألزم نفسه إلزامًا مؤكدًا وهو الإبلاء في الجهاد والانتهاض فيه والإبلاغ في بذل ما يقدر عليه منه ولم يصرح بذلك مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك وتبرؤًا من حوله وقوته ولذلك قال (فهاب أن يقول غيرها) ومع ذلك فنوى بقلبه وصمم على ذلك فصح قصده ولذلك سماه الله عهدًا في الآية حيث قال: {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ} [الأحزاب: 23](قال) أنس بن مالك (فشهد) عمي (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم) غزوة (أحد قال) أنس بن مالك (فاستقبلـ) ـه (سعد بن معاذ) بن النعمان الأنصاري الأشهلي أبو عمرو وسيد الأوس شهد بدرًا واستشهد من سهم أصابه بالخندق ومناقبه كثيرة رضي الله عنه روى عنه البخاري أي فاستقبل أنسًا وهو متقدم للقتال سعد بن معاذ وهو فار من المشركين (فقال له) أي لسعد (أنس) بن النضر (يا أبا عمرو) كنية سعد (أين) تفسير من المشركين وقال له سعد وأنت إلى أين تتقدم (فقال) له أنس إلى المشركين (واهًا) أي عجبًا (لريح الجنة أجده) أي أجد ذلك الريح فالريح يذكر ويؤنث مكانًا (دون أحد) أي في مكان أقرب إلي من أحد (وواهًا) اسم فعل مضارع بمعنى أعجب عجبًا لريح الجنة وقد تأتي للترحم والتلهف والتأسف والاستهانة وقوله (أجده) الضمير عائد
قَال: فَقَاتَلَهم حَتى قُتِلَ. قَال: فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضعٌ وَثَمَانُونَ. مِنْ بَينِ ضربَةٍ وَطَعنَةٍ وَرَميَةٍ. قَال: فَقَالت أُخْتُهُ، عمَّتِيَ الربيعُ بِنتُ النضرِ: فَمَا عَرَفتُ أَخِي إلا ببَنَانِهِ. وَنَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]،
ــ
للريح لأنه يذكر ويؤنث كا مر آنفا قال القرطبي ظاهره الحمل على أنه وجده حقيقة كما جاء في الحديث الآخر (إن ريح الجنة توجد على مسيرة خمسمائة عام) رواه أبو نعيم في صفة الجنة (194) والحلية (2/ 307) ويحتمل أن يكون قاله على معنى التمثيل أي إن القتل دون أحد موجب لدخول الجنة ولإدراك ريحها ونعيمها اهـ.
(قال) أنس بن مالك (فقاتلهم) أي فقاتل عمي المشركين (حتى قتل) شهيدًا ظاهره أنه قاتلهم وحده فيكون فيه دليل على جواز الاستقتال بل على ندبيته كما تقدم (قال) أنس بن مالك (فوجد في جسده بضع وثمانون) جرحًا (من بين ضربة) بسيف (وطعنة) برمح (ورمية) بسهم والبضع ما بين العقود من العدد وزاد في رواية البخاري (ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه) زاد البخاري قبل ذلك (قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع)(قال) أنس بن مالك (فقالت أخته) أي أخت أنس بن النضر (عمتي الربيع بنت النضر) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد الياء المكسورة وقد مرت قصته في كتاب القسامة والديات (فما عرفت أخي إلا ببنانه) أي إلا بأصابعه ومنه قوله تعالى: {عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4].
قال أنس بن مالك (ونزلت هذه الآية) يعني قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] أي وفى بنذره يقال نحب ينحب من باب نصر إذا نذره ومنه قوله الشاعر:
إذا نحبت كلب على الناس إنهم
…
أحق بتاج الماجد المتكرم
وقيل قضى أجله على ما عاهد عليه قال ذو الرمة:
عشية فر الحارثيون بعدما
…
قضى نحبه في ملتقى الجيش هوبر
هو هوبر بن يزيد الحارثي اهـ.
({وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}) أي الوفاء بما نذر الموت على ما عاهدوا ({مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}
قَال: فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّها نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصحَابِهِ.
