المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌642 - (35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌634 - (27) باب النَّهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وفضل الإمام المقسط وإثم القاسط

- ‌635 - (28) باب غلظ تحريم الغلول وتحريم هدايا العمال ووجوب طاعة الأمراء في غير معصية

- ‌636 - (29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق

- ‌637 - (30) باب وجوب ملازمة الجماعة وتحريم الخروج عنهم وحكم من فرق بينهم وحكم ما إذا بويع لخليفتين ووجوب الإنكار على الأمراء فيما خالف الشرع

- ‌638 - (31) باب خيار الأئمة وشرارهم واستحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان

- ‌639 - (32) باب تحريم استيطان المهاجر وطنه والمبايعة على الإسلام والجهاد بعد فتح مكة وبيان معنى لا هجرة بعد الفتح وبيان كيفية مبايعة النساء

- ‌640 - (33) باب البيعة فيما استطاع وبيان سن البلوغ والنهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار

- ‌641 - (34) باب المسابقة بين الخيل وتضميرها وأن الخير في نواصيها وما يكره من صفاتها

- ‌642 - (35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها

- ‌643 - (37) باب ما أُعد للمجاهد في الجنة وتكفير خطاياه إذا قتل إلا الدين وأن أرواح الشهداء في الجنة وبيان فضل الجهاد والرباط وبيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة

- ‌644 - (37) باب من قتل كافرًا ثم سدد وفضل من تصدق في سبيل الله وفضل إعانة الغازي وتغليظ حرمة نساء المجاهدين على القاعدين وسقوط فرض الجهاد عن المعذورين

- ‌645 - (38) باب ثبوت الجنة للشهيد وبيان من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل للرياء والسمعة

- ‌646 - (39) باب الغنيمة نقصان من الأجر وكون الأعمال بالنيات وفضل من تمنى الشهادة وذم من مات ولم يغز وثواب من حبسه مرض عن الغزو وفضل الغزو في البحر

- ‌647 - (40) باب فضل الرباط وكم الشهداء وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق

- ‌فائدة في الشهداء

- ‌648 - (41) باب مراعاة مصلحة الدواب في السفر والنهي عن التعريس في الطريق واستحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته والنهي عن طروق المسافر أهله ليلًا

- ‌ كتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان

- ‌649 - (41) باب الصيد بالجوارح والسهام وحكم ما إذا غاب الصيد ثم وجده

- ‌650 - (42) باب النهي عن أكل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير وإباحة أكل ميتة البحر

- ‌651 - (43) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية والأمر بإكفاء القدور منها وإباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌652 - (44) باب إباحة الضب والجراد والأرنب

- ‌653 - (45) باب النهي عن الخذف والأمر بإحسان الذبح والقتلة والنهي عن صبر البهائم

- ‌ كتاب: الأضاحي

- ‌653 - (46) باب وقتها

- ‌654 - (47) باب سن الأضحية واستحباب ذبحها بنفسه والتسمية والتكبير وجواز الذبح بكل ما أنهر الدم

- ‌655 - (48) باب النهي عن كل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وبيان الرخصة في ذلك وبيان الفرع والعتبرة

- ‌656 - (49) باب النهي عن إزالة الشعر والظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد التضحية وتحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله

الفصل: ‌642 - (35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها

‌642 - (35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها

4726 -

(1829)(163) وَحدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ (وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ) عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَضَمَّنَ الله لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي. وإيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي

ــ

642 -

(35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها

4726 -

(1829)(163)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثقة، من (8)(عن عمارة وهو ابن القعقاع) بن شُبرُمة الضبي الكوفي ثقة، من (6) (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال: قال رسول الله على الله عليه وسلم: تضمَّن الله) سبحانه وتعالى وفي رواية آتية (تكفل الله) ومعناهما أوجب الله تعالى على نفسه بمقتضى وعده وفضله وكرمه وإحسانه الجنة (لمن خرج في سبيله) أي في الجهاد لإعلاء كلمته وقوله (لا يخرجه إلا جهادًا في سبيلي وإيمانًا بي وتصديقًا برسلي) بالنصب في الثلاثة على الاستثناء من أعم الأغراض أي حالة كونه لا يخرجه غرض من الأغراض إلا غرض الجهاد في سبيلي وإلا غرض الإيمان بي وإلا غرض التصديق برسلي أي لا يخرجه إلا محض الإيمان بي والإخلاص لي وفي شرح الذهني قوله صلى الله عليه وسلم تضمن الله) هو بمعنى قوله في الرواية الآتية تكفل أي التزم وتكفل ومعناهما أوجب الله سبحانه له ذلك ووعد فالتضمن والتكفل عبارة عن أن هذا الجزاء لا خلف فيه ولا بد منه فضلًا منه سبحانه وتعالى قوله (لا يخرجه) فيه حذف القول والاكتفاء بالمقول أي تضمن الله له ما سيأتي حالة كونه تعالى قائلًا لا يخرجه أي لا يخرج ذلك الخارج شيء من الأغراض إلا جهادًا في سبيلي إلخ أي إلا غرض جهاد في سبيلي أي في طاعتي لإعلاء كلمتي وغرض إيمان وتصديق بوعدي وغرض تصديق بأمر رسلي وهذا الحذف معهود في الكلام الفصيح ومنه قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ} أي قائلين ربنا وسعت ويحتمل أن يكون قوله (تضمَّن الله) من باب وضع

ص: 169

فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذي خَرَجَ مِنْهُ. نَائِلًا مَا نَال مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! مَا مِنْ كَلْمٍ يُكلَمُ فِي سَبِيلِ الله، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيئَتِهِ حِينَ كُلِمَ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ أبَدًا

ــ

الظاهر موضع المضمر ويكون أصله تضمنت من خرج في سبيلي حالة كونه لا يخرجه غرض من الأغراض إلا غرض الجهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي وقوله (فهو عليَّ ضامن) جملة معترضة مقدمة على محلها وقوله (أن أدخله الجنة) إلخ مفعول تضمنت أي تضمنت ووعدت له أن أدخله الجنة في حال موته إن مات شهيدًا (أو) أن (أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه) للجهاد حالة كونه (نائلًا) أي فائزًا (ما طال) وفاز (من أجر) الجهاد وثوابه إن لم يغنم (أو) من أجر و (غنيمة) إن غنم (فهو) أي فذلك المذكور من إدخال الجنة أو إرجاعه إلى مسكنه بأجر أو أجر وغنيمة (ضامن) أي مضمون له عليَّ ملتزم لي واجب له على مقتضى وعدي لأني لا أخلف الميعاد فالكلام على التقديم والتأخير كما بيناه فضامن فاعل بمعنى مفعول كماء دافق أي مدفوق وعيشة راضية أي مرضية وقيل معناه ذو ضمان أفاده الشارح قوله (أو أن أرجعه إلى مسكنه) قال النووي معناه أن الله سبحانه ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرًا بكل حال فإما أن يستشهد فيدخل الجنة وإما أن يرجع بأجر وإما أن يرجع بأجر وغنيمة (والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله) أي ما يكلم ويجرح أحد منكم في سبيل الله وطاعته كلمًا أي جرحًا ولو قليلًا (إلا جاء) ذلك المكلوم (يوم القيامة كهيئته) أي على صفته (حين كلم) وجرح (لونه) أي لون ما يخرج منه (لون دم وريحه مسك) والحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى اهـ نووي (والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين) أي لولا مخافة إدخال المشقة على المسلمين (ما قعدت) وجلست في بيتي (خلاف سرية) أي بعد خروج جيش (تغزو) وتجاهد (في سبيل الله) وطاعته وقوله (أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان متعلق بالقعود المنفي أي ما قعدت في زمن من الأزمان المستقبلة وهم خارجون للجهاد بل أخرج مع كل سرية لأنال فضيلة الجهاد وفيه بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 170

وَلكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأحْمِلَهُمْ. وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً. وَيَشُقُّ عَلَيهِم أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أغْزُو فِي سَبِيلِ الله فَأقْتَلُ. ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ. ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ".

4727 -

(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ

ــ

من الشفقة على المسلمين والرأفة وأنه كان يترك بعض ما يختاره للرفق بهم وأنه إذا تعارضت المصالح بدأ بأهمها وفيه مراعاة الرفق بالمسلمين والسعي في زوال المكروه والمشقة عنهم (ولكن لا أجد سعةً) من المال فأشتري به دواب (فأحملهم) عليها فيكونون معي إذا خرجت (ولا يجدون) هم (سعةً) من المال فيه حذف يدل عليه ما ذكر قبله ولا يجدون سعة من المال يشترون بها من الدواب ما يحملهم ليتبعوني ويكونوا معي إذا خرجت كل مرة (و) إذا لم يكن عندي ما أحملهم عليه ولم يكن عندهم ما يركبون عليه وخرجت أنا مع كل سرية (يشق عليهم أن يتخلفوا عني) أي يوقعهم تأخرهم عني في المشقة يعني يصعب عليهم ذلك وفسر هذه المشقة فيما بعد بأنه صلى الله عليه وسلم إن خرج بنفسه في كل سرية ما وسع أحدًا من الصحابة أن يتخلف عنه وصعب ذلك عليهم لقلة المراكب.

(والذي نفس محمد بيده لوددت) أي لأحببت (أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو) مرةً ثانيةً (فأُقتل ثم أغزو) مرةً ثالثةً (فأُقتل) فيه فضيلة الغزو والشهادة وفيه تمني الشهادة والخير وتمني ما لا يمكن في العادة من الخيرات قاله النواوي وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع كثيرة منها في الجهاد [2787 و 2798]، والنسائي في الجهاد [3122 و 3123 و 3124]، وفي مواضع أخرى وابن ماجه في الجهاد [2779]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4727 -

(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي صدوق من (9)(عن عمارة) بن القعقاع الضبي الكوفي ثقة، من (6)(بهذا الإسناد) يعني عن أبي زرعة عن أبي هريرة غرضه بيان متابعة ابن فضيل لجرير بن عبد الحميد.

ص: 171

4728 -

(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"تَكَفَّلَ الله لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ. لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ. بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَال مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ"

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4728 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي) بكسر الحاء وتخفيف الزاي من ولد حكيم بن حزام ثقة من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة الأعرج لأبي زرعة (عن النبي على الله عليه وسلم قال: تكفل الله) أي التزم الله تعالى (لمن جاهد في سبيله) حالة كونه (لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته) أي كلمة الشهادتين وقيل تصديق كلام الله تعالى في الإخبار بما للمجاهد من عظيم ثوابه وجملة لا يخرجه حال من ضمير جاهد وقوله (بأن يدخله الجنة) متعلق بتكفل أي تكفل له بأن يدخله الجنة قال القاضي عياض: يحتمل أن يدخله الجنة عند موته كما قال في الشهداء {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ويحتمل أن يريد به أنه يدخلها مع السابقين الذين لا حساب عليهم ولا مؤاخذة بذنب وتكون الشهادة مكفرة لذنبه حكاه الأبي ثم قال فعلى هذا الاحتمال لا يدخل الشهداء الجنة من حين الموت وإنما يدخلونها من حين الحساب كما قال ابن شهاب إن الشهداء لا يدخلونها إلى يوم القيامة كغيرهم وتكون فائدة الشهادة تكفير الذنوب اهـ (أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال) وأصاب (من أجر أو غنيمة) وهذا ترديد على منع الخلو لا منع الجمع فلو حصل الغازي على غنيمة لا يمنعه ذلك من حصول الأجر نعم إن من لم يغنم مالًا يزداد أجره على أجر من غنم شيئًا وسيأتي عند مسلم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما مرفوعًا (ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم) وسيأتي الكلام على ذلك

ص: 172

4729 -

(00)(00) حدثنا عمرٌو النَّاقِدُ وَزُهيرُ بْنُ حربٍ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَبِي الزنَادِ، عَنِ الأعرَج، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يُكلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ الله، وَاللهُ أَعلَمُ بِمَن يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَجُرحُهُ يَثعَبُ، اللوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالريحُ رِيحُ مِسكٍ"

ــ

في باب بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم إن شاء الله تعالى ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا فقال.