4786 -
(1858)(191) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ عَمرِو بْنِ مُرَّةَ. قَال: سَمِعْتُ أبَا وَائِلٍ قَال: حَدَّثنَا أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ؛ أَنَّ رَجُلا أعرَابِيًّا أَتَى النبِي صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ الله، الرَجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ. وَالرَجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُرَى مَكَانُهُ. فَمَنْ فِي سَبِيلِ الله؟
ــ
أي استمروا على ما التزموا ولم يقع منهم نقض لما أبرموا (قال) ثابت (فكانوا) أي فكانت الصحابة (يرون) أي يعتقدون (أنها) أن هذه الآية (نزلت فيه) أي في أنس بن النضر (وفي أصحابه) أي وفي أشباهه.
قال القرطبي وقوله فكانوا يرون إلخ هذا القائل هو ثابت والله تعالى أعلم ويعني به أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يظنون أنها نزلت فيمن ذكر وقيل نزلت في السبعين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم فوفوا بذلك قاله الكلبي وقد قيل غير ذلك اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد (5 280) وفي المغازي (4048) وفي التفسير (478) والترمذي في تفسير الأحزاب (3253 و 3254) ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال.
4786 -
(1858)(191)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الجملي أبي عبد الله الكوفي ثقة من (5)(قال) عمرو (سمعت أبا وائل) شقيق سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم من (2)(قال) أبو وائل (حدثنا أبو موسى الأشعري) الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (أن رجلًا أعرابيًّا) لم أر من ذكر اسمه (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) ذلك الرجل (يا رسول الله الرجل) منا (يقاتل للمغنم) أي لطلب الغنيمة (والرجل) الآخر (يقاتل ليرى) ويحمد بين الناس بكثرة الجهاد ونصر الدين والذب عنه (والرجل) الآخر (يقاتل ليرى) الناس (مكانه) أي قوته وقدرته على القتال ومرتبته من الشجاعة أي ليظهر شجاعته عند الناس ويتكلموا بها وهو الرياء (فمن في سبيل الله) أي فمن الذي يقاتل في سبيل الله من هؤلاء الثلاثة أي فقتال من في
فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله أَعلى فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله".
4787 -
(0)(0) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ (قَال إِسْحَاقُ: أخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أبُو مُعَاوَيةَ) عَنِ الأعمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
ــ
سبيل الله فالكلام على حذف مضاف (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ) ـقتال (من قاتل لتكون كلمة الله) يعني كلمة التوحيد (أعلى) وأعز من كلمة البهتان (فهو) أي فقتال ذلك المقاتل هو (في سبيل الله) تعالى ففي الكلام حذف مضاف أيضًا وتقديم هو على ما بعده يفيد الاختصاص فيفهم منه أن من قاتل للدنيا فليس في سبيل الله في الحقيقة ولا يكون له ثواب الغزاة واعلم أن من قاتل لأجل الجنة من غير خطور بباله إعلاء الكلمة فهو في حكم المقاتل للإعلاء لأن المرجع فيهما واحد وهو رضا الله تعالى ولو كان القتال للجنة شاملًا للإخلاص لما رغب إليها النبي في الجهاد وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال في غزوة بدر قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض اهـ مبارق وقال النووي فيه بيان أن الأعمال إنما تحسب بالنيات الصالحة وأن الفضل الذي ورد في المجاهدين في سبيل الله يختص بمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 392) والبخاري في الجهاد (2810) وفي الخمس (3126) وفي العلم (123) وفي التوحيد (7458) وأبو داود (2517) والترمذي في الجهاد (1697) والنسائي (6/ 23) وابن ماجه في الجهاد (2810) ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال.
4787 -
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (و) أبو كريب (محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني (قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق) بن سلمة الأسدي الكوفي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة الأعمش لعمرو بن مرة (قال) أبو موسى (سئل رسول الله على الله عليه وسلم
عَنِ الرجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعةً، ويقَاتِلُ حَمِيةً، ويقَاتِلُ رَياءً، أَيُّ ذلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العليَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله".
4788 -
(0)(0) وحدثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ
ــ
عن الرجل يقاتل شجاعة) أي لأجل إظهار شجاعته بين الناس ويذكر بها (ويقاتل حمية) أي تعصبًا وغضبًا لأهله وعشيرته أو قومه وشعبه ونصرًا لهم ودفاعًا عنهم (ويقاتل رياء) أي ليرى الناس شجاعته ويتكلموا بها قوله (ويقاتل حمية) قال النووي الحمية هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته اهـ وقوله (ويقاتل رياء) والرياء لغة إظهار الشيء على خلاف ما هو عليه وعند البعض هو طلب المنزلة في القلوب بأراءة الفضائل مطلقًا مشتق من الرؤية وعرفًا إرادة نفع الدنيا بعمل الآخرة أو دليله كذبول الشفتين وخفض الصوت واصفرار اللهجة أو إعلام العمل أحدًا من الناس من غير إكراه ملجئ وفي حياة القلوب اعلم أن حقيقة الرياء هي طلب المنزلة في قلوب الناس بالعبادات وأعمال الخير وهي من خبائث أفعال القلوب وهي في العبادات استهزاء بالله تعالى اهـ وضده الإخلاص وهو القصد إلى الله تعالى مجردًا عما ذكر وفي شرح الأشباه للحموي الإخلاص سر بينك وبين ربك لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيضله ولا هوى فيميله قال بعض العرفاء المخلص من لا يحب أن يحمده الناس على شيء من أعماله قال النووي وفي الحديث دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته يوم القيامة وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصًا وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصًا له اهـ.
(أي ذلك) المذكورين (في سبيل الله) تعالى (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل) أي قتال من قاتل (لتكون كلمة الله هي العليا) وكلمة الشرك هي السفلى (فهو) أي فقتاله (في سبيل الله) تعالى ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال.
4788 -
(0)(0)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس) السبيعي
حَدَّثنَا الأعمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: أتَينَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ مِنَّا شَجَاعَةً، فَذكرَ مِثْلَهُ.
4790 -
(0)(0) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي وَائلٍ، عَنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِي؛ أَنَّ رَجُلًا سَألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ الله عز وجل؟ فَقَال: الرجُلُ يُقَاتِلُ غَضَبًا ويقَاتِلُ حَميَّةً. قَال: فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَيهِ. وَمَا رَفَعَ رأسَهُ إِلَيهِ إِلا أَنَّهُ كَانَ قَائمًا-
ــ
(حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي موسى) رضي الله عنه غرضه بيان متابعة عيسى بن يونس لأبي معاوية (قال) أبو موسى (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلنا) له (يا رسول الله الرجل يقاتل منا) أي الرجل منا يقاتل (شجاعةً) أي لأجل إظهار شجاعته للناس (فذكر) عيسى بن يونس (مثله) أي مثل حديث أبي معاوية ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال.
4790 -
(0)(0)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي (عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه غرضه بيان متابعة منصور للأعمش (أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال) والجهاد (في سبيل الله عز وجل فقال) السائل في سؤاله (الرجل) منا (يقاتل غضبًا) لحظ نفسه (ويقاتل حمية) أي غيرة لأهله أو قومه قال الحافظ في الفتح (6/ 28) فالحاصل من رواياتهم أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء طلب المغنم واظهار الشجاعة والرياء والحمية والغضب وكل منها يتناوله المدح والذم فلهذا لم يحصل الجواب بالإثبات ولا بالنفي اهـ (قال) أبو موسى (فرفع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأسه إليه) أي إلى الرجل السائل (وما رفع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأسه) الشريفة (إليه) أي إلى الرجل السائل (إلا أنه) أي إلا أن الرجل السائل (كان قائمًا) في حالة سؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم قال القرطبي فيه دليل على جواز سؤال القائم السائل للعالم وهو قاعد إذا دعت إلى ذلك حاجة أو عذر وإلا فالأولى للسائل الجلوس والتثبت كما فعل جبريل حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
فَقَال: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُليَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله".