4729 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يكلم أحد) منكم ولا يجرح (في سبيل الله) تعالى وظاهر هذا أن هذه الفضيلة لا تختص بالشهيد بل هي حاصلة لكل من جرح في طاعة الله ويحتمل أن يكون المراد بهذا الجرح هو ما يموت صاحبه بسببه قبل اندماله لا ما يندمل في الدنيا ولا ينفي ذلك أن يكون له فضل في الدنيا ذكره الحافظ في الفتح [6/ 20] في [2803]، وأيده برواية لابن حبان وقوله (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) جملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه أُتي بها لتفخيم شان من يكلم في سبيل الله ونظيره قوله تعالى:{قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} فإن قوله والله أعلم بما وضعت معترض بين كلامي أم مريم والمعنى والله أعلم بالشيء الذي وضعت وما علق به من عظائم الأمور أفاده في المرقاة (إلا جاء) ذلك المكلوم (يوم القيامة وجرحه) أي والحال أن جرحه (يثعب) أي يجري دمًا كثيرًا بضم الجيم اسم كالجراحة بكسرها والمصدر جرح بفتحها ويثعب بفتح العين المهملة. بعد المثلثة من باب ذهب أي يجري دمه بكثرة وهو بمعنى قوله تفجر دمًا في الرواية التالية وإسناد الثعب إلى الجرح مع أن الذي يثعب في الحقيقة إنما هو دمه لإفادة المبالغة على حد قوله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} فإن الذي يفيض إنما هو الدمع لا العين ولكن جعل العين تفيض مبالغةً (اللون) أي لون ما يجري منه الون دم والربح) أي ريح ما يجري منه (ريح مسك) ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

ص: 173

4730 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمدُ بْنُ رَافِعٍ. حدَّثَنَا عَبْدُ الرَزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعمَرٌ، عَنْ همامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حدَّثنَا أَبُو هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْها: وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُل كَلْمٍ يُكْلَمُهُ المسلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ تَكُونُ يومَ القِيَامَةِ كهيئَتِها إِذَا طُعِنَت تَفَجَّرُ دَمًا. اللونُ لَوْنُ دَمٍ وَالعرفُ

ــ

4730 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري (حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا) الحديث الذي أمليه عليكم (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) همام (أحاديث) كثيرةً (منها) أي من تلك الأحاديث الكثيرة قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا كل كلم إلخ وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة همام بن منبه لأبي زرعة وللأعرج (كل كلمٍ يكلمه المسلم) أي كل جرح يجرح به المسلم هكذا جاء في نسخ مسلم وفي معظم نسخ البخاري ونقل في الفتح أنه وقع في رواية القابسي ورواية ابن عساكر كل كلمة بالتأنيث والكلم مصدر بمعنى الجرح أي كل جرح يجرحه المسلم وأصله يكلم به فحذف الجار ووصل الضمير بالفعل توسعًا وقوله (كل كلمٍ) مبتدأ خبره جملة تكون في قوله (ثم تكون يوم القيامة) لأن ثم زائدة هنا لا معنى لها قال الذهني قوله (ثم تكون يوم القيامة) إلخ هكذا هو في عامة النسخ ولا يظهر لُثم هنا معنى ولعلها جاءت زائدة فقد جوز الأخفش والكوفيون تجردها عن معنى العطف ومجيئها زائدة وحملوا على ذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيهِمْ} أي حتى إذا ضاقت إلخ تاب عليهم وقوله ثم تكون يوم القيامة (كهيئتها) الضمير يعود على الكلم باعتبار أنه بمعنى الكلمة أو الجراحة وقوله (إذا طعنت) هكذا هو في عامة النسخ بالألف بعد الذال قال القسطلاني وهي هنا لمجرد الظرفية أو هي بمعنى إذ وقد يتقارضان أوعبر بإذا لاستحضار سورة الطعن لأن الاستحضار كما يكون بصريح لفظ المضارع نحو {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} يكون بما في معنى المضارع فيما نحن فيه اهـ أي كلمة وجرحة يجرح بها المسلم تكون يوم القيامة كهيئتها وصفتها إذ طعنت أي وقت طعنها حالة كونها (تفجر دمًا) أي تسيل دمًا كثيرًا وتفجر من باب تفعل حذفت منه إحدى التائين (اللون) أي لون ما يسيل منها (لون دم) أي كلون دم (والعرف) أي عرف ما يسيل منها

ص: 174

عَرفُ الْمسكِ". وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهِ، لولا أَنْ أَشُقَّ عَلَى المُؤمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ الله. وَلكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأحمِلَهُم. وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيتبِعُونِي وَلَا تَطِيبُ أنفُسُهُم أَن يَقعُدُوا بَعدِي".

4731 -

(00)(00) وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِي الزنَادِ، عَنِ الأَعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لولا أَن أَشُقَّ عَلَى الْمُؤمِنِينَ مَا قَعدتُ خِلافَ سَرِيةٍ" بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا

ــ

أي رائحته (عرف المسك) أي رائحة المسك أي كرائحته وأصل العرف الرائحة مطلقًا وأكثر استعماله في الرائحة الطيبة اهـ نووي وخص المسك لحديث: (المسك أطيب الطيب) اهـ أبي وقوله (كهيئتها إذا طعنت) يعني تجيء بعين الصورة التي كانت حين طعنت ليظهر كون الرجل مظلومًا ولتتجه إليه رحمة الله تعالى اهـ تكملة.