4791 -
(1859)(192) حدَّثنا يحيى بْنُ حَبِيب الْحَارِثي. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثنَا ابْنُ جُرَيج. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ. قَال: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. فَقَال لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ:
ــ
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) أي فقتاله في سبيل الله وعليه جزاؤه وقوله (لتكون كلمة الله) يعني (بكلمة الله) دين الإسلام وأصله أن الإسلام ظهر بكلام الله تعالى الذي أظهره على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ويفهم من هذا الحديث اشتراط الإخلاص في الجهاد وكذلك هو شرط في جميع العبادات لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] والإخلاص مصدر من أخلصت العمل وغيره إذا صفيته وأفردته من شوائب كدوره أي خلصته منها فالمخلص في عباداته هو الذي يخلصها من شوائب الشرك والرياء وذلك لا يتأتى له إلا بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرب إلى الله تعالى وابتغاء ما عنده فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أغراض الدنيا فلا يكون عبادة بل يكون مصيبة موبقة لصاحبها فإما كفر وهو الشرك الأكبر وإما رياء وهو الشرك الأصغر ومصير صاحبه إلى النار كما جاء في حديث أبي هريرة في الثلاثة المذكورين فيه هذا إذا كان الباعث على تلك العبادة الغرض الدنيوي وحده بحيث لو فقد ذلك الغرض لترك العمل إلى آخر ما ذكره القرطبي راجع المفهم ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4791 -
(1859)(192)(حدثنا يحيى بن حببب) بن عربي (الحارثي) البصري ثقة من (10)(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي البصري ثقة من (8)(حدثنا ابن جريج حدثني يونس بن يوسف) بن حماس بكسر المهملة وتخفيف الميم آخره مهملة المدني ثقة من (6)(عن سليمان بن يسار) الهلالي المدني ثقة من (3)(قال) سليمان بن يسار (تفرق الناس عن أبي هريرة) رضي الله عنه بعد اجتماعهم عنده وهذا السند من سداسياته والمراد بتفرق الناس عنه أنهم كانوا مجتمعين عند أبي هريرة ثم نهضوا من مجلسه (فقال له) أي لأبي هريرة (ناتل) بالنون في أوله وبالمثناة فوق ثالثه بن قيس الجزامي الشامي رئيس (أهل الشام) قال النووي وفي الرواية الأخرى (فقال له ناتل
أيها الشيخُ، حَدَّثْنَا حَدِيثًا سَمِعتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. قَال: نَعَم. سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِن أولَ الناسِ يُقضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ. فَأُتِيَ بِهِ فَعرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفها. قَال: فَمَا عَمِلْتَ فِيها؟ قَال: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهدتُ
ــ
الشامي) من أهل فلسطين وهو تابعي وكان أبوه صحابيًّا وكان ناتل كبير قومه وقال المازري الناتل في أصله المتقدم على الشيء يقال نتل الرجل إذا تقدم ومنه سمي الرجل ناتلًا ووقع في رواية خالد عند النسائي (فقال له قائل من أهل الشام) وفي رواية عقبة بن مسلم عند الترمذي أن شفيًا الأصبحي حدثه أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس فقال من هذا فقالوا أبو هريرة فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس فلما سكت وخلا قلت له أسألك بحق وبحق لما حدثتني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته فقال أبو هريرة أفعل لأحدثنك حديثًا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ثم أفاق ومسح وجهه وقال أفعل لأحدثنك حديثًا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ثم مال خارًا على وجهه فاسندته طويلًا ثم أفاق فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن إلى آخر الحديث. وهذا يدل على أن مخاطب أبي هريرة بهذا الحديث وسائله عنه هو شفي الأصبحي فإما أن يكون شفي اسمه وناتل لقبه وقد ترجم الحافظ في التهذيب لشفي بن ماتع ولم يذكر ناتلًا وإما أن يكون سأله كل واحد منهما وإما أن تكون قصة الباب مغايرة لهذه القصة والله سبحانه وتعالى أعلم.