(وقال رسول الله على الله عليه وسلم) أيضًا (والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المؤمنين) أي لولا مخافة إدخال المشقة على المؤمنين (ما قعدت) وجلست في المدينة (خلف سرية) أي بعد خروج سرية (تغزو في سبيل الله ولكن لا أجد سعة) من المال فاشتري به دواب (فأحملهم) عليها (ولا يجدون) هم (سعة) من المال فيشترون الدواب ويركبونها (فيتبعوني و) الحال أنهم (لا تطيب) ولا ترضى (أنفسهم أن يقعدوا) في المدينة (بعدي) أي بعد خروجي إلى الغزو ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4731 -

(00)(00)(وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة الأعرج لأبي زرعة وهمام بن منبه في رواية قوله صلى الله عليه وسلم لو أن أشق على المؤمنين إلخ (قال) أبو هريرة: (سمعت رسول الله على الله عليه وسلم يقول لولا أن أشق على المومنين ما قعدت خلاف سرية) وساق الأعرج (بمثل حديثهما) أي بمثل حديث أبي زرعة وهمام في قوله لولا أن أشق إلخ وفي عامة النسخ (بمثل حديثهم) بلفظ الجمع وهو تحريف من النساخ.

ص: 175

وَبِهذَا الإِسْنَادِ "والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله، ثُمَّ أُحيي" بِمِثلِ حَدِيثِ أَبِي زرعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ.

4732 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ (يَعنِي الثقَفِيَّ). ح وَحَذَثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَثنَا مروَانُ بْنُ مُعَاويَةَ. كُلُهُم عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمتِي لأحَبَبْتُ أَنْ لَا أتخلفَ خَلْفَ سَرِيةٍ" نحوَ حَدِيثِهِم.

4733 -

(00)(00) حدّثني زُهيرُ بْنُ حَربٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سهيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

ــ

(و) روى الأعرج عن أبي هريرة (بهذا الإسناد) يعني عن ابن أبي عمر عن سفيان عن أبي الزناد قوله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيى) إلخ وساق الأعرج (بمثل حديث أبو زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه ثم ذكر المؤلف المتابعة سادسًا في حديث أبي هريرة فقال.

4732 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (يعني الثقفي) البصري (ح وحدثنا أبو بكر بن أبو شيبة حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا ابن أبو عمر حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث الفزاري الكوفي ثقة، من (8)(كلهم) أي كل هؤلاء المذكورين من عبد الوهاب وأبي معاوية ومروان بن معاوية رووا عن يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني ثقة، من (5)(عن أبو صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني ثقة، من (3) (عن أبو هريرة) رضي الله عنه وهذه الأسانيد من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي صالح لأبي زرعة والأعرج وهمام بن منبه (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف خلف سرية) وساق أبو صالح (نحو حديثهم) أي نحو حديث هؤلاء الثلاثة المذكورين ثم ذكر المؤلف المتابعة سابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4733 -

(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثقة، من (8)(عن سهيل بن أبو صالح عن أبيه) أبي صالح السمان (عن

ص: 176

أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَضَمَّنَ الله لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ" إِلَى قَولِهِ: "مَا تَخَلَّفْتُ خِلافَ سَريةٍ تغْزُو فِي سَبِيلِ الله تَعَالى".

4734 -

(1830)(164) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالدٍ الأحمرُ، عَنْ شُعبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ؛ وَحُمَيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "مَا مِنْ نَفسٍ تَمُوتُ. لَها عِندَ الله خَيرٌ. يَسُرُّها أنها تَرجِعُ إِلَى الدنيَا. وَلَا أَن لَها الدنيَا وَمَا فِيها

ــ

أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سهيل ليحيى بن سعيد الأنصاري (قال) أبو هريرة: (قال رسول الله على الله عليه وسلم: تضمّن الله لمن خرج) من بيته مجاهدًا (في سبيله) وساق سهيل الحديث (إلى قوله) صلى الله عليه وسلم (ما تخلفت خلاف سرية تغزو في سبيل الله تعالى) ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال.

4734 -

(1830)(164)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي صدوق من (8)(عن شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) عن أنس رضي الله عنه (و) يروي أبو خالد عن (حميد) الطويل (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه فلأبي خالد سندان سند عن شعبة عن قتادة عن أنس وسند عن حميد عن أنس قال أبو علي الغساني ظاهر هذا الإسناد أن شعبة يرويه عن قتادة وحميد جميعا عن أنس قال وصوابه أن أبا خالد يرويه عن حميد عن أنس ويرويه أبو خالد أيضًا عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: وهكذا قاله عبد الغني بن سعيد قال القاضي فيكون حميد معطوفًا على شعبة لا على قتادة اهـ من الأبي وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نفس تموت لها عند الله خير) وأجر وما مهملة لاقترانها بمن الزائدة ونفس مبتدأ وجملة تموت صفة أولى لها وجملة لها عند الله خير صفة ثانية لها وجملة (يسرُّها) خبر لها ولكنه خبر سببي وجملة (أنها ترجع إلى الدنيا) فاعل ليسر وجملة قوله (ولا أن لها الدنيا وما فيها) معطوف على جملة أن الأولى والتقدير أي ما منفس تموت لها عند الله خير سار إياها رجوعها إلى الدنيا ولا كون الدنيا وما فيها لها أي لا يسرها رجوعها إلى الدنيا ولا يسرها أنها تملك الدنيا وما فيها وجاء في نسخة وأن لها الدنيا بحذف لا فالواو على هذه النسخة حالية والمعنى لا يسرها رجوعها إلى الدنيا حالة كونها مالكة

ص: 177

إلا الشهِيدُ. فإنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرجِعَ فَيُقتَلَ فِي الدنْيَا. لِمَا يَرى مِنْ فَضْلِ الشهادَةِ".