(أيها الشيخ حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم) أحدثكم أني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد) أي قتل شهيدًا في المعركة (نأتى به) الله أي بذلك الرجل (فعرفه) الله تعالى أو الملك بإذنه تعالى لكن الظاهر الأول أي عدد عليه (نعمه) التي أنعمها عليه وبذلها له (فعرفها) أي فعرف الرجل النعم التي عددها الله عليه أي أقرها فـ (ـقال) الله عز وجل له (فما عملت فيها) أي في تلك النعم وفي أي شيء أنفقتها (قال) الرجل (قاتلت فيك) أي صرفتها في الجهاد في سبيلك وأنفقتها فيه (حتى استشهدت) أي
قَال: كَذبْتَ. وَلكِنَّكَ قَاتَلتَ لأن يُقَال جَرِيءٌ. فَقَد قِيلَ. ثم أُمِرَ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألقِيَ فِي النارِ. وَرَجُلٌ تَعَلمَ العلمَ وَعلمَهُ وقَرَأَ القرآن. فَأتِيَ بِهِ. فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفها. قَال: فَمَا عَمِلتَ فِيها؟ قَال: تَعلمتُ العلم وَعَلمتهُ وقَرَأتُ فِيكَ الْقُرآنَ. قَال: كَذَبْتَ. وَلكنَّكَ تَعلمتَ الْعِلْمَ لِيُقَال عَالِمٌ. وَقَرَأتَ القرآن لِيُقَال هُوَ قَارِئٌ. فَقَد قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتى
ــ
قتلت شهيدًا في سبيلك فـ (ـقال) الله عز وجل لذلك الرجل (كذبت) أيها الرجل فيما قلت (ولكنك قاتلت لأن يقال) فيك إنه لـ (جرئ) أي شجاع شديد الإقدام على العدو والجرئ بالهمزة هو المقدام على الشيء لا ينثني عنه وإن كان هائلًا مأخوذ من الجرأة (فقد قيل) فيك ذلك فلا جزاء لك عندي يعني تحدث الناس بما أردته فقد استوفيت أجرك فلا أجر لك الآن (ثم أمر به) أي أمر الله سبحانه بسحب ذلك الرجل (فسحب على وجهه) أي جر على وجهه (حتى ألقي) وأسقط (في النار) لأنه أشرك في جهاده بالرياء.
قال القرطبي وليس هذا الحديث بمعارض لحديث (أول ما يحاسب عليه العبد المسلم من عمله الصلاة) ولا لحديث (أول ما يقضى فيه الدماء) لاختلاف أنواع ما أسندت الأولية إليه فالمعنى في هذا أول ما يحاسب به فاعله من نوع ما انتشر به صيت فاعله هذه الثلاثة والمعنى في الثاني أول ما يحاسب به من نوع أركان الدين الصلاة والمعنى في الثالث أول ما يحاسب به من نوع المظالم الدماء وإنما تتوهم المعارضة لو كانت الأولية في الجميع مسندة إلى نوع واحد كذا في شرح الأبي اهـ من المفهم.
(و) الثاني (رجل تعلم العلم وعلمه) الناس (وقرأ القرآن) وأقرأه الناس (فأتى به) الرب جل جلاله (فعرفه) أي فعرف الله الرجل (نعمه) التي أنعم بها عليه وعددها عليه (فعرفها) الرجل وأقرها ولم ينكرها (قال) الله سبحانه (فما عملت) لأجلي (فيها) أي في تلك النعم (قال) الرجل (تعلمت العلم) يا رب (وعلمته) الناس لأجلك (وقرأت فيك) أي في ابتغاء مرضاتك (القرآن) وأقرأته (قال) الله له (كذبت) أيها الرجل فيما قلت (ولكنك تعلمت العلم ليقال) فيك هو (عالم وقرأت القرآن ليقال) فيك (هو قارئ فقد قيل) فيك ذلك الذي قصدته فذلك جزاؤك على عملك فلا جزاء لك عندي (ثم أمر به) أي أمر الله سبحانه وتعالى ملائكته بسحبه وجره (فسحب) وجر (على وجهه) إلى النار (حتى
أُلقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ وَأَعطَاهُ مِن أَصْنَافِ المَالِ كُلِّهِ. فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَال: فَمَا عَمِلتَ فِيهَا؟ قَال: مَا تَرَكتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أَن يُنفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقتُ فِيهَا لَكَ. قَال: كَذَبتَ. وَلكِنَّكَ فَعَلتَ لِيُقَال هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ. ثُم أُلقِيَ فِي النارِ.
4792 -
(0)(0) وحدّثناه عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أخْبَرَنَا الْحَجاجُ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. حَدّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ. قَال: تَفَرَّجَ النَّاسُ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ. فَقَال لَهُ نَاتِلٌ الشَّاميُّ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ
ــ
ألقي) وأسقط (في النار و) الثالث (رجل وسع الله عليه) المال بجميع أنواعه (وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به) الرب جل جلاله (فعرفه نعمه) التي أنعمها عليه أي عددها عليه (فعرفها) أي أقر الرجل تلك النعم المعدودة عليه (قال) الله تعالى له (فما عملت) أي فأي شيء عملت لأجلي (فيها قال) الرجل في جواب سؤال الرب جل جلاله (ما تركت من سبيل تحب) وترضى (أن ينفق فيها) بالبناء للمجهول (إلا أنفقت فيها لك) أي لطلب مرضاتك (قال) له الرب جل جلاله (كذبت) فيما قلت أيها الرجل (ولكنك فعلت) وأنفقت ذلك (ليقال) فيك (هو جواد) كثير العطاء (فقد قيل) فيك ذلك فهو جزاؤك (ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي) ورمي (في النار) ليعذب بها على عمله لأنه أشرك بالرياء والله أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 322) والترمذي في الزهد (2383) والنسائي (3137) ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.
4792 -
(0)(0)(وحدثناه علي بن خشرم) بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال المروزي ثقة من (10) روى عنه في (8) أبواب (أخبرنا الحجاج يعني ابن محمد) الأعور البغدادي المصيصي ثقة من (9)(عن ابن جريج) قال (حدثني يونس بن يوسف) بن حماس المدني ثقة من (6)(عن سليمان بن يسار) الهلالي المدني غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة حجاج بن محمد لخالد بن الحارث (قال) سليمان بن يسار (تفرج) أي تفرق (الناس عن أبي هريرة فقال له) أي لأبي هريرة (ناتل) بن قيس (الشامي) الحديث (واقتص) أي ذكر الحجاج بن محمد (الحديث) السابق (بمثل حديث خالد بن الحارث) لفظًا ومعنى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واعلم أن الرياء حرام والمرائي عند الله ممقوت وقد شهدت لذلك الآيات والأخبار والآثار أما الآيات فمنها قوله تعالى: {فَوَيلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} إلى غير ذلك من الآيات وأما الأخبار فقد قال صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل فقال يا رسول الله فيم النجاة فقال أن لا يعمل العبد بطاعة الله يريد بها الناس الحديث وأما الآثار فيروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلًا يطأطأ رقبته فقال يا صاحب الرقبة ارفع رقبتك ليس الخضوع في الرقاب وقال علي رضي الله عنه للمرائي ثلاث علامات يكسل إذا كان وحده وينشط إذا كان مع الناس ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم إلخ وقال بعض أهل المعرفة الرياء ترك العبد عمله المعتاد خوفًا من أن يقول الناس مراء وأما العمل للناس فشرك والعياذ منه بالله تعالى.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثمانية أحاديث الأول حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني حديث البراء ذكره للاستشهاد والثالث حديث أنس الأول ذكره للاستشهاد والرابع حديث، بي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد والخامس حديث أنس الثاني ذكره للاستشهاد والسادس حديث أنس الثالث ذكره للاستشهاد والسابع حديث أبي موسى الأشعري الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والثامن حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***