4735 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالك يُحَدِّثُ، عَنِ

ــ

للدنيا وما فيها ولعل هذه النسخة على انفرادها أقرب إلى الصواب لأنها أشبه بالكلام وأليق بمعناه وقوله (إلا الشهيد) رُوي بالرفع بدلًا من نفس باعتبار محلها لأن محلها الرفع على الابتداء وبالنصب على الاستثناء والشهيد من قتله الكفار في المعركة فعيل بمعنى مفعول وسمي شهيدًا لأنه حيُّ فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار السلام وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة كذا قال النضر بن شميل وقال ابن الأنباري إن الله تعالى وملائكته يشهدون له بالجنة وقيل لأنه شهد عند خروج روحه ما أعده الله تعالى له من الثواب والكرامة وقيل لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه وقيل لأنه يشهد بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله وقيل لأن عليه شاهدًا بكونه شهيدًا وهو الدم وقيل لأنه يشهد على الأمم يوم القيامة بإبلاغ الرسل الرسالة إليهم وعلى هذا القول يشاركهم غيرهم في هذا الوصف هذا ملخص ما في شرح النووي (فإنه) أي فإن الشهيد (يتمنى) ويود (أن يرجع) إلى الدنيا (فيقتل في الدنيا لـ) أجل (ما يرى من فضل الشهادة) وثوابها وورد تفصيلًا عند النسائي والحاكم ولفظهما (يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله تعالى يا ابن آدم كيف وجدت منزلك فيقول أي رب خير منزل فيقول سل وتمن فيقول ما أسألك وأتمنى أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات) ووقع عند ابن أبي شيبة مرسلٌ لسعيد بن جبير وفيه أن المخاطب بذلك حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير ووقع عند الترمذي أن ذلك وقع لعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله عنه اهـ فتح الباري [6/ 32].

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد [2817]، والترمذي في الجهاد [1694]، والنسائي في الجهاد [3106]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال.

4735 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر) غندر (حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن

ص: 178

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدخُلُ الجنة. يُحب أن يرجِعَ إِلَى الدنْيَا، وَأَن لَهُ مَا عَلَى الأرضِ مِنْ شَيءٍ. غَيرُ الشهِيدِ. فَإنهُ يَتَمَنَّى أن يرجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَراتٍ. لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ".

4736 -

(1831)(165) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله الْوَاسِطِي، عَنْ سُهيلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَعدِلُ الْجِهادَ فِي سَبِيلِ الله عز وجل؟ قَال: "لَا تَسْتَطِيعُوه"

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لأبي خالد الأحمر (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يدخل الجنة) فأحد مبتدأ خبره قوله (يحب أن يرجع إلى الدنيا و) الحال (أن له) جميع (ما على الأرض من شيء) من نعيمها وملكها وقوله (غير الشهيد) بالرفع بدل من المستثنى منه وهو فاعل يحب وبالنصب على الاستثناء والفاء في قوله (فإنَّه) تعليلية كما هو القاعدة في الفاء الواقعة بعد الاستثناء أي فإن الشهيد (يتمنى أن يرجع) إلى الدنيا (فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة) أي من كرامة الشهادة وفضلها ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال.

4736 -

(1831)(165)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني نزيل مكة ثقة، من (10)(حدثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني أبو الهيثم (الواسطي) الطحان ثقة، من (8)(عن سهيل بن أبي صالح) ذكوان السمان المدني صدوق من (6)(عن أبيه) أبي صالح السمان ثقة، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة:(قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما يعدل) أي أي شيء يعدل ويساوي (الجهاد في سبيل الله عز وجل ويماثله في الأجر والفضيلة قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسم هذا السائل ولعله سأله جماعة من الصحابة بدليل الجواب الآتي وقيل قائل ذلك من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث به وهم من الصحابة كابن عمر وأنس وأبي هريرة وجابر وأبي ذر وابن مسعود وحذيفة وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في جواب السائلين: (لا تستطيعوه) أي لا تستطيعون أن تفعلوا ما يعادل الجهاد يعني أن الأعمال التي تساوي وتعادل الجهاد لا

ص: 179

قَال: فَأَعَادُوا عَلَيهِ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. كُلُّ ذلِكَ يَقُولُ: "لَا تَستَطِيعُونَهُ". وَقَال فِي الثالِثَةِ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ الله. لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاصلاة. حَتَّى يَرجِعَ المجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله تَعَالى"

ــ

تستطيعون القيام بها لأنها كثيرة شاقة وقوله (لا تستطيعوه) هكذا هو في أكثر النسخ بحذف النون من غير جازم ولا ناصب وهي لغة فصيحة كما بيانها مرارًا وفي بعضها لا تستطيعونه بإثبات النون على اللغة المشهورة والأولى أيضًا صحيحة (قال) أبو هريرة: (فأعادوا عليه) صلى الله عليه وسلم السؤال (مرتين أو ثلاثًا كل ذلك) بالرفع على عامة النسخ أي كل ذلك السؤال المتكرر ويجوز نصبه على الظرفية أي في كل ذلك المذكور من المرات (يقول) في جوابه (لا تستطيعونه) أي لا تستطيعون القيام بذلك المعادل لأنه كثير شاق (وقال) في جوابهم (في) المرة (الثالثة) أو الثانية (مثل المجاهد في سبيل الله) وطاعته لإعلاء كلمة الله وطلب مرضاته أي صفته في الأجر الكثير والفضل الكبير (كمثل الصائم) جميع نهاره (القائم) جميع ليله بالصلاة (القانت) أي القارئ (بآيات الله) القرآنية آناء الليل والنهار أو المطيع المتمسك بها بامتثال مأموراتها واجتناب منهياتها (لا يفتر) ولا يترك شيئًا (من صيام ولاصلاة) ولا يقطعه في ساعاته ولا لحظاته (حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى) من الغزو إلى وطنه.

يعني أن من لم يوفق للخروج إلى الجهاد ويريد أن ينال مثل ثواب المجاهد فعليه أن يصوم نهاره ويقوم ليله ويداوم على الطاعة لا يفتر عن ذلك شيئًا والقنوت يطلق على معان فيطلق على السكوت وعليه جاء حديث زيد بن أرقم (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فقوموا لله قانتين فأمسكنا عن الكلام) في الصلاة ويطلق على الخشوع وعلى الطاعة ونحوها قوله (حتى يرجع المجاهد) أي يواظب ويداوم على هذه الحال لا يقصر فيها ولا يفتر عنها لحظة إلى أن يعود المجاهد ولا ريب أن هذه الحال لا يستطيعها بشر وهو معنى قوله لا تستطيعونه لما سألوا عما يعادل الجهاد في ثوابه وفضيلته اهـ ذهني وزاد النسائي من هذا الوجه (الخاشع الراكع الساجد) وفي الموطأ وابن حبان (كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع) ولأحمد والبزار من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله) وشبه حال الصائم القائم بحال المجاهد في سبيل الله في نيل الثواب في كل حركة وسكون لأن المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعةً من العبادة فأجره مستمر وكذلك المجاهد لا

ص: 180

4737 -

(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وَحَدَّثَنِي زُهيرُ بْنُ حَربٍ. حَدَّثنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا أَبُو مُعَاويةَ. كُلُّهُم عَنْ سُهيلٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحوَهُ.

4738 -

(1832)(166) حدّثني حَسَنُ بْنُ عَلِي الْحُلْوَانِي. حَدَّثَنَا أبُو تَوْبَةَ. حَدَثَنَا مُعَاويةُ بْنُ سَلامِ، عَنْ زَيدِ بْنِ سَلَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سلامِ قَال: حَدَّثَنِي النُّعمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَال: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال رَجُلٌ: مَا أبَالِي أَنْ لَا أَعمَلَ عَمَلًا بَعدَ

ــ

تضيع ساعة من ساعاته بغير ثواب كذا في فتح الباري [6/ 7].

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد [2787 و 2785] والترمذي في الجهاد [1669]، والنسائي في الجهاد [3127]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4737 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية كلهم) أي كل من أبي عوانة وجرير بن عبد الحميد وأبي معاوية رووا (عن سهيل) بن أبي صالح (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن أبي هريرة (نحوه) أي نحو ما روى خالد الطحان عن سهيل غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لخالد بن عبد الله ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما فقال.

4738 -

(1832)(66 1)(حدثني حسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي (الحلواني) المكي ثقة، من (11)(حدثنا أبو توبة) الطرسوسي الربيع بن نافع الحلبي ثقة، من (10)(حدثنا معاوية بن سلام) بن أبي سلام ممطور الحبشي الدمشقي ثقة، من (7)(عن) أخيه (زيد بن سلَّام) بن أبي سلام الحبشي الدمشقي ثقة، من (4)(أنه) أي أن زيدًا (سمع) جده (أبا سلَّام) ممطورًا الحبشي الدمشقي الأسود الأعرج ثقة، من (3) (قال) أبو سلَّام:(حدثني النعمان بن بشير) الأنصاري الخزرجي أبو عبد الله المدني رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) النعمان: (كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل) من المسلمين (ما أبالي) ولا أكترث (أن لا أعمل عملًا بعد

ص: 181

الإِسْلامِ. إلا أَنْ أَسْقِيَ الحاج. وَقَال آخَرُ: مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعمَلَ عَمَلًا بَعدَ الإِسلامِ. إلا أن أعمُرَ المَسْجِدَ الحَرَامَ. وَقَال آخَرُ: الْجِهادُ فِي سَبِيلِ الله أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتم. فَزَجَرَهم عُمَرُ وَقَال: لَا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم عِندَ مِنْبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. وَهُوَ يَومُ الجُمُعَةِ. وَلكِن إِذَا صَليتُ الْجُمُعَةَ دَخلتُ فَاستَفتَيتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُم فِيهِ

ــ

الإسلام إلا أن أسقي الحاج) وهذا كناية عن كون سقاية الحاج أفضل الأعمال عنده كأنه لا يحتاج إلى عمل آخر بعده وهذا الرجل هو العباس بن عبد المطلب قاله الخطيب اهـ من مبهمات مسلم (وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام) وأخدمه وهذا الرجل هو عثمان بن طلحة أو شيبة بن عثمان وهما صحابيان من بني عبد الدار وكانا يليان حجابة البيت وقد ذكر أنهما تكلما جميعًا في ذلك قاله الخطيب أيضًا (وقال آخر: الجهاد أفضل مما قلتم) وهذا الثالث هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم قاله الخطيب أيضًا اهـ من مبهمات مسلم وقال الحافظ في الفتح [6/ 4] لم أقف على اسمه فارتفعت أصواتهم في المسجد (فزجرهم) أي فزجر هؤلاء الثلاثة (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه عن رفع أصواتهم في المسجد النبوي. (وقال) عمر في زجرهم: (لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) أي والحال أن هذا اليوم (يوم الجمعة) قال الذهني قوله (ما أبالي) أي لا أهتم ولا أكترث (أن لا أعمل) أي بعدم العمل بعد أن فزت بنعمة الإسلام (إلا أن أسقي) أي إلا عمل سقاية الحاج فإني أهتم إن لم أعمله وقد روي اسقي بضم الهمزة وفتحها ومعناهما هنا واحد وقوله (فزجرهم عمر) أي منعهم ونهاهم قوله (وهو يوم الجمعة) هو من كلام عمر رضي الله عنه قاله تأكيدًا لنهيهم عن رفع الصوت في المسجد زيادةً على قدر إسماع المخاطب خصوصًا عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصًا يوم الجمعة حيث يجتمع الناس للصلاة ويحتمل أن يكون من كلام الراوي أراد به تعيين اليوم الذي حصل فيه هذا الكلام قال عمر: (ولكن إذا صليت الجمعة دخلت) على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فاستفتيته) أي فسألته (فيما اختلفتم) أي عما اختلفتم فيه قال القاضي عياض فيه كراهية التحدث ورفع الصوت في المساجد عند اجتماع الناس وانتظارهم الصلاة كان كان في الخير لأن منهم المتنفل فيشغلهم ذلك وقال الأبي رفع الصوت هو ما زاد على

ص: 182

فَأَنْزَلَ الله عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 19] الآيَةَ إِلَى آخِرِها.

4739 -

(0)(0) وَحدَّثَنِيهِ عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرحمن الدَّارِمي. حَدَّثَنَا يحيى بْنُ حَسانَ. حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ. أَخْبَرَنِي زَيدٌ؛ أنَّهُ سَمِعَ أبَا سَلَّامٍ قَال: حَدَثَنِي النُّعمَانُ بْنُ بَشِيرٍ

ــ

قدر إسماع المخاطب وقوله (ولكن إذا صليت الجمعة دخلت) وفي رواية يحيى بن أبي كثير عند ابن جرير في تفسيره [10/ 96](ولكن إذا صلَّى الجمعة دخلنا عليه).

فأنزل الله عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 19] إلى آخرها أي أجعلتم سقاية الحاج كمن امن أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن بالله ويؤيده الوجه الأول قراءة من قرأ (أجعلتم سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام) واستشكل بأن الآية نزلت قبل ذلك مبطلة لما افتخر به المشركون من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام وسدانة الكعبة ويدل على كون نزولها في المشركين ما في آخر الآية من قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} واستشكل أيضًا بأن الثلاثة المذكورين هنا لم يزعموا أن السقاية والعمارة أفضل من الإيمان والجهاد وإنما اختلفوا في أيها أفضل بعد الإيمان قال الأبي وإذا أشكل أن الآية نزلت عند اختلافهم فيحل الإشكال بأن يكون بعض الرواة تسامح في قوله فأنزل الله الآية وإنما الواقع أنه صلى الله عليه وسلم قرأها على عمر حين سأله مستدلًا بها على أن الجهاد أفضل مما قاله أولئك فظن الراوي أنها نزلت حينئذٍ وقد تقرر في أصول التفسير أن الرواة ربما يقولون نزلت في كذا بمعنى أنه داخل في عموم الآية لا أنه سبب لنزولها والله أعلم وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث النعمان رضي الله عنه فقال.

4739 -

(0)(0)(وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) السمرقندي ثقة متقن من (11)(حدثنا يحيى بن حسان) بن حيان بتحتانية البكري البصري (حدثنا معاوية) بن سلام (أخبرني زيد) بن سلام (أنه سمع أبا سلام) ممطورًا الحبشي (قال) أبو سلام (حدثني النعمان بن بشير) رضي الله عنه وهذا السند من

ص: 183

قَال: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي تَوْبَةَ.

4740 -

(1833)(167) حدَّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قعنَبِ. حَدَثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوحَةٌ، خَيرٌ مِنَ الدنْيَا وَمَا فِيها"

ــ

سداسياته غرضه بيان متابعة يحيى بن حسان لأبي توبة (قال) النعمان بن بشير كنت عند منبر رسول الله على الله عليه وسلم) وساق يحيى بن حسان (بمثل حديث أبي توبة) ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال.

4740 -

(1833)(167)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي المدني ثم البصري (حدثنا حماد بن سلمة) البصري (عن ثابت) بن أسلم البصري (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (قال رسول الله على الله عليه وسلم لغدوة) أي لمرة من الغدو وهو السير أول النهار إلى الزوال (في سبيل الله) أي في الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى (أو روحة) في سبيل الله تعالى أي لمرة من الرواح وهو السير من الزوال إلى آخر النهار وأو هنا للتقسيم لا للشك (خير من الدنيا وما فيها) من النعيم ومعناه أن الغدوة أو الروحة يحصل بها هذا الثواب ومعنى هذا الحديث أن فضل الغدوة أو الروحة في سبيل الله وثوابهما خير من نعيم الدنيا لو ملكها إنسان وتصور تنعمه بها كلها لأنه زائل ونعيم الآخرة باق اهـ ذهني.

قال ابن دقيق العيد هذا الحديث يحتمل وجهين أحدهما أن يكون من باب تنزيل الغيب منزلة المحسوس تحقيقًا له في النفس لكون الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع فلذلك وقعت المفاضلة بها لمالا فمن المعلوم أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة والثاني أن المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله تغالى حكاه الحافظ في الفتح (6/ 14) ويؤيد هذا الثاني ما رواه ابن المبارك في كتاب الجهاد من مرسل الحسن قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا فيهم عبد الله بن رواحة فتأخر ليشهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث

ص: 184

4741 -

(1834)(168) حدَّثنا يَحيَى بْنُ يَحيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ السَّاعِدِي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"وَالغدوَةَ يَغدُوها العَبْدُ فِي سَبِيلِ الله، خَير مِنَ الدنيَا وَمَا فِيها".

4742 -

(0)(0) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهيرُ بْنُ حَربٍ قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ الساعِدِي، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَال:"غدوَة أَوْ رَوْحَة فِي سَبِيلِ الله، خَيرٌ مِنَ الدنيَا وَمَا فِيها"

ــ

البخاري في الجهاد (2892) وفي غيره والترمذي (1699) وابن ماجه (2783).

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.

4741 -

(1834)(168)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المخزومي المدني صدوق من (8)(عن أبيه) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني ثقة من (5)(عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي (الساعدي) أبي العباس المدني رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والغدوة) أي المرة الواحد من الغدو التي (يغدوها) ويمشيها (العبد في سبيل الله) تعالى أي ثوابها (خير من) ثواب التصدق بـ (ـالدنيا وما فيها) من النعيم لو أمكن ملكها والتصدق بها وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع منها في الجهاد (2794 و 2892) والترمذي في الجهاد (1700) والنسائي في الجهاد (3118) وابن ماجه (2782) ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه فقال.

4742 -

(0)(0)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قال حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن أبي حازم) سلمة بن دينار المخزومي المدني (عن سهل بن سعد) بن مالك (الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لعبد العزيز بن أبي حازم وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (غدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال.

ص: 185

4743 -

(1835)(169) - حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مروَانُ بْنُ مُعَاويةَ، عَنْ يَحيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ذَكْوَانَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أَن رِجَالًا مِنْ أُمَّتِي" وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَال فِيهِ: "وَلَروحَة فِي سَبِيلِ الله أَوْ غدوَة، خَير مِنَ الدنيَا وَمَا فِيها".

4744 -

(1836)(170) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

ــ

4743 -

(1835)(169)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث الفزاري الكوفي نزيل مكة ثقة من (8)(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني ثقة من (5)(عن كوان) القيسي (أبي صالح) السمان المدني ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن رجالًا من أمتي) لا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله أبدًا (وساق) أبو هريرة (الحديث) السابق في باب فضل الجهاد وهو ما كملناه هنا أو ساق حديث سهل فيكون متابعة في الشاهد ويكون قوله وقال تفسيرًا لساق (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا وهو معطوف على قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من كلام أبي هريرة أي قال أبو هريرة (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا (فيه) أي في هذا الحديث (ولروحة في سبيل الله أو غدوة) فيها أي ولخرجة واحدة في الجهاد من آخر النهار أو أوله.

وقوله ولروحة مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة تخصيصه بالصفة وهي قوله في سبيل الله والتقدير ولروحة كائنة في سبيل الله واللام في لروحة للتأكيد وقال ابن حجر للقسم ومعنى (خير من الدنيا وما فيها) أي ثواب ذلك الزمن القليل في الجنة خير من الدنيا وما اشتملت عليه قاله تزهيدًا في الدنيا وتصغيرًا لها وترغيبًا في الجهاد فينبغي أن يغتبط صاحب الغدوة والروحة بغدوته وروحته أكثر مما يغتبط أن لو حصلت له الدنيا بحذافيرها نعيمًا محضًا غير محاسب عليه مع أن هذا لا يتصور اهـ قسطلاني وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (2793) وابن ماجه (2781) ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنهما فقال.

4744 -

(1836)(170)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم)

ص: 186

وَزهيرُ بْنُ حَربٍ (وَاللفْظُ لأبِي بَكْرٍ وَإِسْحَاقَ)(قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَثَنَا الْمُقْرِئُ عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ. حَدّثَنِي شُرَحبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ أبِي عَبْدِ الرحمن الْحُبْلِي. قَال: سَمِعْتُ أَبَا أَيوبَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "غَدوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ، خَيرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيهِ الشمسُ وَغَرَبَت".

4745 -

(0)(0) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ

ــ

الحنظلي (وزهير بن حرب واللفظ لأبي بكر وإسحاق وقال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد) القصير أبو عبد الرحمن المصري نزيل مكة ثقة من (9)(عن سعيد بن أبو أيوب) مقلاص الخزاعي مولاهم أبي يحيى المصري ثقة من (7) روى عنه في (5) أبواب (حدثني شرحبيل بن شريك المعافري) أبو محمد المصري صدوق من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي عبد الرحمن الحبلي) بضمتين وبضمة فسكون اسمه عبد الله بن يزيد نسبة إلى حي من اليمن يدعى بني الحبلي ثقة من (3) روى عنه في (8) أبواب (قال) أبو عبد الرحمن (سمعت أبا أيوب) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة الأنصاري النجاري المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة في سبيل الله أو روحة) فيها (خير مما طلعت عليه الشمس وغريت) وللمتكلمين في حقيقة الدنيا قولان أحدهما أنها ما على الأرض من الهواء والجو والثاني أنها كل المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة والحاصل من أحاديث هذا الباب تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد وأن من حصل له من الجنة قدر سوط يصير كأنّه حصل له أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف بمن حصل له منها أعلى الدرجات اهـ قسط وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي في الجهاد (3119) ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي أيوب رضي الله عنه فقال:

4745 -

(0)(0)(حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ) بضم القاف وبسكون الهاء ثم زاي بعدها ألف أبو جابر المروزي ثقة من (11) مات سنة (262) وروى عنه مسلم أحد عشر حديثًا ولم يخرج حديثه أحد من أصحاب الأمهات غير الإمام مسلم.

ص: 187

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عن عَبْدِ الله بْنِ الْمُبَارَكِ، أخْبَرَنَا سعِيدُ بْنُ أَبِي أَيوبَ وَحَيوَةُ بْنُ شُرَيحٍ. قَال كُل وَاحِدٍ مِنهُمَا: حَدّثَنِي شُرَحبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الْحُبْلِي؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أيوبَ الأَنْصَارِي يَقُولُ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ سَوَاءً

ــ

(حدثنا علي بن الحسن) بن شقيق العبدي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي ثقة من (10) روى عنه في (3) أبواب (عن عبد الله بن المبارك) بن واضح الحنظلي المروزي ثقة من (8)(حدثنا سعيد بن أبي أيوب) مقلاص الخزاعي المصري ثقة من (7)(وحيوة بن شريح) بن صفوان التجيبي المصري ثقة من (7)(قال كل واحد منهما حدثني شرحبيل بن شريك) المعافري المصري (عن أبي عبد الرحمن الحبلي أنه سمع أبا أيوب الأنصاري) رضي الله عنه وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن المبارك لعبد الله بن يزيد المقرئ في رواية هذا الحديث عن سعيد بن أبي أيوب (يقول) أبو أيوب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق عبد الله بن المبارك (بمثله) أي بمثل حديث المقرئ حالة كون ذلك المثل (سواءً) أي مساويا لحديث المقرئ لفظًا ومعنًى وهذا تأكيد لمعنى المماثلة والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثمانية أحاديث الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه سبع متابعات والثاني حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثالث حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة والرابع حديث النعمان بن بشير ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة والخامس حديث أنس بن مالك الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة والسادس حديث سهل بن سعد ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والسابع حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستشهاد والثامن حديث أبي أيوب الأنصاري ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعةً واحدةً.

***

ص: 188